((شادية)... تحلل لك شخصيتها!)... تحقيق ناااادر جدااا عن (فاتنة الشرق)... كتبته وحاورتها: الكاتبة الراحلة (عائشة صالح)... من تراث مجلة (الكواكب) النادر بتاريخ: 31 مارس 1964 م.... حصررررى لـمنتدى (قيثارة الغناء العربى).. والأستاذة العزيزة/ هدى شعبان... مع تحياتى: محمد إبراهيم عصفور.....
(شــــادية)... تحلل لك شخصيتها!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة (الكواكب): 31 مارس 1964 م تحقيق كتبته: عائشة صالح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" />
تمشى بين صفين فى ليلة الزفة.. ومن وراء الشيش ترى الحناطير والناس بالطرابيش.. وتعود إلى البيت بعد عودتها من الحقل لتعد العشاء على (الكانون).. ورأى (شادية) فى نفسها أنها خليط من أشياء متناقضة...
قلت لها: اتركى لعقلك الباطن العنان!
وجلست مع (شادية) فى بيتها فى حالات نفسية مختلفة مرت بها ـ وخرجت معها.. وذهبنا إلى السينما وتركتها تسرح وتتخيل لكن بصوت مسموع!.
فى السينما شاهدنا فيلما تقع حوادثه فى احدى جزر الباسيفك.. والمناظر رائعة خلابة.. وبيت على شاطىء البحر وجبال خضراء من خلفه ـ ولم تستطع (شادية) أن تسكت كلما رأت منظرا جميلا.. همست فى أذنى: كيف أستطيع أن أصل لتلك الجزيرة؟.
وتذكرت (شادية) عندما كانت تحدثنى عن طفولتها.. عن حدائق (أنشاص) التى أمضت فيها أجمل سنوات عمرها.. عن الشجر الذى كانت تتسلقه.. واستطردت (شادية): على أن أعيش فى نفس بيت بطلة الفيلم..
والبيت بسيط ليس فيه ما يغرى.. لكنه وسط الخضرة والماء والجبال، فأحبته (شادية) ــ لكن فى البيت شىء آخر جذبها.. كان فيه ثلاثة أطفال.
ـــ يا روحى الأطفال يجننوا!
وكلما ظهر طفل على الشاشة تهمس (شادية) فى أذنى: الولد ده يجنن!
وخرجنا من السينما وركبنا سيارتها.. سألتنى وهى سارحة: كيف أصل إليها؟.. الهدوء.. الخضرة.. الجمال.. الجبال.. المنزل البسيط .. وضحكت: على أن يتركوا لى أيضا الأطفال الثلاثة!!
وكنا قد وصلنا لبيتها.. وجرى (خالد) ابن أخيها (طاهر) إليها.. وقبل عمته.. وحملته (شادية) بشوق.. بلهفة كأنها لم تره منذ سنة.. كأنه لم يكن معها منذ ثلاث ساعات فقط..
ـــ (خالد).. ألا يشبه أصغر الأطفال الثلاثة فى الفيلم.. تماما مثله حتى فى عفرتته!
وقالت لى وكأنها تحدث نفسها: هل خسرت كثيرا عندما أنسانى الفن أن أعيش كزوجة وأنجب أطفالا؟ لكن الزواج الناجح لا يأتى إلا عن حب.. ليس الحب الذى كنت أفهمه زمان..
ــــــــــــــــــ
أغنى لـ (ليلى مراد)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
وتنظر بعينيها لا لشىء.. وتبتسم: الحب زمان عندما كنت صغيرة فى الرابعة عشرة.. الحب قبل أن أعرفه كان ألذ شىء فى الوجود.. ألذ حب هو حب الخيال.. أيامها كنت أسرح بالساعات واتخيل الفارس الذى سيلمحنى حتى وأنا بعيدة عنه وراء الأسوار.. ولكننى اخطف قلبه.. فيغامر بحياته ويتسلل، ويتخطى كل العقبات ويخطفنى، ويأخذنى إلى جزيرة نائية ليس فيها إلا هو وأنا والعصافير والزهور وقنوات الماء وعلى ضفتيها الخضرة.. أو أجد نفسى معه وسط الغابات المتشابكة وهناك يبنى بيتنا بساعديه القويتين، حوائطه من جذع شجرة، وسقفه من فروعها.. وغذاؤنا ما يصطاده ويعود به إلى.. ونوقد النار لنتدفأ ونعد عليها غذاءنا!.
ثم الفاكهة من الأشجار التى نستظل تحتها ــ وتضحك (شادية) ــ لقد كانت أفلام (طرزان) منتشرة ومسيطرة على فى ذلك الوقت!!
ولكن سرعان ما تتبدل أحلامى.. أنا.. أين؟. نعم فى حديقة تجعل قلبى يقفز من الفرح.. اذن فيها زهور وأشجار جميلة.. ممتدة إلى مالا نهاية.. فضوء القمر يرقص على صفحة الماء فى القنوات الممتدة لتروى الشجر.. وأجد نفسى أغنى فى صوت هامس.. وعندما انتهى من أغنيتى أجد يده تلامس يدى فى رقة.. وأجفل، فلم أكن أظن أن أحدا معى يسمعنى، ويجلس فى صمت إلى جانبى على الحشائش.. وتلتقى العيون.. ويخفق قلبى بشدة.. بعنف.. حتى ليخيل إلى أن العالم كله يسمع دقاته.. إذن فهذا هو الحب..
هذا هو فارس أحلامى.. وأغنى له وضوء القمر مازال يرقص على صفحة الماء.. وهو مازال صامتا.. وأنا أغنى له:
حجبت نورك ليه عنى
يا بدر ما بين الغمام
يا هلترى خجلان منى
والا الغرام أصبح حرام؟
تماما عندما كانت تغنى (ليلى مراد) نفس الأغنية لحبيبها على ضوء القمر فى مشهد من فيلم (غادة الكاميليا). وسحرنى هذا المشهد.. كان رائعا.. وتمنيت أن أعيشه فى الواقع مع فارس أحلامى..
وتمر الأيام وأصل إلى سن السابعة عشرة.. والأحلام وحدها لم تعد تكفينى.. يجب أن يتجسم حبى لشخص ما من لحم ودم.. والحب فى هذا السن اندفاع.. عاطفة بلا عقل.. اخرج وأنا خالية القلب ثم، ألمح شابا وسيما يعجبنى.. إذن فهو حبيبى ولا أرى فى العالم كله غيره.. وأحس أننى وحدى التى اكتشفت أسرار الحب، وأننى وحدى الخبيرة به.. وتمر الأيام يوما وراء الآخر وابتسامة منه حتى ولو كنت مكتئبة تحولنى إلى أسعد إنسانة فى الدنيا، وعندما يعبس، فالدنيا وقتها وحشة.. سخيفة أليس (هو) غاضبا.. وتمر الأيام وفى جلسة تضم مجموعة كبيرة، أرى شابا آخر يعجبنى.. اذن فهذا هو فتى أحلامى وليس الآخر.. وأوحى لسيدة بجانبى أن تطلب منى أن أغنى.. ويستمع الجميع إلى، لكن لم يكن يهمنى أحد غيره، فأنا لا أغنى إلا له وحده.. وكلمات الإعجاب منه تصبح شيئا آخر... تجعل قلبى يقفز من الفرح.. اذن فهذه هى فرصتى لأتكلم معه.. ومع ذلك تظل الكلمات تتزاحم على طرف لسانى ولا أستطيع أن أنطق بها.. ويحمر وجهى وترتعش يداى..
أين ذهبت جرأتى؟ تاهت ضاعت وأنا أمامه!.. وفى حجرتى وأنا وحدى أظل أؤنب نفسى.. معلهش المرة الجاية!. وأظل أعد الكلمات التى سأقولها له عندما أراه مرة أخرى.. ولكن الكلمات تهرب منى فى كل مرة..
ـــــــــــــــــــ
السيوف فى زفافى
ــــــــــــــــــــــــــــ
ثم أحلم بالزواج.. من سيكون؟. ضابطا طبعا ــ وحفلة الزفاف فخمة وعظيمة.. وهو جالس بجانبى فى (الكوشة) فى بذلته الرسمية والنجوم على أكتافه تخطف الأبصار، وهو يهمس فى أذنى وأنا أختلس النظر إلى صديقاتى لأرى تأثير كل ذلك عليهن. وصوت موسيقى الجيش يأتى إلى أسماعى اننى أسمعها.. أحس أننى اسمعها فعلا.. ثم يأخذنى من يدى.. وبين صفين طويلين من الجنود نسير تحت السيوف المتشابكة التى يحملونها.. والحلم يعيش معى ليالى.. وليالى طويلة.. وأنا لا أشبع منه.. بل كلما حلمت به أكثر كلما تمنيته أكثر..
كل ذلك قبل أن أتزوج مرتين.. وأفشل مرتين.. ومع ذلك مازلت أؤمن بالحب.. ليس الحب الذى كنت أفهمه زمان.. الحب الآن أعرفه كتفاهم وتجاوب وعقلى يتحكم فيه.. التجارب غيرتنى.. ولكن شيئا واحدا لم ولن يتغير أبدا منذ طفولتى ــ هو حبى للدلع!. حتى فى العمل لا أطيق أن أعمل فى مكان لا أكون مدللة فيه. والدلع فى الشغل معناه عندى أن يعاملنى كل من حولى معاملة طيبة وبرقة. وفى بيتى أدلل أبى وأمى وأخوتى وأبناءهم وكل من أحبهم.. وأحب منهم أن يدللونى.. والانسان الذى يحبنى لابد أن يدللنى، وأنا أيضا أدلـله.. فالدلع فى طبعى. والحب الجد شىء سخيف.. ومع ذلك فان نظرتى للحب قد تغيرت عن زمان.. فى خيالى من مدة كنت أرى أننى ممكن أن أضحى بأى شىء. أى شىء فى سبيل من أحب.. أما الآن فاننى أرى أننى ممكن أن أضحى، لكن إلى حد ما فقط إذا أحببت.. أضحى بوقتى جايز.. بصحتى أيضا!
ومنذ أيام.. استيقظت من نومى.. ونظرت من خلف شيش نافذة حجرتى قبل أن أفتحها.. ووجدت فتيات وسيدات يسرن فى الطريق مسرعات، بعضهن إلى الجامعة وبعضهن إلى أعمالهن.. مسئوليات ضخمة على الفتاة اليوم ــ وامتدت يدى إلى الشيش لأفتحه.. ولا أدرى لماذا توقفت يدى.. فقد حول خيالى الشيش إلى مشربية لا أستطيع إلا أن أنظر من ثقوبها على المارة.. ورأيت.. طبعا لم أر شيئا بل تخيلت المارة أمامى كلهم بالطرابيش.. وبعصيهم بالجلباب البلدى.. والعربات أمامى أغلبها تحول إلى حناطير فى الطريق الضيق الذى لم تطأه قدماى إلا مرة.. لا بل مرتين: وأنا فى طريقى مع والدتى لنزور خالتى فى الحسين، ولنقرأ الفاتحة، نحن نلبس طبعا (الحبرة) ونركب الحنطور ومن الباب للباب.. ثم زوجى لم أحدثك عنه.. صحيح أنه حمش جدا.. شنبه يقف عليه الصقر.. لكنه أيضا يتحمل كل المسئوليات عنى ويحمينى ويرعى أطفالى ــ وأنا سعيدة فى بيتى بلا مسئوليات أو تفكير..
ان ابتسامة رضى منه هى منتهى سعادتى فعالمى كله محصور فيه!
نعم الأطفال.. عدنا إلى الأطفال.. فهم فى أى عصر وأى زمن أجمل شىء فى الحياة.. ففيهم البراءة والطيبة والجمال والعفرتة.. والمستقبل المشرق.. كل الأطفال بلا استثناء..
ــــــــــــــــــ
روح (كليوباترا) تتقمصنى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى فكرة ليس عصر (المشربيات) كما أسميه هو وحده الذى يستحوذ على خيالى.. فأنا أحيانا أحس اننى أنتمى لعصر الفراعنة.. وأحيانا أحس أننى (كليوباترا) نفسها أو أن روحها قد حلت فى..
×× إذا تؤمنين بتناسخ الأرواح؟
ـــ لا أؤمن بها ولكننى أفكر فيها.. بدأت الفكرة عندما ذهبت لأول مرة فى حياتى لأزور آثار الفراعنة فى (الأقصر).. وجلست فى احدى معابدهم.. ورغم أن قدماى تطآنه لأول مرة استغرقنى المكان واستهوانى ــ ولا أدرى لماذا؟ ولكننى أحسست اننى لست غريبة عن هذا الجو وهذا المكان، رغم أن قدماى تطآنه لأول مرة فى حياتى.. وتملكنى شعور بأننى احدى أميرات الفراعنة، وأن الرسوم والنقوش على جدران المعبد ما هى إلا رسوم أقاربى.. لكن الغريب اننى أحسست فى فترة أخرى أننى (كليوباترا) وأن روحها تعيش فى داخلى.. وكل انسان مهما كان عدم اهتمامه ومعرفته بالتاريخ قد عرف وقرأ عن (كليوباترا).. لقد كانت شخصية ألهمت كثيرا من الكتاب.. ويكفى أن (شيكسبير) قد كتب عنها هو و(برنارد شو) و (شوقى)...
وأعيش مع (شادية) فى خيال (كليوباترا).. ولكنها فجأة تسألنى: هل تحبين قصص (ألف ليلة وليلة)؟
من منا لم تشده قصص (ألف ليلة وليلة)؟ لكن الإنسان الخيالى لا يسمعها فقط بل يعيشها فى خياله.. فخيالها لذيذ.. و(شهرزاد).. إنها امرأة بكل ما فى المرأة من ذكاء ودهاء ودلال ــ وسحر.. انها تحكى وتحكى.. فتسحر بكلامها الملك (شهريار) نفسه ــ اذن فهى أمتع محدثة.. آه لو كنت أنا (شهرزاد) ــ كم تخيلت ذلك كثيرا حتى أحسست فى فترة أننى أنا نفسها.. حتى تحول الفستان الذى أرتديه فى خيالى إلى فستان (شهرزاد).. أحسست أننى (شهرزاد).. وأجلس وأحكى كل هذه القصة الممتعة..
×× لمن؟
ـــ لـ (شهريار) أيا كان هذا الـ (شهريار)...
ــــــــــــــــــ
ضعيفة أمام (طاهر)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
وتقول لى (شادية):
ـــ والشخصيات البسيطة أيضا تسحرنى.. الريف بهدوئه وجماله كما تعرفين يجذبنى.. وعلى ضفاف الترعة كثيرا ما كنت أرى فلاحة بملابسها الجميلة الزاهية وهى تجلس على حافة الترعة وتغسل ملابسها.. وأتخيل نفسى مكانها.. ان حياتها بسيطة، ولكنها جميلة ومنطلقة، وهى تعيش مع أسرتها فى سعادة وتعاون جميل، تحمل غذاء بسيطا فوق رأسها إلى زوجها فى الحقل.. ثم تعود للبيت لتعد العشاء على (الكانون).
×× نعود لتناسخ الأرواح؟
ـــ كثيرا ما أجلس مع مجموعة من الناس ويجرى بيننا حديث فأحاول أن أتذكر، وأحس اننى عشت فى هذا الجو وسمعت الحديث.. نفس الحديث من قبل!. ومن هنا فكرت فى تناسخ الأرواح.. فربما كانت روحى قد عاشت فى جو مثل هذا من قبل.. وأحيانا ما أشاهد انسانا يتعذب فى الحياة.. وأتألم وينغص على هذا حياتى.. وأظل أفكر فيه ــ وأحيانا ما أصل إلى نتيجة انه ربما يتعذب لأن روحه كانت أصلا تعيش فى جسد انسان ظالم، ثم عاشت فيه وهذا هو الانتقام السريع فى الحياة!
وجاء (خالد) يجرى إلى عمته.. وحملته بين يديها وقبلها واحتضنته فى حنان.. و(شادية) أم بطبيعتها.. تحب الأطفال.. كل الأطفال.. ولكن (خالد) له مكانة أخرى.. قالت لى (شادية):
تعرفى ان (خالد) ــ غير انه طفل لذيذ ــ إلا أنه ابن أخى (طاهر)، وأنا ضعيفة جدا أمام (طاهر).. انه يصغرنى بعام واحد فقط، ولكننى أحيانا أتخيله ابنى!.. خيال غريب أليس كذلك؟. ولكن لذلك سببا.. أحيانا ما أتناقش مع (طاهر).. فهو ليس أخى فقط بل صديقى. والأخوة أحيانا ما تحتدم المناقشة بينهم فأحيانا ما أحتد.. وقد أثور وأنظر إلى يد (طاهر).. والغريب أن خيالى يجعلنى أرى أمامى جرحا فى يده والدم ينزف منه فى خيط طويل فيملأ راحة يده ويمتد إلى ذراعه ويزيد الدم ويسيل على الأرض ويعود خيالى إلى الماضى.. كان (طاهر) وقتها فى الثالثة من عمره.. كان (لذيذ موت)، ودمه خفيف، وكان الكل يحبه ويدلـله فهو الصغير، وبدأت الغيرة منه تدب وقتها فى قلبى الصغير. وكان يكبر احساسى بالغيرة منه مع الأيام.. وفى يوم، كان يمسك بقطعة صغيرة من الزجاج ذات حافة حادة.. وكنت قد ضقت به كثيرا فى ذلك اليوم بعد أن زادوا فى تدليـله بدرجة مزعجة.. وجاءتنى فكرة وقلت له: بص يا (طاهر) اللعبة الحلوة دى.. شوف أنا بحط صباعى ازاى على حرف القزازة وأمشيها عليه.. وكنت طبعا أمرر اصبعى بخفة. وفرح (طاهر) باللعبة الجديدة. وأخذ الزجاجة ووضع اصبعه الصغير على الحافة فقلت له:
ـــ قوى يا (طاهر).. قوى!
ومرر (طاهر) اصبعه بشدة على الزجاجة.. ثم صرخ بشدة وألقاها بعيدا والدم يسيل من اصبعه. فقد كان الجرح غائرا.. وجرى كل من فى البيت إليه، وحملته أمى.. ولم يعرف أحد اننى أنا السبب.. ولكن منظر الدم أفزعنى.. وتورم اصبع (طاهر) بعد ذلك وظل يؤلمه مدة ويجعله يبكى.. وأحسست وقتها كم أحب (طاهر)!. وشعرت بندم فظيع.. لم أعرف أنه ندم وقتها ولكنه كان كذلك ــ وأفادنى هذا الحادث وعلمنى الكثير.. علمنى ألا أحس بالغيرة أبدا من أحد.. فهى تفسد الخيال، وتنغص الحياة وتؤذى الطرفين. ولكن هذا الحادث أيضا جعلنى ضعيفة أمام (طاهر).. فكلما أغضبته أرى بخيالى منظر الدم وهو يسيل من اصبعه، وأسمع بخيالى بكاءه يصعب على ولا أستطيع إلا أن أصالحه..
ــــــــــــــــــ
بساطتى.. مكر؟
ــــــــــــــــــــــــ
×× الإنسان الخيالى كثيرا ما يحس أنه يستطيع أن يفهم الناس بسهولة لكنهم لا يفهمونه؟
ـــ هو فعلا كذلك.. كثيرا ما التقى بانسان لأول مرة فى حياتى ــ وأحس أنه نموذج جديد وأحاول أن أفهم شخصيته من تصرفاته وكلامه.. والغريب اننى لا أتذكر أبدا كيف كانت ملابسه، حتى فى السيدات!. فأنا أهتم بأعماق الإنسان فقط.. ثم أجلس بعد ذلك بمفردى أسرح فى شخصيته وأحللها. هذه هواية عندى..
×× إذن.. حللى أنت شخصيتك بنفسك؟؟
ـــ أنا خليط من أشياء متناقضة. كثيرا ما أقتنع لشىء وبسرعة وبدون تفكير، وبعد يومين أرفض الفكرة تماما وأمقتها وأتعجب كيف فكرت فيها!.
×× هل معنى هذا أنك متقلبة؟
ـــ ربما.. وكثيرا ما يحاول غيرى أن يقنعنى بخطئى فى شىء.. فأقتنع بسرعة.. وأحيانا ما أتمسك بالشىء رغم علمى أنه خطأ.. أى أننى أحيانا ما أكون عنيدة.. ولكن أليس كثيرا من الناس كذلك؟.. أعتقد.. وأنا لا أفكر بتأن أبدا بل أقرر بسرعة.. ربما أكون مندفعة أيضا.. وعندما ألتقى بشخص ويعجبنى أحبه بسرعة.. ولا أفكر هل يستحق ذلك أم انه انسان خبيث؟. هل هذه طيبة أو سذاجة.. لا أدرى.. ولكن الإنسان عموما شخصية معقدة ولغز يصعب فهمه حتى على نفسه.
ـــــــــــــــــــــ
مع تحياتى: محمد إبراهيم عصفور