منتدى شادية دلوعة الشاشة العربية
عزيزي الزائر أنت غير مسجل ويسعدنا انضمامك الى أسرتنا الجميلة المتحابة


والمترابطة وإذا رغبت فأهلاّ وسهلاّ بك ، قم بالتسجيل لنتشرف بوجودك معنا
[/center]
منتدى شادية دلوعة الشاشة العربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 70094110
المواضيع الأخيرة
» البقاء لله انطوانيت توفاها الله
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510السبت 13 يناير 2024 - 6:30 من طرف أرض الجنتين

» والله زمان يا احلي منتدي
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 17 أغسطس 2023 - 23:14 من طرف هدى

» قصة فيلم العقل في اجازة
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 17 أغسطس 2023 - 23:11 من طرف هدى

» تلوين نور الحياة لصور شادية
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 17 أغسطس 2023 - 23:07 من طرف هدى

» سجل حضورك بالصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 12 يوليو 2023 - 13:07 من طرف نور الحياة شاكر

» الذكرى الخامسة لوفاة الراحلة شادية
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأحد 16 أبريل 2023 - 20:01 من طرف هدى

» غياااب بس ولكن حاظرين في القلووب
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأحد 16 أبريل 2023 - 19:56 من طرف هدى

» صباح و مساء مليء بالمشاعر الجميلة‏
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 16 نوفمبر 2022 - 5:43 من طرف أرض الجنتين

» سجل حالتك النفسية كل يوم
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الثلاثاء 15 نوفمبر 2022 - 6:26 من طرف أرض الجنتين

»  ريا وسكينة جزء نادر جدا من مسرحية ريا وسكينة يعرض لاول مرة
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الثلاثاء 12 أبريل 2022 - 23:36 من طرف Sara Salim

» رابط باغانى الفنان فهد بلان
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 13 يناير 2022 - 21:08 من طرف سميرمحمود

» روابط اروع ماغنت مياده الحناوى الصوتيه والمصوره
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 30 يونيو 2021 - 4:36 من طرف سميرمحمود

» اروع ما غنت شاديه
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأحد 28 فبراير 2021 - 23:11 من طرف سميرمحمود

» كواليس ريا وسكينة يرويها مدبولى
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الإثنين 25 يناير 2021 - 20:50 من طرف هدى

» اليوم ليلة عيد الميلاد المجيد عيد مجيد
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأحد 27 ديسمبر 2020 - 19:56 من طرف انطوانيت

» كل سنة وانت بخير يا انطوانيت
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأحد 27 ديسمبر 2020 - 19:52 من طرف انطوانيت

» عيد منتدانا الثالث عشر
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الإثنين 7 ديسمبر 2020 - 22:40 من طرف هدى

» ميلاد قيثارة الغناء العربي ( ١١)
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الإثنين 7 ديسمبر 2020 - 19:43 من طرف هدى

» رابط بأغانى الكروانه فايزه احمد المصوره
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 12 نوفمبر 2020 - 20:00 من طرف سميرمحمود

» رابط بأغانى الكروانه فايزه احمد الصوتيه
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 12 نوفمبر 2020 - 19:58 من طرف سميرمحمود

»  تصميمات وهمسة قلم نور الحياة شاكر
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الجمعة 6 نوفمبر 2020 - 23:40 من طرف نور الحياة شاكر

» مولد نبوى شريف عليكم جميعا
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 4 نوفمبر 2020 - 22:19 من طرف نور الحياة شاكر

» من أغاني الزمن الجميل...أعزفها لعيون محبي الدلوعة شادية
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 4 نوفمبر 2020 - 22:16 من طرف نور الحياة شاكر

» ان راح منك ياعين
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأحد 25 أكتوبر 2020 - 20:47 من طرف امجدالنجار

» اشتقت لكم
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 22 أكتوبر 2020 - 23:32 من طرف امجدالنجار

» جمال شادية
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 21 أكتوبر 2020 - 20:17 من طرف نور الحياة شاكر

» عيد ميلاد اجمل هدهوووووووود الدعوة عامة
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الإثنين 12 أكتوبر 2020 - 4:15 من طرف هدى

» اروع ما غنت فايده كامل
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510السبت 19 سبتمبر 2020 - 19:26 من طرف سميرمحمود

» اروع ما غنت سوزان عطيه
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510السبت 19 سبتمبر 2020 - 19:25 من طرف سميرمحمود

» فايزه احمد ,, قاعد معاى ,, حفله نادره مصوره
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510السبت 29 أغسطس 2020 - 19:38 من طرف سميرمحمود

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 359 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 359 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 1057 بتاريخ الأربعاء 24 يوليو 2019 - 18:46
احصائية المنتدى
إذاعة المنتدى
هنــــا
مغارة كنوز صور القيثارة
هنــــا
اشهر مائة فى الغناء العربى
هنــــا
من لا يحب شادية صاحبة المعاني النبيلة
هنــــا
ديوان نجمة القمتين شادية
هنــــا
شادية نغم في القلب
هنــــا
صور من تاريخ شادية
هنــــا
مركز لتحميل الصور
سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Eiaia_10

شاطر | 
 

 سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الثلاثاء 23 نوفمبر 2010 - 21:37

***الحب بهدلة

عاد إسماعيل ياسين إلى القاهرة، إلى وحدته والمعاناة من عدم وجود شريكة حياته. مجدداً، جاءه عقد ليعمل مع فرقة تحية محمود في الإسكندرية، وفرح بأنه سيهرب من القاهرة، واضطر إلى أن يعتذر للست بديعة، ويترك الفرقة، لكنه هو الذي تركها هذه المرة، فيما راحت الست بديعة تلح عليه أن يبقى ولا يتركها، وسبحان مغير الأحوال!
بدأ ياسين عمله مع فرقة {تحية محمود} في الإسكندرية، لكنه أحس منذ اليوم الأول معها بأنه لم يعد وحده، فعلى خشبة مسرح الفرقة، ولدت أول قصة حب في حياته في الليلة الأولى، وشعر بخفقان قلبه يعلن عنها عندما وقعت عيناه على إحدى راقصات الفرقة وتدعى ثريا حلمي (ليست المغنية والمونولوغيست المعروفة ثريا حلمي).
كانت ثريا بدينة نوعاً ما، لكن ياسين أحسّ في حديثها ونغمات صوتها بحنان شديد، عاش طوال حياته محروماً منه. بدأ يلتقي بهذه الراقصة خلسة، بعيداً عن أعين بقية أفراد الفرقة، وكانا يتحدثان عن الطموحات وأحلام المستقبل والحياة الزوجية التي تزيل هم الوحدة.
علمت صاحبة الفرقة بقصة الغرام هذه، فغضبت وثارت فقد كان من تقاليد العمل في الصالات ألا يرتبط أحد من العاملين في الفرقة بفنانة تعمل بها، لأن مثل هذا الارتباط يعطل عمل الفرقة ويعرّض مصالحها إلى الضرر، باعتبار أن نظام المجالسة مع رواد الكازينو كان مسموحاً به آنذاك والحب والغرام بين أعضاء الفرقة يتعارض مع هذا النظام!
وما كاد ياسين يعرف أن صاحبة الفرقة غاضبة، حتى أعلن انسحابه من الفرقة، وفوجئ بأن حبيبته تضامنت معه أيضاً، وأعلنت أنها تفضل أن تجوع معه من أن تشبع من دونه، أو تتحكم في مشاعرها صاحبة الفرقة، فاشتعل الحب في قلبه أكثر.
لم يبق ياسين طويلاً بلا عمل، فقد أصبح فناناً مشهوراً تتخاطفه الفرق، وفي اليوم نفسه الذي خرج فيه من فرقة {تحية محمود} كان قد اتفق مع فرقة {المسيري} على إحياء لياليها في مصيف {رأس البر}، لكن اتفاقه هذه المرة لم يكن له وحده، فاشترط على مدير الفرقة أن يصطحب حبيبته معه، لتكون راقصة في الفرقة، فوافق فوراً.
أخذ ياسين صديقته وذهبا إلى رأس البر حيث عملا معا في فرقة المسيري، وأصبحت الراقصة كل شيء في حياته، وكانا لا يفترقان أبداً.
لم يقل نجاح ياسين في رأس البر عن نجاحاته التي حققها في القاهرة أو الإسكندرية، وشعر لأول مرة بطعم النجاح مع الحب، وبأن ثمة من يريد أن ينجح لأجله وله، وكانت حبيبته تعمل على تشجيعه وتتباهى بنجاحاته أمام الجميع، وهو إحساس لم يشعر به ياسين سابقاً... لأول مرة يشعر أنه مصدر فخر لأحد في هذه الدنيا.
ذات يوم دعاه بعض زملاء الفرقة إلى مائدة لعب ورق {الكون كان} واشترط ياسين أن يكون اللعب للتسلية فحسب، فقد أقسم ألا يراهن على أي شيء من أي نوع، فقبل الجميع.
جرح الحبيب
على رغم أن ياسين كان سعيداً في عمله وفي حبه، إلا أنه كان عكس المثل الشعبي القائل {سعيد في الحب تعيس في اللعب}، فراح يكسب الأدوار التي يلعبها كافة، ويضحك ساخراً:
- يا سلام علشان اللعب تسالي بكسب على طول، يعني لو كان اللعب دلوقت على فلوس كان زماني خسرت اللي ورايا واللي قدامى. عموماً، الحمد لله مهما حصل مش هرجع في كلامي وألعب على فلوس أبداً.
وبينما كان ياسين منهمكاً في اللعب فوجئ بخطيبته الراقصة ثريا حلمي، تفتح الباب عليهم وتدخل وهي تكاد تعجز عن التحكم في أعصابها ورائحة الخمر تفوح من فمها، وكانت تهذي كالمحمومة، وتوجه إليه الشتائم وأبشع الألفاظ وتقذفه هو ورفاقه الذين يشاركونه اللعب بكل ما تصل إليه يدها من أكواب زجاجية أو أي شيء يقع في يده.
وشعر ياسين بالخزي والخجل أمام زملائه، خصوصاً بعد أن فشلت محاولاته في تهدئتها ثم استطاع بعض زميلاتها أن يأخذنها بعيداً، ونجحن في تهدئة مزاجها وأعصابها الثائرة من دون سبب مفهوم، أما ياسين فبدا وكأنه قد أصيب بصدمة عصبية تم ارتفعت حرارته وأصيب بالحمى، فقد فوجئ بإهاناتها المتلاحقة ولم يسبق له أن واجه مثل هذا الموقف!
يبدو أن الراقصة حين أفاقت من سكرها شعرت بمدى الإهانة التي ألحقتها بحبيبها، فلم تحتمل مواجهته أو البقاء بعد ذلك في الفرقة معه، فتركت رأس البر وعادت إلى الإسكندرية فوراً.
أمضى ياسين مدة أسبوعين في فراشه في غرفته في الفندق محموماً، وكان أصدقاؤه يجلسون معه يمرضونه، فلم يكن يتصوّر أن توجه إليه هذه الإهانات على مسمع من أعضاء الفرقة الذين يعرفون تماماً علاقته بهذه الراقصة، بل إنه هو من أصر أن تلتحق بالفرقة وتعمل معهم.
بعد أسبوعين كان قد شفي من مرضه، لكن قلبه بقي مجروحاً، غير أنه راح يعوض ما فاته ويعوض صاحب الفرقة بعض خسائره، واستأنف العمل، فاستقبله الجمهور بترحاب شديد، حتى أنه كان في كل ليلة يلقي 15 مونولوغاً وهو أمر لم يسبقه إليه مونولوغيست آخر.
صداقة بشارة
في هذه الفرقة حظي ياسين بصديق جديد تعرّف إليه لأول مرة، وكان ممثلاً كوميدياً يدعى بشارة واكيم الذي نشأت بينه وياسين صداقة قوية، وكانا يذهبان لصيد السمك يومياً بعد انتهاء العمل في الفرقة.
كان من عادة إسماعيل أن يعود إلى الفندق قبل شروق الشمس، أما واكيم فكان يستمر بالصيد حتى ساعات النهار الأولى ثم يعود حاملاً {سبتاً} فيه الكثير من الأسماك فيوزعها على الزملاء مدعياً أنه اصطادها، وكان ياسين يندهش من هذا الرجل الذي يصطاد كل هذه الكمية من السمك، فقرر أن يعرف السر. ماذا يفعل واكيم ليأتي بهذه الكمية كلها من السمك؟
خطر لياسين أن يبقى مع واكيم ويعود معه، فعاد الأخير من دون سمكة واحدة، فراح يندب حظه ويؤنب ياسين:
- أنا عارف حظ إيه ده بس!
- فعلاً حاجة غريبة، من ستة سبعة كيلو سمك كل يوم يبقى ولا سمكة واحدة.
- أنا مش عارف إيه النحس ده. يظهر فيه حاجة حصلت خلت السمك يهرب.
- أنا فاهم قصدك، فعلاً تلاقي السمك أول ما شاف {بُقي} هرب.
- مفيش كلام، بقك السبب.
وبينما كانا يمشيان في طريق العودة إلى الفندق، وجدا صياداً يقف في وجهيهما ويوجه كلامه إلى واكيم وكأنه على معرفة سابقة به:
- صباح الفل يا بيه، السمك أهه جاهز وزي الفل، شوية شبار على شوية بوري مفيش كده واللي خلقك.
حاول واكيم أن يغمز للرجل بعينه ويحرك لسانه ويشير إلى ياسين، لكن من دون جدوى. واصل الرجل كلامه من دون أن يفهم، وواكيم يتنكر له:

- سمك إيه يا راجل انت الله يخرب بيتك.
- السمك اللي حضرتك متفق معايا أحضره لك كل يوم في الوقت ده. هو أنا اتأخرت ولا إيه؟
- روح الله يفضحك زي ما فضحتني.
ما كاد ياسين يسمع الحوار بين واكيم وبائع السمك حتى وقع على لأرض من الضحك، وفضح أمر صديقه بين أعضاء الفرقة، فكان رده أنه قرر اعتزال صيد السمك، لكنه لم يشأ أن يحرم الفرقة من {أكلة} السمك التي تعوّدوا عليها يومياً!
محاولة انتحار
انتهى الموسم الصيفي في {رأس البر} وعاد إسماعيل إلى الإسكندرية، وكان قلبه ما زال يخفق بحب ثريا على رغم إساءتها إليه، فقد كانت أول حب في حياته.
علم ياسين أن ثريا منذ أن عادت من رأس البر، وهي تعمل في كازينو {الكوت دازور} على شاطئ الإسكندرية، فذهب كي يراها، لكنه لم يكد يفعل حتى أصيب بصدمة قاسية فقد قابلته بفتور شديد وعدم اكتراث، بل وبدا عليها وكأنها لم تعرفه قبل ذلك أو لم يسبق لها أن رأته، بينما استقبله زملاؤه بترحاب شديد وكان أحدهم يعرف مدى العلاقة التي كانت بين ياسين والراقصة فأخبره بأنها تعيش الآن قصة حب جديدة مع رجل آخر، وأن عليه أن ينساها إلى الأبد لأنها لم تعد تصلح له.
وضاقت الدنيا في عيني إسماعيل وخرج هائماً على غير هدى، فاتجه إلى البحر وشعر أنه يناديه إليه، واتجه إلى صخرة عالية بالقرب من {بئر مسعود} وما إن هم بإلقاء نفسه في البحر حتى حدثته نفسه:
- هتعمل إيه يا إسماعيل؟
- زى ما أنت شايف كده هنتحر {عقبال عندك{!
- علشان مين.
- علشان اللي علشانه، وده يخصك في إيه؟
- بس اسمع بس.
- مش عاوز اسمع، وسيبني بقى علشان مستعجل.
- يا إسماعيل أنت وحيد في الدنيا.
- قديمة.
- وأبوك.
- احنا هنقبح.
- أبوك برضه راجل وحيد، يعني لو انتحرت هتبقى خسرت نفسك وانقطع نسلك، وكمان هتخسر آخرتك، وهي اللي هتنتحر علشانها مش هيهمها، وتحب وتتجوز وتعمل أسرة وأولاد.
استفاق ياسين من أوهامه، وأدرك الحقيقة وجرى بعكس الاتجاه إلى أحد الملاهي الليلية القريبة حيث كان يعمل زميله حسين المليجي الذي رحب به ودعاه إلى العمل معه في هذه الفرقة، فلم يتردد وفي الليلة نفسها اعتلى المسرح عل رغم أنه كان لا يزال يفكر في تلك المرأة الخائنة التي أهانت قلبه وعواطفه، إلا أنه أبدع أيضاً وصفق له الجمهور كثيراً وطويلاً فأنساه هذا بعض ألمه.
الهروب من الحب
كي ينسى ياسين ما فعلته به هذه الخائنة، هداه تفكيره المضطرب إلى أن يغازل إحدى زميلاته الفنانات في الفرقة الجديدة، وكانت المفاجأة أنها استجابت له وبادلته العاطفة، فولدت بينهما صداقة، بل وسرعان ما شعر ياسين بالحب مجدداً.
كانت الصديقة الجديدة وتدعى سعاد وجدي، تختلف عن ثريا تماماً. كانت رشيقة القوام، مليئة بالأنوثة، تتحدث بعينيها كثيراً وبلسانها قليلاً.
مجدداً أصابت سهام {كيوبيد} قلب ياسين فإذا به كالغريق يلتمس النجاة عن طريق صديقته وحبيبته الجديدة، فصارح بذلك صديقه مطرب الفرقة فريد أبو زيد وزوجته علية فوزي، إحدى أشهر المغنيات في الملاهي الليلية آنذاك:
- اسمع يا فريد انت وعلية، أنا عاوز أبوح لكم بسر.
- في بير يا سمعه.
- بيني وبينكم كده، أنا بحب.
- ده كلام جميل، باين عليك يا سمعه.
- وانتم عارفيني مش بتاع لف ودوران أنا عاوز أتأهل وأفتح بيت.
- خير ما فعلت، وتبقى مين اللي وقع عليها العين واختارها القلب.
- سعاد وجدي.
- (ينظر فريد لزوجته ويتبادلان النظرات) يا زين ما اخترت، ويا ترى هي موافقة؟
- أمال أنا بكلمك ليه. أنا من ناحيتي حاسس إنها بتبادلني الحب، بس عاوز أتأكد لأني مش ناقص جروح تانية.
ذهبت علية وأقنعت العروس التي لم تكن بحاجة إلى إقناع، بل وجدت أنها ترحب بالأمر ومن دون تردد، فذهب فريد أبو زيد واستدعى المأذون، وعُقد القران في الكازينو، واحتفل جميع أفراد الفرقة، وإن كان إسماعيل قد لاحظ أن أحد من زملائه هنأه بطريقة مختلفة وكأنه يهدده:

- مبروك يا عريس، بس يارب الجوازه دي تسعدك فعلاً!
لم يلتفت ياسين إلى هذا الكلام ولم يشغل باله. وفي الوقت نفسه عندما علمت ثريا بخبر زواج ياسين من سعاد، ذهبت واعتدت بالضرب على الزوجة، وكان الاعتداء وحشياً ترك آثاره على وجهها وجعلها ترقد في الفراش أسبوعين.
على رغم أن إسماعيل تأثر وغضب، إلا أنه شعر براحة جديدة لأنه انتقم من الأولى وأثار غيرتها بالثانية، وفي الوقت نفسه أصبح لديه زوجة وعما قريب سيستقر في بيت وتصبح له أسرة.
عندما استعادت سعاد عافيتها من الكدمات التي أصابتها، اقترح عليها ياسين أن يسافرا إلى القاهرة بعيداً عن المشاحنات التي ظلت تثيرها حبيبته السابقة، وفعلاً عاد الاثنان إلى القاهرة ونزلا في النل الذي تعود إسماعيل المكوث فيه، حتى يمكنه استئجار شقة تصلح لأن تكون بيتاً للزوجية، فهو في ذلك الوقت لم يكن يملك مبلغاً يكفي لاستئجار شقة وفرشها ولا يستطيع أن يدع زوجته تنام على الأرض أو على ورق الجرائد في شقته القديمة.
وبدأت الأيام جميلة سعيدة، وشعر ياسين بأنه يعيش لأول مرة منذ ولادته، وكانت حياته مع سعاد أحلى من العسل، إذ بثت فيه روحاً جديدة فيه، بل وبدأت تقول الشعر تغزلاً به، ما زاد من إحساسه بالسعادة وحب الحياة.
لكن الأيام السعيدة لا تدوم، فقد استيقظ ياسين ذات يوم من نومه فلم يجد زوجته إلى جانبه، ومضى يتساءل: أين ذهبت؟ لكنه وجد ورقة إلى جوار السرير قرأ ما فيها:
- أنا في قهوة بيروت... سعاد.
ارتدى ياسين ثيابه على عجل وذهب إلى قهوة بيروت التي كانت آنذاك إحدى أشهر مقاهي شارع عماد الدين، واكتشف وهو في طريقه إلى المقهى أن سعاد قد استولت على كل ما في جيبه من نقود، ثم حين وصل إلى المقهى وجد أنها أنفقت المبلغ الذي أخذته منه على شرب القهوة واستضافة كل من هب ودب وعلى شراء الجرائد والمجلات، بل واشترت كتاب {التدبير المنزلي} الذي يرشد الزوجة لطبخ أحسن الأطعمة.
وكاد ياسين يجن من هذا التصرف المفاجئ! وقبل أن يعبر عن رأيه في ما فعلته زوجته جاء إلى المقهى رجل من فرقة الفنانة {ببا عز الدين} يدعوه إليها:
- أستاذ إسماعيل.
- أيوه يا سيدي أي خدمة.
- الست ببا عز الدين بعتاني لك عايزاك.
- حاضر قولها هبقى أعدي عليها بالليل.
- لا يا أستاذ ليل إيه... دي عايزاك ضروري دلوقت. قالت لي مترجعش من غيره.
كظم إسماعيل غيظه مما فعلته زوجته سعاد، واتجه إلى صالة ببا عز الدين فوراً، ليجد صاحبتها ترحب به أيما ترحيب، وتطلب منه أن ينضم إلى فرقتها، ويعمل في مسرحها ابتداءً من تلك الليلة... ولأنه لم يكن مرتبطاً مع فرقة أخرى في القاهرة وافق فوراً، وكان حريصاً على أن ينصرف بسرعة ليعود إلى مقهى {بيروت»، غير أنه عندما عاد لم يجد سعاد وسأل عنها فقيل له إنها ذهبت إلى النزل.

****آدم وحواء

حرص إسماعيل ياسين على أن ينهي لقاءه مع ببا عز الدين ويتفق معها على كل شيء، ليعود بسرعة إلى البانسيون لمعاقبة زوجته سعاد وجدي على ما فعلته في ذلك اليوم، من دون مراعاة لوجوده، وكأنه ليس زوجها، بل مجرد زميل معها في الفرقة، ولكنها لم تتح له مجالاً لذلك، وقبل أن يبادرها بالسؤال عما فعلته، بادرته هي بأنها تريد الآن وفوراً الذهاب لزيارة والدتها فقد أتت من بلدتها فجأة ونزلت لدى إحدى قريباتها وأرسلت في طلبها وهي مشتاقة إليها جداً.
ومن دون أي تردد قال لها إسماعيل:
- أنا هسامحك المرة دي بس اللي حصل ده اسمه جنان وما يتكررش.
- خلاص بقى يا سمعه.
- خلاص روحي قابلي والدتك وهاتيها معاكي تقعد معانا النهارده.
ذهبت سعاد لمقابلة والدتها، لكنّ القدر تدخل لفضح أمرها، فلم تكد تمر ساعة حتى دقّ باب غرفة اسماعيل، وكان أحد الزملاء الذين ينزلون معه في البانسيون:
- أهلا تعالى.
- أمال فين سعاد يا أبو السباع.
- سعاد راحت عند أمها أصلها جت من البلد.
ضحك الصديق ضحكة طويلة ساخرة!
- بتضحك على إيه يا أخي.
- بضحك لأنك راجل طيب.
- مش فاهم تقصد إيه؟!
- لأن والدتها تبقى حبيب القلب القديم. جه من الإسكندرية وهي دلوقت معاه في قهوة 'تريومف'.
جنّ جنون إسماعيل فأزاح الرجل من أمامه وانطلق كالسهم إلى المقهى ليتأكد من صحة كلامه.
كانت الصدمة قاسية جداً على أي إنسان قد يرى ما رأه إسماعيل، فقد تعمّد الذهاب إلى المقهى من دون دخوله كي لا يتسبب في فضيحة لنفسه، بل وقف ينظر من بعيد فوجد زوجته تجلس إلى جوار رجل، هو يعرفه تماماً، إنه الزميل الذي هنأه يوم زواجه وكأنه يهدده، وهي تجلس إلى جواره كأنهما حبيبان، عشيقان، بل زوجان في شهر العسل.
بكى إسماعيل من دون أن يدري ولم يتحمل أن يشاهدهما أكثر من ذلك، فهذه المرة ليس جرح حبيبة، بل 'خنجر الخيانة الزوجية' طعنه في ظهره. وليس ثمة ما يبرّر به ما حدث. فقد أحبها وأخذ برأيها فوافقت على الزواج منه عن طيب خاطر، وعاشا معا كأسعد زوجين في شهر العسل. فما مبررها لخيانته؟ إلا إذا كانت الخيانة مدبرة، بدليل شكل التهنئة التي تلقاها من عشيقها ليلة عقد قرانه، بما يعني أنها تزوجت إسماعيل وهي على علاقة بهذا الرجل.
لم يكن إسماعيل يشرب الخمر ولكنّه في ذلك الموقف لم يجد عنه بديلاً، فشرب حتى أنه لم يستطع أن يرى أمامه، أو يتحكم في مشيته، مفكراً أن ينتقم لشرفه بقتل هذه الخائنة، فجزاء الخيانة الموت، ولكن إذا قتلها لن يستفيد شيئاً، سيُعدم، أو في أفضل الظروف سيُحكم عليه بالسجن المؤبد، فهو لا يملك دليلاً على خيانتها، ثم لماذا يدفع حياته وحريته ثمناً لمثل هذه الخائنة؟!
عاد إسماعيل إلى البانسيون ودخل غرفته ليجد زوجته نائمة، فأيقظها:
- فين أمك أمال مجتش معاكي ليه؟
- أمي مالها؟ آه آه أمي أصلها...
احمرّت عينا إسماعيل:
- أصلها إيه؟! معجبتهاش القعدة في قهوة 'تريومف'؟
فنظرت سعاد في الأرض من خجل المواجهة وما كادت ترفع رأسها حتى وجدت يد إسماعيل تهوي على وجهها. تلقت صفعات عدة جعلتها تعترف له:
- أيوه لسه بحبه.
- وانت طالق طالق طالق.
خرج إسماعيل من البانسيون وهو ضائع على غير هدى، لا يعرف إلى أين يذهب والى من يلجأ، يسيطر عليه إحساس الألم والفشل، وعادت الدنيا تسود في عينيه مجدداً.
الزواج الثاني
كانت أطول ليلة في حياة إسماعيل، لم يعرف كيف انقضت، فقد ظل هائماً على وجهه طوال الليل، ولم يدر إلا والشمس تهبط فوق رأسه وهو يجلس على كورنيش نيل روض الفرج.
تذكر إسماعيل أنه لا بد من أن ينهي علاقته بسعاد تماماً، اتجه إلى البانسيون، فوجدها نائمة وكأن شيئاً لم يحدث، فأخبرها بأنه لا بد من أن تنتهي هذه التمثيلية الهزلية فوراً. اصطحبها إلى مأذون حي بولاق أبو العلا وانفصل رسمياً عنها.
غير أن إسماعيل فوجئ بسعاد تطلق الزغاريد بمجرد أن انتهى المأذون من إجراءات الطلاق ثم انصرف كل منهما في طريقه.
أسدل الستار على زواج إسماعيل ياسين وسعاد وجدي، ولم يذهب إلى تياترو ببا عز الدين وفقاً للاتفاق الذي تم بينهما، فلم يكن لديه رغبة في القيام بأي شيء، ظل يمشي في شوارع القاهرة على غير هدى، حتى عاد مرة أخرى إلى شارع عماد الدين، وفجأة وجد نفسه أمام البانسيون الذي تقيم فيه حبيبته الأولى ثريا حلمي.
كان في ذلك الوقت في أشد ما يكون إلى صدر حنون يشكو له الغدر والخيانة، يحتاج إلى من يسمعه ويخفف عنه تلك اللحظات القاسية من حياته.
ومن دون أن يدري وجد قدميه تحملانه إلى حجرة ثريا في البانسيون، صعد لمقابلتها واستقبلته بدلال ممزوج بغضب:
- انت؟! إيه اللي جابك هنا؟
انت؟! إيه اللي جابك هنا؟ - جاي اعتذر لك عن اللي عملته معاكي النهارده بس عرفت قيمتك.
- قيمتي؟! روح للست سعاد وجدي خليها تنفعك.
- أرجوك يا ثريا متجبيش سيرتها قدامي تاني.
فهمت ثريا أن ثمة مشكلة بين إسماعيل وسعاد، فلعبت على هذا الوتر المشدود:
- دلوقت مش عايز تسمع اسمها بعد ما فضلتها عليّ؟
- كان عندك حق في كل اللي عملتيه معاها. يا ريتني كنت سيبتك خلصتي عليها وخلصتيني منها.
- وأروح أنا في داهية. إبعد كده أنا مخصماك.
- خلاص من النهارده مفيش خصام مش هسيبك ولازم نرّجع اللي فات.
- بجد يا سمعه؟
- بجد يا ثريا.
استطاع إسماعيل إقناع الراقصة ثريا حلمي بأن تعود إليه، وقبل أن تفكر وكي لا تتردد أخذها فوراً إلى المأذون وعقد قرانه عليها وعادا إلى البانسيون زوجين سعيدين.
عادت المياه إلى مجاريها مرة ثانية بين إسماعيل وحبيبته الأولى ثريا، غير أنه لم يكن يدري أنه يعيش أياماً معدودة مع السعادة، فهل القدر يقف أمام سعادته أو هو سوء اختيار وتقدير، أو هو استعجال إسماعيل الى تكوين الأسرة التي حرم منها؟ فقد انتهى الحب ليستيقظ يوماً فجأة على خيانة ثريا له أيضاً.
عاش إسماعيل في البانسيون مع ثريا خمسة أيام كان خلالها لا يترك زوجته لحظة واحدة بل ومنعها أن تتحدث مع أحد من نزلاء البانسيون أو زواره، فقد كانت صاحبة البانسيون تسمح لبعض الزوار بزيارة الفنانات وهو يعرف أنهم يدفعون عنهنّ حسابهن وبشكل مبالغ فيه.
وبعد الأيام الخمسة فوجئ اسماعيل بصاحبة البانسيون في غرفته تعانق ثريا وتقبّلها وسط دهشته ونظراته:
- كل سنة وأنت طيبة وعقبال 100 سنة النهارده عيد ميلادك.
ثم أعطتها سواراً من الذهب وغادرت الحجرة.
- ما كنتش اعرف أن النهارده عيد ميلادك.
-- واديك عرفت.
- بس النهارده مش عيد ميلادك. عيد ميلادك لسه فاضل عليه خمسة شهور.
-- يعني مش كتّر خيرها اللي افتكرته قبلها بخمسة شهور.
- أنا مش طرطور. صاحبة البانسيون مش هتقدر تجبلك أسوارة تمنها أكتر من خمسين جنيه. الأسوارة دي من الراجل اللي كان منتظر أمبارح في الاستراحة وكان بيبصلّك.
صفعها إسماعيل على وجهها ما جعلها تنفجر بحقيقة الموقف:
-- أيوه هو كده. وأنا لازم اقبل الحاجات دي. أنا عايزه أعيش وبحب الدهب. وانت متقدرتش تجيب دبلة مش أسوارة.
طلب إسماعيل من زوجته أن تعيد الأسوارة ولكنها رفضت، ثم حاول من دون جدوى فقد أصرت على الاحتفاظ بالهدية وبدأت تحتج على القيود التي وضعها إسماعيل عليها بحيث سلبها شخصيّتها.
جحيم الشك
منذ ذلك اليوم تحوّلت حياة إسماعيل ياسين مرة أخرى إلى جحيم، وبدأت ثريا ترهقه بمطالب لا تحتملها حالته المادية وأخذت تسيء معاملته، وكان شبح الطلاق يدخل من الباب كلما دخلته صاحبة البانسيون وبيدها هدية جديدة من الذهب الذي لم تكن ترفضه ثريا أبداً، غير أن إسماعيل آنذاك لم يكن لديه أي اتهام ضد زوجته فقد كانت تنفّذ كل تعليماته ولا تغادر غرفتها إلا للضرورة وكان حين يخرج يغلق عليها باب الغرفة بمفتاح ويضعه في جيبه، ولم تكن صاحبة البانسيون تدخل غرفته وغرفة زوجته إلا في وجوده.
لكنه على رغم ذلك كله لم يعد يتحمل الحياة الزوجية التي انقلبت إلى جحيم فقد كانت ثريا تتفنن يومياً في خلق المضايقات فضلاً عن الشك والقلق والتعاسة التي كان يعانيها بسبب الغيرة، وفي أكثر من مرة كان إسماعيل يعود في غير أوقات عودته المحددة إلى البانسيون فيجدها في غرفتها، ومع ذلك كان الشك يأكل قلبه، في الوقت نفسه كانت ثريا عرفت نقطة ضعفه هذه، وكانت تستغلها أسوأ استغلال، حتى نفد صبره:
- أنا عارف أنك بتعملي كده علشان أطلقك. إذا كان ده هيريّحك إنت...
ولم يكن يتوقع ما حدث فقد وضعت ثريا يدها على فمه كي لا ينطق كلمة الطلاق، وارتمت تحت قدميه تقسم بأنها تعيش له وحده وليس في قلبها مكان لغيره، وأنها وحيدة وتريد أن تبقى معه طوال عمرها!
أخذت تذرف الدموع وتضمّه إلى صدرها بل وانحنت لتقبل حذاءه وتتوسل إليه بألا يتركها، ومع ذلك كان قلب إسماعيل وللمرة الأولى في حياته متحجراً بسبب الشك والغيرة، ثم اقترحت أن تسافر إلى الإسكندرية لتقيم أسبوعاً لدى أسرتها وتترك له فرصة التفكير لعله يعدل عن الطلاق فوافق على مضض.
وفعلاً سافرت ثريا إلى الإسكندرية، وما كادت تغادر البانسيون حتى تنفّس إسماعيل الصعداء وألقى بهمومه وراء ظهره وقرر أن يعطي قلبه إجازة من الحب والزواج والخلافات التي كادت أن تقضي عليه وعلى مستقبله الفني، فقرر أن يوجه كل اهتماماته إلى عمله، واتجه فوراً إلى فرقة ببا عز الدين، ثم استطاع بسرعة العودة مجدداً، حتى أصبحت المنافسة على أشدّها بينه وبين سيد سليمان.
كانت فرقة ببا عز الدين تضم نجوماً آخرين إلى جانب إسماعيل وسيد سليمان، ومن بينهم المطربة فتحية شريف التي اعتزلت الفن بعد ذلك بسنوات لكي تتزوج من نجم السينما الصاعد عماد حمدي الذي أنجب منها ابنه نادر عماد حمدي، والفنانة ثريا حلمي، المونولوجيست والممثلة، والمونولوجيست اللبنانية نادية العريس.
لا زواج ولا حب
وضع إسماعيل كل همّه في العمل، ونسي تماماً الخيانة والحب والزواج. لم يتذكر سوى أمر واحد فحسب هو فنه الذي لا بد من أن يخلص له، فقد أدى ما حدث في الفترة السابقة من حب وزواج وخلافات إلى تأخره عن بقية زملائه، وكان عليه تعويض عما فاته بأي شكل من الأشكال. لذلك أصبح يتفانى في عمله، فإذا قال أحد نجوم الفرقة خمسة مونولوجات، قدم إسماعيل سبعة وهكذا.
بدأت نجومية إسماعيل تعود إلى سابق عهدها، ولكن هذه المرة كانت أشد وأكبر، فقد استطاع خلال أسابيع قليلة أن يتفوق على الجميع، لدرجة أن بعض المجلات الفنية آنذاك مثل 'الكواكب' و'روز اليوسف' و'المصور' بدأ يكتب عن ذلك المونولوجيست الأشهر في شارع عماد الدين.
لكن ما حققه من نجاحات متواصلة، جعل زملاءه الذين يعملون معه يغارون منه ومن نجاحه، ما جعلهم يتكاتفون ليكونوا جبهة ضد ذلك المونولوجيست الذي بدأ يلمع ويتفوق عليهم جميعاً، بخفة ظله وجمال مونولوجاته، ومع ذلك لم تستطع هذه الجبهة أن تؤثر في إصراره على النجاح، خصوصاً بعدما عرف نواياهم وما يدبّرونه له، فقبل التحدي.
رفض اسماعيل الاستسلام للخوف من الفشل أو تكتّل الزملاء ضدّه للإيقاع به، وبدأ يعطي كل مونولوج جديد حقه في الكلمات والتلحين والغناء، لدرجة أن كل مونولوج كان يكلّفه ضعف راتبه الأسبوعي الذي يتقاضاه من الفرقة. واضطر لأن يعيش على 'سندوتشات الفول والفلافل' في وجباته الثلاث يومياً، ويوفر ثمن الطعام ليدفعه للمؤلفين أو للملحنين، ولكن في مقابل ذلك كان حين يقدم المونولوج الجديد يسجل نجاحاً غير مسبوق يدهش الجميع بمن فيهم من يتآمرون عليه، ويزداد حب الناس له وإعجابهم به، وعلى الصعيد الآخر تزداد محاربة أفراد الفرقة له، وإن كان كسب الأجواء حوله، وبدأ يجد الكثير من التشجيع من زملائه غير المتنافسين معه، ومن صاحبة الفرقة ببا عز الدين التي وجدت فيه 'الفرخة' التي تبيض لها ذهباً. فكانت غالبية الجمهور الذي يدخل إلى صالة ببا تأتي من أجل إسماعيل ياسين فحسب، وأصبح الجميع إلى جواره مجرد 'كمالة عدد'.
الطلاق الثاني
وفيما كان إسماعيل يخوض أشرس معاركه الفنية، وأخباره ونجاحاته تنتشر بسرعة النار في الهشيم، حتى أنها كانت تصل إلى الإسكندرية وربما خارج القطر المصري من خلال الفرق التي تسافر وتعود، فوجئ بزوجته الراقصة ثريا حلمي تقيم عليه دعوى قضائية تطالبه بنفقة زوجية، فكما يقول المثل 'الصيت ولا الغنى'، فقد ظنت أنه أصبح من الأثرياء، من كثرة ما تسمعه من نجاحات يحققها، ولا بد من أن تطالبه بالإنفاق عليها.
ولأن ثريا كانت ذهبت لتقيم لدى أهلها في الإسكندرية فقد أقامت الدعوى هناك واضطر إسماعيل لحضورها في المكان نفسه، وحين قابل زوجته في ساحة المحكمة الخارجية، أقبلت عليه تؤكد:
- أنا ممكن أتنازل عن القضية بس بشرط.
أنا ممكن أتنازل عن القضية بس بشرط. - إيه هو؟
- نرجع لبعض تاني ويا دار ما دخلك شر.
- اللى بتقولي عليه ده مش ممكن يحصل. خلاص مفيش رجوع.
- انت دلوقت ماشاء الله حالتك اتحسنت وصيتك واصل بر مصر كلها.
- قولي كده بقى. هو ده اللي خلاكي تفكري تاني فيّ بعد كل الفترة د الفلوس!
- صدقني أنا لسه بحبك وباقية على العشرة.
- وأنا مبقاش عندي مكان في قلبي غير لشغلي بس.
رفض إسماعيل العرض ليس لأنه، كما قال، لم يعد ثمة مكان في قلبه للحب أو الزواج، بل لأن الشك ملأ قلبه من ناحية زوجته حين كانت تقبل هدايا صاحبة البانسيون، ولأنه على يقين أن لكل شيء ثمناً، وأن ثريا لا بد من أن تكون دفعت الثمن في كل المرات التي كانت تتلقى فيها الهدايا.
لكن قبل أن يدخلا للمثول أمام القاضي في المحكمة كانا اتفقا على الطلاق، مقابل أن يدفع إسماعيل لثريا مبلغاً من المال على أن تنسى أنها كانت في يوم من الأيام زوجته ليتم الطلاق الثاني في حياته، وهو ما لم يكن يتمناه، فكان كل طموحه أن يكوّن أسرة بدلاً من تلك التي حرم منها، وكان كل همه أن يحدث ذلك مبكراً ليكون له أولاد يعطيهم من كل ما حرم منه: الحنان والحب والعطف والدفء الأسري. غير أن الفشل لازمه في الزواجين، ولم يكن له ذنب في ما حدث، ربما فحسب كان اختياره غير موفّق، وكان عليه أن يتحمل تبعات اختياراته.
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الثلاثاء 23 نوفمبر 2010 - 21:39

***مولد نجم

بعد الإعلان عن بدء الحرب العالمية الثانية في سبتمبر (أيلول) عام 1939 تدفق جيوش الحلفاء إلى القاهرة، وراحت صالات الملاهي الليلية تعجّ بهم ما جعل روادها من المصريين، أو معظمهم، يتجنبون الدخول إليها لأنهم قد يتعرضون لاعتداء الجنود السكارى.
انعكس هذا الواقع على الفنانين والمطربين أيضاً، فكان بعضهم يرفض العمل في تلك الأماكن، والبعض الآخر يخاف العمل في ظل وجود الجنود.
راح اسماعيل ياسين يفكر في طريقة ينسحب بها من العمل في الملاهي الليلة، لأنه بدأ يمل من أن تفتح الستارة فلا يجد أمامه من يسمعه سوى السكارى الذين لا يفهمون حتى ما يقول.
كان الأمر صعباً إلى حد كبير، لأن ياسين كان يعتاش من العمل في الملاهي، ولا بد له من مورد رزق آخر للاستقالة من الفرقة. اجتمع ذات يوم في مقهى الفن مع زملائه الذين كانوا يفكرون في الأمر مثله، واقترح عليهم فكرة جديدة: تقديم استعراض فني في أحد المسارح بشرط ألا تقدم الخمور إلى الزبائن، كي يضمنوا عدم دخول الجنود الإنكليز.
درس ياسين الفكرة بسرعة، وذهب مع مجموعة من الزملاء واقترحوهاعلى «الست بديعة» التي وافقت على التمويل فوراً، على أن ينفَّذ الاستعراض تحت إشرافها، وقدمت الفرقة أول استعراض غنائي راقص لها بعنوان «99 مقلب» كتبه المؤلف أبو السعود الإيباري، وتقاسم بطولته ياسين مع بشارة واكيم، والراقصة تحية كاريوكا.
لاقى العمل نجاحاً كبيراً من الجمهور المصري والعربي الذي كان قاطع الملاهي الليلية، لكن الربح كان قليلاً، بسبب عدم تقديم مشروبات، وإن كان أفراد الفرقة وجدوا أن الربح يزيد يوماً تلو آخر في ما بعد، لكن ذات يوم توجهوا إلى المسرح فكان مغلقاً، وبأمر من صاحبته بديعة مصابني! هرع الجميع لمعرفة السبب منها فقالت لهم ببساطة:
- مالكم في إيه؟!
- المسرح مقفول ليه يا سلطانة.
- كان لازم يتقفل... ما هو بصراحة كدة ماكنش فيه مكسب. ده كمان كان فيه أيام كنت بخسر وبدفعلكم أجوركم من جيبي، وأنتم مترضوش ليّ بالخسارة.
- بس يا سلطانة احنا نجحنا بيكي وبمساندتك.
- يا فرحتي نجاح من غير فلوس. زي قلته.
- يعني مفيش أمل نرجع نشتغل تاني.
- لا... الأمل موجود صبركم بس عليّ. أنا اشتريت حتة أرض في ميدان إبراهيم باشا، ميدان الأوبرا، وهبني عليها مسرح بديعة علشان يبقى ملكي. لا أدفع إيجار ولا اتنقل كل يوم في مكان بالفرقة.
- وده قريب يا سلطانة؟
- طبعاً كلها ست شهور ويبقى جاهز.
عليهم الانتظار ستة أشهر فقط لينتهي البناء! كانت السينما المصرية آنذاك (نهاية الثلاثينات)، بدأت تلفت الأنظار، إذ كانت الوحيدة في المنطقة الناطقة باللغة العربية، وكما كان لكل فن نجومه، في المسرح والغناء والمونولوغات والإذاعة، أصبح للسينما أيضاً نجومها الذين تمتعوا بسحر خاص.
بسبب الأحداث السياسية وظروف الاحتلال، كانت الأفلام الاجتماعية والميلودرامية هي النوع السائد، فضلاً عن تلك الكوميدية التي كانت تعتمد على شخصيات وأنماط شعبية مستمدة من الموالد والمسرح الشعبي وفن {الأراغوز}، كالعمدة والعسكري والخواجة والزوجة والحماة، والبطل الشعبي الذي كان يشبه إلى حد ما الشخصية الأسطورية {جحا}، ويصطنع البلاهة للسخرية من كل شيء، حتى من نفسه من دون قيود. كان فقيراً غالباً، يملك القدرة على اختراق مظاهر الطبقة الثرية وكشف حقيقة شخصياتها، كأنه ينتقم بذلك لنفسه ولشريحة كاملة من الفقراء.
أغلق مسرح مصابني أبوابه في وجه نجومه، ومن بينهم ياسين، الذي خرج منه وكل ما يملكه 60 قرشاً، وبحسب {الست} لا بد من أن تكفيه ستة أشهر، أي عليه أن ينفق عشرة قروش شهرياً، لكن السماء أرسلت إليه الحل، كالعادة، وكان مختلفاً عن المرات السابقة كلها.
أبواب السينما
كان ياسين يجلس في مقهى في شارع عماد الدين، وحاول أن يفكر في ما قد يفعله بعد إغلاق مصابني مسرحها، وماذا سيفعل بالمبلغ الذي يملكه، لكنه ترك التدبير لله، وعندما هم بالانصراف، استوقفه شخص اقترب منه وأعاده إلى الجلوس:
- أستاذ اسماعيل ياسين؟
- أيوه يافندم أي خدمة. أنا، أنا متهيألي شفت حضرتك قبل كده.
ضحك وهو يجلس: جايز أنا اسمي فؤاد الجزايرلي.
- أيوه كده صح. أستاذ فؤاد المخرج السينمائي المشهور.
- أيوه أيوه. اسمع يا أستاذ اسماعيل. من الآخر ودون مقدمات أنا بعمل فيلم جديد، وفيه فنانين كتير وشخصيات كتيرة: فوزي الجزايرلي وإحسان الجزايرلي وأنور وجدي وعباس فارس وتحية كاريوكا ومحمد عبد المطلب وأدمون توما... وغيرهم، واسم الفيلم «خلف الحبايب».
- اللي جابلك يخليلك يا فؤاد بيه.
- ظريف... ظريف... ماهو علشان كده أنا اخترتك معايا في الفيلم الكوميدي ده.
- يا فرج الله، سيما حتة واحدة! أنا أمثل في السيما.
- إيه رأيك يا بطل؟
- سينما!! وكمان بطل.
- لا لا مش قوي كده. إنت هتعمل دور صغير بس هايل وبكره يا سيدي الصغير يكبر.
تحدد الموعد... كان ياسين أول الواصلين إلى أستوديو مصر، في انتظار بقية فريق عمل «خلف الحبايب» لبدء التصوير. كانت الأجواء هادئة في مكان فسيح يشبه ساحة انتظار السيارات، عُلّقت فيه أعمدة عدة للإضاءة.
وصل الفنيون وعمال الديكور والإضاءة، وخلال ساعات قليلة، وحين وضع العمال الديكورات المعدة سلفاً، تحوّل المكان الفسيح الخالي إلى شقق وممرات وحجرات نوم وصالونات. أصبح شيئاً مختلفاً تماماً، ثم وصل الفنانون المشاركون في العمل، وكان ياسين سمع عن نجاحات بعضهم من دون رؤيته، لكنه فوجئ بأنهم جميعاً يعرفونه اسماً وشكلاً.
ما إن دارت كاميرا المخرج الجزايرلي حتى أصابت الدهشة ياسين مجدداً، ما هذا السحر؟ ما هذا الأسلوب الذي يعملون به؟ مجرد أن يقف الفنانون كل في المكان المخصص له، ويصيح المخرج: «أكشن»، يبدأ الجميع في تنفيذ حركاته المنتظمة والتحدث بكلام منظم، الكل يعرف دوره وموعد دخوله وخروجه من دون تأخير أو تقديم.
عندما وقف ياسين أمام الكاميرا نسي بعضاً مما كان يحفظه من دوره، وقبل أن يتوه أو يتوقف عن الكلام كان ذهنه حاضراً، فاستخدم بعض الكلمات البديلة وأضاف حركات تناسبها، وعندما همّ مساعد المخرج للإشارة إليه بالتوقف، فوجئ بالمخرج يطلب منه الاستمرار، فقد أدهشته سرعة بديهته، إلى درجة أن الإضافات التي قدمها كانت أفضل كثيراً من النص المكتوب، وهذا ما لفت أنظار الممثلين أيضاً: أنور وجدي، تحية كاريوكا، عباس فارس، وغيرهم.
الأهم من ذلك، أن الفنان فوزي الجزايرلي، وبعد انتهاء تصوير الفيلم، راح يعبر عن إعجابه بأداء ياسين، وكأن له بصيرة نافذة، إذ وقف بين المشاركين في الفيلم وقال لهم: {عليكم أن تخافوا من هذا الفنان فالمستقبل له}.
كان هذا الكلام بمثابة شهادة تقدير من فنان كبير لفنان ما زال في بداية رحلته، وفي الوقت نفسه جرس إنذار للجميع بأن ياسين قادم.
إلى الشام
لم ينته عام 1939 إلا وكان أعلن عن ميلاد إسماعيل ياسين سينمائياً، وإن كان في دور صغير لم يكفِ طبعاً لتحسين أوضاع النجم الجديد المالية، فكان لا بد من البحث عن عمل.
عاد ياسين إلى التعاقد مع فرقة {ببا عز الدين}، التي كانت تستعد للسفر إلى لبنان آنذاك في رحلة فنية، وشكلت فرقة تضم المطرب الشعبي محمد عبد المطلب وأنصاف محمد، وسعيد مجاهد، الذي كان صاحب ملهى رمسيس وزوجته الراقصة زيزي سعيد، ومعهم 10 راقصات من أجمل البنات اللواتي يعملن في الفرق المتنقلة، وما كادت {ببا} ترى اسماعيل حتى بادرت:
- إنت فين يا اسماعيل؟
- أنا موجود تحت أمرك.
- طيب أنا عايزك تجهز نفسك علشان تسافر معايا أنا والفرقة... عندنا رحلة للشام.
بدأت الفرقة عروضها في فلسطين، وبدأ ياسين كعادته يلمع ويلفت الأنظار بمونولوغاته، وخطر في بال ببا عز الدين فجأة تطوير نفسها، فبدأت إلقاء المونولوغات إلى جانب الرقص، وعلى رغم أن صوتها كان ضعيفاً، لاقت نجاحاً كبيراً، لأنها كانت تؤدي المونولوغ بإضافة حركات راقصة، فتغطي على ضعف الصوت والأداء، وبخبرته فهم ياسين الأمر، وراح يشجعها:
- أنا ماكنتش أعرف إنك بتقولي مونولوغات بالحلاوة دي؟
ظن أعضاء الفرقة أن ياسين يسخر منها، إذ كانوا يضحكون على طريقة أدائها، ومضطرين إلى منافقتها لأنها صاحبة الفرقة التي يعملون فيها!
ولأن ياسين شجعها بصدق طلبت ببا من مدير الفرقة زيادة أجره من 20 جنيهاً شهرياً إلى 40 جنيهاً، بل وبدأت تأخذه بعد ذلك إلى حفلات كان أثرياء تلك البلاد يدعون الفرقة إليها، بعد أن كانت تعتبر أنه مجرد فنان مغمور لا يستحق حضور الحفلات الكبيرة والخاصة.
استمر نجاح الفرقة وشكّل ياسين مع زميلته المونولوجيست ثريا حلمي، ثنائياً، وكانا يقدمان، إضافة إلى وصلتهما منفصلين، فقرة {دويتو}.
ولأن اسم ثريا حلمي كان يذكره دائماً باسم زوجته الأولى، كان ياسين يشعر بالضيق، حتى تجرأ ذات يوم وطلب منها تغييره، لكنها اعتبرت ذلك إهانة لمكانتها الفنية وردت عليه بجفاء:
- شوف يا اسماعيل أنا مقدرة الكلام اللي انت بتقوله، لكن أنا معنديش استعداد أغير اسمي اللي اتعرفت بيه واشتهرت بيه علشان خاطر راقصة مغمورة اسمها على اسمي... انساها يا أخي.
وأصرت ثريا على الاحتفاظ باسمها، بل رفضت بعد ذلك العمل مع ياسين، لذلك شكّل ثنائياً مع ببا، ثم إنصاف محمود.
كان يقدم ليلياً {دويتو} مع ببا ثم إنصاف، وبعدها يظهر بمفرده ثم يشارك في استعراض غنائي تقدمه الفرقة كلها، وحين ينتهي من عمله يكون في غاية الإرهاق ليعود إلى أحد الفنادق المتواضعة حيث تنزل الفرقة، ويلقي بنفسه في السرير ويستغرق في نوم عميق.
تابع ياسين رحلته مع {ببا عز الدين} إلى بيروت حيث استقبله الجمهور بترحاب شديد، وما إن وصل حتى عرف أن الفنانة اللبنانية نادية العريس تعمل مع فرقة {علي العريس} في مسرح {الكاريون} وتلقي مونولوغاته على أساس أنها خاصة بها، ومن ألحان زوجها علي العريس.
انزعج ياسين، وأراد أن يعطي نادية وزوجها درساً، فما كادت الستارة تفتح في الحفلة الأولى حتى أشار إلى الفرقة الموسيقية بالتوقف عن العزف وراح يخاطب الجمهور:
- طبعا أنتم عارفين أنا بحبكم قد إيه، وبحب كل جمهور الشام لأنه وقف جنبي وشجعني وله نصيب في نجاحي، لكن أنا من وقت ما جيت على بيروت وأنا سامع إن فيه فنانة هنا بتقول كل مونولوغاتي على اعتبار أنها خاصة بها ومن ألحان زوجها. والكلام ده مش صحيح لأن المونولوغات دي نتاج تعبي ودفعت تمنها من عرقي ومن دم قلبي، وألحان وجهد ناس محترمة، ومن يدعي أنها ملكه فهو كاذب.
صفق الجمهور طويلاً، ثم ألقى ياسين المونولوغات بطريقته الخاصة، وبعد أن أسدلت الستارة، ذهب مباشرة في ذلك اليوم من يبلغ نادية والعريس بما صرّح به ياسين، فتوقفا منذ ذلك اليوم عن إلقاء مونولوغاته.
استمر عمل الفرقة في بيروت أسبوعين وسط نجاح كبير، ثم انتقلت إلى طرابلس حيث كان النجاح حليفها أيضاً، ثم إلى حمص وحماه، وكانت حلب الخطوة التالية!
تذكر ياسين الفشل الذريع الذي لاقاه في حلب ذات يوم، واعتراه شعور بالخوف والقلق لأنه لم ينس هروبه من هذه المدينة بناء على اقتراح أبو جورج والد المطربة نور الهدى، لكنه لم يستطع ترك فرقة ببا واضطر الى السفر مع أعضائها.
فور وصوله إلى المدينة، ذهب إلى صديقه القديم صاحب ملهى {اللونا بارك} زكي الضاهر على اعتبار أنه الرجل الذي وقف إلى جانبه على رغم فشله، وأعطاه أجره كاملاً وأكد يوماً في حفلة وداع أقامها له بأنه لم يفشل، بل الجمهور فشل في فهم فنه، وتنبأ له بمستقبل باهر.
استقبل الضاهر يلسين أيما استقبال، ورحب به بشدة، ودعاه إلى تناول الغداء واستطاع أن يملأ قلبه بالأمل والثقة بالنجاح.
تركه ياسين وهو مطمئن إلى حد ما وذهب إلى الفندق الذي نزلت فيه الفرقة، وحاول أن ينام قليلاً قبل موعد العمل، لكن النوم جافاه، وظلت أعصابه مشدودة بعد أن سيطر عليه الشك في عدم النجاح وشعر أنه سيبدأ حياته الفنية مجدداً في تلك الليلة.
ذهب إلى المسرح مساءً وهو يدعو الله أن يوفقه، وأن يكون النجاح حليفه في هذه المرة.
الثأر من الفشل
وقف ياسين بين الكواليس مشدود الأعصاب، وعندما أعلن المذيع عن اسمه اعتلى خشبة المسرح والخوف يعتريه، فاستقبله الجمهور بحرارة، وحين ألقى مونولوغه الأول فوجئ بالتصفيق إلى درجة أبكته، بل إن صديقه ضاهر، بكي أيضاً وصفق طويلاً، وراح الجمهور يطلب من ياسين المزيد واضطر لتقديم مونولوغ آخر، حتى أنه قدم ستة مونولوغات، وحين أسدلت الستارة نزل وهو يبكي ويحمد الله، فالنجاح هذه المرة طعمه مختلف، ووجد وراء الكواليس ضاهر وببا يبكيان أيضاً.
تهلل ضاهر فرحاً وأخذ ياسين بالأحضان قائلاً:
- مبروك يا اسماعٍيل، مبروك لقد نجحت نجاحاً رائعاً. نجحت إلى درجة أنك انتقمت لفشلك السابق في حلب. أنت فنان رائع ألم أقل لك هذا الكلام؟
وتدخلت ببا وهي تبكي أيضاً:
- انت رفعت راسنا كلنا يا اسماعيل. أنا مكنتش متصورة إن عندي فناناً في فرقتي بالقيمة دي!
كانت إجابة ياسين البكاء المتواصل...




الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sirine
عاشقة شادية
عاشقة شادية
sirine

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Male_l10
انثى
عدد الرسائل : 42620
تاريخ التسجيل : 01/12/2008
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Qatary21
احترام القوانين : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 111010
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Aao10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الثلاثاء 23 نوفمبر 2010 - 22:55

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: sirine
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.shadialovely.com/
انطوانيت
عاشقة شادية رقم واحد
عاشقة شادية رقم واحد
انطوانيت

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Male_l10
انثى
عدد الرسائل : 61427
تاريخ التسجيل : 11/11/2009
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 3010
احترام القوانين : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 111010
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ouoa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 24 نوفمبر 2010 - 19:02

شكرا يا ماسيتنا لتكملة موضوع اسماعيل ياسين
شكرا لك نور الغالية
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: انطوانيت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.shadialovely.com/
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 24 نوفمبر 2010 - 19:15

شكرا لمروركم ياغاليييييييييييييييييين
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 24 نوفمبر 2010 - 20:20

***الستات ما يعرفوش يكدبوا

شعر إسماعيل ياسين في ذلك اليوم بأنه ثأر لنفسه من الفشل الذي لاقاه في السابق من خلال نجاح حفلاته في حلب الذي فاق أي نجاح سبق أن مرّ به، وهو ما جعل الجميع يشعرون بحجم السعادة التي عاشها اسماعيل في ذلك اليوم، فقرر صديقه زكي الضاهر الاحتفاء به على طريقته.
عاد زكي الضاهر إلى بيته ليقيم له حفلة ووعده اسماعيل بتلبية هذه الدعوة بعد الانتهاء من المشاركة في الاستعراض الكبير.
بالفعل ذهب اسماعيل إلى بيت زكي ضاهر بعد انتهاء عمله، غير أنه وجد السواد مخيماً على البيت وسمع أصوات بكاء وعويل... اندهش من هذا الأمر وسأل أول شخص قابله قبل أن يدخل إلى البيت عن سر هذا السواد:
-البقية في حياتك... توفى الأستاذ زكي ضاهر فجأة بالسكتة القلبية.
-إمتى؟
-مفيش من شوية... ده كان لسه راجع وفرحان ومبسوط جدا... منعرفش إيه اللى حصل... يظهر أنه الفرحة كانت زائدة عن اللازم.
نزل الخبر على اسماعيل كالصاعقة وأصابه بحزن عميق ووجد نفسه فجأة منخرطاً في موجة بكاء حادة وهو ينعي ذلك الصديق الذي أعاد إليه الثقة بنفسه، ولم يترك البيت في صباح اليوم التالي إلا بعدما شارك في تشييع جنازة صديقه زكي الضاهر.
كانت صدمة اسماعيل في هذا الصديق الوفي كبيرة، فعلى الرغم من أنه كوّن صداقات كثيرة، إلا أن قلة حفرت مكانة خاصة في قلبه، وكان من بينها زكي الضاهر مع أن اسماعيل لم يلتقِ به سوى مرتين: الأولى كانت لدى زيارته الأولى لحلب وفعل زكي هذا الموقف النبيل معه، مع العلم أنه لم يكن آنذاك نجماً كبيراً، حتى بمقاييس ذلك الوقت، وكان مجرد فنان ناجح لديه مقومات النجومية، وإن كانت لم تظهر بعد، مع ذلك وقف إلى جانبه وكأنه نجم كبير أو صديق عمر.
الثانية كانت هذه المرة التي زار فيها إسماعيل حلب، فرح زكي من قلبه لنجاحه وكأنه شريك في هذا النجاح، أو هو نجاح لعزيز لديه...
فجأة وبينما كان يستعد للاحتفال به خطفه الموت! ذلك المجهول الذي عاش اسماعيل يخشاه ويتجنّب سيرته، منذ أن خطف أمه وهو ما زال طفلا، ليذوق بعد رحيلها كل أشكال العذاب، كذلك عندما كان ينزل ضيفاً على هذا الموت بشكل يومي في المقابر بأمر جدته {أليفة} التي لم تكن تحمل أي صفة من اسمها، إذ كانت ترغمه على أن يرافقها إلى هناك!
منذ ذلك التاريخ واسماعيل يكره الموت... ويكره سيرته... وها هو يخطف منه شخصاً أحبه بإخلاص!
سيطرت هذه المشاعر والأحاسيس على قلب اسماعيل، ما جعل الصدمة شديدة عليه، مع ذلك توجه في المساء إلى المسرح وقدم فقرته بالإحساس نفسه وبالمقدرة نفسها، إلا أن الجمهور الذي حضر شعر بمدى المأساة التي يعيشها اسماعيل بفقدان صديقه زكي الضاهر، فقد انتشر الخبر وعرفت حلب بأكملها برحيل هذا الرجل، لهذا ما إن انتهى من فقرته حتى صفّق له الجمهور بحرارة غير عادية، وحين اشترك في الاستعراض الجماعي، استطاع، على الرغم من حزنه الكبير، أن يضحك الناس أكثر من أي يوم آخر بينما كان يبكي في أعماقه!
بعد رحيل زكي ضاهر استمرّ عمل الفرقة في حلب وحصدت نجاحاً كبيراً، ارتدى اسماعيل {الثياب السود} على الرغم من كراهيته لها وأصرّ على الظهور بها طوال الوقت حزناً على صديقه الذي رحل، وكان يقصد أسرته كل يوم بعد انتهاء فقرته للاطمئنان عليها وسؤالها ما إذا كان ينقصها شيء، يدفعه إلى ذلك وفاؤه لذكرى الصديق، إذ لم تكن عائلته في حاجة إلى المال لأنها كانت ميسورة الحال.
الغيرة من النجاح
انتقلت الفرقة بعد ذلك إلى مدينة {دير الزور} السورية ووصلت إليها بعد يوم سفر كامل، ولم يجد أفرادها بعد هذه الرحلة الشاقة سوى فندق صغير فاضطروا إلى النوم مكدسين في غرفة واحدة. لم يستقبل جمهور المدينة عرض الفرقة بالإعجاب في بادئ الأمر، إلى أن ظهرت فرقة اسماعيل ياسين فاستقبله الجمهور بحرارة وقاطعه بالتصفيق أكثر من مرة في المونولوج الواحد.
خرج اسماعيل بهذا النجاح الجديد من المدينة التي زارها للمرة الأولى ما أثار الغيرة في نفوس المحيطين به، لا سيما زملائه في الفرقة بل وصاحبة الفرقة نفسها، فاستغلّ البعض هذا الأمر وعمد إلى إحداث {وقيعة} بينه وبين ببا عز الدين، إذ قد تستغني عنه هذه الأخيرة إذا اقتنع اسماعيل بأنه هو الشخصية الأهم في الفرقة وأظهر نجوميته أمام ببا.
قرر أحد زملائه في الفرقة أن يلعب هذه اللعبة معه، فما إن نزل اسماعيل من خشبة المسرح، والهتافات تدوي في كل ومكان كذلك تصفيق الجمهور، حتى اقترب منه هذا الزميل وهنأه بالطريقة التي يمكن أن تقلب تفكير اسماعيل:
-ألف مبروك يا سمعه... ألف مبروك... والله فرحت لك من قلبي.
- متشكر قوي يا رجب...
- بس شفت بقى جالك كلامي؟!
- مش فاهم تقصد إيه.
لم يدر اسماعيل أو هذا الزميل أن ببا كانت مقبلة عليه لتهنئته، وما إن سمعت الحديث الدائر بينهما حتى وقفت خلف الستار تستمع إليهما:
- أقصد اللي أنت شايفه وسامعه ده... النجاح الهايل اللي أنت عملته... مش زي ببا عز الدين اللي طلعت على المسرح زي ما نزلت... ولا حد حس بيها.
-لا يا أخي متقولش كده.. ببا فنانة كبيرة ولها اسمها برضه.
-يا عم قول يا باسط... ما خلاص راحت عليها... يعني هي هتبقى أحسن من مين.
-أرجوك يا رجب أنا محبش أسمع الكلام ده.
يبدو أن ببا واجهت موقفاً مع جمهور هذه المدينة، قريباً من الموقف الذي واجهه اسماعيل ياسين، وإن لم يكن يماثله، غير أن الجمهور لم يرحّب بها كما يجب، أو قدّرها التقدير الذي تستحقه.
لم ينتبه الزميل الذي تفوّه بهذه الجملة إلى أن ببا كانت واقفة خلفهما وسمعت كل ما قاله، وعندما انتبه لوجودها ارتبك ولم يعرف كيف يبرر أقواله، بل حاول أن يورط اسماعيل معه:
- الحمد لله أهي الست ببا جت... أنا لسه بقول لاسماعيل إن لولا الست ببا مكنتش وصلت للنجاح ده.
لم تعلّق على هذا الكلام وتظاهرت بأن شيئاً لم يحدث، غير أن اسماعيل دهش من هذا المنافق وغضب، عندما لاحظ الرجل ذلك حاول إخراج نفسه من هذا الموقف ثانية:
- بصراحة كده إنتي غطيتي على الكل يا سلطانة... بس اسماعيل كمان يستحق والله النجاح ده.
فرد إسماعيل غاضباً:
- اسمع يا رجب... لا شهادتك ولا شهادتي هي اللي ممكن تدي الست ببا حقها... ببا عز الدين سواء في مصر أو برّ الشام كله اسمها زي {الطبل} ومفيش داعي للكلام الكتير.
كان لا بد من أن تظهر ببا عدم اكتراثها بهذا الكلام وكأنه لا يعنيها، ولم تزد عن:
-مبروك يا اسماعيل كنت هايل... روح شوف شغلك يا رجب!
ولكن حقيقة الأمر أنها تضايقت من هذه الإهانة الموجهة إليها، فلم تكن تصدق أن أي نجاح لفنان ما يمكن أن يأخذ من نجاحها أو يزيحها عن القمة التي باتت تتربع عليها، لدرجة أنها أصبحت تتخطى بديعة مصابني وشهرتها الذائعة، لذلك لم يكن مستغرباً القرار الذي اتخذته في اليوم التالي، إذ طلبت من الفرقة أن توقف عملها على الفور في هذه المدينة وأن تغادر إلى بيروت من جديد!
مرة أخرى لاقت الفرقة نجاحاً كبيراً في بيروت واستطاعت ببا أن تثبت لنفسها، قبل أن تثبت لاسماعيل ورجب، أنها ما زالت ببا عز الدين، التي تهتز لها الأجساد قبل القلوب، ما أعاد الثقة بنفسها، وجعلها تقرر العودة بالفرقة إلى سورية، ولكن هذه المرة إلى دمشق.
سوء الحظ
لم تكد الفرقة تحطّ رحالها في دمشق، وقبل بدء أي نشاط، حتى تلقّت صاحبتها ببا عز الدين إنذاراً من السلطات السورية، من الأمن العام على وجه التحديد، بعدم السماح لها أو لأي راقصة أو ممثلة في فرقتها بالاختلاط بالجمهور ـ كعادة ذلك الوقت من مجالسات مع الزبائن وتناول الشراب معهم ـ على الرغم من أن هذا التنبيه كان صادماً في بداية وصول الفرقة، إلا أن ببا حاولت أن تلتزم به، غير أنه تعذّر عليها مراقبة الفتيات اللواتي كن يتلقين دعوات سخية من المعجبين، خصوصاً اللبنانيين الذين لحقوا بالفرقة إلى دمشق، باعتبار أن المسافة قصيرة بين بيروت ودمشق، فاضطرت ببا إلى أن تجمع عناصر الفرقة وتخبرهم أوامر السلطات السورية وطلبت من اسماعيل مساعدتها في إفهام بنات الفرقة بضرورة الالتزام بالأوامر. تظاهر الجميع بالاقتناع، ولكن هرعت كل راقصة بعد ذلك إلى صديق كان ينتظرها وما لبثت أن عادت إلى سيرتها الأولى، في مجالسة الزبائن.
مرة جديدة شكا رجال الأمن من راقصات الفرقة وممثلاتها، ولم يسع ببا إلا أن نفذت اقتراحاً قدمه لها اسماعيل ياسين وهو أن يتولى رجال الأمن أنفسهم منع البنات من ذلك!
لم يطبق القرار على نساء الفرقة فحسب، بل على رجالها أيضاً، وبقي الجميع، خارج أوقات العمل، داخل الفندق لا يتحركون منه ويخضعون لمراقبة رجال الأمن المنتشرين في أرجائه، لذا لم يجدوا وسيلة لقتل الوقت إلا بلعب الورق، فيما يقضي اسماعيل وقته بالنوم أو إلقاء النكات وتقديم مشاهد كوميدية ساخرة لزملائه في الفرقة لأنه كان يكره لعب الورق.
مرة جديدة حدثت مفاجأة هزت الفرقة كلها، ففي أحد الأيام بينما الجميع نيام حوالى الثالثة صباحاً، سمعوا طرقاً عنيفاً على باب الفندق، وحين فتح الباب دخل اثنان من رجال البوليس ممسكين بثلاث بنات من أعضاء الفرقة ضُبطن في الخارج بعدما هربن من رقابة رجال البوليس في الفندق، وتبين بعد البحث والتحري أنهن قفزن من النافذة الخلفية على الأرض من ارتفاع مترين، وبررت كل واحدة منهن هربها بأنه كان من شدة الحرارة داخل الغرف وأنهن خرجن لتنشّق الهواء...!
ثارت ببا عز الدين وثار اسماعيل ياسين أكثر وطلب من الأمن اتخاذ التدابير الضرورية في مثل هذه الأحوال:
-سيادتك موجود هنا بتمثل القانون.
-إيه مظبوط.
-خلاص.. أنا بالنيابة عن نفسي وكمان بالنيابة عن الست ببا صاحبة الفرقة بنقولك نفذ الإجراءات اللي بينص عليها القانون في الظروف دي.
-والله نحن كلنا بنقدرك أستاذ اسماعيل وبنقدر الست ببا لكن مو هيك...
-وعلشان هيك أحنا بنقولك خد إجراءاتك.
لكن يبدو أن موقف الفتيات الثلاث لم يضر بهن وحدهن، بل أضر بالجميع، فحين تقرر اتخاذ ما هو ضروري تجاه ما حدث، صدر قرار عن الجهات الأمنية ليس بترحيل الفتيات الثلاث فحسب، بل بترحيل الفرقة كلها من الأراضي السورية!!
تقدير خاص
حاولت ببا عز الدين وزوجها أنطوان عيسى ـ ابن شقيقة الفنانة بديعة مصابني ـ يومها مقابلة وزير الداخلية للتوسط لديه لبقاء الفرقة والاكتفاء بترحيل الفتيات، لكن الوزير اعتذر بعدما عرف سبب المقابلة.
حاولت ببا مع زوجها أنطوان واسماعيل ياسين مقابلة أي مسؤول في وزارة الداخلية، وبعد جهود حثيثة نجحوا في لقاء مدير الأمن العام:
- صدقوني أنا بعتذر منكم... لكن ما في حل آخر... لا بد من ترحيل الفرقة بأكملها.
- أحنا بس بنطلب مهلة لحين انتهاء العقد... لأن في التزامات وعقود.
- والله ما في مجال... لكن فيه حل وسط.
وتهلل الجميع:
- ياريت... ألحقنا به.
- نحن من شان خاطر الأستاذ اسماعيل بنمد المهلة بدلا من الترحيل اليوم إلى 48 ساعة. لديكم يومين كاملين بتدبروا حالكم.
- أيوه بس كده خراب بيوت.
- ما باليد حيلة هذه أوامر!
بذكاء فهمت ببا ما لاسماعيل ياسين من تأثير وحب قويين على الجميع في سورية، فكان لا بد من أن تدفع به ربما استطاع هو أن يحل الأزمة، من جديد لجأ اسماعيل ياسين إلى وزير الداخلية، الذي وافق بالفعل هذه المرة على مقابلته ولكن بمفرده:
- أستاذ اسماعيل أنت بتعرف أننا أخوة في الوطن والعروبة، والأخوة المصريين إلهم تقدير ومحبة خاصة، ومن بين الأخوة المصريين أنت لك تقدير ومحبة خاصة من كل الشعب السوري، لكن سامحني هذه قوانين الدولة.
-وإحنا بنقدر ونحترم قوانين الدولة، لكن بس بنطلب ألا يكون العقاب جماعي، لأن زي ما حضرتك بتعرف هناك تعاقدات والتزامات وممكن ينخرب بيوت الناس وأنا أولهم!
-خلاص أستاذ اسماعيل من شان خاطرك... بتستمر الفرقة... شرط أن يتم ترحيل البنات الثلاث فوراً.
ترحيل الفرقة
قبل إسماعيل شروط وزير الداخلية السوري بفرح شديد، ونفذ الشرط بطرد البنات الثلاث وترحيلهن إلى مصر في اليوم نفسه، وتعهدت ببا عز الدين أن تلتزم هذه الشروط:
-بنعتذر منك ست ببا، أنا لا أقبل تعهداتك، أنا بريد تعهد من الأستاذ اسماعيل نفسه.
-وأنا موافق وبتعهد قدام سيادتك إني المسؤول عن أي شيء يصدر من الفرقة من دلوقت ولحين مغادرتها الأراضي السورية.
-هيك معقول... أهلا وسهلا.
وعادت ببا وإسماعيل وأزفا الخبر الجديد للفرقة مع التأكيدعلى شروط رجال الأمن لبقائهم في سورية، وطلبا من الأعضاء الاستعداد لاستئناف العمل، لكن يبدو أن الموضوع لم ينته، ففي اليوم نفسه حدثت مفاجأة لم يتوقعها أحد، فقد سمع علماء الدين ما حدث للفرقة وسارعوا إلى عقد اجتماع وطلبوا فيه من وزير الداخلية أن يلغي قرار التصريح للفرقة بالعمل!
بالفعل تم سحب الموافقة واقترح اسماعيل ياسين أن تذهب الفرقة إلى حلب، رُفض الاقتراح وطلب المسؤولون أن تغادر الفرقة سورية كلها!
نزل الأمر كالصاعقة على ببا عز الدين، وما إن نظرت إلى اسماعيل حتى راح يؤكد لها أنه لم يعد يستطيع أن يفعل شيئاً، لأن الأزمة أكبر مما بدت، ما زاد الأمر تعقيداً أن سيدات المجتمع ـ كان أزواجهن ضيوفاً دائمين على فرقة ببا ـ أرسلن نداءات يطلبن فيها طرد الفرقة من البلد حماية للأخلاق العامة! ولم يكن أمام هذه الأخيرة إلا العودة مرة أخرى إلى بيروت.
في بيروت بدأ اسماعيل ياسين يعيد حساباته مع الفرقة، وحزم أمره على ألا يعمل معها مرة أخرى، لأنه وجد بالفعل أن العاملات فيها لا تربطهن بالفن أي رابطة وهن غير موهوبات، إنما اتخذن الفن ستاراً لممارسة أعمال منافية للآداب والأخلاق.
مع ذلك أرجأ كل شيء بانتظار عودة الفرقة إلى القاهرة حتى لا يقال إن اسماعيل ياسين قطع رزقها خصوصاً أنها اعتمدت عليه.
وعملت الفرقة من جديد في بيروت ثم سافرت إلى القدس ومنها إلى حيفا ثم يافا ثم غزة حيث أحيت الحفلات، وفي كل مدينة من مدن الشام التي زارتها، كان اسماعيل ياسين الأهم والأبرز، ولم يمر يوم إلا وأضاف نجاحاً جديداً... قبل العودة إلى القاهرة.
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 24 نوفمبر 2010 - 20:22

**أحبّ الغلط

مع مطلع الأربعينيات أصبح إسماعيل ياسين معروفاً ومشهوراً، خلال عمله في الفرق المختلفة، سواء في القاهرة أو الإسكندرية، أو حتى في بر الشام كله.
مرّت الأيام وهو ينتقل من مسرح إلى آخر، ولا يكاد يترك مسرحاً حتى يعمل في اليوم التالي في آخر، فقد بات مطلوباً ومحبوباً ومعروفاً تماماً لدى كل المشاهدين وكان يشعر في ذلك الوقت تحديداً بأنه بدأ يصعد درجة أو أكثر على سلّم الفن.
آنذاك كان ثمة الكثير من الفرق المنتشرة ذائعة الصيت، من بينها فرقة ببا عز الدين، وكانت تعمل في كازينو الكوبري الإنكليزي، وكان ثمة أيضاً كازينو البسفور في باب الحرية، ومسرح الماجيستك، وكازينو بديعة مصابني، وكازينو عز الدين 'فرقة ماري عز الدين' بالإضافة إلى تياترو نجيب الريحاني، فرقة رمسيس، وفرقة علي الكسار في روض الفرج وكازينو 'مونت كارلو' في الإسكندرية.
في تلك الفترة لم يتوقف إسماعيل عن العمل والتنقل بين الفرق المختلفة حيث صادفه النجاح وأصبح مطلوباً في السينما وتشير إليه إعلانات الفرقة في الصحف والمجلات وقد سبق اسمه تعريف بأنه 'المونولوجيست المحبوب'.
وشاءت الصدفة أن يكون موعد عودة فرقة ببا عز الدين من بيروت إلى القاهرة في اليوم الذي أعلنت فيه بديعة مصابني عن افتتاح صالة 'كازينو أوبرا' الذي أنشأته على بعد خطوات من دار الأوبرا المصرية التي بناها الخديو إسماعيل.
وما كادت بديعة تعلم بعودة إسماعيل من بيروت حتى أرسلت تستدعيه ليكون ضمن برنامجها الجديد فحاول الاعتذار بحجة أن غالبية الزبائن ستكون من جنود الاحتلال الإنكليزي وهم لا يفهمون كلمة مما يقوله، ولكنها أقنعته بالعمل وأن عليه أن يلقي مونولوجاته فهمها الناس أم لم يفهموها ويتقاضى أجره ولا يعترض على شيء.
وفضلاً عن الكراهية التي يكنّها إسماعيل لجنود الاحتلال، ثمة عداء قديم بينه وبينهم منذ كان طفلاً وهو يراهم يرتعون ويعيثون في الأرض فساداً في مدينته السويس. كذلك لم ينسَ ذلك اليوم الذي كادت فيه جدته أن تتركه لهم عندما قبضوا عليها أثناء عودتها من المقابر، فهو يخشى من التعامل معهم وهم في كامل وعيهم، فكيف سيتعامل معهم وهم سكارى؟!
في يوم افتتاح كازينو بديعة الجديد، وفيما كان الجميع يستعدّون لحدث ضخم يتحدث عنه القاصي والداني، أُطلقت غارة جوية عنيفة من غارات الحرب العالمية الثانية على مقربة من القاهرة، تعلن عن قرب وصول الألمان، واستمرت أربع ساعات متواصلة، أطفئت خلالها أنوار القاهرة كلها، بما فيها طبعاً الكازينوهات والمسارح ودور العرض السينمائي.
ولأن إسماعيل كان لا يزال يسيطر عليه المثل الشعبي القائل: 'اللي يخاف من العفريت يطلع له' فقد تصادف بدء الغارة مع خروجه إلى المسرح ليغني.
وإذا كان لهذه الغارة أثر في نفوس المصريين جميعاً، إلا أن وقعها كان مختلفاً على بديعة وإسماعيل، وللمرة الأولى تشعر هذه الأخيرة بتشاؤم من إسماعيل وكأنه هو الذي تسبّب في الغارة، خصوصا أن العرض توقّف حتى بعد انتهاء الغارة، فقد لزم الناس بيوتهم والمخابئ خوفاً من أن تعود الغارة، وحتى الجمهور الذي يخشى إسماعيل وجوده، جنود الاحتلال، لم يعد له وجود في هذا اليوم، بسبب انشغاله بالغارات والحرب، فأغلق 'تياترو' بديعة أبوابه في اليوم الأول لافتتاحه.
زجاجة طائشة
في اليوم التالي كانت الأمور أهدأ حالاً، ولا تبدو في الأجواء مؤشرات لحدوث غارات، بدليل وجود عدد كبير من الجنود في الصالة، ومع ذلك بات تشاؤم بديعة من إسماعيل أكبر. سارت الأمور على خير ما يرام في بداية فقرات الفرقة، وصعد إلى المسرح أكثر من مطرب وراقصة ومونولوجيست، ولكن ما إن حان موعد ظهور إسماعيل على المسرح حتى كان الخمر فعل فعله في رؤوس جنود الاحتلال، فلم يكد ينتهي من إلقاء أول مونولوج له حتى قذفه أحد السكارى من الجنود بزجاجة 'بيرة' فارغة تعبيراً عن مدى إعجابه به، فأصابته في رأسه بقوة لدرجة أنها كادت تقضي عليه، فسقط مغشياً عليه والدماء تسيل من رأسه. أقفل الستار وبدأت الفوضى في التياترو وتعالى الصراخ والصياح، وخرجت بديعة بنفسها لتنقذ الموقف فكان نصيبها أوفر من إسماعيل فقد انهالت عليها زجاجات البيرة واضطرت الى الاختباء خلف ستائر الكواليس، وجرت مضطربة حتى سقطت على الأرض ومعها بعض الفارين من الزجاجات التي تطير في الهواء هنا وهنا. وما إن هدأت الغارة الخاصة بـ'كازينو بديعة' فحسب، حتى اكتشفت بديعة أن 'البروش' الألماس، الذي يقدر ثمنه بآلاف الجنيهات والذي اشترته خصيصاً للافتتاح، سقط من صدرها، في الوقت الذي كان إسماعيل يُنقل فيه إلى المستشفى، والذي ظل فيه ما يقارب العشرة أيام يعاني من الجرح في رأسه، فضلاً عن حالة الارتجاج في المخ التي سبّبتها له الزجاجة.
خلال العشرة أيام هذه كان زار إسماعيل وسأل عليه زملاؤه كلهم في الفرقة، وكثيرون غيرهم من خارجها إلا بديعة مصابني.
والواقع أنها كانت وصلت إلى ذروة تشاؤمها من حالة إسماعيل، لذلك لم تسأل عنه، بل خشيت إن هي ذهبت إليه، أن يصيبها مكروه في الطريق.
ومن دون أن يعرف أسباب عدم زيارتها له أو السؤال عنه، قرر إسماعيل مقاطعة بديعة وعدم العمل معها أبداً بعد ذلك اليوم، وثار أكثر عندما زاره زميل من زملائه وأبلغه بما قالته بديعة:
- تتصور أنها ما فكرتش تزورني ولا حتى تسأل أو تبعت بوكيه ورد؟!
تتصور أنها ما فكرتش تزورني ولا حتى تسأل أو تبعت بوكيه ورد؟! - أنا محرج منك ومش عايز أقول اللي هي قالته.
- لا قول أنا خلاص مبقاش يفرق معايا.
- بصراحة بتقول إن شكلك...
- شكلي... مالو شكلي؟
- مش قصدي يعني لكن بتقول إن 'بُقك' هو اللي بيخلي عساكر الإنكليز يثوروا لما بيشوفوه وبيعملوا الشغب اللي بيحصل.
- يا سلام 'بُقي' هو السبب في اللي بيحصل. علشان كده مجتش ولا مرة تزورني.
- ما هي بصراحة عملت كده علشان انت متفكرش ترجع تشتغل عندها تاني.
- ومين قال أصلاً إني ممكن أرجع لها؟ أنا ألف مكان يتمنى أشتغل فيه. إذا كانت هي لسه فاكره أنها بديعة مصابني أنا بقيت إسماعيل ياسين.
فرقة علي الكسار
في اليوم نفسه الذي تقرّر له أن يغادر فيه المستشفى، تلقى إسماعيل خبراً من زميله القديم حسين المليجي يدعوه فيه الى العمل معه في 'كازينو' افتتحه في روض الفرج، المنطقة التي أصبحت منافساً قوياً لشارع عماد الدين، وانتشرت فيها الفرق والمسارح والكازينوهات، وكانت المنافسة آنذاك بين فرقة 'المليجي' وفرقة 'علي الكسار'.
عمل إسماعيل مع فرقة 'حسين المليجي' وحقّق معها نجاحاً كبيراً مستقطباً جمهوراً واسعاً، استشعره صاحب الفرقة المجاورة 'علي الكسار' الذي كان آنذاك اسماً كبيراً، ومنافساً قوياً ليس لفرقة المليجي فحسب، بل لفرقة نجيب الريحاني نفسه، الذي كان في ذلك الوقت نجماً كبيراً في سماء المسرح والسينما، وكان الكسار سبقه إليهما، غير أن نجومية الريحاني أصبحت تفوق نجومية الكسار، ذلك لأن الأخير اعتمد منذ بدايته وحتى النهاية على شخصية واحدة كان يظهر بها على خشبة المسرح، وانتقلت معه الى السينما، وهي شخصية 'بربري مصر الوحيد عثمان عبد الباسط'، كذلك الحال كانت بالنسبة الى الريحاني الذي اعتمد أيضاً على شخصية 'كشكش بك' في بدايته، لكن الفارق بينهما أن الأخير كان يجيد قراءة المجتمع من حوله والتغيرات والتحولات التي كانت تشهدها تلك الفترة من صعود وهبوط، ومن خلال قراءاته تلك استطاع تطوير نفسه، وتقديم الفن الذي تنتظره الطبقة الأعم والأشمل، وهي الطبقة المتوسطة، فاتجه إلى تقديم نماذج منها في أشكال: الموظف المطحون، والمواطن الفقير البسيط الذي يستطيع التفوّق على أولاد الباشاوات والطبقة الأرستقراطية، بعلمه وثقافته وشرفه وكرامته، في الوقت الذي توقف فيه الكسار عند شخصيته الوحيدة، الأمر الذي خلق لديه حساسية من أي نجاح جديد، وهو ما جعله يتردد خلسة إلى كازينو حسين المليجي ليشاهد هذا الفنان الجديد الذي أصبح اسمه على كل لسان.
في الوقت ذاته كان إسماعيل يزور مسرح الكسار كثيراً، ليس للسبب نفسه، ولكن لمشاهدة الجديد الذي يقدمه الكسار وأعضاء فرقته، خصوصاً عندما علم أن ثمة 'مونولوجيست' جديداً بدأ اسمه يلمع في تلك الفرقة اسمه 'محمود شكوكو'.
ولد محمود إبراهيم إسماعيل موسى، الذي اشتهر في ما بعد باسم 'شكوكو'، في العام نفسه الذي وُلد فيه إسماعيل ياسين (1912)، غير أنه نشأ في قلب القاهرة، وتحديداً في حي 'الدرب الأحمر'، ثم عمل في بداية حياته مع والده الذي كان يعمل نجاراً غير أن الغناء كان يجري في عروقه، فاستطاع أن يفرض نفسه على الوسط الفني ويصبح مونولوجيس مشهوراً، وهو ما جعل الكسار يعتمد عليه لتقديم المونولوجات في الفواصل بين أعماله المسرحية، والذي كان يشارك فيها أيضاً.
شاهد إسماعيل 'شكوكو' وأُعجب به، لدرجة أنه حرص على أن يتعرف إليه، فراح يبدي له إعجابه به، مؤكداً أنه يتوقع له مستقبلاً باهراً في فن المونولوج والغناء الشعبي، وقد أصبحا منذ ذلك الوقت من أحب وأقرب الأصدقاء الى بعضهما، بل إن الكسار أوعز إلى شكوكو أن يقنع إسماعيل بالعمل معه في 'فرقة الكسار'، وبعد إلحاح طويل من شكوكو وافق إسماعيل، ليعلنا معاً عن إعادة ميلاد جديد لفرقة علي الكسار في روض الفرج.
العودة إلى السينما
اعتقد إسماعيل أن السينما نسيته بعد أن شارك في أول أدواره فيها، من خلال فيلم 'فؤاد الجزايرلي'، وأنها كانت تجربة ومرت لم يشعر بها أحد، وفيما هو يفكر في طريقة يعود بها، فوجئ بأن المخرج السينمائي حسين فوزي أرسل في طلبه، وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة حين فكر إسماعيل في البحث عن طريقة للعودة إلى السينما، فما إن دخل على فوزي حتى استقبله بترحاب كبير وكأن ثمة سابق معرفة كبيرة بينهما:
- شوف يا سيدي أنا بعمل فيلم اسمه 'أحب الغلط'.
شوف يا سيدي أنا بعمل فيلم اسمه 'أحب الغلط'. - أهو ده اللي محبوش.
ضحك حسين فوزي وقال له:
- وإن شاء الله مفيش غلط. لكن أنا عايزك تعمل دور في الفيلم. صحيح هو دور صغير بس...
وقبل أن يكمل جملته قاطعه إسماعيل:
- عارف وبكره الصغير يكبر إن شاء الله.
- الله... ما انت فاهم اهه.
رحب إسماعيل بذلك الدور الذي سيتيح له الوقوف أمام نجمين سينمائيين كبيرين هما تحية كاريوكا وحسين صدقي، بل وسيعفيه من العمل في الملاهي.
وما كان عليه إلا إثبات وجوده في السينما، ولكن أين السينما لكي يثبت وجوده فيها؟ فقد كانت الوافد الجديد على الساحة، ولم تعرف مصر من وسائل اللهو سوى 'يوم المقابلة' للسيدات في البيوت أو جلسات المعلمين والتجار الخاصة، ثم انتقلت إلى 'الصالات والكازينوهات' وشجّعت على ذلك 'فلوس الحرب' وطبقة الأثرياء الجدد ومئات الألوف من العمال الذين وفدوا إلى المصانع الجديدة، وظروف الحرب، وخدماتها التي تحتاج إلى أيد عاملة رخيصة.
كانت السهرات في 'الصالات' مكلفة، فضلاً عن سمعتها 'السيئة' وعجز أبناء الطبقة المتوسطة الجديدة عن السهر بسبب عملها في الصباح الباكر.
جاءت السينما فجذبت الكثيرين من سكان القاهرة وكانت وسيلة غير مكلفة، فنقلت المشاهد إلى دنيا جديدة وعوالم مختلفة، ووضعت بين يديه فرصة تحقيق أحلامه على الشاشة، من خلال الأدوار التي يجسدها البطل بدلاً عنه، لذا كان لا بد من أن تجذب الأسماء المشهورة في عالم الفن والتي يسمع الجمهور بها تتردد في الصحف أو الإذاعة أو الأسطوانات.
بعد أكثر من عام على عرض 'أحب الغلط'، لم يكن مصطفى يعتمد في ما يقدمه من أفلام على لون واحد، فقد كان يحرص على التنوع، ما بين البدوي والمغامرات والكوميدي، وغيره، وهو ما جعله لا يستقر على أبطال بعينهم، وعندما أراد في العام 1941 تقديم فيلم كوميدي بعنوان 'مصنع الزوجات'، تذكر فوراً ذلك الممثل الجديد المشهور بإلقاء المونولوجات، إسماعيل ياسين، فقرر الاستعانة به ولو في دور صغير، المهم أن يظهر هذا الممثل معه في الفيلم، وفعلاً ظهر اسماعيل في دور صغير لا يستغرق سوى ثلاث دقائق على الشاشة يجسد فيه دور 'رجل سكير'، لكنه استطاع أن يخلق مساحة جديدة تعلن عن وجوده في السينما.
إعادة اكتشاف
هذه المساحة القصيرة على شاشة السينما في فيلم 'مصنع الزوجات' وقبلها في فيلمي 'خلف الحبايب' و'أحب الغلط'، جعلت المخرج توجو مزراحي يدرك مدى موهبة إسماعيل وتقبّل الجمهور له في دور العرض السينمائي. إحساس المخرج لدى مزراحي جعله يستشعر فوراً أن إسماعيل كان خلال هذه الأفلام الثلاثة، مبعث الابتسامة بل والضحكات العالية، إذ كان أخف دماً ممّن حوله من عتاة الممثلين، حتى لو كان الفيلم ميلودراما ساخنة تُبكي الجمهور، فضلاً عن أنه يتحرك بتلقائية وخفة أمام الكاميرا. والأهم من هذا كله أنه مهما كان دور إسماعيل، فإن الجمهور يخرج من دار العرض متذكراً ذلك الممثل ذا الفم الكبير الذي كان مبعث السعادة والبهجة في الفيلم.
وجاءت الانعطافة الحقيقية عندما تبناه علي الكسار أثناء عمله معه في فرقته المسرحية، لدرجة أنه طلب من مزراحي أن يمثّل اسماعيل في فيلمه الجديد 'علي بابا والأربعين حرامي' في العام 1942.
رحّب مزراحي في داخله بهذا الاقتراح المهم الذي عرضه عليه الكسار، ولكنه راح في وجود إسماعيل يتمنع وكأنه رافض مشاركته في الفيلم، لكنه رضخ بناء على طلب الكسار، مؤكداً لإسماعيل أنه موافق ولكن بشرط:
- شرط إيه أستاذ أنا تحت أمرك.
- بشرط انك تشوفلك حل وتغير شويه من نفسك.
- أغير من نفسي أزاي. أربي شنبي؟ ولا عايزني أربي نفسي علشان أرضيك؟
- يا أخي لا. شوف لك حل في 'بُقك' ده.
- أعمله إيه أقطع لك منه حتة؟!
- معرفش أصله بصراحة كبير قوي وممكن يملا الشاشة.
- عموماً يا أستاذ أنا كان يشرفني إني اشتغل معاك انت والأستاذ علي الكسار. لكن مفيش نصيب..
وهنا تدخّل الكسار فوراً:
-- الله الله الله ينكد عليك وعلى عمرك. انت صدقت؟ الراجل بيضحك معاك. انت معانا في الفيلم مفيش كلام.
فشكره إسماعيل على ثقته فيه ثم سأله:
- وامتى هنبدأ التصوير.
وامتى هنبدأ التصوير. وكان جواب مزراحي:
- يا أستاذ إحنا بدأنا التصوير فعلا. جهز نفسك هتدخل الأستوديو دلوقت. سلم نفسك للماكيير علشان يعملك الماكياج.
بدأ إسماعيل يشعر بخطورة الموقف فهذه هي أول فرصة حقيقية أمام الكاميرا ومن خلال فيلم تاريخي، ومن المستبعد أن يكون كوميديا كما يحب أن يكون، وإذا حدث وفشل فلن يعرف طريقه إلى الاستوديوهات بعدئذ.
ومع ذلك استجمع شجاعته، وجلس بين يدي الماكيير وإلى جانبه مساعد المخرج، يحفظه دوره وتحركاته أمام الكاميرا والإشارات التي يجب أن يقوم بها مع الحوار.
وما كاد مزراحي يشير إلى بدء التصوير حتى شعر إسماعيل بأن شيئاً ما في داخله يمنعه من النطق، بل شعر ببرودة شديدة تسري في جسده.

**تحيا الستّات

شعر إسماعيل ياسين أنه يمثل للمرة الأولى، وأنه نسي كل شيء، وخشي أن يلاحظ المخرج ذلك، لكن من حسن حظه أن المخرج توجو مزراحي اكتشف في الوقت نفسه خطأ في الديكور فأوقف التصوير وطلب إصلاح الخطأ بعد أن ثار ثورة عنيفة على مهندس الديكور.
استغرق الموضوع ما يقرب من 10 دقائق تغلّب إسماعيل خلالها على خوفه ونسي كل شيء إلا المشهد الذي سيمثله، واندمج تماماً فيه، وغاب عن كل ما حوله، وأفاق على صوت توجو مزراحي مهللاً:
- برافو يا اسماعيل برافو.
كانت هذه الكلمة فاتحة خير عليه، وشهادة دخوله بشكل جديد إلى عالم السينما، فقد استدعاه مزراحي بعد انتهائه من تصوير مشاهده ذاك اليوم إلى مكتبه لتهنئته والتعاقد معه بأجر قدره 15 جنيهاً، على فيلم جديد بعد أن تقاضى 12 جنيهاً على مشاركته في {علي بابا والأربعين حرامي}، وطفرت الدموع من عيني ياسين وهو يأخذ الشيك، وتوجه في اليوم التالي مباشرة وصرفه ليشتري بدلة {سموكنغ} من آخر طراز، وظل يحتفظ بها، حتى بعد أن أصبح يملك مثلها العشرات!
كان {علي بابا والأربعين حرامي} بداية ظهور ياسين الحقيقي والقوي على شاشة السينما، فقد حرص مزراحي على توظيف قدرات ياسين في الفيلم، إلى درجة أنه كتب دوره بنفسه، وجعله مرافقاً للفنان علي الكسار في المشاهد التي يظهر فيها، فغنى ياسين ورقص وأدى حركات أصبحت في ما بعد إحدى سماته مثل {الرقص بنصف وسطه الأعلى مع رفع يديه}، كذلك تنبه إلى موضوع كبر فمه، فقرر أن يجعله مادة للسخرية في أعماله، بداية من هذا الفيلم، ليكون أيضاً من {لوازمه} التي يحرص على أن يُذكر بها الآخرين قبل أن يذكروه هم بها.
استغرق تصوير دوره في {علي بابا والأربعين حرامي} أسبوعاً، لكنه ما كاد ينتهي حتى بدأ تصوير {تحيا الستات}، وقبل ياسين العمل فيه على رغم أنه بدأ يخاف من عصبية مزراحي الشديدة، ولحسن الحظ لم يكن المخرج المشهور عصبياً إطلاقاً معه، لأنه أحبه كممثل، بل كان لا يتمالك نفسه من الضحك حين يراه يمثل أحد المشاهد، لذلك لم يسمع ياسين {شتيمة} منه أبداً على رغم أنه كان {يشتم} الجميع وحين كان يخطئ، كان مزراحي يفجر عصبيته بشتم نفسه فيقول:
- أنا مغفل... أنا حمار أنا مش ممكن أفهم حاجة أبدا!
كان ياسين يعرف أن هذا الكلام موجه إليه فيتأثر منه، بل كان يبكي أحياناً، وكان لا بد من أن يبدأ تصوير {تحيا الستات} وشارك معه في الفيلم كل من مديحة يسري وليلى فوزي وأنور وجدي وحسن فايق وبشارة واكيم.
مطاردة غرامية
آنذاك كان ياسين لا يزال جديداً في عالم السينما، ولا تزال صداقاته مع أهلها جديدة، ويجهل الكثير من أسرار الفن، ما جعله يتعرض إلى {مشاكسات} قاسية من بعض الزملاء، لعل أقساها ما حدث من وجدي عندما كانوا يصورون {تحيا الستات}، وكان ذات يوم يعمل معه في الأستوديو حين قال له:
- روح للأستاذ حسن فايق وقله إن {ابن بنته} ينتظره بره الأستوديو وإنه عاوز يروح الجهادية!
ذهب ياسين إلى غرفة فايق وقال له بمنتهى حسن النية:
- يا أستاذ.. {ابن بنتك} مستنيك بره وبيقولك هو عاوز يروح الجهادية.
ووجد ياسين فايق يثور في وجهه ويغضب ويطرده من الغرفة: اطلع بره يا...
راح فايق يصرخ مراراً ويوبخ ياسين أمام إحدى بنات الكورس التي كانت في غرفته. حاول النجم الجديد الدفاع عن نفسه، وتأزمت الأمور وكاد فايق أن يضربه، وهرع وجدي لإنقاذ الموقف أو ياسين من المقلب الذي دبره له، فقد كان يستلطف الفتاة التي كانت تجلس مع فايق في غرفته، التي تعمل كومبارس، وطلب من ياسين أن يقول لحسن ذلك الكلام كي يظهره أمامها رجلاً عجوزاً وأن {ابن ابنته} أصبح في سن التجنيد!
شارك ياسين أيضاً في {الطريق المستقيم} مع يوسف وهبي وفاطمة رشدي وأمينة رزق. آنذاك كان منير مراد الملحن، وشقيق الفنانة ليلى مراد يعمل كمساعد للمخرج مزراحي، وقد أصبح صديقاً لياسين بحكم العمل، وكان شارك في أكثر من فيلم حين تعاقد معه المخرج على تصوير {الطريق المستقيم} وقال منير لياسين:
- إيه ده... دورك في {الطريق المستقيم} صغير جداً. بعد ما تعمل أدوار كبيرة ومهمة في كذا فيلم قبل كده. تاخد الدور الصغير ده؟
- أعمل إيه ما انت عارف الأستاذ توجو.
- يا سيدي الأستاذ توجو مش بعبع... قوله إن الدور صغير يمكن يكبره شويه.
- إنت شايف كده؟
- مفيش غير كده.
استجمع ياسين شجاعته، وذهب إلى مزراحي وحاول الاعتذار له عن الفيلم لأن الدور صغير ولا يليق به بعد أن شارك في بطولة فيلمين، أو أن يعمل على أن يكون الدور أطول، فرد عليه:
- اسمع يا إسماعيل مش مهم في السينما أبداً أن يكون الدور قصير أو طويل، المهم إنه يكون دور كويس، وأنا بقولك إن ده واحد من الأدوار الكويسة جداً، وأنا واثق من إنك ستنجح فيه وإنك ستثبت من جديد إنك فنان كبير وموهوب.
أدى ياسين الدور وكان لشخصية رجل سكي، ونجح فيه كثيراً، وحين أداه صفق له كل من كان يعمل في الأستوديو.
صديق العمر
كان ياسين يُقدم في الأفلام التي شارك فيها قبل {على بابا والأربعين حرامي} باعتباره مؤدياً للمونولوج، إضافة إلى التمثيل، واستطاع خلال فترة وجيزة مواصلة نجاحه، ما دعم مكانته وأضاف إلى رصيده في سوق {الصالات}. لكن تقديمه بصورة جديدة وجيدة في فيلم مزراحي لفت الأنظار إليه كممثل له حضوره القوي على الشاشة، ما جعله مطلوباً في أكثر من مسرح وأكثر من صالة وملهى ليلي، والأهم من ذلك من وجهة نظره، أنه أصبح مطلوباً في السينما، التي قد تغنيه عن {البهدلة} في الصالات والكباريهات!
استطاع ياسين تثبيت قدميه كممثل من خلال {علي بابا والأربعين حرامي}، الذي لاقى نجاحاً منقطع النظير عند عرضه، وكان ظهوره فيه بمثابة الهدية التي قدمها مزراحي إلى جمهور السينما آنذاك، ما جعل ياسين يعيش نشوة غير عادية بهذا النجاح غير المتوقع، في السينما وإلى جوار أحد أهم نجوم ذلك الزمان علي الكسار.
لكن أهم ما خرج به ياسين من الفيلم، إضافة إلى النجاح، اقتناع المخرج به إلى حد كبير، فضلاً عن نشوء صداقة كبيرة بينهما، وصداقات كونها النجم الصاعد مع بقية أبطال الفيلم، سواء المطرب محمد عبد المطلب، الذي كان ينافسه في الغناء بالفيلم، أو الفنانة الجميلة ليلى فوزي، والأهم من ذلك كله ما اكتشفه من حب وموهبة حقيقية داخل فنان يبدو قاسي الملامح، لكنه طيب القلب، يدعى رياض القصبجي، الذي كان يكبر ياسين بتسع سنوات، وكان عاشقا للتمثيل، غير أن أسباباً عدة كانت وراء تأخره كثيراً، وهذا ما سأله عنه ياسين، وراح يناديه بـ {عم رياض} على رغم أن فارق السن بينهما ليس كبيراً:
- إلا قوللي يا عم رياض... لما انت فنان هايل كده، كنت مختفي فين الفترة اللي فاتت؟
- أبدا موجود بس كل شيء نصيب.
- لا... أقصد ليه مبتشتغلش كتير؟
- النصيب، وبعدين بيني وبينك يمكن يكون العيب من عندي أنا.
- إزاي مش فاهم انت اللي بترفض الشغل.
- لا مش كده. أنا أصلاً موظف.
- أيوه موظف فين يعني؟
- أنا بشتغل كمساري في السكة الحديد. خلاص ارتحت.
- ودي حاجة مزعلاك كده. طب ده انت حظك حلو. موظف محترم والدولة مقدراك. أمال بقى لو كنت دقت الجوع والتشرد ونمت على الرصيف كنت عملت إيه؟!
- تقصد تقول إنك...
- أيوه. محسوبك هو كل اللي أنا قلت عليه دلوقت.
- والله براوة (برافو) عليك يا سمعه.
- سيبك مني أنا وقولي. انت لسه في الوظيفة؟
- ما هو زي ما انت عارف الفن مبيأكلش عيش، وكمان أنا عضو في فرقة السكة الحديد المسرحية، وكمان عضو في أكتر من فرقة، آخرها فرقة {أحمد الشامي} يمكن تسمع عنه، وبعدين بشارك في أدوار كده في السيما زي ما أنت شايف.
- أيوه... أيوه.
- بس يا سيدي آدي كل حكايتي.
بعد كل ما سمعه ياسين من القصبجي، قرر أنه ما إن تتاح أمامه الفرصة في السينما، لن يتخلى عن هذا الرجل في أي فيلم يقدمه، لما يتمتع به من موهبة فطرية رائعة.
مكتشف النجوم
كان ياسين يظن أن اقتناع مزراحي به، سيجعله يستعين به في كل عمل، خصوصاً أن مزراحي كان بدأ ينتشر كمخرج، بعد أن مر بمراحل العمل السينمائي كافة، من كتابة وإخراج وإنتاج ومونتاج، وخاض تجربة التمثيل مرة واحدة، وأصبح أحد أهم مخرجي السينما المصرية آنذاك، وكانت إحدى بطلاته المفضلات فتاة نحيلة القوام جميلة الملامح تدين مثله بالديانة اليهودية، هي المطربة ليلى مراد، ابنة المطرب زكي مراد، وما إن لمعت إلى جانب المطرب محمد عبد الوهاب في {يحيا الحب} عام 1939، حتى التقطها المخرج فوراً، وأعاد اكتشافها وقدّم لها سلسلة أفلام على التوالي.
أعطاها الفرصة في عام 1940 في ثاني أفلامها {ليلة ممطرة} لتقاسم البطولة مع عملاق المسرح آنذاك يوسف وهبي، ثم جاء الفيلم التالي ليكون أول عمل يحمل اسمها {ليلى بنت مدارس}، ثم {ليلى بنت الريف} الذي كان أول تعارف بينها وأنور وجدي، وفي عام 1942 قدمها في {ليلى} المقتبس عن غادة الكاميليا، وعرض الفيلم على مدى 16 أسبوعاً ونجح بشدة.
لا شك في أن مزراحي كان يفكر في استغلال نجاح بطلته في مجال الغناء، فكانت ليلىتظهر في أفلامه باسم {ليلى}، ما لفت نظر ياسين إلى أن يكون اسم الفنان عنوان الفيلم، واستوقفه الموضوع طويلاً إلى درجة أنه أنساه عدم استعانة مزراحي به، لكن صدى النجاح الذي حققه في السينما انعكس سريعاً على المسرح وعلى عمله كمونولوجيست.
جعله هذا النجاح على قائمة المدعوين التي تضم المطرب صالح عبد الحي، وفرقة بديعة مصابني، لإحياء حفلة {مبرة محمد علي} في سراي سمو الأميرة {شويكار} زوجة الملك الراحل فؤاد السابقة، وكتبت مجلة {الصباح} تشيد بهذا الفنان الذي يلمع اسمه يوماً تلو آخر، فقد أحسن في تقديم نفسه أكثر مما أجاد في مونولوغاته التي تحتاج بشكل ظاهر إلى تقوية روح الفكاهة فيها!
بقدر ما أسعد هذا الكلام ياسين أحزنه، فهل أصبحت مونولوغاته في حاجة إلى مراجعة. لاحظ ياسين هذا الأمر فعلاً، إلى درجة أن مساحة وجوده على خشبة المسرح تقلصت، فيما كانت تتاح المساحة لغيره، وكتبت المجلة مجدداُ تنتقد ما يفعله ياسين في عددها الصادر في مايو (أيار) عام 1943 وبعنوان {من هنا وهناك} أن المونولوجيست إسماعيل ياسين يشكو زملاءه وزميلاته من أن الوقت المخصص لإلقاء مونولوغاته أقل كثيراً من الوقت المخصص للراقصات الناشئات اللائي يعملن معه... وأن زميلاً له كتب للمجلة أن إدارة الصالة التي يعمل فيها معذورة في ذلك لأن ياسين لا يجدد في مونولوغاته، وأنها تسمح له بوقت أطول عندما يقدم مونولوغاً جديداً، أو أن يطلب الجمهور منه الإعادة!
العودة إلى الكسار
ترك ياسين الفرقة التي يعمل فيها وقرر التركيز مجدداً في المونولوغ لتفتح السينما له أبوابها مجدداً، وراح يتنقل بين مختلف الفرق، وحتى تلك الجوالة المختلفة التي تجوب أنحاء مصر في الوجهين القبلي والبحري. إذ عمل تارة مع فرقة محمد عبد المطلب، وتارة أخرى مع فرقة محمد الكحلاوين وأخرى عاد فيها إلى فرقة {علي الكسار} التي اعتبرها فاتحة خير عليه لأنها قدمته الى مزراحي.
لم يمر وقت طويل حتى طلبه مزراحي للعمل معه في فيلم جديد يجمع بينه وعلي الكسار بعنوان {نور الدين والبحارة الثلاثة} ويشاركهما هذه المرة المطرب إبراهيم حمودة، وكانت المفاجأة التي أسعدت ياسين أيضاً أنه وجد معه في الفيلم ذلك الفنان طيب القلب قاسي الملامح رياض القصبجي.
نجح الفيلم نجاحاً كبيراً جعل علي الكسار يعرض على ياسين مشاركته في الفرق الاستعراضية المسرحية التي كانت تقدم مسرحية جديدة على أحد مسارح روض الفرج:
- اسمع يا إسماعيل. أنا عايزك تشتغل معايا.
- سلامتك يا أستاذ علي. أمال أنا بشتغل مع مين. مش برضه دي فرقة علي الكسار.
- يا أخي أنا فاهم. انت فاكرني مسطول. أنا عايزك تدخل شريك معايا في الفرقة.
- إيه؟! بتقول إيه؟
- زي ما سمعت كده. بعرض عليك تدخل معايا شريك في المسرحية دي. وأي شغل تعمله الفرقة.
- أيوه، ده شرف كبير وثقة كبيرة منك.. لكن أنا زي ما انت راسي « إل نيا با فلوس»!
- يعني إيه؟
- بالعربي كده مفيش فلوس.
- ما هو أنت هتدخل شريك بأجرك.
- بس يا أستاذ...
- متقولش حاجة... قول موافق.
عرض علي الكسار جعل الدموع تسيل من عيني ياسين، وبدت تلك الفترة سعيدة ومشرقة في حياة الفنان، غير أنه لم يكن يفكر في موضوع الزواج أو الحب مجدداً، فيكفيه ما حدث له في المرتين اللتين أحب وتزوج فيهما.
كان ذلك تفكير ياسين قبل تلك الليلة التي جلس يتناول فيها طعام العشاء في حديقة المسرح قبل صعوده إلى الخشبة، وبينما كان جالساً أقبلت زوجة مدير المسرح أحمد رفعت، وبصحبتها فتاة، بدا من مظهرها أنها وقورة وخجولة، وكان جمالها لافتاً. جلست الاثنتان بجواره بعد أن تبادل ياسين التحية مع زوجة المدير، أما صاحبتها فاكتفت بأن أومأت برأسها إلى ياسين.
بدأ ياسين يختلس النظرات إلى هذه الضيفة التي لم يرها سابقاً، فهي بالتأكيد ليست فنانة، فهو يعرف فنانات البلد. سيطر عليه إحساس غريب، فقد شعر أنها ليست غريبة عنه تماماً، وأنه يعرفها منذ فترة طويلة، أو ربما كان يعرفها وهي طفلة صغيرة أو يعرف واحدة تشبهها. المهم أنه شعر بأنه يعرف هذه الفتاة، ثم أدرك أن كل ما في الأمر أنه كان يبحث في خياله عن واحدة مثلها، أو كما يقال «فتاة الأحلام»، وها هي أمامه وجهاً لوجه.
أحاسيس جديدة وغريبة شعر بهاياسين، فلم تكن المرة الأولى التي يتعرف فيها إلى فتاة أو يجلس معها، كما لم تكن المرة الأولى التي يفكر فيها بامرأة، فقد سبق له الزواج والحب مرتين، وإن كان أسقطهما من حساباته بل ومن حياته تماماً، لكن ما الذي حدث هذه المرة؟!
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 24 نوفمبر 2010 - 20:24

**لوعة الحب

أحاسيس جديدة وغريبة شعر بها ياسين، فلم تكن المرة الأولى التي يتعرف فيها إلى فتاة أو يجلس معها، كذلك لم تكن المرة الأولى التي يفكر فيها بامرأة، فقد سبق له الزواج والحب مرتين، وإن كان أسقطهما من حساباته بل ومن حياته تماماً، لكن ما الذي حدث هذه المرة؟!
لم يكن اسماعيل ياسين يتصور نفسه في هذا الموقف أبداً لدرجة أنه غاب تماماً عن أجواء الجلسة وراح يحدث نفسه:
- إيه يا أبو السباع... مالك عامل كده ليه ما تثبت أمال خليك جدع.
- ما يكونش ده الحب اللي بيقولوا عليه؟
- وهو الحب جديد عليك ما انت حبيت قبل كده محصلش حاجة من دي.
- اخص الله يكسفك... إنت بتسمي الهباب اللي فات ده حب؟!
- ما علينا خلينا هنا وقولي إنت عامل كده ليه.. وإيه العرق ده كله حتى الجو جميل.
وهنا نطق إسماعيل بعبارة «الجو جميل» بصوت عالٍ، وظنت زوجة المدير وصديقتها أنه يحدثهما، فردت زوجة المدير ولم تردّ الفتاة:
- آه الجو جميل فعلاً... الشتا خلص بسرعة السنة دي... لحقنا نتمتع شوية بالربيع قبل الصيف ما يهجم.
ظلت الصديقة صامتة، ولكن المدهش أن الوقار والخجل انتقلا إلى اسماعيل وأحس بالعرق يملأ وجهه فأخرج منديله وبدأ يجفف عرقه.
- إيه ده أنت عرقان كده ليه، إحنا لسه بنقول الجو جميل؟
- مش عارف يظهر إني حران.
- آه صحيح أنا نسيت أعرفكم ببعض... مودموزيل فوزية.
- يا أهلا وسهلا يا فندم وأنا بقى محسوبك اسماعيل ياسين... مغني وممثل و...
لم تردّ فوزية بل اكتفت بأن أومأت برأسها مع ابتسامة خفيفة، ما زاد توتره وقلقه، بعدها ساد صمت بين الجميع، بينما كان يتم حديث هامس من حين إلى آخر بين فوزية وزوجة المدير، حاول اسماعيل أن يتحدث مع الفتاة أو أن يقول لها أي شيء، بعدما انتابته رغبة كبيرة في ذلك، لكنه شعر بأن لسانه تجمد، أو توقف ولم يتحرك وبأن قلبه يدق بصوت مسموع، بحيث أخذ صدره ينخفض ثم يعلو! ثم بدأ يلهث وكأنه يجري في سباق. ثم بدأ يعيش في الخيال، توهم أن الفتاة تتحدث إليه وأنها تبادله الشعور نفسه، وانتابته أحلام وأوهام لها بداية وليس لها نهاية:
- على فكرة أنا من أول ما شفتك على الشاشة حسيت أنك فنان حقيقي.
- ده شرف يا فندم وشهادة أعتز بيها.
- أنا مش بجاملك اللي أنا بسمعه عنك كمان يقول كده.
- كلامك الحلو ده خلاني اتشجع وأقولك على حاجة حسيت بيها من أول ما شفتك وأنت جايه.
- حاجة!! حاجة إيه؟
- إنت لو قربتي ودنك من صدري هتسمعي صوت دقات قلبي.
- ياه... ليه إنت خايف من حاجة؟
- فعلا... فيه حاجة عاوز أقولك عليها بس خايف.
- قول متخفش.
- فوزية... أنا من أول ما شفتك حبيتك!!
وفجأة أفاق إسماعيل من أوهامه وأحلامه ووجد نفسه صامتاً وهي لا تلتفت إليه أبدا، غير أنه راح يتطلع مجدداً إليها ويتفرّس في وجهها، فاكتشف بعين الخبير أنها لم تكن تضع ماكياجاً إطلاقاً، وكان وجهها على طبيعته: خمري اللون وبشرة صافية، أما نظراتها فكانت هادئة ودافئة في الوقت نفسه، بريئة ولكنها تخفي صخباً كالموج، فهي تحتمل سذاجة وذكاءً، ترى أيهما تكون؟!
بدأ اسماعيل يختار ألفاظا عذبة جديدة ويصف بها الفتاة، وحين تمالك نفسه بعدما استنفد الصفات الطيبة في الدنيا وفكر كما يحلو له، عاد ليتذكر أنه يستطيع استخدام لسانه في مناسبة كهذه، بصعوبة وبعدما تردد طويلا، أخرج علبة سجائر وتجرأ وقال لها:
- اتفضلي سيجارة.
في دهشة وبنظرة عابرة أدارت بعدها وجهها إلى الجهة الأخرى وقالت:
- آسفة ما بدخنش!
على الرغم من أن الجواب كان طبيعياً لسؤال ساذج، إلا أن اسماعيل بات بعدها كالمحموم وفقد زمام نفسه، فهو يسمع صوتها للمرة الأولى منذ أن التقى بها، منذ أكثر من ساعة، ظل خلالها ينظر إليها وسرى صوتها في قلبه كأنه تيار كهربائي.
انتهى اللقاء على هذه الكلمات السريعة القصيرة، ففي تلك الدقيقة الحساسة جاء من يخبره بأن المسرح أصبح جاهزاً بعدما كان نسي المسرح وكل شيء عنه:
- اتفضل يا أستاذ، المسرح جاهز.
- مسرح إيه... آه المسرح.
وهنا ضجت زوجة المدير بضحكة عالية، في حين اكتفت فوزية بابتسامة خفيفة، ما زاد توتره، مجدداً... فطلب من عامل الستارة أن يؤخر فتحها عشر دقائق لأنه في حالة غير طبيعية، ما جعل زوجة المدير تقلق عليه:
- إيه يا أستاذ اسماعيل أنت تعبان ولا حاجة؟
- لا أبداً... حاسس بس إن صوتي مش طالع... هشرب فنجان زنجبيل وهبقى كويس... بعد إذنكم.
اعتلى اسماعيل المسرح لكي يؤدي دوره في المسرحية ويغني مونولوجه.
إحساس بالسعادة
كان ذلك اليوم من أفضل الأيام في حياة اسماعيل ياسين، سواء كإنسان أو كفنان، شعر بأن له قيمة، ويقدّره الناس من حوله كإنسان، كذلك عمل كفنان كما لم يعمل سابقاً وغنى مونولوجات كما لم يغنِ سابقاً، لإحساسه بأنها تجلس في الصالة تشاهده، ومن المؤكد أنها صفقت له من بين الذين يصفقون.
انتهى العمل وأخذ طريقه إلى «محطة الترام» ليعود إلى بيته الجديد، خرج من المسرح وأصداء تصفيق الجمهور ترنّ في رأسه، وصورة فوزية وهي تصفق له لا تفارق خياله. وقف على المحطة، وهو لايدري بمن حوله، غير أنه بمجرد وصول الترام وركوبه، فوجئ بها تركب، نعم هي، إنها فوزية وصديقتها زوجة مدير الفرقة، وكأن الأقدار تسوقها إليه مجدداً.
ابتسم لها، وردت على ابتسامته بمثلها، أو أقل منها وبدا من ملامح وجهها أنها ارتاحت ـ قليلا أو كثيرا ـ بلقائه مرة ثانية في الليلة نفسها.
يبدو أن نجاحه وإعجاب الجمهور به هذه الليلة - وهي واحدة من هؤلاء - شجعاه على أن يفكّ عقدة لسانه ويبادرها:
- وحضرتك بقى من مصر؟
- لا... أنا من الإسكندرية.
- يبقى لازم تكوني عايشة في القاهرة على طول.
ولكنها لم تعلق على ذلك فاضطر إلى أن يسألها:
- وحضرتك حتقعدي في مصر؟
ردت عليه هذه المرة بالمختصر المفيد أيضاً:
- إن شاء الله.
لم يعجبه هذا الرد المختصر، كان يشعر برغبة شديدة في أن يعرف عنها أي شيء وكل شيء، أين تعيش؟ من أي عائلة هي؟ ما اسم أبيها وأمها وأهلها كلهم لو استطاع؟ ثم وهذا هو الأهم، كيف يمكن أن يراها مرة ثانية؟
لكن السؤال الأخير ربما يكون في غير وقته، فهو قد تعرف إليها اليوم، كيف يتجرأ ويسألها متى سيراها ثانية، ومع ذلك عقد الخجل لسانه مجدداً وشعر بأنه عاجز عن الاستكشاف وخشي أن تثور على أسئلته، أو لا ترد عليه.
في نهاية محطة الترام، في شبرا، نزلت زوجة مدير الفرقة مع صديقتها، فاضطر اسماعيل إلى النزول على الرغم من أن محطة نزوله كانت التالية، لكنه وجد أنه من اللياقة أن ينزل معهما حتى لا تتعرضا لمضايقات، وما إن مد يده لمصافحة زوجة مدير الفرقة أولا، حتى وجدها تقدم له هدية على طبق من ذهب:
- مينفعش يا أستاذ اسماعيل تبقى قدام البيت وما تطلعش تاخد قهوتك.
وعقد لسانه هذه المرة أيضا، لكن يبدو أنه تعمد ذلك ليعلن عدم ممانعته... ولكنه اضطر إلى أن يرد:
- بس علشان الوقت متأخر.
- لا متأخر ولا حاجة، وبعدين كلها خمس دقايق وأحمد هيحصلنا على البيت.
- اللي تشوفيه حضرتك.
- تفضل.. اتفضل.
ما شجع إسماعيل على مرافقتهما أن فوزية استقبلت عرض صديقتها بابتسامة، فوافق فوراً واتجه معهما إلى البيت، ولكنه ما كاد يشرب نصف فنجان القهوة حتى جاء صديقه أحمد مدير المسرح، وراح يتحدث معه في مواضيع خاصة بالفرقة والعمل، ويرد عليه اسماعيل بردود مختصرة، لم يكن عقله معه، بل كان هائماً في مكان آخر.
{فرحة ما تمت}
لم يتمكن اسماعيل في ذلك اليوم من التحدث مع الفتاة التي سلبت عقله، ففور الوصول إلى بيت صديقتها (زوجة أحمد) دخلت إلى غرفتها لتنام!
واقتربت الساعة من الرابعة صباحاً ووجد اسماعيل نفسه في موقف لا يحسد عليه. يريد التحدث مع الفتاة، ولا توجد فرصة، ولا بد من أن يستأذن للانصراف، وقبل أن يهمّ بذلك أخذت زوجة أحمد زوجها لتهمس له بعيداً عن اسماعيل:
- اطلب من اسماعيل يجي يتغدى معانا بكره، أنا شايفه كده في عينيه كلام بخصوص فوزية.
- مش فاهم، تقصدي إن إسماعيل عنده رغبة إنه...
- متهيألي كده... ما هو عشان كده بقولك تعزمه بكره ع الغدا.
وعاد أحمد ليجد اسماعيل واقفاً ليعتذر عن تأخره لهذا الوقت وقبل أن يتحدث بادره أحمد:
- على فين يا سمعه.
- أنا لازم أمشي بقى، كلها ساعة والنهار يطلع، وزمانكم بتقولوا عليا إيه قلة الذوق دي.
- يا راجل عيب عليك... إنت في بيتك ولو الظروف سامحه يعني معندناش ضيوف كنت مسكت فيك تبات هنا.
- أنا متشكر قوي يا أبو حميد... بس كنت عايز أقولك.
- عموماً أنا اللي عايز أقولك إننا لازم نكمل كلامنا بس مش دلوقت أنا مستنيك بكره ع الغدا...
- تصبحوا على خير وأشوفكم بكره... بكره إيه ده يا أخويا ما خلاص بقينا بكره.
في تلك الليلة لم ينم اسماعيل ياسين لحظة واحدة، كان سعيداً كالطفل الذي يحلم بلعبة فوجدها أمامه، أو فرصة ـ بضربة حظ ـ تمناها طويلا فأرسلها له القدر، ولا بد من أن ينتهز هذه الفرصة ويتشبث بها ـ كما يقولون بيده وأسنانه ـ مهما كلفه ذلك من ثمن أو جهد أو تعب أو حتى «مرمطة»!
ووجد نفسه يمشي في الشوارع حتى وصل إلى مقهى في روض الفرج والتقى مجموعة من الأصدقاء يلعبون الورق فجلس يتسلى معهم لتمرير الوقت، حتى أشرقت الشمس، وذهب الجميع ولكن اسماعيل بقي في مكانه، يفكر في ما حدث تلك الليلة.
عاد إلى البيت ليغير ثيابه كي يظهر أمام فوزية بالشكل المناسب، وفي الطريق دخل أحد المحلات وسط القاهرة واشترى «بدلة» جديدة، وأسرع إلى شقته الجديدة في حي شبرا التي اشتراها ليكون قريباً من المسرح في روض الفرج، وراح يستعجل الوقت وموعد الغداء ويهيئ نفسه لهذا اللقاء، كيف سيسلم عليها؟ هل يجب أن يضغط قليلا على يديها أم لا؟ هل يضحك أم يكون وقوراً؟ على العموم سيحدثها إذا لاحظ منها أي رد فعل، سيدخل في الموضوع مباشرة ويعلن رغبته في الزواج منها وتكوين أسرة سعيدة مليئة بالحب والأولاد.
ظلت هذه الأسئلة كلها وغيرها تدور في رأسه حتى حان وقت الغداء، فتوجه وقلبه يسبقه إلى منزل صديقه مدير المسرح!
فوجئ إسماعيل بصديقه مدير المسرح يفتح له الباب ثم دخل إلى الصالون وجلس معه وحده، وأدرك اسماعيل أن زوجة صديقه ليست في البيت، وإلا لماذا لم تخرج للسلام عليه وترحب به كعادتها، وتوقع أن تكون ذهبت مع صديقتها في مشوار، لم يعودا منه بعد، أو تكون الصديقة تعمدت أن تترك البيت وقت حضوره ويكون في ذلك أبلغ رد على طلبه.
لوعة الحب
بدأ القلق يظهر على وجه اسماعيل ياسين خصوصاً أن صديقه لم يشر أبدا إلى عدم وجود زوجته أو صديقتها، ولم يفتح معه الموضوع، فلم يجد اسماعيل بداً من أن يفاتحه فقد نفد صبره:
- أمال فين المدام يعني مش باينة؟
- المدام يا سيدي جوه مع صاحبتها بتاعة الإسكندرية.
أطمأن اسماعيل ولكنه لم يخفِ دهشته:
- أمال مجوش يعني... هو إحنا مش هنتغدى ولا رجعت في كلامك؟
- في الواقع أنا اللي طلبت منهم يتغدوا لوحدهم جوه علشان إحنا نتكلم براحتنا في شؤون الشغل.
وكاد اسماعيل أن يلعن اليوم الذي يتحدث فيه عن الشغل، ولم يعد يعرف كيف يتصرف، فهو لم يقبل الدعوة إلا ليرى الفتاة التي خلبت لبه، وليس للطعام أو الحديث في الشغل، وها هو حضرة المدير يأمر زوجته وصديقتها بألا يظهرا ويتناولا طعامهما بمفردهما.
تناول اسماعيل طعام الغداء في صمت ولم يسمع حرفاً واحداً مما كان المدير يقوله له على المائدة بالنسبة إلى العمل في الفرقة، فقد ظل عقله شارداً يفكر في صديقة زوجة هذا المدير الذي يتكلم ولا يسكت أبداً.
وعندما حان موعد العمل مساء توجه اسماعيل ومدير المسرح إلى الفرقة على أن تلحق بهما زوجة المدير، ولاحظ اسماعيل أن الزوجة أتت بمفردها ولم يتمالك نفسه فاقترب منها وسألها:
- أمال فين صاحبتك؟
- تقصد مين فوزية؟
- أيوه فوزية اللي كانت معاكي إمبارح... مش اسمها فوزية؟
وكان إسماعيل يعيد الاسم ليتأكد تماماً من أنها هي، وردّت عليه زوجة صديقه:
- أيوه اسمها فوزية.
- أمال هي فين؟
- فوزية سافرت الإسكندرية بعد الغدا!
وكاد أن يصرخ: سافرت إزاي؟! وليه؟ ثم أدرك أنه لا يملك أي حق في أن يسأل فسكت، ولم ينطق بحرف واحد ثم خرج إلى المسرح في موعده ليلقي مونولوجاته ولكنه كان يتفرس هذه المرة في كل الوجوه لعله يرى فوزية بينها، ويبدو أنه لمح بين المتفرجات واحدة تشبهها، وبدأ ينظر إليها، ظناً منه أن زوجة المدير فعلت كل هذا بالاتفاق مع فوزية لترى مدى اهتمامه بها، وأيقن أنها هي، وراح يغني لها بمفردها وكأنه لا يرى في الصالة سواها، حتى اتضح له أنها امرأة أخرى تشبهها، وكاد زوجها الذي يجلس إلى جانبها أن يلاحظ اهتمام اسماعيل بها، فغض نظره لكنه استلهم من حبه لفوزية الكثير من الإبداع، والرغبة في أن يكون فناناً عظيما وكبيراً ليعجبها وتحبه كما أعجبته وأحبها.
وحين انتهى من وصلته عاد إلى الصالة ليبحث عنها مجدداً ونسى أنها سافرت إلى الإسكندرية، وبدا تماماً كمن فقد شيئاً عزيزاً ويريد العثور عليه بأي شكل وبأية وسيلة!
البحث عن الحبيبة
أدرك اسماعيل شيئاً مهما... أنه قلق على إنسانة ليست قلقة عليه ويبحث عن فتاة لا تبحث عنه، هذه السيدة التي شاهدها مع زوجة المدير لم تتجاوب معه ولم تشعر نحوه بشيء بل ولم تبدِ مجرد اهتمام عادي أو سطحي به. فلماذا يهتمّ بها هو هذا الاهتمام كله؟
مع ذلك مضت ثلاثة أيام واسماعيل تائه في أفكار متضاربة ومشاعر متباينة، بعد البحث والتحري استطاع معرفة عنوانها في الإسكندرية فصمم على الذهاب إلى هناك ليراها أو يقابلها ويفاتحها بما يشعر به نحوها.
كان اسماعيل في هذه الفترة من العام 1945، فتح الله عليه بالرزق من السينما التي بدأت تلتفت إليه، فقدم «القلب له واحد» عندما اختاره المخرج هنري بركات ليشارك نجوم السينما على رأسهم الفنان أنور وجدي والفنانة منى ابنة المنتجة آسيا، التي جاءت من لبنان وأسست شركة إنتاج كبيرة قدمت من خلالها أولا ابنة شقيقتها ماري كويني ثم ابنتها منى.
شاءت الأقدار أن تعمل في هذا الفيلم مونولوجيست جديدة تدعى «سعاد حسين»، حاولت التقرب من اسماعيل ياسين، وكان بطبيعته لا يعامل أحداً بشكل غير لائق سواء كان كبيراً أو صغيراً، فظنت سعاد أنه يتقرّب منها أو يحاول البوح لها بحبه، غير أن هذا الأمر لم يكن في تصوره إطلاقاً.
قبل أن ينتهي من تصوير الفيلم اختاره المخرج كمال سليم ليشارك في فيلمه الجديد «ليلة الجمعة» بطولة الحصان الجديد الرابح أنور وجدي أيضاً, إبراهيم حمودة، تحية كاريوكا، بشارة واكيم، وكان يصور أثناء ذلك أدواره في فيلمي «ليلة حظ» مع فريق العمل السابق وزادت عليهم المطربة رجاء عبده، إخراج عبد الفتاح حسن، ثم «تاكسي حنطورة», وبعده «البني آدم «الذي اختاره المخرج نيازي مصطفى لبطولته، ليجمع بينه وبين بطلة جديدة تعمل راقصة في فرقة بديعة مصابني اسمها سامية جمال وصديقه المونولوجيست محمود شكوكو والفنان محمود إسماعيل.


الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الأربعاء 24 نوفمبر 2010 - 20:27

***البني آدم

شعر إسماعيل ياسين بأن الدنيا بدأت تضحك له، وأن السينما أصبحت ملاذه الوحيد، وأن العام الذي رأى فيه فوزية هو «وش السعد» عليه، غير أنه عزم على قرار لا بد من أن يتخذه، وهو طالما أن السينما بدأت تفتح له ذراعيها، فلماذا لا يبقي عليها وحدها إلى جانب المسرح، ويترك إلى الأبد فكرة أن يكون مجرد «مونولوجيست في صالة»، إذ شعر بأن هذا ينتقص كثيراً من قدره، فهو ليس مطرباً بالمعنى المفهوم مثل محمد عبد الوهاب أو حتى المطرب الجديد فريد الأطرش.
لم ينسَ اسماعيل أن «المونولوجيست» أوصله إلى باب السينما، ولكنه استشعر بأن هذه اللقب يبدو ضئيلاً أمام حبيبة القلب «فوزية» بخلاف أن يكون أحد نجوم السينما الذين يشير الناس إليهم بالبنان، ويهرولون إليهم لمجرد السلام عليهم أو للتوقيع على «أوتوغراف».
اتخذ إسماعيل قراراً باعتزال غناء المونولوجات والعمل في الصالات والكباريهات والكازينوهات، حتى لو كان الثمن هو الجوع والعودة الى التشرد. ولا بد من أن يبدأ حياة جديدة تناسب وضعه الجديد وحبيبته الجديدة التي يأمل بأن تكون زوجته المستقبلية، فهي تبدو من عائلة أصلها عريق، ولا يليق أن يتقدم للزواج منها باعتباره «مونولوجيست»، بل سيكون ثمة فارق كبير إذا تقدم لخطبتها باعتباره أحد نجوم المسرح والسينما.
من شراكته بالمسرح وعمله بالسينما بدأت النقود تجري في يدي إسماعيل، فجهّز شقته بأحدث أنواع الأثاث لاستقبال زوجة تليق بها.
وفي أثناء عودته إلى بيته في أحد الأيام حدث ما كان يتمناه طيلة حياته، فما إن ركب الترام حتى فوجئ ببعض المارة يلتف حوله ويشير إليه باعتباره الفتى الذي يظهر في السينما، لدرجة أن أحدهم داعبه قائلاً:
- يا بُقو.
فردّ عليه إسماعيل:
- بُقك أكبر من بُقي.
بقدر سعادة إسماعيل بالتفاف الناس حوله وبأنه أصبح له جمهور، شعر بالخجل وراح يحدث نفسه:
- إزاي فنان زيي كده يركب الترام ويتشعبط على السلم. يا أخي الحمد لله ربنا فرجها من وسع. لازم بقى تجيب عربية علشان الأوضاع الجديدة.
طلب إسماعيل من أحد سماسرة السيارات أن يجد له سيارة في أقرب وقت تغنيه عن المواصلات العامة ومتاعبها، خصوصاً أنه حصل على إجازة سريعة من المسرح والسينما وقرر السفر إلى الإسكندرية. وهذا ما حصل:
- أستاذ إسماعيل جبت لك حتة عربية متقلبش ورايا.
- أيوه بس دي باين عليها مستعملة.
- ما هو على أد الفلوس. ده موجود وده موجود بس انت قول.
- يا سيدي كويسه. بس تفتكر دي تقدر تسافر إسكندرية؟
- دي تسافر أسوان ما تقولش آي.
- ودي بكام يا عم؟
- علشان خاطرك 200 جنيه.
- يا مُحمدي 200 جنيه!!
- ده بس علشان خاطرك..
- لا يا عم أنا كل اللي معايا 150 جنيه إذا كان ينفعوا يبقى «بونو».
- بونو بونو. مش هخسرك وادفع الباقي وقت ميجيلك فلوس.
اضطر إسماعيل إلى تأجيل موعد سفره، ريثما تتم إجراءات نقل الملكية وكان سعيداً بذلك، فهو لن يذهب إلى حيث تسكن حبيبته بوسائل المواصلات بل بسيارته الخاصة، وربما يكون في هذا تدعيم لموقفه.
أول سيارة
اشترى إسماعيل أول سيارة في حياته من ماله الخاص، وقرّر الذهاب بها إلى الإسكندرية ليفتّش عن فوزية التي سلبته نصف عقله، لكنه اضطر الى تأجيل السفر ريثما يتدرب على القيادة فهو لم يكن سائقاً يوماً.
أدت الصدفة دورها مجدداً حين اتفق اسماعيل مع صديقه مدير الفرقة على أن ينظّم رحلة إلى الإسكندرية. وهكذا ذهب إسماعيل لا ليتفسّح ويرى حبيبته فحسب، بل ليعمل أيضاً، ولكنه لم يسافر مع الفرقة بل بسيارته الجديدة.
لم يذهب اسماعيل إلى الفندق فور وصوله بل إلى العنوان الذي تسكن فيه فوزية، وأوقف السيارة وجلس يراقب المكان وهو يتظاهر بقراءة جريدة.
ثم لمح فوزية وهي تنزل من البيت. أخذ يسبقها بالسيارة ببطء شديد، ويقترب منها وينظر إليها، ولكنها لم تشعر به أبداً، فأوقف السيارة وفكّر في أن يسرع وراءها ويتحدث إليها ولكنّ الخجل انتابه، وعجز عن نطق كلمة واحدة، عجز حتى عن ترديد اسمها فقد كان خائفاً أن يفسَّر ذلك على غير حقيقته، وتعتقد أنه من صنف الرجال الذي يعاكسون السيدات بسياراتهم وتكوِّن عنه فكرة سيئة.
لذلك تراجع عن ملاحقتها واختفى. وفي اليوم التالي ركن سيارته وبدأ يتمشّى بجوار بيت فوزية.
مضت ثلاث ساعات وهو يمشي قرب منزلها ذهاباً وإياباً لعله يراها تخرج أو تطل من النافذة، ولكن من دون فائدة.
فكّر اسماعيل للحظة بأن يدق باب بيتها ويسأل عنها، ثم تراجع فوراً، فماذا لو كان أهلها محافظين ومتزمّتين فقد يتناولون الموضوع على طريقة يوسف بك وهبي: «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم»!!
ومع ذلك فكّر في أن يدخل البيت من بابه، ويقول لأهلها مباشرة:
- أنا بحب بنتكم وعاوز أتجوزها على شرع الله وسنة رسوله.
لكنّ السؤال سيكون عندئذ: كيف أحببتها؟ فلا بد أن تكون قابلتها سابقاً، وهنا تُحرج الفتاة وتوضع في موقف حساس ولا يسلم الشرف الرفيع أيضاً، فعدل إسماعيل عن ذلك كله وركب سيارته وعاد إلى المسرح.
ثم وجد أن أصعب السبل هو أسلمها:
- أما أنا طلعت بني آدم زي الدور اللي عملته في فيلم البني آدم (يقصد الحمار)!!
- كانت تايهه عني فين. أنا أفاتح مرات أحمد مدير الفرقة وأقولها على أحاسيسي ومشاعري وكل اللي نفسي فيه وإني بحبها وعاوز أتجوزها. وهي بقى تقدر تتصرف. هتقولها وتخلص الموضوع وكمان هتفهمها بطريقتها لعل وعسى!
وفعلاً قابل اسماعيل زوجة مدير الفرقة في اليوم نفسه وأوضح لها رغبته في التعرف الى صديقتها فوزية وإذا لم يكن لديها مانع يريد الزواج منها:
- أنا كنت واخدة بالي وفهمت من أول يوم قابلناك في المسرح.
- انت بس اللي كنت واخدة بالك ولا هي كمان؟
- انت كانت نظراتك باينه ومفضوحة. بس هي ما بتفكرش في حاجة.
- أنت هتخسري حاجة؟ كلميها وخدي رأيها.
لم تكذّب زوجة مدير المسرح خبراً، ودعت فوزية لحضور عروض الفرقة في اليوم نفسه. فحضرت بالفعل.
استطاع إسماعيل مقابلتها، وحاول أن يجد أي لحظة ليفاتحها بحقيقة مشاعره نحوها ورغبته في الزواج منها ولكنه كلما أراد التكلّم وجد شيئاً يسد الطريق بينه وبينها بل يجبره على الصمت.
وتساءل في نفسه عن سرّ هذا الإحجام:
- ترى هل شعورها نحوي هو نفس شعوري نحوها؟
حاول أن يدق على هذا الوتر، وعلى أسوأ تقدير سيعرف رأيها. فدخل في حوار معها وسألها عن الصحة والأحوال وبعد أن قدم لها التمنيات الطيبة تعمّد أن يقول شيئاً غامضاً عن الحب والزواج والاستقرار.
- عارفة حضرتك الجواز ده أهم شيء في الدنيا لأنه بيخلي الإنسان سعيد ومستقر.
- يمكن.
- ده أكيد وخصوصاً لما الواحد ربنا يبعت له الإنسان المناسب.
تضايق إسماعيل من عدم اكتراثها به، وبهذا الموضوع المهم الذي أكد لها من خلاله أنه جاد ويريد دخول البيوت من أبوابها وليس مجرد معجب أو يعاكس، غير أن تصرّفها يعني أنها لا تبادله الشعور. ثم قرر فجأة أن يفاتحها بصراحة، وفيما انشغلت صديقتها بالحديث مع إحدى الفنانات قال لها:
- فوزية إحنا مش هنشوف بعض تاني.
ونظر إليها ينتظر جواباً فإذا بها لا تقول شيئاً.
ومع ذلك شعر بينه وبين نفسه بأنها رمقته بنظرة فيها عطف وتساؤل. فارتبك ولم يكرر السؤال ثم انتهت المقابلة.
أحقاد الزملاء
بعد ذلك عرف إسماعيل بالصدفة أن بعض الأصدقاء الذين شعروا بمحاولاته مع فوزية ومشاعره نحوها تطوّع لتشويه سمعته أمامها بسبب الغيرة من نجاحه:
- اوعي تكوني بتفكري في إسماعيل ده مش مناسب أبداً لك.
- من الآخر كده ده لا أصل ولا عيلة.
- إسماعيل ده زير نساء وبيقولوا إنه طالع لأبوه.
- اللي انت متعرفهوش أنه اتجوز قبل كده مرتين في ستة أشهر.
- وجاي دلوقت يدور على التالتة علشان يبهدل ولاد الناس معاه!!
- ابعدي عنه وانفدي بجلدك ده إنسان شرير هربت منه مراته الأولانية، وبعدها هربت الثانية، والثانية دي من هنا من إسكندرية وتقدري تقابليها وتسأليها، قبل مصيرك ما يبقى زيّها.
- المصيبة إنه بيغير جداً والغيرة بتخليه زي المجنون في تصرفاته. تتصوري كان بيقفل الباب عليها بالمفتاح!!
عرف إسماعيل بأمر هذه الوشايات، وقرر ألا يتحدث فيها، لا ينفيها أبداً ولا يؤكدها، بل فكّر بينه وبين نفسه بأن فوزية ليست من نصيبه، لأن أي فتاة مكانها سمعت هذا الكلام كله، لن توافق على الزواج به فاكتفى بالنظر إليها كل ليلة تأتي فيها إلى المسرح.
وفجأة وجد إسماعيل زوجة مدير الفرقة تأتي وتهمس في أذنه:
- فوزية عايزة تقابلك في كازينو شاطئ الإبراهيمية على الكورنيش بكرة الساعة تمانية قبل المسرح.
لم يصدّق إسماعيل نفسه! موعد بينه وبين فوزية فحسب على انفراد؟! وهي التي حددت الموعد، لماذا وكيف؟ ترى هل تريد أن تصارحه بأنها تحبه؟ أم تريد أن توبخه على ما سمعته عنه من كلام يسيء الى أي إنسان. ولكنه لم يتجاوز معها الحدود فهو مجرد طلبها للزواج فحسب.
وعلى رغم أن هذا اللقاء تمناه إسماعيل طويلاً، إلا أنه ظلّ متوتراً قلقاً: ماذا سيحدث في اللقاء وماذا تريد أن تقول له؟!
أول موعد غرام
في الموعد المحدد ذهب إسماعيل إلى كازينو شاطئ الإبراهيمية، تسبقه دقات قلبه، وهناك وجدها في انتظاره، فقد سبقته إلى الموعد وكانت تجلس في زاوية بعيدة عن العيون، ذهب إليها والدنيا لا تسعه من فرط سعادته، فها هو أخيراً سيجلس معها بمفردها، سيجلس مع الإنسانة التي أحبها من أعماقه، أحبها كما لو لم يكن أحب سابقاً، ليس مهماً ماذا ستقول فهو كفيل بأن يرد على كل اتهام توجّهه إليه. ويكفيه فحسب أن تعرف أنه يحبّها وبجنون.
في اللقاء حدث ما لم يُتوقع إطلاقاً، جلس ولم يتحدث في انتظار أن تبدأ صاحبة الدعوة، وظلا صامتين، حتى قطعت هي الصمت:
- أنا عارفة إن فيه فيلم بيتعرض دلوقت في السينما انت مشارك فيه.
- أيوه صحيح. هو دور غريب شويّه بس كويّس.
- اسمه إيه؟
ضحك اسماعيل خجلاً وقال:
- اسمه «البني آدم». بس دوري ملوش علاقة بالبني آدمين. بس صدقيني الفيلم ده صادق جدا لأنه أحياناً بيكون الحيوان أوفى من البني آدم.
شعرت فوزية بأنه يلمّح إلى الوشايات التي قالها عنه بعض الحاقدين في الفرقة، فأرادت الردّ عملياّ على هذا الكلام:
- إيه رأيك نروح دلوقت نشوفه؟
- اللي انتي تكوني جمهوره لازم يكون أسعد ممثل وأسعد إنسان في الدنيا.
وللمرة الأولى وجد إسماعيل نفسه يمشي على كورنيش الإسكندرية والى جواره أجمل الفتيات، ربما لم تكن فعلاً بهذا الجمال، لكنه رآها ملكة جمال الدنيا، فرفقتها كانت تعني السعادة المطلقة بالنسبة إليه.
أطفئت الأنوار في دار العرض، وبدأ عرض فيلم «البني آدم»، بطولة محمود إسماعيل، سامية جمال وإسماعيل ياسين.
لم ينظر إسماعيل إلى نفسه على الشاشة أبداً، بل كان يتطلع إليها فحسب فوجدها هي الأخرى تنظر إليه، ثم بدأ يسمع الصالة تضج بالضحك كلما كان يظهر على الشاشة. همست فوزية إليه في حرارة:
- الناس مبسوطة منك قوي وبتحبك.
- ميهمنيش حب أي حد في الدنيا غير إنسانة واحدة بس.
- انت بتحبني صحيح يا إسماعيل؟!
- كلمة بحبك كلمة عادية قوي وبنقولها كتير في السينما. أنا بعبدك يا فوزية.
صمت اسماعيل قليلاً واستطرد:
- لكن المشكلة في إني بحبك حب ملك على الدنيا كلها!
- أمال إيه المشكلة؟
- المشكلة هل انت كمان بتبادليني الحب؟
أطرقت فوزية برأسها على رغم أنه لم يرَ إحمرار وجنتيها في الظلام وقالت له بما يشبه الهمس:
- أيوه.
- أيوه إيه؟
- بحبك؟
- تتجوزيني؟
- موافقة.
- وتعيشي معايا على الأرض؟
- أعيش معاك على البلاط إذا كنت واثق من إنك عايز تعيش معايا طول العمر.
- بس أنا رجل فقير. ميغركيش إني فنان وبطلع في السيما وبغني في المسرح.
- وأنا حاعمل ايه بفلوسك إذا كنت مليونير؟
- أنا على باب الله كل يوم بيومه.
- وأنا على باب الله معاك إن ما كنش في فراخ ناكل طعمية. وحيبقى للطعمية معاك طعم اللحمة والديك الرومي.
- أنا مش عايزك تندمي.
- أنا بحبك واللي بيحب ما يندمش.
- أنا مسافر بكرا للقاهرة.
- وأنا معاك.
وهنا اندهش اسماعيل ونظر إليها:
- معايا؟ إزاي وليه؟!
- علشان نتجوز.
- إزاي، كده من غير علم أهلك؟
- هيعرفوا بعدين. لكن لو قلت لهم دلوقت مش هيوافقوا.
- ليه، أنا وِحش قوي كده؟
- مش حكاية وحش ولا حلو. الحكاية إنهم لهم مواصفات معينة وطلبات متعبة. ومش بسهولة هيوافقوا. لكن لما نحطهم قدام الأمر الواقع هيضطروا يوافقوا.
- قد كده بتحبيني؟
- زي ما انت بتحبني.
عند هذه الكلمة كان انتهى عرض الفيلم وأضاءت الأنوار، ووجد إسماعيل الجمهور يلتف حوله ويصفق له فشعر بأن الدنيا تهنئه ليس على نجاحه في الفيلم بل على فوزه بقلب فوزية.
في اليوم التالي غادر إسماعيل الإسكندرية إلى القاهرة، وبدأ يجهز نفسه بالفعل، وقبل أن يبدأ بتحضيرات الزواج كانت فوزية وصلت إلى القاهرة، فاستقبلها وفرح بها فرحاً لا يوصف لأنه تأكد من أنها تحبه فعلاً، فقد تركت أهلها وأتت إليه!
أقامت فوزية في بيت صديق إسماعيل، مدير المسرح، ريثما تتم إجراءات الزواج. من جهته، قرَّر اسماعيل ترك شقة شبرا، ليستأجر شقة في العباسية، أحد الأحياء الراقية آنذاك، وكان مُعلم الرقص إيزاك ديكسون كان أعلن عن رغبته في تنازله عن شقته لقاء مبلغ مائة جنيه، فاستطاع إسماعيل إقناعه بـ 75 جنيهاً.
استلم إسماعيل الشقة بعد أن وقّع على عقد إيجار، ثم اشترى بعض أدوات المطبخ وبعض الأثاث البخث الذي وضعه إلى جانب الأثاث المستعمل الموجود في الشقة. وحين انتهى من إعداد شقة الزوجية المتواضعة، ذهب إلى بيت صديقه مدير المسرح وتم الاتفاق على أن يعقد القران يوم الخميس.
وكأن الأقدار استكثرت الفرحة على إسماعيل، فقد حدث ما يعكّر صفو الأجواء بين الحبيبين قبل أن يأتي يوم الخميس، إذ فوجئت فوزية بخبر على صفحات مجلة «الصباح» في نوفمبر (تشرين الثاني) 1945، يحمل تكذيباً للمونولوجيست سعاد حسين تنفي فيه إشاعة خطوبتها من المونولوجيست والممثل إسماعيل ياسين، وأن ليس ثمة ما يربطها به، مؤكدة أنه قد يكون الحب من طرفه هو، وأن ليس لها علاقة بهذا الموضوع!
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sirine
عاشقة شادية
عاشقة شادية
sirine

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Male_l10
انثى
عدد الرسائل : 42620
تاريخ التسجيل : 01/12/2008
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Qatary21
احترام القوانين : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 111010
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Aao10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 25 نوفمبر 2010 - 2:26

يعطيكي الف عافية يا نور لتكملة الموضوع
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: sirine
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.shadialovely.com/
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 25 نوفمبر 2010 - 23:18

sirine كتب:
يعطيكي الف عافية يا نور لتكملة الموضوع

شكرا لمرورك ياغالية
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 25 نوفمبر 2010 - 23:27

صاحبة العصمة

بكت فوزية وشعر إسماعيل بأن الأمر مدبّر، فأجّل الزواج ريثما ينتهي من هذا الموضوع، وكان ردّه الوحيد والبليغ، ما كتبه وأرسله إلى مجلة «الصباح» ليُنشر في العدد التالي:
«اندهشت عندما لم تكذب المونولوجيست سعاد حسين نبأ فسخ خطوبتها منذ خمسة أشهر سابقة عندما أعلمتها يومها برفض والدي رفضاً قاطعاً أن أتزوجها. على كل حال وإن كان الخبر قد تأخر خمسة أشهر إلا أنني سعيد لما قامت به السيدة سعاد حسين، فقد أعفتني من هذا الحرج، ما جعلني أعجّل بعقد قراني الأسبوع الماضي في نفس يوم نشر الخبر».
وكان في ذلك إرضاء كافٍ لفوزية.
جاء يوم الخميس التالي، وكان موافقاً لموعد الحفلة الشهرية التي تحييها كوكب الشرق أم كلثوم، فاحتفل إسماعيل بقرانه مع عدد قليل جداً من المدعوين راحوا يستمعون إلى أحدث أغنية لأم كلثوم آنذاك، وعُقد القران في بيت صديقه مدير المسرح.
في نهاية هذة الحفلة البسيطة أخذ إسماعيل عروسه فوزية وذهب إلى بيتهما في العباسية الذي شهد بعد ذلك أيام شهر عسل حقيقية.
اكتشف إسماعيل في زوجته «ست بيت» ماهرة تحسن كل الأعمال المنزلية إلى جانب إيمانها بأن «القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود» وكانت تقتصد من مصروف البيت لتزوّده بالأدوات التي كانت تنقصه.
كانت السعادة بهذه الزوجة تبدو على إسماعيل بل وتنعكس إبداعاً على عمله. كانت فوزية «وش السعد» عليه، فلم يمض وقت طويل على زواجهما حتى بدأت العروض تنهال عليه من السينما، إذ كان العام 1945 علامة فارقة في حياته. كذلك اتخذ فيه قراراً بمقاطعة الكباريهات والكازينوهات وبعدم الغناء فيها بعد اليوم، وبأنه لن يقدم على أي عمل إلا إذا تأكد من أنه عمل متميز. بدأ اسماعيل يعيد حساباته في كل ما يقدمه فلن يقدم تنازلات بعد اليوم مهما كانت الإغراءات.
زوجة من السماء
شعر إسماعيل بأنه للمرة الأولى منذ وفاة والدته يذوق طعم الحب والحنان، ويعرف مجدداً معنى أن تكون له أسرة، وبيت مفتوح وزوجة موجودة فيه طوال الوقت، معنى أن تكون له زوجة محبة في انتظاره، يتناولان معا الوجبات الثلاث، معنى أن يكون ثمة دفء في البيت، وأن تكون زوجة محبة لزوجها بإخلاص، ضحت من أجله بالكثير، ووقفت ضد رغبة عائلتها كرمى له، ما جعل إسماعيل يصنع منها تاجاً يضعه على رأسه، لدرجة أنه أسقط من ذاكرته تماماً الزيجتين السابقتين، حتى أن فوزية عندما لاحظت ذلك لم تسأله عنهما، وإن كانت عرفت بهما، وتجاهلتهما تماماً كما فعل إسماعيل، فلا وجه للمقارنة.
التغيرات كلها التي حدثت في حياة إسماعيل العائلية، انعكست على حياته الفنية، فكما كانت فوزية نعم الزوجة المخلصة الوفية، كانت أيضاً «وش السعد» عليه كفنان، فقبل أن تمر أيام قليلة من الزواج، كان تعاقد على فيلم جديد بعنوان «الأحدب»، من تأليف وتمثيل محمود إسماعيل وإخراج حسن حلمي، وشارك معه فيه الوجه الجديد محسن سرحان، والفنانة الشابة روحية خالد، وظهر فيه للمرة الأولى صديقه المونولوجيست حسين المليجي.
في عام 1945 الذي تزوج فيه إسماعيل وقدم خلاله ستة أفلام، تنبه الفنان أنور وجدي إلى أهمية اثنين في السينما المصرية، هما ليلى مراد وإسماعيل ياسين، فلا شك في أنهما الحصانان الرابحان في السينما المصرية خلال السنوات المقبلة.
كان وجدي أيضاً، وكما إسماعيل، يذوق طعم السعادة والنجاح، وأخيراً بدأت النقود تعرف طريقها إلى جيبه بعد سنوات من المجافاة، ذاق خلالها طعم الجوع والحرمان، ونام ليالي طويلة في كواليس مسرح رمسيس، وضُرب وأُهين وطرد من أماكن كثيرة، وكان من بين الذين طالوه بالضرب والإهانة الفنان الكبير يوسف بك وهبي، فقد كان صارماً في مسرحه «مسرح رمسيس» الذي كان يعمل فيه وجدي مجرد عامل إكسسوار، حتى ابتسم له الحظ وأعطاه دوراً في واحدة من مسرحياته. ودور بعد دور، ومسرحية بعد مسرحية تنبهت له السينما، خصوصاً أنه يحمل كثيراً من صفات نجوم السينما آنذاك: الوسامة والأناقة والعود الممشوق، وهي المواصفات التي كان لا بد من أن يتحلى بها «الفتى الأول» أو بلغة السينما «الجان»، وما إن ثبّت قدميه في السينما، لم يكتف بالوقوف أمام الكاميرا، بل راح يزج بنفسه في تفاصيل الصناعة نفسها، فتعلّم الإخراج وكتابة السيناريو والحوار ثم حلمه الأخير الإنتاج.
ما إن بدأ وجدي التفكير في الإنتاج والإخراج حتى تنبه فوراً إلى هذين النجمين ليلى مراد وإسماعيل ياسين، ففكر في نجاح فيلم «ليلى في الظلام» مع المخرج توجو مزراحي، وما سبقه من الأفلام التي تحمل اسمها، وانتهز فرصة رحيل المخرج كمال سليم في العام نفسه، 1945، حيث كان يتأهب لإخراج فيلم «ليلى بنت الفقراء» وعرض هو أن يُخرجه، فرفضت ليلى في البداية، لأنها تكن تعرف مدى خبرة وجدي وقدراته، وإذا ما كان يستطيع أن يخرج الفيلم بنجاح أم لا، غير أن وجدي لم يكن يترك أمامه فرصة ليقنعها بنفسه وبقدراته، وتحت الضغط والإلحاح والمطاردة في كل مكان، اضطرت ليلى أن توافق، فأخرج لها أول أفلامهما معاً، والذي حقق نجاحاً كبيراً لم تكن تتوقعه ليلى، كما لم يكن يتوقعه صناع السينما آنذاك، ليقدمها في العام التالي في فيلم يحمل اسمها أيضاً بعنوان «ليلى بنت الأغنياء» وكان لا بد من أن يستعين في هذا الفيلم بالحصان الثاني إسماعيل ياسين الذي كان مقتنعاً به كثيراً وبموهبته.
وكما كانت ليلى مراد فاتحة خير على أنور وجدي، الذي عرف من خلالها طعم النجاح والتفوق، والأهم طعم النقود، كانت فوزية كمال أيضاً فاتحة خير على إسماعيل وذاق معها طعم النجاح والنقود، وربما الثراء، ولم لا.؟ فقد أصبح آنذاك ينتقل من تفوّق إلى تفوّق، ومن نجاح إلى نجاح، وكان على قناعة تامة بأن زوجته هي السبب في كل ما كان يحدث له، لدرجة أنه أصبح يتفاءل بوجودها معه عندما يذهب ليوقع أي تعاقد جديد، وبدا هذا واضحاً منذ الأسبوع الأول من الزواج، حيث وقّع عدداً من العقود السينمائية، وكان كل عقد بخمسين جنيهاً وهو أجر كبير لنجم في حجمه آنذاك.
«ست بيت»
كانت السعادة تلف بيت إسماعيل ياسين من كل جوانبه بعد أن تزوج من فوزية، وثبت له بما لا يدع مجالاً للشك أنها «ست بيت» بكل معنى الكلمة، بعد أن كان يشك في هذا الأمر، خصوصاً أنها كانت مرفّهة إلى درجة كبيرة، ولا تفعل ذلك في بيت أسرتها، حيث كان هناك من يهتم بخدمتها. سهرت فوزية على خدمة إسماعيل، فكانت تعد له الطعام بيدها، حتى بعد أن وقع العقود وحصل على «مقدمات» أجر كبيرة، رفضت الاستعانة بخادمة، وأصرت على أن تكون هي الزوجة، بل والسكرتيرة التي تنظّم له مواعيده وارتباطاته وتنسق في ما بينها.
كذلك حرصت على أن تقتصد من مصروف البيت الذي يدفعه لها، لتزوّد المنزل بما يلزمه من أدوات مطبخ جديدة وفرش جديد وأثاث ناقص، رافضة أن يعود لما كان عليه سابقاً من الإنفاق بغير حساب، والأكل في المطاعم والكازينوهات، لدرجة أنه ذات يوم وقّع إسماعيل عقدين لفيلمين جديدين، وحصل على مقدم لكل منهما، من منتج الفيلمين أنور وجدي، وكان معروفاً عن هذا الأخير أنه لا يدفع مقدمات أجور إلا بعد أن يكون الفيلم عرض وحقق نجاحاً، فاعتبر إسماعيل ذلك نصراً عزيزاً، وأراد أن يحتفي بهذه المناسبة الخاصة، ووجدها فرصة لأن يصطحب زوجته لقضاء سهرة سعيدة خارج البيت، خصوصاً أنها لم تخرج من البيت طوال الستة أشهر الأولى لزواجهما:
- البسي بسرعة يا فوزية أنا عندي لك خبر حلو قوي.
- وهو ما ينفعش تقول الخبر وأنا بهدوم البيت، لازم ألبس؟
- لا يا ستي الخبر مش هقولولك هنا ده بره.
- بره فين؟
- في كازينو أوبرا.
- إسماعيل! انت رجعت للكازينوهات تاني؟!
- إحنا رايحين الكازينو باعتبارنا زباين مش شغل.
لم يقل لها ماذا سيفعلان، وظنت فوزية أنه يصطحبها معه كالعادة إلى كازينو أوبرا حيث سيتقابل مع أحد المنتجين هناك وسيوقع عقداً جديداً لفيلم، أو يتفق على العمل في فرقة مسرحية جديدة.
وصل الزوجان إلى كازينو «أوبرا» ووجدت فوزية إسماعيل يقول للنادل:
- اتنين عشا. هات رطلين كباب ورطلين كفتة وجوزين حمام محشي والسلطات والذي منه.
وما كاد النادل ينصرف حتى ثارت زوجته وغضبت:
- إيه الإسراف ده. أربعة أرطال كباب وكفته وجوزين حمام. كأننا مشفناش أكل قبل كده. ثم إيه لزومه العشا بره من أصله. أنا فاكره إنك عاملي مفاجأة.
- وهو فيه مفاجأة أحسن من كده.
- كنت فاكره إنك جاي توقع عقد جديد مع منتج معادك معاه هنا.
- ماهو ده اللي حصل. وعقدين مش عقد واحد. وآدي العربون عن كل فيلم.
أخرج اسماعيل من جيبه مقدم كل فيلم فأخذت فوزية النقود وأكملت كلامها:
- علشان وقعت عقدين تفقد الفلوس في الأكل ده كله؟
- ياستي كُلي اللي تاكليه وسيبي الباقي.
- مينفعش. ده اسمه إسراف وإحنا محتاجين كل قرش دلوقت.
- طب أعمل إيه بس يا فوزية ما أنا خلاص طلبت الأكل وزمانه جهز. مينفعش أقولهم خلاص بلاش.
- لكن ينفع تخليهم يلفوه وناخده البيت. ناكل فيه براحتنا واللي يفيض ناكله مرة تانية.
- حاضر يا ستي بس بلاش تزعلي نفسك كده. إحنا خارجين علشان نتبسط شويه.
- ما إحنا برضه ممكن ننبسط في البيت. ولا أنت خلاص مبقيتش تحب تاكل من إيديا؟
- ده كلام!! إذا كان أنا عاوز آكل ايديك نفسها.
حمل اسماعيل الطعام الذي طلبه إلى البيت وهو يعتذر لزوجته عن سوء تصرّفه هذا، ويعدها بألا يكرره مرة أخرى، وكانت المرة الأولى والأخيرة التي يفكر فيها في أن يتناول طعامه خارج البيت أو من يد أحد غير فوزية.
زوجته حياته
لم تكن فوزية تعدّ الطعام الذي يحبه إسماعيل وتسانده في تنظيم مواعيده وارتباطاته في الأفلام فحسب، بل كانت أيضاً تشتغل بعض المفارش وتصنع بعض «تابلوهات الكنفاه» لتزيّن بها الجدران.
في فترة الزواج الأولى استطاعت فوزية تغيير كثير من عادات زوجها وهواياته، وأبرزها «سباق الخيل» الذي عاد إليه بعد أن بدأت «الفلوس» تجري مجدداً في يده، كذلك أبعدته عن الجلوس في المقاهي، التي كانت منتشرة في شارع عماد الدين، خصوصاً أنه كان يدمن لعب الزهر أو «الطاولة»، فما كان منها إلا أن تعلمت «الطاولة» لكي تلعب معه في البيت، وأبعدت عنه أصدقاء السوء، الذين يجرونه إلى مثل هذه العادات السيئة، وقربت منه الأصدقاء الذين يحبونه، ويخلصون له، وكانت لا تشكو من شيء أبداً، بل كانت زوجة راضية قانعة، لدرجة أن البيت في بداية حياتهما الزوجية كان يخلو أحياناً من أهم الضروريات بل ومن الطعام أحياناً وكان يكفيها أن تعيش طوال النهار على كوب من الشاي ورغيف من الخبز أو تشاركه في أكل «الفول أو الطعمية»، وكانت تبدو في غاية السعادة. كانت مصممة فحسب على أن تبني كيان زوجها من دون إرهاقه وأن تعمل للمستقبل بكثير من التفاؤل، وحريصة على أن تفعل كل ما يوفر لزوجها الأسباب التي تشجعه على أن يعمل ويبدع في عمله، وهو ما انعكس بشكل كبير على حياته الفنية، وحتى إذا حدث ووقع خلاف ما بينهما، وهذا نادراً ما كان يحصل، فإن فوزية لم تكن تترك إسماعيل يذهب إلى عمله إلا وهو راض تمام الرضا، وكانت تعتذر له حتى لو كان هو المخطئ، ومعها كل الحق، وهذا ما جعله يقدرها تقديراً لم تنله زوجة في ذلك العصر، وأحبّها لدرجة الجنون.
فاكهة السينما
في هذه المرحلة استطاع إسماعيل تثبيت قدميه في السينما، لدرجة أنه أصبح يشبه «طبق الفاكهة» الذي لا بد منه في أي فيلم يقدَّم آنذاك، فبعد الحرب العالمية الثانية تضاعف عدد الأفلام المصرية من 16 فيلماً عام 1944 إلى 67 فيلماً عام 1946، ربما كان من نصيب إسماعيل منها وحده ما يزيد على ستة أفلام، كان من بينها «سلوى، غرام بدوية، حرم الباشا، صاحب بالين». كذلك لمع فى هذه الفترة عدد من المخرجين الواعدين مثل كامل التلمساني، وعز الدين ذو الفقار، وصلاح أبو سيف، الذي عمل بالمونتاج بعد انتقاله إلى أستوديو مصر، ثم مساعد إخراج، وعندما جاء ليقدم نفسه للسينما كمخرج، بفيلم روائي قصير بعنوان «نمرة 6» اختار لبطولته أحب نجم من نجوم ذلك الوقت إسماعيل ياسين، ثم كتب نجيب محفوظ سيناريو فيلم «المنتقم» بالتعاون مع مخرجه صلاح أبو سيف لتكون المرة الأولى التي يظهر فيها اسم الكاتب على الشاشة ككاتب سيناريو، وفي هذا العام أيضاً ً1947 ظهرت المطربة الصاعدة شادية كبطلة للمرة الأولى مع المطرب محمد فوزي، في فيلم «العقل في إجازة» إخراج حلمي رفلة، ثم تخرجت أول دفعة من المعهد العالي للتمثيل، وكان بين الخريجين شكري سرحان وفريد شوقي وحمدي غيث وزهرة العلا وصلاح سرحان وغيرهم. ومن الأفلام التي شارك إسماعيل في ذلك العام: «لبناني في الجامعة، معروف الإسكافي، أنا ستوتة، العرسان الثلاثة، حبيب العمر، بياعة اليانصيب، عروسة البحر، سلطانة الصحراء، ابن عنتر، الستات عفاريت، بنت المعلم».
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 25 نوفمبر 2010 - 23:30

ليلة العيد

تصدّى أنور وجدي لإخراج «ليلى بنت الفقراء» بعد رحيل كمال سليم، وأثناء تصوير الفيلم قرّر أن يتزوج ليلى مراد، فقد وقع أسير غرامها من ناحية، ومن ناحية أخرى كان خائفاً من أن يستغلّ مواهبها مخرج آخر غيره، وكان مفترضاً انتهاء أحداث الفيلم بزواج البطل أنور من البطلة ليلى ابنة الفقراء، فبُنيت الديكورات بناءً على هذه النهاية.
قبل تصوير الفيلم كان أنور يخشى مفاتحة ليلى في موضوع الزواج، فطلب من إسماعيل ياسين جسّ نبضها، ووجد الأخير عدم رفض أو قبول، وهو ما نقله إلى أنور الذي لم يكن يضيّع وقته وبادر فوراً بطلب يدها، وهمس في أذنها:
- تتجوزيني يا ليلى؟
- موافقة.
وما إن انتهى تصوير المشهد الأخير حتى أعلن أنور وجدي نبأ الزواج فوراً أمام الجميع، وكان معروفاً عنه حرصه الشديد على عدم صرف المال، بسبب أيام الفقر والجوع والتشرّد التى عاناها، وحتى يوفر في نفقات إقامة فرح حقيقي، انتهز وجود الديكورات وأكد للجميع أن هذا هو زواجه من ليلى مراد، فاحتفل الجميع بزفافهما في اليوم نفسه من انتهاء تصوير بالفيلم.
فاتحة خير
لم يغب إسماعيل ياسين عن عقل الفنان والمخرج أنور وجدي، فتوطدت الصداقة بينهما، واستعان به في بطولة فيلم «قلبي دليلي» عام 1947، إلى جانب محمود شكوكو وإلياس مؤدب، ومعهم الخريج الجديد من معهد التمثيل فريد شوقي، واستيفان رستي وبشارة واكيم، وغيرهم، وبرع فيه إسماعيل تمثيلاً وغناءً، ثم تبعه فيلم «عنبر». ولم يكن اسماعيل يتردد في تلبية طلب وجدي، في الوقت الذي كان مشغولاً بالمشاركة في أفلام كثيرة منها: «يحيا الفن, صاحب العمارة، حب وجنون, الصيت ولا الغنى, خلود، السعادة المحرمة, الروح والجسد، أميرة الجزيرة, وخيال امرأة».
يوماً بعد يوم كان تفاؤل إسماعيل بزوجته يزداد فمنذ زواجهما وهو في صعود دائم ولا يعرف الفشل، إذ انتقل في السينما من الأدوار المساعدة إلى الأدوار الرئيسة، وارتفع أجره من الآحاد إلى الألوف. وكان لا بد من أن يكافئها على ما تفعله معه، فانتقلا من شقتهما المتواضعة إلى شقة فاخرة في منطقة الزمالك.
وعلى رغم حرص فوزية على الاقتصاد، بهدف بناء حياتهما، إلا أنها كانت تطلب من إسماعيل أن يظهر دائماً بأحسن مظهر، وعندما وجدت الوقت مناسباً بعد الانتقال إلى السكن في أرقى أحياء القاهرة حرصت على أن يشتري أحدث سيارة وأجمل الملابس، وبمرور الأيام، وجد إسماعيل أن زوجته استطاعت أن توفر له شبه ثروة، وكان هذا يحثّه على أن يعطيها أكثر، ولا يسألها عما تفعل.
عاش إسماعيل ينهل من عسل حياته الزوجية، وكانت سعادته أكبر عندما تصالح مع أهل زوجته، خصوصاً بعدما أصبح اسمه على كل لسان. وبعد ثلاث سنوات من زواجه قرر السفر مع زوجته إلى الإسكندرية، في زيارة عائلية، والعمل في فيلم جديد، وما إن دخلت فوزية إلى بيت أهلها حتى أصيبت بحالة إغماء شديد، فأحضر إسماعيل الطبيب وتبيّن أنها حامل.
كاد إسماعيل يطير فرحاً بهذا الخبر السعيد، وبعد تسعة أشهر، أي في 20 مارس (آذار) عام 1949، رُزق بأول وآخر طفل، وقد سماه على اسم والده ياسين، ووفّر له كل اهتمامه والكثير من العناية والحب والدلال.
بعد ولادة ياسين بشهور قليلة اشترى إسماعيل فيللا في الزمالك وأقام فيها، وهنا تذكر والده، فقد مضت سنوات طويلة لم يره فيها. ترى كيف أصبح؟ وكيف حاله وهل لا يزال على قيد الحياة؟!
العودة إلى أيام الثراء
أصر اسماعيل على السفر إلى السويس، خصوصاً بعد أن وفّقه الله وأصبح ميسور الحال. ولدى وصوله وجد أباه على حاله يعمل لدى أحد الصاغة بعد أن باع دكانه ولم يعد يملك شيئاً فقال له:
- اسمع يا والدي أنا الحمد لله ربنا فتح عليا. علشان كده أنا هرجعلك كل حاجة. المحل وتجارتك، مش هسيبك تاني تتبهدل. بس اوعدني يا والدي إنك تبعد بقى عن موضوع الستات والشرب والحاجات اللي بالي بالك دي.
- أوعدك يا ابني. وأنا اللي كنت فاكرك نسيتني خلاص بعد ما ربنا فتح عليك وكانت بتوصلني أخبارك!
- انت عارف إن ابنك كده، أنا بس كنت مستني ربنا يفرجها. وأول ما حصل جت لك.
- متتصورش كنت ببقى فرحان قد إيه لما بسمع أخبارك ولا أشوف صورتك في جورنال. كنت ببقى عايز أصرخ وأقول لكل الناس إن ده ابني. بس كنت بخاف «أعرك» ولا أسببلك مشاكل.
- أنا عمرى ما استعر منك. أنا فخور إني ابن المعلم ياسين. وكمان سميت أول ابن لي على اسمك، ياسين.
- يعني أنا بقيت جد.
أعاد إسماعيل والده إلى محله الكبير بل واشترى له محلاً آخر إلى جانبه، وأعطاه مبلغاً يضمن له بدء العمل بقوّة. لكن ما كاد الوالد يبدأ عمله حتى عاد إلى سيرته الأولى وأقبل مجدّداً على حياة الليل والصخب، وكان هذا يكلفه كثيراً فأخذ يبدد محتويات المحل ويطلب من إسماعيل أن يمده بالمال بحجة أنه يريد شراء بضائع جديدة.
كان إسماعيل يرسل الى والده كل ما يريده ولم يكن يعرف أنه ينفق أمواله على السهر واللهو مدعياً أنه يسافر لشراء بضائع، وكان إسماعيل يصدقه لأنه كان يحبّه من أعماقه.
لقاء مع الملك
أصبح إسماعيل بنجاحه المتواصل في السينما «تميمة الحظ» لكثير من الفنانين والفنانات الذين بدأوا حياتهم الفنية خلال فترة ظهوره الطاغي على شاشة السينما، وحدث هذا مع المخرج الكبير صلاح أبو سيف حين استعان به في أول أفلامه، وتكرر الأمر مع عدد كبير من المخرجين الذين حرصوا على أن تكون بداياتهم في السينما من خلال العمل مع إسماعيل ياسين، بعد أن عمل بعضهم كمساعد مخرج في بعض أفلامه، ضماناً لعدم المخاطرة أو كسراً لرهبة التجربة الأولى بالاعتماد على نجم سبق التفاهم معه، ومنهم: حسن الصيفي، حسن حلمي، حمادة عبد الوهاب، وفطين عبد الوهاب.
كان إسماعيل ياسين «حدوتة المصريين» في القرن العشرين، ومنذ عام 1948 تحديداً انسحب نهائياً من إلقاء المونولوجات في المسرح والملاهي ما عدا بعض الحفلات التي كانت تقام في المناسبات. وكان من بينها حفلة دُعي فيها لإلقاء بعض مونولوجاته في العام 1950 في ملهى «الأوبرج»، وكاد يفقد فيها حياته. كان الحفلة خيرية لصالح جمعية «مبرة محمد علي»، وحضرها الملك فاروق الذي فقد وقاره في تلك الليلة من شدة الضحك حين كان إسماعيل يلقي مونولوجاته ونكته، وأوعز إلى أحد رجاله بأن يدعو إسماعيل إلى القاعة الخاصة بالاستراحة الملكية.
وحين جاء وقت الاستراحة، وقف إسماعيل أمام الملك وهو في حالة خوف وتوتر وقلق، فبادره الملك قائلاً:
- يلا يا إسماعيل سمِّعنا نكتة جديدة.
ومن فرط الارتباك بدأ إسماعيل النكتة قائلاً:
- مرة واحد مجنون زي جلالتك كده!!
فصرخ الملك:
- انت بتقول إيه. ده مجنون؟
أدرك إسماعيل أن الارتباك أوقعه في مصيبة، وقد أخطأ في الكلام، فما كان منه إلا أن سقط أرضاً متظاهراً بأنه أُغمي عليه، ثم نهض الملك لمتابعة الحفلة غاضباً، وبقي بعض رجال الحرس الملكي حول إسماعيل لمعرفة مصيره الذي سيأمر به الملك. فلا بد من أن ثمة عقاباً ينتظره!
بقي إسماعيل يتصنّع الآلام طوال ما تبقى من مدة الحفلة، بل وكان يتمتم بألفاظ غريبة حتى سأل عنه الملك فاروق وحين قيل له إنه لا يزال مغشياً عليه أمر الدكتور يوسف رشاد، طبيبه الخاص، بعلاجه.
أدرك الطبيب الموقف وعرف أن إسماعيل يتظاهر بذلك كله من شدة الخوف فقال للملك:
- لا لا مفيش كلام من ده. إسماعيل مريض وتصيبه حالة من ضعف الذاكرة وفقد الإدراك واضطراب الأعصاب، وهو في حاجة لأن يقضي فترة تحت الرقابة الطبية لمعالجة هذه الحالة.
فهم إسماعيل أن الملك عاقبه بإيداعه مستشفى الأمراض العصبية والنفسية، فراح يبكي بدموع حقيقية وهو ملقى على الأرض، ثم نُقل إلى مستشفى «المبرة» ليعالج على نفقة الملك مع العناية التامة به.
صدرت الصحف في اليوم التالي مشيدةً بالعطف الملكي الكريم على إسماعيل ياسين، وأشارت إلى أن الممثل عاوده مرض الصرع أثناء الحفلة الخيرية، التي كان الملك يحضرها، والذي أمر بعلاجه على نفقته الخاصة.
أصبح هذا الموضوع حديث الناس في المجتمعات، ومناسبة لتوجيه الشكر من الجميع للملك فاروق.
غادر إسماعيل المستشفى بعد عشرة أيام وكتم سر تلك الحكاية ولم يروها لأحد أبداً، حتى ولو بينه وبين نفسه، لكنه فوجئ بعد ذلك بمندوب من المستشفى يطلب منه حساب إقامته!
فقال له إسماعيل:
- أنا علاجي كان أمر فيه الملك وعلى حسابه والصحف نشرت الكلام ده!
فرد عليه مندوب المستشفى:
- الخاصة الملكية رفضت دفع مليم واحد. ولازم تدفع حساب المستشفى أو تفضل هنا لحد ما الفلوس تندفع!
كاد أن يغمى على إسماعيل عندما وجد أن فاتورة المستشفى تزيد على مائتي جنيه، لكن فوزية كانت على استعداد لدفع أضعاف المبلغ ولو عشر مرات، فدفع المبلغ مجبراً لأنه خشي أن تتأزم الأمور ويدعوه فاروق الى إلقاء نكتة ما أمامه.
قيام الثورة
ظل إسماعيل ياسين يتذكر هذا الموقف بينه وبين نفسه فحسب، ولم يجرؤ أن يذكره حتى أمام زوجته، لما يحمله من ذكريات أليمة، وخشية أن ينكَّل به، فقد كان يكره الحفلات التي كانت تقيمها الأسرة المالكة ويكره أن يدعى إليها، بل بات منذ ذلك اليوم يكره أن يسمع بسيرة الملك أو أي من أفراد الأسرة المالكة، حتى استيقظ على البيان التالي في الإذاعة المصرية صباح 23 يوليو (تموز) 1952:
«لقد اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير، من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في فلسطين، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب».
تلقى إسماعيل ياسين هذا النبأ بفرحة غامرة، مثل بقية الشعب المصري، غير أن سعادته كانت خاصة، فقد شعر بأن القدر انتقم له.
أراد إسماعيل أن يشارك الجيش والشعب هذه الفرحة، ولكن ماذا يفعل؟ فقد كان آنذاك انتهى مباشرة قبيل قيام الثورة من تصوير فيلمه «اللص الشريف»، سيناريو وحوار علي الزرقاني، إخراج حمادة عبد الوهاب، وشاركته البطولة شادية ولولا صدقي، فأوقف إسماعيل عرض الفيلم وأصر أن يضيف إليه مشهداً يقدم فيه مونولوجاً يعبر من خلاله عن فرحة الشعب بالثورة وإعلان مساندته للجيش، واتفق على ذلك مع المخرج. وبالفعل صوّر المونولوج وهو يغني في الشارع بين الناس، تعبيراً عن فرحة الشعب، وأكدت الكلمات التي كتبها الشاعر «ابن الليل» ذلك:
عشرين مليون وزيادة كانوا عايشين هنا أموات
علشان حضرات السادة البهوات والبشوات
كان الفلاح أجري يامشكاح لجل اللي عايش مرتاح
وأبو كرش كبير داير بنكير في أوروبا عامل سواح
وبوتيك سليمان وعلى النسوان
وعلى الكونكان فودفيل وبكام
اصرف كُع ما في الجيب يأتيك يا ابني ما في الغيب
وما بعد سعادته سعادة أصله وجيه وابن ذوات
خدعوه حضرات السادة البهوات والبشوات
الغني من دول كان قد القول كذا ألف وكذا فدان
كان هو السِّيد والباقي عبيد وكلامه تقول قرآن
سجن وترابيس أحرار محابيس
والعجل أبيس داير تهليس
يسرق ويقولوا أمين. يكفر ويقولوا أمين
ويقولوا ده شيخ سجادة وصاحب كرامات
خدعوه حضرات السادة البهوات والبشوات
كان عهد فساد واسود وسواد على شعب أصيل وكريم
والمولى أراد وكان بالمرصاد وسمع شكوى المظاليم
كان فرجه قريب
وسميع ومجيب
والجيش ونجيب عملوا الترتيب
وبفضل المولى عليه سعدنا تم على أيديه
والشعب بقاله إرادة هزت كل الشنبات
وبقينا كلنا سادة ولا بهوات ولا بشوات
عشرين مليون وزيادة.
هزّ إسماعيل ياسين بهذا المونولوج وجدان جميع فئات الشعب المصري، بمن فيهم أعضاء مجلس قيادة ثورة 23 يوليو، وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب والبكباشي جمال عبد الناصر، الذي كان أحد عشاق فن اسماعيل، وزاد حبه وعشقه له بعد أن شاهد هذا المونولوج في الفيلم. غير أن اسماعيل لم يكتف بهذه التحية، فبعد حوالى شهر تقريباً قدم «اسكتش الثورة» بمشاركة الفنانة شادية من خلال فيلم «حظك هذا الأسبوع» الذي كان من بين مجموعة أفلام قدمها إسماعيل ياسين خلال عام 1953 وكان من بينها: «بنت الأكابر، عفريت عم عبده، دهب، بين قلبين، كلمة حق، بيت الطاعة، ابن ذوات، الحموات الفاتنات، حرام عليك، الدنيا لما تضحك، نشالة هانم، فاعل خير، اشهدوا يا ناس، لحن حبي».
كذلك شارك إسماعيل الى جانب أسماء عدة بأداء الدور الثاني أو السنيد لها في بداياته مثل بشارة واكيم، حسن فايق، هند رستم، تحية كاريوكا ومحسن سرحان، ثم أصبح البطل الأول في أفلامه، ليس هذا فحسب، بل كان يحاط دائماً بكوكبة من كبار ممثلي الكوميديا مثل استيفان روستي، عبد الفتاح القصري، عبد السلام النابلسي، محمود شكوكو، سعاد مكاوي، ثريا حلمي، رياض القصبجي، حسن أتلة، ماري منيب) وغيرهم.
أصبح اسماعيل النجم الأول والأغلى، تتنافس عليه مجموعة كبيرة من نجمات السينما آنذاك، ووقفت أمامه ممثلات كبار شاركنه البطولة في أفلامه، مثل شادية، كاميليا، هند رستم، تحية كاريوكا، زهرة العلا، نجاح سلام، نزهة يونس، فريدة فهمي، هدى شمس الدين، ثريا حلمي، برلنتي عبد الحميد، آمال فريد، فيروز (طفلة وشابة) فايزة أحمد، لولا صدقي، مها صبري، سامية جمال وغيرهن.


الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 25 نوفمبر 2010 - 23:42

الدنيا لما تضحك

جاءت ثورة 23 يوليو وجاء معها الخير الوفير للشعب العربي كله، مصر تحديداً واسماعيل ياسين خصوصاً، لدرجة أنه من كثرة الأعمال التي كانت تعرض عليه، كان يرفض نصفها تقريباً، ليس تمنعاً ولكن لضيق الوقت، حتى أنه لم يكن ينام في تلك الفترة أكثر من ثلاث ساعات يومياً، ليستطيع الإيفاء بالتزامات العقود التي يبرمها، وكان من نتيجة ذلك أنه قدّم في العام التالي للثورة 17 فيلماً.
وفر القدر لاسماعيل النجاح تلو الآخر فازدادت نجوميته في عام 1954 لتستقرّ في القمة بعدما قدّم 18 فيلماً جديداً، جميعها بطولات مطلقة، ولم تخلُ واجهة دار عرض في القاهرة أو الإسكندرية من «أفيش» لفيلم يحمل اسم «اسماعيل يس».
من هنا جاء التفكير في فكرة الظاهرة (إسماعيل ياسين في...) عام 1954، عندما أطلق المخرج يوسف معلوف على فيلمه اسم «مغامرات إسماعيل يس» على الرغم من أن البطولة لم تكن لاسماعيل ياسين إنما لكمال الشناوي، أحد فتيان السينما الجدد آنذاك وكان يطلق عليه «فتى الشاشة الأول» ويقدم بطولات مطلقة، شاركتهما دلوعة السينما المصرية شادية.
أطلق معلوف على الفيلم اسم «مغامرات اسماعيل ياسين» استغلالاً لظاهرة هذا الفنان «الفلتة»، ولم يكن لدى كمال الشناوي غضاضة في أن يتصدر اسم اسماعيل «الأفيش».
لاقى الفيلم صدى كبيراً لدى الجمهور وحقق نجاحاً غير عادي ولفت أنظار المنتجين والمخرجين، وفي العام نفسه قدمه المخرج حسن الصيفي في فيلم «عفريتة اسماعيل يس» أمام الراقصة اليونانية كيتي وفريد شوقي وزينات صدقي، وتوالت بعد ذلك سلسلة أفلام «إسماعيل يس في...» فكان الممثل الأول، في تاريخ السينما العربية، الذي يقدم سلسلة أفلام تحمل اسمه الحقيقي وليس اسم البطل، وإن كانت المطربة ليلى مراد سبقته بوضع اسمها على الأفلام، غير أنها لم تصل إلى العدد الذي وصل إليه ـ أكثر من 17 فيلماً يحمل اسمه ـ فضلاً عن الأفلام التي أعيد عرضها، وتصدّر اسمه الأفيش قبل اسم الفيلم، مثل فيلم «بيت الأشباح» الذي أنتج عام 1951 وأعيد عرضه بعدما أضيف اسم اسماعيل على العنوان ليصبح «اسماعيل ياسين في بيت الأشباح»، إضافة إلى تقديمه لما يسمى بأفلام الكوميديا المرعبة مثل «اسماعيل يس في متحف الشمع» و{اسماعيل يس يقابل ريا وسكينة».
في الجيش
في عام 1955 وفي فورة الحماسة للثورة، شعر اسماعيل ياسين بوجوب المشاركة في تعزيز الإنجازات التي حققتها الثورة، معتبراً أنها قامت من أجله كمواطن مصري وتحديداً من أجل البسطاء أولاد الفقراء مثله الذين لا سند لهم ولا ثروة لديهم بل يعيشون بالكاد، خصوصاً أن البلاد كانت بأمسّ الحاجة إلى العمل والتكاتف للنهوض بها، ففكّر في تقديم فيلم عن الجيش تقديراً للدور الذي اضطلع به في تغيير وجه الحياة المصرية، وبحث عن كاتب ومخرج على دراية بالحياة العسكرية، لذا اختار الكاتب عبد المنعم السباعي وصديقه المخرج فطين عبد الوهاب، وهما من ضباط الجيش المصري، وإن كان عبد المنعم استمر في الجيش بعدما أسندت إليه مهمة الإشراف على الإذاعة المصرية من خلال مكتب الشكاوى ورقي إلى رتبة أركان حرب الإذاعة، في حين طلب فطين التسريح من الجيش، شأنه شأن الذين تعلّقوا بالفن ووجدوا فيه أنفسهم، مثل ضابط سلاح الفرسان أحمد مظهر، الذي قدّم في عام 1955 دور «البرنس علاء» في فيلم «رد قلبي».
كتب عبد المنعم السباعي قصة وسيناريو وحوار فيلم «اسماعيل يس في الجيش» وأخرجه فطين عبد الوهاب، ووجه اسماعيل ياسين الدعوة إلى قائد ثورة يوليو الزعيم جمال عبد الناصر، الذي لبى وحضر العرض الأول للفيلم ورافقه أعضاء مجلس قيادة الثورة. ضحك ناصر كما لم يضحك سابقاً، غير أنه أستشعر رسالة الفيلم والأهداف التي يرمي إليها اسماعيل ياسين.
أغرى نجاح الفيلم اسماعيل ياسين بتكرار التجربة كذلك المنتجين والمخرجين، وظهرت تباعاً سلسلة أفلام «إسماعيل ياسين في...» وشملت أسلحة الجيش في معظمها: الطيران، البوليس، الأسطول، البوليس الحربي، مستعيناً في ذلك بتوأمه الفني أبو السعود الأبياري، ليكوّن معه ثنائياً فنياً على طريقة نجيب الريحاني وبديع خيري، وجاء الضلع الثالث في المثلث فطين عبد الوهاب ليعزفوا معاً أجمل ألحان «سينما الكوميديا المصرية».
حرص اسماعيل ياسين على أن يفي بوعده للصديق القديم الفنان القاسي الملامح رياض القصبجي الذي كان القاسم المشترك في غالبية أفلام اسماعيل ياسين وقلما خلا فيلم من وجوده، خصوصاً سلسلة الأفلام التي قدمها اسماعيل عن أسلحة الجيش المصري، لدرجة أن الجمهور نسي الاسم الأصلي للفنان رياض القصبجي وتذكّر «الشاويش عطية» اسمه في سلسلة الأفلام هذه، وقد ثبت اسماعيل اسمه في كل الأفلام مثله وكان اللقاء بينهما مثل «القط والفار»!
أثناء تصوير فيلم «اسماعيل ياسين بوليس حربي» كان دوره يفرض عليه أن يكون له ابن، إذ يتمحور الفيلم حول فكرة مرض اسماعيل ودخوله المستشفى فيظن «الشاويش عطية» أن مرضه جعله يرتد إلى طفولته عندما شاهد ابنه شديد الشبه به، وهنا أصرّ المخرج على أن تتم الاستعانة بالفعل باسماعيل الصغير أو نجله «ياسين».
رفض اسماعيل أن يقف ابنه أمام الكاميرا، فلم يكن عمره يزيد على ست سنوات آنذاك، وكان اسماعيل يحبه حباً مرعباً ويخشى عليه من نسمة الهواء، لكن مع إصرار المخرج خصوصاً أن من الضروري أن يشبه الطفل البطل، فوافق اسماعيل. ما إن وصل الطفل ياسين إلى البلاتوه لتصوير دوره علا صراخه فجأة وركض إلى والده واختبأ وراءه:
- إيه... إيه فيه إيه يا ياسين؟!
- خبيني يا بابي... خبيني.
- ليه خايف من إيه؟ متخافش... متخافش.
- إلحق يا بابي «الشاويش عطية» جاي... أهرب يا بابي.
هنا ضج اسماعيل ياسين بالضحك لدرجة أنه وقع على الأرض وعرف أنه نجح والفنان القدير رياض القصبجي إلى أقصى درجة وأن الرسالة وصلت حتى إلى لأطفال، غير أنه أراد إزالة رهبة ياسين ليستطيع تقبل القصبجي لأنه سيعمل معه في المشهد التالي من الفيلم:
- تعالى يا ياسين متخافش، تعالى ده عمك رياض، الراجل اللي قلبه زي الفل، ده بقى يا سيدي أطيب واحد في الدنيا.
- ده بيضربك ويجري وراك علشان يدخلك السجن.
- ده تمثيل يا حبيبي... زي دلوقت كده... مش انت جاي هنا دلوقت علشان تمثل... أهو ده تمثيل... مش حقيقي.
علم القصبجي بما حدث وشاهد خوف ياسين، فاقترب وراح يقبل إسماعيل أمام ياسين ويأخذه في أحضانه، ما أدهش الطفل ياسين:
- هو بيبوسك يا بابي.
أخذ القصبجي ياسين في أحضانه وراح يقبله.
- وهبوسك إنت كمان يا سي ياسين... إنت خايف مني... تعالى تعالى ده إحنا هنبقى أصحاب.
تحرك الإحساس الطفولي داخل القصبجي واستقبله رادار الطفل داخل ياسين وأصبح منذ ذلك الوقت من أحب الناس إلى قلب ياسين، كما كان الأحب إلى قلب اسماعيل.
واجب وطني
على غرار الدور الذي اضطلعت به أغاني المطرب الصاعد بسرعة الصاروخ عبد الحليم حافظ، الوحيد الذي لم يمثل أمام اسماعيل ياسين ربما خوفاً من نجوميته، في توضيح أهداف الثورة والتقريب بينها وبين الشعب، كانت أفلام اسماعيل ياسين تسعى إلى الهدف ذاته، بخلاف بقية الأفلام التي ظهرت في الفترة نفسها، وحاولت تناول الثورة وأهدافها ومبادئها.
على الرغم من طابعها الكوميدي، إلا أن الهدف الوطني كان واضحاً تماماً في أفلام اسماعيل ياسين وهو إذكاء الرغبة لدى الشباب المصري في الالتحاق بالجيش وأسلحته المختلفة، وإشاعة روح الانتماء وإحداث نوع من الالتحام بين الجيش والشعب. كانت هذه النوعية قريبة الشبه بنوعية «أفلام الحرب» التي قدمتها السينما العالمية لحث الشباب على التطوع في أسلحة الجيش المختلفة، والتي ظهرت أثناء الحرب العالمية الثانية وفي أعقابها.
أفسحت الدولة في المجال لتوظيف شعبية النجم الكبير اسماعيل ياسين في إيصال أهداف ومضامين سياسية إلى الشعب، هكذا أصبح اسماعيل أحد أهم نجوم عصره وأغزرهم عطاءً وأغلاهم أجراً، لدرجة أنه أصبح يمثل «إنتاج السينما المصرية»، فقد قدم مجموعة من الأفلام لم يسبق لفنان غيره تقديمها، ما جعله يحقق هدفاً سامياً جديداً، إذ أتاح فرص عمل للفنانين والفنيين وتشغيل الاستوديوهات والمعامل والعاملين فيها باستمرار وتشغيل دور العرض على مدى سبع حفلات يومياً.
تهافت المنتجين
ولأن اسماعيل ياسين فنان حقيقي وكبير، لم يكن يستطيع رفض أي أعمال تعرض عليه، خصوصاً عندما شعر بأن كثر يعتمدون عليه في فتح بيوتهم، لدرجة أن المنتجين كانوا ينتظرونه على الطرقات أثناء خروجه من البلاتوه ليدخل آخر، وينتهزون الفرصة لطلب توقيعه على عقود أفلامهم، وكان يضطر أمام إلحاحهم على الموافقة وتوقيع العقود.
لم يكن اسماعيل يهتم أو يشترط أداء دور البطولة المطلقة، بل أدى أدواراً ثانية وثالثة ودور «السنيد»، وكان يقتصر دوره أحياناً على أن يكون «صديق البطل» الذي يبثه شكواه أو يعلن له حبه لفتاة لا يستطيع الوصول إليها أو يستشيره للخروج من الورطة التي وقع فيها، لدرجة أن فريد الأطرش حين أراد تصوير فيلم في تلك الفترة عرض على اسماعيل ياسين مبلغ 15 ألف جنيه، على أن يتفرغ لمدة 15 يوماً لتصوير دوره في الفيلم، لكن اسماعيل اعتذر بلطف لأن فريد كان من أعز أصدقائه، وأكد له أنه لن يستطيع فعل ذلك، فأمامه ارتباطات لخمسة أفلام ما اضطر فريد الأطرش إلى تأجيل تصوير فيلمه حوالى شهر ليتمكن اسماعيل من التفرّغ له!
ذات يوم سافر اسماعيل إلى الإسكندرية لتصوير أحد أفلامه هناك، مصطحباً أسرته معه لأنه لم يعد يراها أو يجلس معها، قصد موقع التصوير في اليوم الأول ووقف أمام الكاميرا بالقرب من كورنيش الإسكندرية، وما إن قال المخرج «اكشن» ودارت الكاميرا، حتى فوجئ العاملون في الفيلم باسماعيل يصرخ قائلا:
- أبويا.. أبويا.
ولم يكن هذا الكلام ضمن الحوار ولم يتضمن المشهد أباً ينادي عليه إسماعيل، فسأله العاملون سبب تفوهه بهاتين الكلمتين فأشار إلى رجل وامرأة يجلسان أمام أحد البارات، على طريق كورنيش الإسكندرية، وكانا في حالة سكر واضح.
كان الرجل والد الفنان اسماعيل ياسين، فتوقف التصوير بعدما توجه اسماعيل إلى والده وأصرّ على اصطحابه إلى أحد الفنادق، وبعدما أفاق هذا الأخير من سكره أعطاه نقوداً وطلب منه السفر فوراً إلى السويس، وما كاد اسماعيل ينتهي من تصوير الفيلم حتى لحق به وهناك تولى بنفسه تصفية محل والده بعدما وجده فارغاً، واتفق معه على أن يخصص له راتباً شهرياً قدره 40 جنيهاً يساعده على مواجهة التزاماته، وظل الأمر كذلك حتى تُوفي الأب بعد عامين، فبكاه اسماعيل طويلا وحزن على فراقه، فقد أحبه إلى درجة لا توصف وحاول أن يعوضه عما فات ويغدق عليه الأموال وينقذه مما وقع فيه... ولكنه القدر.
تفكير في المسرح
بين عامي 1947 و1952 مثل اسماعيل ياسين 75 في المئة من الأفلام التي صورت في تلك الفترة... وهو رقم قياسي لم يحدث مع ممثل في تاريخ السينما العربية... لغاية اليوم!
قدم اسماعيل نماذج متنوعة ابتداء من دور الصعلوك إلى دور الرجل الثري وصاحب الأعمال، وقد تتشابه الأدوار أحياناً ولكن بأفعال مختلفة.
كتب أبو السعود الأبياري غالبية الأفلام التي مثلها اسماعيل غير أنه عمل مع مخرجين لم يكونوا مؤهلين دائماً للإخراج الكوميدي... بمعنى آخر كانوا يفتقدون إلى الحس الكوميدي وروح السخرية، وكان كل هدفهم الربح واستغلال «فترة الرواج التجاري» لاسم إسماعيل يس الذي بات مطلوباً ومسوقاً لأي عمل قبل أن يُعرف مضمونه، بل كان الاتفاق يتم على أساس اسم اسماعيل ياسين أولا، ثم تأتي بعد ذلك «العناصر الأخرى» من قصة وإخراج وتصوير وممثلين!!
ولكن قبل أن ينقضي عام 1954، توقف إسماعيل يس وسأل نفسه:
-يااه يا اسماعيل... عمرك كنت تحلم باللي انت حققته ده... الحمد لله... مفيش حاجة معملتهاش... لدرجة إني مبقتش عارف إيه تاني ممكن أقدمه.
- أيوه عندك حق... لازم بقى أقف شويه وأشوف إيه اللي لازم يتعمل وإيه اللي ميتعملش... وإيه اللي أنا عايزه من السينما.
كانت فكرة المسرح تشغل بال اسماعيل، وفكر في طرحها على الأبياري.
ذات مساء كانا معاً في حفلة أقيمت في «حديقة الأندلس» قدم خلالها اسماعيل منولوجات أمام مجلس قيادة الثورة على رأسه محمد نجيب، وكان رئيساً للجمهورية آنذاك وجمال عبد الناصر، ولقي مونولوج «عشرين مليون وزيادة» نجاحاً كبيراً، ونال تهنئة الجميع بعد اختتام وصلته، فقبله أبو السعود وقال له:
- عندك كل الشعبية دي وساكت؟!
- مش فاهم يعني اعمل إيه... ما أنا بغني أهه.
- أقصد دلوقت لك اسم كبير وجمهورك غفير، وعيب قوي مايكونش في مصر غير مسرح كوميدي واحد اسمه «مسرح الريحاني»، إنت دلوقت متقلش شهرة عن الريحاني الله يرحمه، ليه ما يكونش عندك فرقة مسرحية باسمك يبقى اسمها «فرقة اسماعيل ياسين» أو «مسرح اسماعيل ياسين»، وأنا واثق من نجاحها وعلى استعداد لكتابة أعمالها المسرحية.
أعجب اسماعيل بالفكرة تماماً، ولكنه قال لـ أبو السعود:
- لكن الفكرة دى محتاجة مسرح وإحنا معندناش مسرح وده يتكلف كتير.
- المهم الأول انت موافق على الفكرة في حد ذاتها؟
- طبعا.. بكل قوة ورغبة!
- خلاص سيب الموضوع ده عليّ.
- ماشي وأنا تحت أمرك في اللي تطلبه... وهعمل كل اللي أقدر عليه.
غير أن أبو السعود لم يبدأ البحث عن المسرح، بل عن المسرحية واستطاع تحديد أفكار أكثر من مسرحية.
اختمر المشروع في وجدان اسماعيل ياسين ووجد أنه والابياري سيكونان ثنائياً رائعاً ومثمراً، خصوصاً أن الأخير هو المؤلف «الملاكي» لغالبية أفلام اسماعيل آنذاك.


***مغامرات

اتفق الشريكان إسماعيل ياسين وأبو السعود الإبياري على تنفيذ الفكرة، وساعدتهما الظروف والمناخ الثقافي والاجتماعي، فياسين نجم في أوج تألقه وعلى الساحة المسرحية لا يوجد مسرح يجذب الجماهير التي كان اتجاهها الرئيس آنذاك نحو السينما.
كانت الفرقة المصرية الحديثة تعمل على مسرح الأزبكية (القومي) وتقدم أعمالاً معادة ليوسف وهبي ومسرحيات عزيز أباظة الشعرية، فيما ضمّت فرقة المسرح التي نشأت عام 1952، بعد قيام الثورة، بين صفوفها شباب المسرح خريجي معهد التمثيل العالي ولم تقدم في موسم 1953 سوى ثلاث مسرحيات من إخراج عبد المنعم مدبولي وأخرى من إخراج كامل يوسف، أما «مسرح الريحاني» فكان يجتر نجاح مسرحيات سبق أن قدمها مؤسسه وتفتقد «روح» صانعها برحيل نجيب الريحاني عام 1949 عندما كان يصور آخر أفلامه «غزل البنات»!
نشأت الفرقة كشراكة فنية بين أبو السعود الإبياري واسماعيل ياسين، رأسمالها عشرة آلاف جنيه. وبعد إعلان الشركة بدأ البحث عن المسرح، وكان ذلك دور ياسين إضافة إلى اختيار أعضاء الفرقة، فيما بدأ أبو السعود ينهي كتابة أول مسرحية.
ونشرت الصحف الخبر: «إسماعيل يس وأبو السعود الإبياري يؤلفان فرقة مسرحية». وجاء الخبر بالتفاصيل التي تؤكد تعاقد ياسين والإبياري على تشكيل فرقة مسرحية تبدأ عملها في الموسم المقبل بتقديم روايات كوميدية من تأليف الإيباري وبطولة ياسين، وأن الفرقة الجديدة سيكون اسمها «فرقة إسماعيل يس المسرحية»، وستتعاقد مع كبار الفنانين، ومن المنتظر أن ينضم إليها كمال الشناوي ومن المسرح الحر توفيق الدقن وشكري سرحان، ومن المخرجين السيد بدير، محمد توفيق، عبد المنعم مدبولي، ونور الدمرداش في أولى محاولاته الإخراجية.
طلب ياسين تحديد موعد لمقابلة الصاغ صلاح سالم وزير الإرشاد القومي للتفاهم معه على تدبير مسرح للفرقة الجديدة، وتخصيص «مسرح حديقة الأزبكية» للفرقة!
يُلاحظ في صياغة الخبر قوة اسم ياسين، فهو سيطلب من وزير الإرشاد القومي أن تتخلى فرقة الحكومة عن مسرح الأزبكية الذي تعمل عليه، وطلب تحديد موعد مع الوزير للتفاهم على ذلك.
جاء حلّ مشكلة الفرقة الوليدة بتدخل من وجيه أباظة، أحد الضباط الأحرار، الذي أقنع صاحب «سينما ميامي» الصيفية في وسط القاهرة بتأجيرها للفرقة لإعداد المكان ليصبح دار عرض مسرحياً.
الفرقة الوحيدة
في هذا الجو المتفائل ارتفع الستار في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1954 عن أول عمل مسرحي تقدمه الفرقة الجديدة باسم «حبيبي كوكو»، لتبدأ موسمها الأول حيث قدمت ست مسرحيات بمعدل مسرحية كل شهرين تقريباً.
ولقيت عروض الفرقة نجاحاً يفوق التوقعات، واستطاعت خلال أشهر من عملها استقطاب نجوم مسرح الريحاني، للعمل في فرقة إسماعيل ياسين بعد أن أغراهم برواتب أكبر.
بعد افتتاح الفرقة بما لا يزيد على ثلاثة أشهر، انضم إليها الفنان حسن فايق، الذي كان يتقاضى آنذاك 50 جنيهاً مصرياً في فرقة الريحاني كراتب شهري، تخصم منه الإجازات والأيام التي لا يعمل فيها، فاتفق معه الإبياري على راتب قدره 250 جنيهاً شهرياً، أي خمسة أضعاف ما كان يأخذه من فرقة الريحاني، وأكد له أنه سيأخذ المبلغ بانتظام طوال موسم الفرقة المسرحي، حتى لو لم يكن له دور في الرواية التي تعرض على المسرح، ولن تُحسم منه أيام العطلة والإجازات.
كذلك فعل الإبياري وياسين مع استيفان روستي، وعبد الفتاح القصري ومحمد كمال المصري أو «شرفنطح» وغيرهم من نجوم فرقة الريحاني، ما أوقع مدير الأخيرة الكاتب بديع خيري في مشاكل كثيرة، واضطر أن يدعو الإبياري بوصفه مدير فرقة ياسين إلى اجتماع، يقرران فيه إيقاف التسابق نحو التعاقد مع الممثلين بهذا الشكل، فقد بدأ الممثلون كلهم يطالبون برفع أجورهم بشكل غير معقول.
وقع الإثنان اتفاق تعاهد بألا يخطف أحدهما الفنانين الذين يعملون لدى الآخر، وعدم زيادة أجر فنان عن حد مقرر، لأن هذا يؤدي إلى زيادة أجور الفنانين الآخرين بشكل مبالغ فيه. هكذا بدأ تحديد ضوابط العمل لمنع المنافسة التي كانت تلتهم غالبية الإيرادات.
آنذاك عمل كثير من الممثلين الكبار والمشهورين مع فرقة ياسين، وكانت من بينهم سميحة أيوب والفنان محمود المليجي والممثلة والراقصة لولا صدقي والراقصة تحية كاريوكا، التي أخذت هذا المسرح في ما بعد وأنشأت عليه فرقتها.
كذلك عمل في الفرقة محمد شوقي وحسن مصطفى وزوزو نبيل وسناء جميل وعايدة كامل وزينات صدقي وزوزو شكيب، وعشرات من نجوم السينما والمسرح.
ظلت الفرقة تعمل على مسرح ميامي في القاهرة طوال فترة الشتاء، وحين يأتي الصيف كان ياسين يسافر إلى الإسكندرية لافتتاح «مسرح إسماعيل ياسين» هناك وكان الإبياري يقدم مسرحية جديدة شهرياً، ما أدى إلى إقبال جماهيري شديد، وكانت إيرادات الفرقة جيدة دائماً وتعطي أجور الممثلين وتترك هامش ربح جيداً لياسين وأبو السعود أو لشركتهما الفنية!
واكب نجاح ياسين المسرحي نجاحه السينمائي، والعكس صحيح، فحين أحبه الناس في السينما أحبوا أن يشاهدوه شخصياً على المسرح، ما أدى إلى زيادة الإقبال على أفلامه.
الفنان الأشهر
عبر أعماله المسرحية، أعاد ياسين إلى المونولوج حيويته وجدد فيه، ليصبح أحد أهم رواده، إذ غير في مواضيعه، وجعله يعيش في أذهان الناس ومخيلتهم فترة طويلة، خصوصاً بعد توقف معظم من قدموه، ليبقى ياسين وحيداً على الساحة، الأكثر صيتاً، والأشد بريقاً. وأصبح غناؤه المونولوج مقصوراً على الأفلام.
كان يكتب المونولوج لياسين في أفلامه أشهر زجالي مصر وكتاب الأغنيات والشعراء، من بينهم: محمد عبد المنعم «أبو بثينة»، محمد أنور نافع، عبد العزيز سلام، محمود فهمي إبراهيم، مصطفى السيد، السيد زيادة، أحمد عبد الله، جليل البنداري، فتحي قورة، عبد الفتاح شلبي، أبو السعود الإبياري، وابن الليل.
وكان يلحنها أشهر الملحنين، بدءاً بالموسيقار محمد عبد الوهاب، ومروراً بفريد الأطرش، محمد فوزي، محمود الشريف، أحمد صدقي، عزت الجاهلي، محمد البكار، عبد العزيز محمود، محمد أمين، علي فراج، فريد غصن، أحمد صبرة، محمد الكحلاوي، منير مراد، وانتهاءً بياسين الذي جازف ولحن مونولوغات لنفسه أحياناً.
كان ياسين يعتمد على موهبته كثيراً، بشخصيته الساحرة... قوة حضوره، حركات جسمه السريعة، طريقة نطقه ومطه للكلمات، ومعرفته أين يقف ومتى يبدأ، فكان يربط بينه والجمهور خيط سحري، لا سيما أنه يعرف متى «يفجّر» النكتة وكيف يؤديها.
تراجع سينمائي
خلال تلك الفترة قدمت الفرقة 51 مسرحية، بين القاهرة والإسكندرية، كلها من تأليف الإبياري، وتناوب على إخراجها كل من السيد بدير الذي كان له النصيب الأكبر ومحمد توفيق ونور الدمرداش. وتواصل نجاحه في المسرح والسينما إذ قدّم في الموسم المسرحي (نوفمبر 1954 - نوفمبر 1955) خمس مسرحيات جديدة يقابلها في السينما ستة أفلام، وقرر تحديد عدد الأفلام التي سيظهر فيها سنوياً كي لا يتعارض عمله السينمائي مع عمله المسرحي الجديد. وفي عام 1955 هبط خط مساهماته في السينما إلى ستة أفلام، وفي عام 1956 العدد نفسه، لكنه في الوقت نفسه قدّم ست مسرحيات جديدة في عام واحد، واستمرت الفرقة في تقديم عروضها طوال العام، شتاء في القاهرة، وصيفاً في الإسكندرية.
كان ياسين يخطو في السينما من نجاح إلى آخر، وبدا التنوع كبيراً في أعماله السينمائية، وحاول بعض المخرجين دفعه إلى تقليد نجيب الريحاني، خصوصاً في الأفلام المقتبسة عن مسرحيات الأخير، مثل فيلم «الدنيا لما تضحك، الستات ما يعرفوش يكدبوا، كدبة أبريل، صاحبة العصمة»، لكن ياسين رفض ذلك تماماً، ليس تقليلاً من شأن الريحاني، بل لأنه هو أيضاً يملك الأسلوب والمدرسة، وقدم الأفلام بطريقته الخاصة ولم يحاول، على رغم الإغراءات، تقديم مزيد منها!
فجأة تكاثرت على ياسين أدوار المرأة في عدد كبير من الأفلام، فقدم «الست نواعم، الآنسة حنفي، ليلة الدخلة، مملكة النساء، إسماعيل يس في مستشفى المجانين، دهب، مغامرات إسماعيل يس، فاعل خير»، وقد نجح نجاحاً مذهلاً في أداء هذه الشخصية بملامحها وحركاتها وتنوع دور المرأة فيها، وأدى ذلك من دون ابتذال أو خروج عن حدود اللياقة والأدب، لكن لما زاد الأمر على الحد واقترب من أن يصبح ظاهرة جديدة، إذ وجد المنتجين والمخرجين يقبلون عليه مجدداً بعقود أفلام يقدم فيها دور المرأة، اضطر ياسين إلى التوقف عن أداء هذا الدور، بل إن الرقابة على المصنفات الفنية نفسها في مايو (أيار) عام 1958 أنذرت منتجي أفلام ياسين بأنها سترفض أي قصة يظهر فيها الأخير في دور امرأة.
كذلك قدّم ياسين الكوميديا السوداء التي يختلط فيها الحزن بالضحك والجد بالهزل مثل «إسماعيل يس في جنينة الحيوان» الذي قدمه في عام 1957، فلم يتقبل الجمهور بسهولة صورته الجديدة فقد وقف بناؤه الجسدي وشكله العام وصورته حائلاً أمام تقبل الناس دور العاشق والقاتل الذي يفكر في تدبير جريمة.
سكرة النجاح
لعل سوء حظ ياسين يكمن في أنه كان طيب القلب، ولم يكن يهمه ما يقدمه بل «أسكره النجاح» الذي حظي به، وحتى الأصدقاء من الكتاب والمخرجين، لم يجدوا فيه سوى «الدجاجة» التي تبيض ذهباً فحاول كل منهم استغلالها للحصول على أكبر «مكاسب» بغض النظر عن تأثير ذلك على ياسين كفنان وإنسان.
تعرض ياسين إلى «التعليب» كماركة مسجلة فلم يكن مطلوباً منه أكثر من «الشوية بتوعه وخلاص»، حتى من خلال الإذاعة في مسلسل رمضاني، إذ لم يحاول أحدهم استغلال قدراته الفنية على رغم أن إمكاناته كانت كبيرة، فيكفي أنه قدم في «دهب» و{اسماعيل يس في الطيران» مثلاً مشاهد تمثيلية لا تعتمد على الكلام، بل على الأداء الحركي التمثيلي وقدرة الممثل على إيصال ما يريده إلى الجمهور. ولم يكن الأداء «البانتوميم» معروفاً آنذاك.
كذلك قدّم ياسين دور «الشبيه»، واستطاع أن يحتفظ لكل شخصية بمقوماتها وتفردها في أفلام «المليونير، الست نواعم، إسماعيل يس في الطيران».
كان ياسين ليعطي أكثر لو وجد من يجيد توظيفه في أفلام ذات مضامين وقيم إنسانية، ولعل أفلام مثل «إنسان غلبان، الآنسة حنفي، المفتش العام» أكبر دليل على ذلك، فأداؤه فيها أشار إلى أصالة موهبته وقدرته على الدخول في إهاب الدور وتقمصه.
هبوط المنحى
شهد عام 1958 ارتفاعاً جديداً لمشاركات ياسين السينمائية، من ستة أفلام إلى تسعة أفلام سنوياً، وتكرر العدد نفسه في العام التالي 1959، وزاد الإقبال عليه مجدداً، حتى أصبح يتنقل بين ستة استوديوهات أو سبعة مواقع عمل يومياً، لأنه كان يمثل في أكثر من ستة أفلام شهرياً، وكان مخرجو هذه الأفلام يعقدون اجتماعات يومية لتنظيم مواعيد العمل، وقفز أجر ياسين من خمسمئة إلى خمسة آلاف جنيه، عن الفيلم (أغلى الأجور آنذاك)، وبات عدد من النجوم والمنتجين يرفض تصوير فيلم ما إلا إذا شارك ياسين فيه، وكان من بين هؤلاء أنور وجدي الذي شاركه في أفلامه كافة، والموسيقار فريد الأطرش الذي شاركه بطولات معظم أفلامه التي أنتجها.
في حقبة الستينات بدأ منحنى مسار ياسين الفني بالهبوط، وكانت البداية في السينما، فبعد تقديمه في عام 1959 تسعة أفلام، تراجع في عام 1960 إلى ستة أفلام، وفي هذا العام ضرب ياسين مثالاً للحب والوفاء والتضحية، عندما أراد صديقه الفنان عبد السلام النابلسي تقديم أول بطولة مطلقة له عبر فيلم من إنتاجه، كتبه أبو السعود الإبياري وأخرجه فطين عبد الوهاب، وهنا قبل ياسين المشاركة في الفيلم الذي لم يحقق النجاح المرجو منه بالدور الثاني.
ثم فجأة حدث الهبوط الحاد في العام التالي (1961) وقدّم ياسين فيلمين، والرقم نفسه في العام الذي يليه، ثم مجرد فيلم عام 1963!
فرق تلفزيونية
في عام 1964 لم تُعرض أي أفلام لياسين، ثم عاد في عام 1965 ليقدم فيلماً واحداً! وانعكس الأمر على المسرح، فلم يقدم فيه في موسم 61/62 سوى مسرحيتين... بعد أن كان يقدم أكثر من ست مسرحيات موسمياً... ماذا حدث؟
أدّت أسباب عدة شخصية واجتماعية وسياسية إلى هذه النهاية، ففي عام 1960 ظهر التلفزيون في حياتنا وأصبح متعة كبيرة وأصبح الحلم حقيقة، واستأثرت البرامج بعيون الناس وساعات فراغهم.
لكن الكارثة الحقيقية التي أصابت الفرق المسرحية غير الحكومية، سواء تلك التي تقدم عروضاً غير منتظمة كـ{جمعية أنصار التمثيل» أو عروضاً منتظمة مثل «إسماعيل يس» و{الريحاني»، والتي كانت تعتمد في الوقت نفسه على تغطية تكاليفها من شباك التذاكر... هذه الكارثة - القنبلة كانت في إنشاء التلفزيون فرقه المسرحية المختلفة.
أنشئت هذه الفرق أساساً لتغذية التلفزيون بعروض تشغل ساعات الإرسال الطويلة ومنح فرص عمل لشباب المسرح والفنيين. وصاحبت إنشاءها دعاية ضخمة وظهور جيل جديد من نجوم الكوميديا الدارسين، فضلاً عن الأسعار الزهيدة لأثمان تذاكر الدخول إلى مسرح التلفزيون (باعتباره مسرح الدولة) مقارنة بفرقة إسماعيل أو الفرق الخاصة، إضافة إلى سرعة تغيير الروايات أسبوعياً ما ساعد في تألق عدد كبير من نجوم التلفزيون، وظهور جيل جديد من نجوم الكوميديا من بينهم محمد عوض، أبو بكر عزت، فؤاد المهندس، وشويكار، ناهيك عن الاستعانة بنجوم فرقة «ساعة لقلبك» الإذاعية مثل فؤاد المهندس، خيرية أحمد، محمد أحمد المصري، أبو لمعة، فؤاد راتب، الخواجة بيجو، محمد يوسف «المعلم شكل»، الدكتور شديد، الكاتب يوسف عوف، والمخرج والممثل عبد المنعم مدبولي.
وزادت جرعة الثقافة المسرحية والسينمائية بظهور المجلات المتخصصة والفرق المسرحية الجديدة التي بلغت 10 فرق.
أدت النشاطات المسرحية وظهور جيل جديد من الكتاب والمخرجين والفنانين إلى توجه الجماهير إلى الجديد لما لمسوه فيه من تنوع أساليبه في الأداء وفنون العرض المسرحي، وأدت هذه الظروف، إضافة إلى تأميم الشركات والبنوك، إلى ارتفاع الأسعار وزيادة أجور الفنانين وتكاليف إعداد الأعمال الفنية سواء في السينما أو المسرح.
لم يصدق ياسين ما يحدث... بعد 18 فيلماً سنوياً، يصل الأمر إلى فيلم فقط، أو ربما يمر العام من دون أن يقف أمام كاميرات السينما؟ الواقع نفسه ينطبق على المسرح، فقد انصرف عنه الجمهور، ولم يعد ياسين يقدم سوى مسرحية سنوياً!
شعر ياسين أن خطراً ما يحدق به، ولا بد من معرفة الأسباب.
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الخميس 25 نوفمبر 2010 - 23:44

قليل البخت

تغير شكل الحياة سياسياً وثقافياً واجتماعياً في مصر خلال فترة الستينات بشدة على عالم الفن، فقد ظهر جيل جديد من الكتاب والمؤلفين في جميع المجالات، في القصة والرواية والمسرح والسينما، وباتت الأشكال الفنية مثل السينما والمسرح تحديداً تعتمد على الأدب المصري والكتاب المصريين بعيداً عن الترجمة أو ما يطلق عليه «التمصير»، فضلاً عن ظهور التلفزيون الذي غير وجه الحياة الثقافية والفنية، ما شكّل بالتبعية أجيالاً جديدة من الفنانين، خصوصاً نجوم الكوميديا.
لم تحاول الفرق الخاصة مثل «إسماعيل ياسين» و{نجيب الريحاني» مسايرة المناخ الثقافي والاجتماعي الجديد، بل حافظت على ما بدأت به، وكانت الوجوه نفسها تقريباً.
أمر آخر كان الأهم في ما يتعلّق بياسين تحديداً، فاقتصاره وفرقته طوال هذه السنوات على مؤلف واحد (أبو السعود الإبياري) يغذي الفرقة بالمسرحيات ويسهم في السينما بتأليف الأفلام وكتابة الأغنيات، لم يكن يتيح له الوقت للتجديد أو تقديم أعمال تنافس وتنتشر.
أبو السعود الإبياري الذي كان قدّم عملاً أسبوعياً لفرقة «بديعة مصابني» في الأربعينات وقبلها، هو نفسه من أعطى فرقة إسماعيل ياسين خمسة أو ستة عروض موسمياً، إضافة إلى عدد آخر من أفلام سينمائية، كتب لها القصة والسيناريو والحوار... والأغنيات!
كان الإبياري يعتمد على قدرته الفائقة على تمصير الأعمال الأجنبية لمسرح «الفارس»، وتحويلها إلى مجرد أعمال كوميدية «هزلية» خالية من أي مضمون سوى الضحك!
بدأت تأثيرات هذه الظروف والملابسات تظهر على فرقة ياسين، ما جعل الجمهور ينصرف عنها، خصوصاً أن بدائل كثيرة باتت متوافرة، بالتالي لم يعد يتوافر دخل يضمن للفرقة استمرارها، حتى تراكمت عليها الديون، ولم يعد ياسين قادراً على سداد هذا العجز من السينما، ولم تكن حال الأخيرة بالنسبة إليه أفضل من المسرح!
الديون تهاجمه
حاول عبد القادر حاتم وزير الثقافة والإرشاد القومي (الثقافة والإعلام معاً) آنذاك مساعدة الفرقة، فوقف إلى جانبها دعماً لوجودها وتقليلاً لمشاكل صاحب المسرح مع الفرقة عندما حاول طردها لتراكم الإيجار عليها، بل إنه وبعد تأميم المسرح جعل الإيجار رمزياً، وصرف للفرقة منحاً مالية للاستمرار في العمل وقدم لها مساعدات غير مباشرة، عندما قرر دعمها إعلامياً بإذاعة ثمانية إعلانات تلفزيونية لها شهرياً ومجاناً.
سجل التلفزيون بعض المونولوجات لياسين ومسرحيات الفرقة، بل وجرت محاولات لضم الأخيرة إلى مسارح التلفزيون، وأتيح لياسين الغناء من خلال حفلات التلفزيون الشهرية، فعاد إلى المونولوج عام 1963، واستقبله الجمهور بحرارة.
مرارة
للأسف، لم يتحقق الكثير من هذه الوعود، ما جعل ياسين ينفجر غضباً وراح ينشر مشكلته على صفحات الصحف والمجلات، بكلمات مغموسة بالمرارة والغضب، تنهمر من الفم الذي أطلق مئات النكات، وأضحك الملايين:
«هو فيه كام إسماعيل يس تاني علشان يحاربوني كده؟! أنا رفعت قضية على التلفزيون بطالب بمائة ألف جنيه... حقي في المسرحيات اللي سجلوها وباعوها للبلاد العربية... بيبيعوا الدقيقة بـ 13 جنيهاً ونص... وباعوا 51 مسرحية من مسرحياتي! وكمان الـ 51 مسرحية مسجلها التلفزيون، محاولوش إنهم يعرضوا أي مسرحية منها خلال سبعة أشهر. ليه بيعاملوني كده هو أنا من «الاسكيمو»؟ كفاءتي قاعدة في البيت مقفول عليها أوضة أنا لي سنتين ما بشتغلش في السينما. أعمل إيه!؟».
بهذه المرارة القاسية تحدّث ياسين! وكان آنذاك أحد الأصدقاء المقربين لخالد نجل الزعيم جمال عبد الناصر، لكن نفسه أبت أن يشكو لرئيس الجمهورية أنه لا يعمل!
وفي منتصف الستينات بدأ الميزان يميل إلى الكفة الأخرى... بدأ العد التنازلي نتيجة ضربات قاسية تعرّض لها ياسين سواء في عمله أو صحته أو حظه. كانت المفاجآت كثيرة، أولها أنه وجد فطين عبد الوهاب، مخرج أفلامه كافة تقريباً، الذي كان لا يخرج فيلماً إلا ويشترط وجود ياسين فيه بطلاً أو يقوم بأحد أدوار البطولة، أصبح يخرج أفلاماً كثيرة متناسياً هذا الأمر.
أحس ياسين بأن عبد الوهاب بدأ يشترط عدم وجوده في الأفلام، وقرر البحث عن السر وراء اسبعاده عن أفلامه، بعد أن أمضيا معاً أكثر من 10 أعوام صورا خلالها ما يزيد على مئة فيلم، حققت لعبد الوهاب قبل ياسين حضوراً مهماً، ورفعت اسمه إلى السماء.
بعد البحث والتدقيق، وجد ياسين أن عبد الوهاب كان مظلوماً، فقد ظل يضع اسمه في أعماله الفنية ويرشحه سواء للبطولة، أو لدور كوميدي مهم، فيما راح المنتجون والموزعون يرفضونه لأنه لم يعد يعني شيئاً في سوق السينما، في نظرهم!
في البداية رفض ياسين تصديق هذا الواقع، لكنه تأكد من الأمر عندما لاحظ أن إيرادات فرقته المسرحية في انخفاض، وشعر نجوم الفرقة بذلك فتركها حسن فايق وتبعه استيفان روستي ثم عبد الفتاح القصري، وهبطت الإيرادات هبوطاً ملحوظاً، وكان من المفروض أن يتقاضى ياسين والإبياري راتباً قدره خمسمائة جنيه شهرياً لكل منهما، ثم تحسب أرباح الفرقة في نهاية العام، لكن ياسين فوجئ بأن أرباحه في آخر موسم صيفي أحياه في الإسكندرية 19 جنيهاً فقط، ما جعله يبدأ في إعادة حساباته... ثم جاء الموسم الشتوي، واضطر إلى التعاقد مع عدد من الهواة، فقد رفض النجوم العمل معه وكانوا يقولون إنه بدأ يُفقدهم نجاحهم ، ويريد الاستئثار وحده بإضحاك الناس!
تأثر ياسين بهذا الواقع وبدأ يختفي في الوقت نفسه عن شاشة السينما وفن المونولوج ونصحه بعض أصدقائه بإغلاق المسرح لأنه لم يعد يجني الأرباح، لكن ياسين رفض النصيحة، واعتبر أن البعض يريد خروجه من إطار المنافسة، وكان لا يزال مؤمناً بشدة بأن عليه أن يبذل كل ما يستطيع من جهد لإحياء المسرح الكوميدي، على رغم معرفته التامة أن فرقة «الريحاني» باتت تنوء بثقل الخسائر، وأن الكسار التحق كممثل بفرقة المسرح الشعبي وأغلق مسرحه.
مرض النقرس
فعلاً عاد الجمهور إلى المسرح، واستطاع ياسين جذبهم إلى مسرحه مجدداً وفي أكثر من موسم، حتى أنه حقق أرباحاً، لكن الأمر عاد إلى وضعه السيئ بعد ظهور فرق التلفزيون التي كانت تفتح أبوابها للجماهير بقروش قليلة، وعادت فرقة ياسين لتتعرض لخسائر فادحة ومتوالية، وأصبح معظم النجوم يعمل في مسارح التلفزيون وبأجور خيالية، مقارنة بأجور ذلك الوقت.
تقدم ياسين مع شريكه الإبياري بشكوى إلى المسؤولين في التلفزيون لعلهم يعوضون بعض خسائره، لكنها لم تؤد إلى نتيجة، وبدأت المواسم المسرحية تسير من سيئ إلى أسوأ، ومن دون أن يفكر المسؤولون عن المسرح في إنقاذ «فرقة إسماعيل ياسين» من الانهيار، حتى عجزت ميزانية ياسين عن تغطية خسائره وشريكه الإبياري، وبدأ الاثنان يستقبلان المحضرين من وكلاء الدائنين يومياً، وبدأت مصلحة الضرائب توقع الحجز التحفظي على بعض ممتلكات ياسين وحسابه في البنوك.
في هذا الوقت جاءت إليه الهموم الكبرى على شكل مرض، بل ربما مجموعة من الأمراض بدأت تتسرب إلى بدنه، وتصيب شريكه الإبياري أيضاً، وكان معظمها بسبب التوتر العصبي والإرهاق النفسي.
في أغسطس (آب) عام 1966 عاد ياسين، وقدّم «سيدتي العبيطة» على مسرح «إسماعيل ياسين» في الإسكندرية، رداً على مسرحية فؤاد المهندس وشويكار «سيدتي الجميلة»، وفعلاً نجحت المسرحية وحققت إقبالاً متميزاً من الجمهور، أسعد ياسين.
في أحد الأيام رنّ الهاتف، وأجاب ياسين. إنه صديقه المؤلف أبو السعود الإبياري:
- الحق يا إسماعيل.
- إيه فيه إيه يا أبو السعود.. إيه اللي حصل؟
- الممثلين في الفرقة أعلنوا إنهم مش هيدخلوا المسرح أو يمثلوا.
- ليه... إيه اللي حصل؟
- بيقولوا إنهم مش هيشتغلوا إلا لما ندفع لهم مرتباتهم المتأخرة.
تذكر ياسين موقفه مع فرقة «أمين عطا الله» في بيروت قديماً، وشعر أنها بداية النهاية.
سقوط على المسرح
فجأة ظهرت مصيبة جديدة في حياة ياسين بعد أن استيقظت مصلحة الضرائب من نومها وتذكرت أنه لم يسدد ضرائب عن أرباحه ودخله منذ عام 1955، وطالبته بسداد مبلغ طائل لا يملكه في هذه الظروف، فساءت حالته الصحية وتمكنت الأمراض من جسده المنهك وهاجمته بقسوة.
خلال أدائه دوره في المسرحية سقط ياسين على خشبة المسرح من شدة الإرهاق والمرض، ونُقل إلى مستشفى المواساة في الإسكندرية... هاجمه النقرس لأنه كان أدمن تناول اللحوم للتعويض عن سنوات الفقر والحرمان، وزادت على ذلك أمراض الرئة.
وظل إسماعيل في المستشفى مدة شهرين للعلاج، واضطر الإبياري إلى تسريح أعضاء المسرح بعد أن وعدهم بدفع أجورهم المتأخرة حين ميسرة.
انتظر ياسين خلال مرضه أن تسأل عنه هيئة ما أو نقابة أو جهة مسؤولة، فقد كان الشيء المدهش حقاً آنذاك أنه لم يكن يملك ثمن العلاج والأدوية لأن الضرائب والدائنين حجزوا على كل ما يملك وحتى على رصيده في البنك وعلى إيرادات عمارته في الزمالك، وجاء دور زوجته فوزية لترتيب الأمور، فباعت مجوهراتها واقترضت من بعض المعارف والأصدقاء، وعلى رغم ذلك أخفقت في الدفع في الوقت المحدد، لذلك بقي ياسين في المستشفى أياماً عدة بعد شفائه، وعند خروجه وضع الأطباء له شرطاً:
- حمد الله على السلامة يا أستاذ إسماعيل.
- الله يسلمك يا دكتور.
- لا ده إحنا بقينا عال قوي. صحتنا النهارده بقيت تمام.
- كله بفضل الله وبجهودكم يا دكتور أنا مش عارف أشكركم إزاي.
- ده واجبنا انت فنان كبير وثروة قومية.
- أهو الحب الكبير ده أهم عندي من العلاج.
- أيوه بس مش لازم نهمل العلاج، ويكون في مواعيده خصوصاً إننا هنسمح لحضرتك النهارده بالخروج.
- ده أسعد خبر سمعته في حياتي.
- بس مش هتقدر توقف تاني على خشبة المسرح.
- وده أسوا خبر سمعته في حياتي... ليه يا دكتور مش بقيت كويس خلاص؟
- متنساش يا أستاذ إسماعيل إن مشكلة النقرس هتستمر معاك شوية، وده هيمنعك من الوقوف كتير، وكمان تعب الرئة يمنعك إنك تتكلم كتير أو تجهد نفسك، وانت سيد العارفين إن المسرح محتاج مجهود كبير.
اعتبر ياسين هذا الكلام «حكما بالإعدام» الفني عليه فهو يعني ببساطة الحرمان من عشقه «خشبة المسرح» ومواجهة الجمهور... واعتقد أن القدر ساهم في ذلك بحرمانه من صديق العمر الإبياري، الذي رحل في مارس (آذار) 1969.
فشل مسرحي
بعد أن فقد ياسين الأمل في الوقوف ثانية على خشبة المسرح برحيل الإبياري، فوجئ ذات يوم بطلعت حسن مدير فرقة «مسرح عمر الخيام» يعرض عليه القيام ببطولة مسرحية «اتفضل قهوة»، فقبل وشاركه فيها الوجه الجديد سهير رمزي ابنة صديقته القديمة، التي شاركته في أفلام عدة في أيام مجده المطربة درية أحمد، ومعهما ميمي شكيب وصلاح منصور.
لم تكن المسرحية إلا على طريقة المثل الشعبي «الآذان في مالطا» فلم تستقطب الجمهور، ولم يجد ياسين النجاح الذي كان يرجوه ولم ير النقاد في العودة ما يبشر بالأمل أو بجديد على رغم أن ياسين قدّم شخصية جديدة لا علاقة لها بصورته السابقة، لكن بلا جدوى! في أحد أيام العرض لم يتجاوز عدد المتفرجين عدد أصابع اليد فتوقفت المسرحية التي كانت آخر أعمال ياسين.
عادت الكوارث والمصائب تحط على رأس ياسين، وعادت مصلحة الضرائب تطالبه بمستحقات لها بلغت مائة ألف جنيه، ثم تعرّض لحادث مؤلم، فقد اتهم بالقتل حين صدم فتاة صغيرة بسيارته، لكنه أثبت أن الأخيرة خالفت قانون المرور وبرأته المحكمة بعد أن أمضى سنتين متردداً على المحاكم إلى جانب اشتداد مرض النقرس عليه، فأجبره الأطباء على تناول الخضار المسلوقة بالمياه فحسب، ومن دون ملح.
طوق النجاة
جاء طوق النجاة هذه المرة من دولة الكويت، إذ وجهت إليه الدعوة للزيارة والتعاقد معه على تقديم مونولوجاته وأعماله المسرحية هناك، فسافر في آخر مايو (أيار) عام 1967 يحدوه الأمل في استعادة بريقه وأمجاده مجدداً، لكن الأقدار كانت له بالمرصاد، فما كاد يحط رحاله في دولة الكويت حتى وقعت الحرب بين مصر وإسرائيل في 5 يونيو (حزيران) عام 1967!!
ترك ياسين الكويت مضطراً وذهب إلى بيروت للعودة عن طريقها إلى مصر، وفي بيروت عقد بعض الاتفاقات الفنية لتقديم عدد من الأفلام، وكان ذلك بمثابة عودة الروح إليه.
رجع ياسين إلى القاهرة فور التعاقد، ليصطحب معه إلى لبنان، زوجته فوزية وابنه الوحيد ياسين، فهو لا يستطيع العيش من دونهما، ولم يكن الابن أنهى دراسته في المعهد العالي للسينما في قسم الإخراج، لكنه ترك المعهد وسافر مع والده.
وبسبب ظروف الحرب وآثار النكسة وانعكاسها على الأوضاع الاقتصادية والفنية في مصر، هاجر إلى لبنان عدد كبير من فناني مصر، في مقدمهم المخرجان يوسف شاهين وبركات، فاتن حمامة، فريد شوقي، فريد الأطرش، مريم فخر الدين، عماد حمدي، وسبقهم الفنان عبد السلام النابلسي.
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sirine
عاشقة شادية
عاشقة شادية
sirine

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Male_l10
انثى
عدد الرسائل : 42620
تاريخ التسجيل : 01/12/2008
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Qatary21
احترام القوانين : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 111010
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Aao10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الجمعة 26 نوفمبر 2010 - 1:50

تسلم الايادي يا غالية
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: sirine
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.shadialovely.com/
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الجمعة 26 نوفمبر 2010 - 21:28

sirine كتب:
تسلم الايادي يا غالية

شكرا لمرورك ياغالية
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الجمعة 26 نوفمبر 2010 - 21:33

انطفاء الأنوار...

خلال وجوده في لبنان لم يجد ياسين الفرصة الحقيقية التي كان في حاجة إليها، والفرص التي أتيحت أمامه لم تعطه الدور الأول أو الثاني أو حتى الثالث، لكن أمام ضغوط الحياة اضطر أن يقبل بها لتسيير حياته، فقد أراد البعض استغلال اسمه، فشارك في «كرم الهوى، لقاء الغرباء، وفرسان الغرام».
من السينما إلى التلفزيون حيث قدم ياسين البرامج وامتد نشاطه إلى المشاركة في الحفلات الفنية وبعض الملاهي والفنادق، ووجدت الإعلانات الدعائية فيه «صيداً»، فسقط في إغرائها وقدم إعلانات تروج لبضائع مختلفة!
خلال هذه الأعمال التي لا ترضي روح الفنان الحقيقي، تولّد الأمل في قلب ياسين وظهرت الرغبة في أن تظل الأضواء مسلطة عليه، فشكّل فرقة مسرحية جديدة تعمل في سورية ولبنان، وشارك معه محمود المليجي، عقيلة راتب، جمالات زايد، هالة الشواربي، وبعض فناني سورية ولبنان، وحاول ياسين أن يعيد مجد الأيام الخوالي التي تجول خلالها في ربوع مدن سورية ولبنان وذاق حلاوة النجاح وصنع له اسما في تاريخ الفن حفره بالجهد والتعب والمثابرة، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ خسر رأس ماله الذي حققه من السينما والتلفزيون، ولم تحقق الفرقة أي نجاح مادي أو فني.
استجابة لمبادرات كثيرة عادت «الطيور المهاجرة»، وهو الاسم الذي أطلق على الفنانين الذين استقروا فترة في لبنان، وعاد معهم ياسين، لكن فجأة تبخرت الوعود.
ومضى زمن طويل لم يسأل أحد فيه عن ياسين، فذهب إلى عبد الحميد جودة السحار الذي كان يتولى منصب رئيس هيئة مؤسسة السينما آنذاك، وشكا له موقف المنتجين والمخرجين منه، خصوصاً أولئك الذين يعملون لحساب المؤسسة وقال له إنه من غير المعقول بعد أن كان يمثل ستة أفلام شهرياً يجد نفسه من دون عمل!
أبدى السحار دهشته، وأكد أنه معجب بموهبة ياسين ولا يحب ممثلاً كما يحبه، ووعده بأن يحقق رغبته في العمل وابتهج ياسين بذلك وانتظر تنفيذ الوعد من دون جدوى، فبدأ يطوف على مكاتب المنتجين، خصوصاً الذين مثل لحسابهم أفلاماً كثيرة سجّلت أرباحاً مادية طائلة، واستقبله هؤلاء استقبالاً طيباً، ووعدوه بالكثير، لكن الوعود لم يكن مصيرها أفضل من وعود السحار!
روح مناضلة
ترك المرض على جسد ياسين الواهن علامات جعلته يبدو وهو في أواخر الخمسينيات، كعجوز في السبعين، لكن المرض لم يستطع الوصول إلى روحه المناضلة، فقد حزن ياسين على ضياع الفرقة التي تحمل اسمه، والكثيرين الذين كانوا «يأكلون عيش» من ورائه، فتوقفه عن الصعود إلى خشبة المسرح أو عدم وقوفه أمام الكاميرات، معناه أن يتشرد بعض الأسر وتنطفئ الأنوار من حول اسمه... وهو الذي ضحى كثيراً خلال مشوار حياته كي يصنع هذا البريق، فلماذا لا تستمر تضحيته ويحاول ثانية؟
عاد ياسين وبدأ مجدداً، وعُرضت عليه أعمال لم تكن ترقى إلى مستواه وشهرته، لكن الظروف عاندته، فالجسد لم يعد يحتمل، والروح المرحة الضاحكة طوال الوقت أزاحها بغض المرض وهمومه، وانعكس ذلك على شخصية ياسين، حتى على خشبة المسرح، والجمهور بطبعه لا يرحم، فهو لا يعرف ظروف الفنان ولا معاناته ولا آلامه، يريد رؤيته كما تعوّد عليه، وربما كان ذلك السبب الرئيس في اعتزال ليلى مراد في أوج مجدها وشهرتها وعمرها لم يتجاوز الـ 33 عاماً في عام 1955، ولم يلتفت ياسين إلى ذلك لشدة حبه لفنه وجمهوره، لكن الأخير خذله، ولم يعد يأتي لمشاهدة «سمعة»، وتراجعت عروض الفرقة، وتبع ذلك هروب بعض أعضائها إلى مسارح التلفزيون وانشغال البعض الآخر بأضواء السينما، تاركاً ياسين وحيداً يكابد آلامه.
هنا تدخل ياسين الابن في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فهو يريد أن يفعل شيئاً لمساعدة والده، فتقدّم لإخراج أول سهرة درامية في حياته كمخرج بعنوان «دوائر الشك»، واختار والده بطلاً، ظناً منه أنه سيحقق إحدى أمنياته وهو في بداية حياته العملية، ويصنع عملاً لتاريخه الشخصي، يجمع بينه وبين إسماعيل ياسين ليس الأب، فقد ظهر معه سابقاً في فيلم «إسماعيل ياسين بوليس حربي»، بل صاحب التاريخ الطويل والنجم الكبير، فقرر الظهور مع والده في مشاهد عدة في هذه السهرة، كذلك كانت أمنية ياسين تقديم عمل من إخراج ابنه الوحيد، وتحققت أمنية الاثنين، وكانت الأخيرة لكليهما!
العودة إلى البدايات
في عام 1970، وفي يوم عيد ميلاد إسماعيل ياسين (12 سبتمبر) يُفاجأ جمهور مسرح «ملهى رمسيس» بوقوف ياسين على خشبة المسرح يلقي مونولوجاته، وكان حدثاً غريباً وغير متوقع، فبعد غياب ما يقرب من 20 عاماً أو أكثر عاد لإلقاء مونولوجاته في الملاهي الليلية... ما أشبه الليلة بالليالي البارحة!
لم يكن الفرق بعيداً بين رواد ملهى بديعة، حيث وقف ياسين في بداية حياته يلقي مونولوجاته، والجمهور الذي وقف أمامه في ملهى رمسيس، لكن المدهش أن الجمهور أحسن استقباله، ودفع هذا النجاح أكثر من ملهى إلى التعاقد معه!
لم يكن ياسين هذه المرة الشاب الذي يبحث لنفسه عن مكان بين الكبار، بل كان نجماً خلفه تاريخ طويل، يحاول أن يصنع مستقبلاً موازياً له فشتان بين الشاب الذي يبدأ حياته وابن الستين الذي تمكنت منه الأمراض، واضطرته الظروف الصحية لتقديم وصلته مرتدياً «الشبشب» لإصابته بمرض النقرس!
من الملهى الليلي إلى السينما، كأنما التاريخ يعيد نفسه، قبل ياسين العودة ليس في دور البطولة أو البطل الثاني أو حتى «السنيد»... بل أحد الأدوار المساعدة أمام أبطال مثل هند رستم، ورشدي أباظة، وغيرهما من الذين كان يؤدي سابقاً الأدوار نفسها مثلهم.
عندما شعر أن الدنيا قد تضحك له مجدداً، وجدها تضحك عليه، ورحل الرجل الذي أحبه وتعلق به، على المستويين الرسمي والإنساني، ففي الساعة السابعة و45 دقيقة من مساء يوم 28 سبتمبر عام 1970، وقبل صعوده إلى خشبة المسرح لإلقاءمونولوجاته كما تعود يومياً، سمع من الإذاعة خبر رحيل الزعيم جمال عبد الناصر!
بكىطويلاً كما لم يبكِ يوم رحيل والده، وعلى رغم أنه كان يكبر الزعيم بست سنوات، إلا أنه كان يشعر بأنه والده الحقيقي، ما أوقعه تحت وطأة الأمراض مجدداً، وبسبب ظروفه الصحية السيئة بقي في بيته غالبية أيام الأسبوع بلا عمل!
بلا الأصدقاء
لم يكن ياسين مسح دموعه بعد على رحيل عبد الناصر، حتى بكى مجدداً أحد أقرب الأصدقاء إليه، فقد رحل المخرج فطين عبد الوهاب، صديق العمر والنجاح والشهرة... ولم يكد قلب إسماعيل في جنازة صديقه يصرخ باكياً، كما ودع سابقاً أبو السعود الإبياري، حتى أعلنت مصلحة الضرائب عن بيع عمارته في منطقة الزمالك وفاء للضرائب المستحقة عليه، وأعطته الدولة معاشاً استثنائياً بعد أن تذكرت الصحافة والحياة الفنية أن هذا الفنان كان في أحد الأيام «فلاشة الضوء» على غالبية دور العرض السينمائي، ثم عاوده المرض بقسوة ونصحه الأطباء بالراحة والبعد عن جو الحزن الذي أحاط به في القاهرة، فقد تغير كل شيء، ولم تعد الأجواء والأحوال السياسية والاقتصادية كما كانت، تبدل كل شيء حتى الفن، وطغت المادة على كل شيء.
بعد أن كان ياسين يعيش وسط جيل من الفنانين يعملون بإخلاص وحب لأجل الفن... رأى الجميع يعمل لأجل المال والشهرة والأضواء، فشعر أنه وحيد في هذا العالم الذي بات غريباً عليه، وكان لا بد من أن يتقبل الأوضاع الجديدة التي أفرزتها الحياة السياسية والاجتماعية في مطلع السبعينات!
شريط الذكريات
ذهب ياسين إلى الإسكندرية لعله يجد في هوائها نسمة ترد إلى قلبه الهدوء وإلى نفسه الراحة، وهناك حيث الهدوء والراحة، وأمام شاطئ البحر راح يستعرض تاريخ حياته منذ بدأ رحلة الهروب من السويس بحثاً عن مكان الأضواء في القاهرة.
وانهالت الذكريات: من مطرب المونولوج، إلى مطرب المونولوجات الأول، ثم ممثل في الأفلام كافة، ثم أول ممثل يقدم سلسلة أفلام باسمه... أول ممثل يقدم ما يزيد على 18 فيلماً سنوياً... تذكر المنتجين والمخرجين الذين كانوا يتهافتون عليه، وينتظرون منه مجرد توقيع، النجاح في الدول العربية، الصعود خطوة خطوة إلى سماء الشهرة والمجد في المونولوج والسينما والمسرح، و{أفيشات} الأفلام التي كانت تحمل اسمه وتغطي دور العرض كافة... والمسرح الذي أعطاه كل ما كسبه... ثم تجاهل الجميع له وانحسار الأضواء عنه وقسوة معاملة الضرائب له وحجزها على أمواله في البنوك وعمارته!! تساقط الأصدقاء الذين ساندوه ووقفوا إلى جانبه يصنعون مجده ومجدهم.. تذكر المخرجين والمنتجين الذين كسبوا من ورائه أموالاً طائلة ولا يسألون عنه ولا يعترفون به الآن.
ربما حزّ في قلبه أن يعود إلى نقطة الصفر ليبدأ مجدداً في هذا العمر المتأخر، أو ربما أوحت إليه الإسكندرية بنوع آخر من الذكريات، إذ ارتبطت زيجاته الفاشلة والناجحة بها.
من يدري في ما كان يفكر ياسين في أيامه الأخيرة؟ هل كان يفكر في المستقبل ويشحذ القلب والنفس في فترة الراحة والاستجمام ليبدأ مجدداً، متذكراً أن ما مضى كان أشد قسوة وأكثر حلكة وظلاماً من الحاضر، فلا شك في أنه كسب الآف الجنيهات، وأكثر ما كان يسعده على رغم ضياعها، أنه لم ينفقها على الشرب أو النساء أو اللهو، بل على الفن، لذلك كان على يقين بأن القلب والإرادة التي شقّت طريقها إلى القمةتستطيع الانتصار مجدداً.
الاستعداد للنهاية
بدأ ياسين في هذه الفترة يشعر بدنو أجله، خصوصاً بعد أن اشتدّ المرض عليه، ومنعه داء «النقرس» من معشوقته «اللحمة» وكان يقول ذلك لابنه ياسين وهو يضحك:
- أنا بدأت حياتي وأنا نفسي في حتة لحمة، أو حتة فرخة، ويظهر إن حياتي هتنتهي برضه وأنا نفسي فيها.
كان يروي لابنه غالباً كيف خرج من السويس وهو لا يملك من حطام الدنيا سوى الجنيهات الستة، وكيف كان ينام في المساجد ويأكل مع المجاذيب وكيف شق طريقه على الشوك، ثم كيف تحولت الحياة من دمعة حزينة إلى بسمة كبيرة حتى أصبح ملك السينما والمسرح المتوج، وكيف بدأ العد التنازلي، حتى تآمرت عليه الدنيا! ضحك ياسين طويلاً... واندهش ابنه:
- بتضحك على إيه يا عم إسماعيل.
بضحك على الدنيا اللي ضحكت عليا، بتخلص تارها (ثأرها) منيّ.
- ليه بتقول كده؟
- لأن اللي أنا شفته محدش شافه، ومعتقدش أن ممكن حد يشوفه بعد كده خالص مهما نجح ومهما طلع.
- أنا متأكد من ده.
- مش علشان أنا أبوك، لا لأن فعلاً اللي حصل ده لما ببصله دلوقت بحس إنه مكنش طبيعي. ده كان حلم. تخيل الولد السويسي الصغير اللي محلتوش «اللضا» ومفيش في جيبه ولا مليم وجاي ونفسه يغني زي عبد الوهاب، يوصل بيه الحال أنه يكون أغلى نجم في مصر والدول العربية، وينجح النجاح ده كله. وبعدين بعد ما الدنيا تطلع بيه لسابع سما تنزله مرة واحدة لسابع أرض.
- بس انت لسه إسماعيل ياسين مهما حصل.
- إسماعيل ياسين مات خلاص.
- ألف بعد الشر عنك. متقولش كده.
- ده مش أنا اللي بقول، الدنيا هي اللي قالت كلمتها خلاص.
- بابا أرجوك بلاش الكلام ده خلينا نغير السيرة.
- يا ابني الموت علينا حق.
وضحك ياسين كثيراً
- بتضحك على إيه؟
- افتكرت عمك عبد الفتاح القصري الله يرحمه لما كان دايما يقول: «الموت عليكوا حق وكأنه مش عليه هو كمان}. أهو مات وبرضه بعد العز والفخفخة مات وهو مش لاقي حق الدوا.
- الموت ده حاجة فظيعة.
- تتصور إني مش خايف من الموت.
صمت ياسين الابن منتظراً أن يتابع والده حديثه.
- مقولتليش ليه؟
- ليه؟
- لأني محضر للموت ألف نكتة. أول ما أحس بيه داخل عليه هفضل أقول نكت لنفسي علشان أفضل أضحك. وزي ما عشت أضحك الناس أموت وأنا بضحك!
وصدقت مقولة ياسين، إذ كانت توقعاته بالنسبة إلى نهاية حياته صادقة، وعاد من الإسكندرية إلى القاهرة في 23 مايو (أيار) 1972 وأمضى أمسيته مع أسرته، ولم يتوقف ليلتها عن إلقاء النكات... ضحك وضحكوا حتى سالت الدموع من عيونهم، ومع الساعات الأولى من صباح 24 مايو سلّم ياسين الروح مبتسماً.
رحل ياسين عن عمر يناهز الستين عاماً، حتى الطبيب الذي احتاج إليه في اللحظات الأخيرة من حياته لم يكن إلى جانبه...
رحل إسماعيل ياسين، بعد أن أضحك الملايين... أضحك الدنيا كلها، وضحك عليها، ولم يكن يدري أنها هي التي ستضحك أخيراً... رحل بعد أن كان يوماً ملكاً متوجاً تجري من حوله الحاشية يميناً ويساراً.
رحل ياسين تاركاً لنا ثروة قومية تقدر بنحو خمسمئة فيلم حول المواضيع والشخصيات كافة، وما يزيد على 80 مسرحية، صوّر منها التلفزيون المصري أكثر من 50 مسرحية.
رحل جسد إسماعيل ياسين، لكن روحه المرحة الجميلة الضاحكة لا تزال ترفرف في سماء حياتنا المفتوحة.
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
انطوانيت
عاشقة شادية رقم واحد
عاشقة شادية رقم واحد
انطوانيت

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Male_l10
انثى
عدد الرسائل : 61427
تاريخ التسجيل : 11/11/2009
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 3010
احترام القوانين : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 111010
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ouoa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الجمعة 26 نوفمبر 2010 - 22:07

شكرا لكى ماسيتنا على روعه ماتقدميه عن حياة ذلك الفنان الكبير رحمه الله
تسلم ايدك
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: انطوانيت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.shadialovely.com/
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510الجمعة 26 نوفمبر 2010 - 22:42

انطوانيت كتب:
شكرا لكى ماسيتنا على روعه ماتقدميه عن حياة ذلك الفنان الكبير رحمه الله
تسلم ايدك

شكرا لمرورك ياغالية
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sirine
عاشقة شادية
عاشقة شادية
sirine

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Male_l10
انثى
عدد الرسائل : 42620
تاريخ التسجيل : 01/12/2008
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Qatary21
احترام القوانين : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 111010
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Aao10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510السبت 27 نوفمبر 2010 - 1:12

يعطيكي الف عافية على جهودك يا غالية
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: sirine
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.shadialovely.com/
himom
عضو ذهبي
عضو ذهبي
himom

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Male_e10
العمر : 37
ذكر
القط
عدد الرسائل : 1780
تاريخ التسجيل : 17/09/2009
احترام القوانين : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 111010

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510السبت 27 نوفمبر 2010 - 2:27

نور الغالية وحشتنى كتير موضاعتك بالمنتدى كما الباقى ... وحشتونى جداااا جدااا


مجهود رائع ياغالية شكرا لكى ع الموضوع الجميل جدا
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: himom
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.shadialovely.com/ *:
يوسف
القيثارة الفضية
القيثارة الفضية
يوسف

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female75
العمر : 54
ذكر
الكلب
عدد الرسائل : 9562
تاريخ التسجيل : 21/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 2610
احترام القوانين : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 111010
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Aui10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510السبت 27 نوفمبر 2010 - 18:33

شكرا لك اخت نور الكريمة مجهود رائع منك
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: يوسف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.shadialovely.com
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510السبت 27 نوفمبر 2010 - 21:43

sirine كتب:
يعطيكي الف عافية على جهودك يا غالية

شكرا لمرورك ياغالية
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الحياة شاكر
المشرف العام
المشرف العام
نور الحياة شاكر

الدولة : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Female73
انثى
عدد الرسائل : 51922
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
المزاج : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 710
بطاقة عضوية : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Ou_oa10

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة   سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة - صفحة 7 71831510السبت 27 نوفمبر 2010 - 21:45

himom كتب:
نور الغالية وحشتنى كتير موضاعتك بالمنتدى كما الباقى ... وحشتونى جداااا جدااا


مجهود رائع ياغالية شكرا لكى ع الموضوع الجميل جدا

اهلا ياغالي وحشتنا ونورت صفحتي واتمني ان هذه الصفحات من حياة اسماعيل ياسين عجبتك وخاصة انك من المعجبين بهذا الفنان الرائع رحمه الله
الموضوع الأصلى : سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة  المصدر : قيثارة الغناء العربى
توقيع العضو: نور الحياة شاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

سماعيل ياسين..وحياته المليئة بالدموع الحلقة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

+
صفحة 7 من اصل 8انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8  الصفحة التالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شادية دلوعة الشاشة العربية :: ذكريات زمن الفن الجميل :: ممثلى وممثلات ومخرجى زمن الفن الجميل-
انتقل الى: