الدولة : عدد الرسائل : 51922تاريخ التسجيل : 08/12/2007المزاج : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: لماذا نجحت أم كلثوم؟ الخميس 10 مارس 2011 - 0:01
ام كلثوم تغني حب إيه لبليغ حمدي فيترك كلية الحقوق.. ويتفرغ للتلحين
يكتبها: مصطفي الضمراني
محمد فوزي يرشحه لأم كلثوم في أغنية.. فتغني له ثلاث أغنيات أخري كيف فتح الحظ أبوابه لعبد الوهاب محمد؟!
لم يخطر ببال بليغ حمدي الطالب بحقوق القاهرة أن هوايته في التلحين وتردده علي حديقة معهد الموسيقي بشارع رمسيس ومقابلاته اليومية مع كبار الملحنين والمؤلفين والمطربين ستصنع منه ملحنا كبيرا أو حتي مجرد عازف في فرقة موسيقية, فهناك عشرات الهواة من الشباب الذين يترددون علي هذا المعهد مثله, و الذين يعشقون هواية التلحين أو يدرسون بعض الآلات الموسيقية ويتدربون عليها ويتخصصون فيها مثل آلات العود والكمان والقانون وغيرها... وكثيرا ما كان ينصحه شقيقه مرسي سعد الدين وشقيقته صفية حمدي بالابتعاد عن هذه الهواية وضياع وقته في التردد علي المعهد وعدم اهتمامه بدراسته في كلية الحقوق التي رسب فيها أكثر من مرة, وكان انشغاله سببا في أن يتحول من طالب منتظم بالكلية إلي طالب منتسب بعد أن تعثر أكثر من مرة في السنة الثانية, وحذراه حتي لا تكون هوايته الموسيقية سببا في ترك الكلية أو فصله منها بعد تجاوز مرات الرسوب.. لكنه لم يعر أي اهتمام بهذه النصائح منهما, أو من بعض زملائه بالكلية, وأصبح بليغ واحدا من أكثر المترددين علي المعهد يوميا ولا يغيب عنه طوال أيام الأسبوع, وكانت علاقته وثيقة مع الشاب إبراهيم خالد ابن شقيقة أم كلثوم الذي كان يجلس إلي جواره ويحفظ منه بعض ألحانه ويرددها معه علي آلة العود, عله يجد اليوم الذي يلمع فيه اسمه كمطرب مثل المطربين الآخرين, لكن متي يحدث ذلك لا أحد يعرف, وتمر الأيام والأشهر إلي أن يتعرف بليغ إلي الفنان محمد فوزي صاحب شركة مصرفون التي تسجل وتنتج أغاني أم كلثوم وتطرحها للبيع في الأسواق علي أسطوانات, ويستمع في إحدي الجلسات بالمعهد إلي ألحان بليغ وإلي لحن جديد كان قد أبدعه ليغنيه عبدالحليم حافظ بعنوان تخونوه وعمره ماخانكم.. تبيعوه وعمره ما باعكم وكان هذا اللحن سكة جديدة في التلحين وأسلوبا مختلفا عن الألحان السائدة في ذلك الوقت, إذ كان مثار إعجاب عدد كبير من الملحنين والموسيقيين من أمثال محمد الموجي وميشيل المصري وعبدالعظيم محمد وفؤاد حلمي وغيرهم, وكان محمد فوزي يجلس دائما إلي جانب بليغ يسمع منه بعض ألحانه الأخري أيضا, وعرض عليه أن يعرفه علي سيدة الغناء العربي أم كلثوم, لكن بليغ خاف من هذه المقابلة, اعتقادا بأن طموحه لم يصل به كملحن ناشئ لكي يلتقي بأم كلثوم أو حتي يجلس إلي جوارها, ورفض بليغ هذا المشروع في ذلك الوقت, مفضلا أن يبدأ رحلته مع مطربين ومطربات الدرجة الثانية, خصوصا أنه كان يتابع تعامل أم كلثوم مع كبارالملحنين مثل رياض السنباطي وزكريا أحمد وغيرهما. واستمر بليغ في تردده علي معهد الموسيقي وقناعته التامة بلقاء بعض المطربين والمطربات الأقل من حيث الشهرة والمجد الغنائي من أم كلثوم, واستمرت علاقته بالشاب إبراهيم خالد تتوثق إلي أن دعاه ذات يوم لزيارته في فيلا خالته أم كلثوم بالزمالك, وخشي بليغ كثيرا من هذه الزيارة حتي لا تكون سببا في إزعاج سيدة الغناء أو دخول فيلتها بدون إذن منها, لكن خالد طمأنه بأن زيارته لا تكون فيها أي إحراج أو إزعاج, فهي ربما تكون نائمة في ذلك الوقت أو تختلي بنفسها لحفظ لحن جديد تنشغل به للموسيقار الكبير رياض السنباطي, وكان محمد فوزي قد تحدث مع أم كلثوم كثيرا عن بليغ وأهمية أن تتعرف إليه كمبدع جديد له إبداعاته اللحنية, وأنه يفضله علي نفسه كملحن يمكن أن تتعامل معه أم كلثوم, لدرجة أن أم كلثوم بدأت تفكر كثيرا في هذاالشاب الملحن الذي يرشحه فوزي لها ويفضله علي نفسه, لكنها كانت تقول سيأتي الوقت وربما تلتقي به عند وجود مناسبة, ولم تكن متحمسة لهذا الترشيح لانشغالها بألحانها الجديدة واستعداداتها للموسم الغنائي. بليغ في فيلا أم كلثوم ويذهب بليغ حسب موعده مع إبراهيم خالد إلي فيلا أم كلثوم بالزمالك ومعه عوده, ويعرف من البواب أن خالد في انتظاره ويجلس معه في الصالون وبعد أن تناولا معا شاي المساء بدأ بليغ يغني علي العود بعض ألحانه التي كان قد لحنها, وكانت منها أغنية حب أيه اللي إنت جاي تقول عليه واندمج بليغ في الغناء والعزف علي العود دون أن يخطر بباله أن أم كلثوم ستسمعه ويلتقي بها, ويزداد اندماج بليغ في الغناء, ويغني معه خالد, وإذا بأم كلثوم تستمع في الغرفة المجاورة إلي صوت وأداء بليغ في هذه الأغنية وتجلس بعيدا دون أن يراها أو تشعره بأنها تتابع ما يغنيه, ويشد انتباه أم كلثوم مذهب الأغنية وأداء بليغ وحلاوة اللحن وتغنيه معه عن بعد دون أن يعلم بذلك حب إيه اللي إنت جاي تقول عليه إنت عارف قبله معني الحب ايه إنت ما بينك وبين الحب دنيا دنيا ما تطولها ولا حتي في خيالك إلي أن يصل بليغ إلي الكوبليه الذي يقول كنت باخلص لك في حبي من كل قلبي وإنت بتخون الوداد من كل قلبك بعت قلبي.. بعت ودي.. بعتي حبي بعتني وفاكرني ليه.. أشتاق لقربك ليه إنت فين والحب فين.. ظالمه ليه دايما معاك إنت لو حبيت يومين.. كان هواك خلاك ملاك ويشتد إعجاب أم كلثوم بلحن وكلمات الأغنية, وبعد أن تركت بليغ لفترة طويلة يغني الأغنية دون أن يراها أو تشغله عن أداء اللحن, لم يكن أمامها بعد هذا الانتظار الطويل سوي أن تدخل الصالون من خلفهما وبليغ مندمج في الأداء, وإذا بشخص يربت علي كتفه أثناء الغناء, ويلفت بليغ فيجد أم كلثوم, ويقف مفزوعا وفي غاية الرهبة من الموقف ويقول: أهلا ياست.. وتقول له أهلا, اجلس يابليغ أنا سمعتك كويس وتهدئ من روعه وتطلب له شايا آخر وتطمأنه بأنه هايل, واللحن جميل, وتدعوه إلي أن يغنيه من الأول, وفي ذهنها ما كان قد قاله محمد فوزي عن بليغ وأنه يفضله علي نفسه كملحن لأم كلثوم, ويعيد بليغ أداء اللحن من البداية, وتغني معه أم كلثوم المذهب, وتندمج أكثر في فقرة إنت فين والحب فين.. ظالمه ليه دايما معاك.. إنت لو حبيت يومين كان هواك خلاك ملاك, وتقول لبليغ إيه الكلام الحو ده, وتطلب من بليغ نسخة من كلام الأغنية وتسأل مين المؤلف فيقول لها إنه مؤلف جديد اسمه عبدالوهاب محمد, وتطلب من بليغ بعد أن أمضيا وقتا طويلا في الغناء معا أن تعود غدا في نفس الموعد ومعه عبدالوهاب محمد والأغنية كاملة. عبدالوهاب محمد في فيلا أم كلثوم ولم يصدق عبدالوهاب محمد ما قاله بليغ حمدي بضرورة أن يقابله في فيلا أم كلثوم في الثامنة مساء, وهو منتظره هناك, فقال له عبدالوهاب وهو في قمة سعادته: معقول يابليغ أم كلثوم مرة واحدة, أنا ما أقدرش أروح الفيلا لوحدي, إيدك علي إيدي أروح معاك, أنا مش مصدق يابليغ, وبالفعل تقابل الاثنان أمام معهد الموسيقي العربية واستقلا تاكسي إلي فيلا أم كلثوم التي تري عبدالوهاب محمد لأول مرة, ودخلا الفيلا, حيث كانت في انتظار وصولهما, وفور أن جلس عبدالوهاب في الصالون والرهبة تسيطر علي عقله وقلبه, ويكاد يرتعد من جلال الموقف, وإذا بأم كلثوم تدخل وترحب بهما وتسأله مشيرة إلي عبدالوهاب, إنت عبدالوهاب محمد؟ ويرد نعم ياست.. فتقول: إنت شاعر كويس وسيكون لك شأن عظيم, فين باقي كلام الأغنية؟ يقرأه عبدالوهاب من الأجندة التي كانت معه, وكان قد كتب الأغنية علي الآلة الكاتبة, وتقول أم كلثوم في كل مقطع منها: الله الله, وعندما ينتهي عبدالوهاب من قراءتها من النوتة أو الأجندة اللي معاه قالت اكتبها لي لوحدها, فقال عبدالوهاب إنه كاتبها لوحدها اتفضلي ياست, وبدأت أم كلثوم تقرأ حب إيه مرة تانية, وعلي الفور اتصلت بقائد فرقتها الموسيقية عازف آلة القانون الأول في المنطقة العربية محمد عبده صالح لحضور هذا اللقاء, وكان منزله قريبا من فيلا أم كلثوم, وفي حدود ربع ساعة كان موجودا, وقال صالح: أهلا يابليغ أهلا ياعبدالوهاب, وردت أم كلثوم هو إنت تعرف عبدالوهاب قال أيوه, أنا باشوفه في معهد الموسيقي, وطلبت من عبده صالح الاتفاق مع بليغ غدا لكتابة النوتة الموسيقية للحن أغنية حب إيه استعدادا لتسجيلها, وطلبت أم كلثوم أن يغني الأغنية من جديد بصوته أمام عبده صالح, فغناها بليغ وكان إعجاب صالح بها فوق كل تصور, وقال لأم كلثوم مبروك ياست, دي المفاجأة التي نفتتح بها الموسم الجديد في نوفمبر61, وفي اليوم التالي حسب الاتفاق كان بليغ في منزل محمد عبده صالح وأحد الموسيقيين المتخصصين في كتابة النوتة الموسيقية, حيث استغرقت الكتابة من الثامنة مساء حتي منتصف الليل, ليخرج بليغ ويعود إلي منزله بعد أن ودعه عبده صالح الذي فاجأ بليغ في ثالث يوم من المقابلة بأن موعد البروفة غدا في استديو مصرفون بالعتبة, وبحضور مهندس الصوت والفنان القدير محمد فوزي الذي فوجئ بموعد البروفة, وكان سعيدا للغاية, وكان معه المهندس سعيد المصري المتخصص في تسجيلات أغاني أم كلثوم, وما إن جلست الفرقة في الاستديو وبدأت عزف مقدمة الأغنية ومعهم بليغ حمدي الذي حضر قبل الفرقة بنصف ساعة والشاعر عبدالوهاب محمد ليجلس الثلاثة, المهندس وعبدالوهاب ومحمد فوزي في الكابينة, وتدخل أم كلثوم الاستديو لإجراء البروفة, فتسلم علي الجميع, ويقول لها محمد فوزي: فاكره ياست لما وصيتك علي بليغ, فضحكت الست وقال معك حق, ده عامل لحن يجنن, وسيكون مفاجأة الموسم, وطلبت من فوزي ومهندس الصوت عدم إبلاغ أي صحفي بالبروفة, وعزفت الفرقة اللحن, وغنت أم كلثوم وهي في أكثر حالاتها سعادة وفرحا بالأغنية كلمات ولحنا, وعادت أم كلثوم إلي فيلتها لتأتي في اليوم التالي واستمرت البروفات أسبوعين يوميا في استديو مصرفون ليكون الخبر قد تسرب إلي الصحفيين, ونشرت الصحف أن أم كلثوم ستقدم ملحنا وشاعرا جديدين في موسمها الغنائي الجديد, دون أن تذكر اسم الشاعر أو الملحن, ولا حتي الأغنية الجديدة. الحظ يفتح الباب لعبدالوهاب محمد ويأتي موعد الحفل في الخميس الأول من نوفمبر61, وتغني أم كلثوم حب إيه التي كان الراحل كمال الملاخ قد انفرد بكلماتها قبل الحفل بثلاثة أيام بعد أن أخذه من أم كلثوم نفسها, لأنها منعت المؤلف والملحن من تسريب أي خبر للصحافة, واكتظ مسرح سينما قصر النيل بعشاق فن أم كلثوم من مصر وجميع الأقطار العربية, وبدأ جلال معوض بعد فتح الستار في قراءة الأغنية التي استقبلها الجمهور بكل الحب والإعجاب, وغنت أم كلثوم مذهب الأغنية الذي طلب الجمهور إعادته مرتين, ونفس الشئ بالنسبة للكوبليه الأخير, وحققت الأغنية نجاحا منقطع النظير, ولمع اسم بليغ حمدي وعبدالوهاب محمد في سماء الأغنية العربية, حيث وزعت الأغنية أرقاما خيالية في مبيعاتها داخل مصر, وفي جميع الأقطار العربية, أما المفاجأة غير المتوقعة فكانت في ضياع أجندة عبدالوهاب محمد بما تضمه من أغنيات هي كل إنتاجه, وبحث عنها في جميع الأماكن التي زارها, وكان في غاية الحزن, ومضي عليه أكثر من أسبوعين في البحث عنها دون أن يتطرق ذهنه إلي أنه نسيها في صالون فيلا أم كلثوم من شدة رهبة الموقف بالنسبة له, ووضعها السوفرجي علي ترابيزة صغيرة بجوار الصالون وكان اليأس قد بلغ أشده عند عبدالوهاب محمد في العثور عليها, وفجأة جلست أم كلثوم في الصالون ووقع نظرها علي هذه الأجندة, فطلبت من السوفرجي إحضارها وفتحها, واكتشفت أن عبدالوهاب محمد نسيها وجلست أم كلثوم في سرير نومها في المساء تقرأ بعض أغانيها التي أعجبت بها كل الإعجاب, واختارت منها ثلاث أغنيات شدت انتباهها, وقررت أن تغنيها في المواسم المقبلة, وكانت الأولي, أنا وانت ظلمنا الحب بإيدينا التي لحنها بليغ حمدي أيضا, والثانية ح اسيبك للزمن التي لحنها رياض السنباطي, والثالثة للصبر حدود التي لحنها محمد الموجي, وهكذا فتح الحظ كل أبوابه لعبدالوهاب محمد عندما أبلغته أم كلثوم بأنها وجدت أجندة أغانيه في فيلتها واختارت منها ثلاث أغنيات, وسالت دموع عبدالوهاب علي خديه من شدة الفرح ليحكي لزوجته وأولاده ما حدث
الدولة : عدد الرسائل : 51922تاريخ التسجيل : 08/12/2007المزاج : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: لماذا نجحت أم كلثوم؟ الثلاثاء 15 مارس 2011 - 0:55
عندما بكت ام كلثوم
في سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم مع شركائها عمالقة التلحين وشعراء الكلمة مواقف تختلف باختلاف كل حالة لحنية, وقد تكون ساخنة أو محرقة في بعض الأحيان, وقد تكون إنسانية لأبعد الحدود وهذه المواقف تمر منذ بداية الكلام حول أغنية بعينها مع الشاعر أو مع الملحن وتستمر مبهجة حلوة تسعد جميع الأطراف أو قاسية ربما يتعطل بسببها المشروع كله ويحدث شبه خصام ربما يطول بعض الوقت أو يقصر حسب الحالة نفسها, وهذه المواقف تعتبرها أم كلثوم من الأسرار التي لا يمكن أن تخرج خارج دائرة المؤلف أو الملحن وقد تتسرب إلي اثنين فقط من فرقتها الموسيقية الأول قائد فرقتها الموسيقار عازف القانون الأول محمد عبده صالح والثاني عازف الكمان الأول أحمد الحفناوي باعتبارهما أكثر من تثق فيهما أم كلثوم وأكثر من يكتمان أسرار العمل معها سواء داخل مصر أم البلاد العربية عندما تكون هناك ليلة من ليالي أم كلثوم. ومهما كانت سخونة هذه المواقف أو صعوبتها في بعض الأحيان لكنها في الغالب تمر بهدوء, لأن الجميع لديه الرغبة في الاستمرار مع أم كلثوم وتنفيذ تعليماتها بالحرف الواحد دون اعتراض أملا في كسب ثقتها في إقامة علاقة حميمة قد تساعد في أن يكون صاحب اللحن أو الكلمات هو الملحن أو المؤلف( الملاكي)لأم كلثوم ولو لعدة سنوات فقط يمكن من خلالها أن يجمع ثروة طائلة من حقوق الأداء العلني الذي يعود عليه من إذاعة أغانيها علي مستوي الوطن العربي, وهي ثروة قد تصل إلي آلاف الجنيهات يحصل عليها كل عام من جمعية المؤلفين والملحنين باعتبار أن أم كلثوم هي الموزع الأول للأغنية العربية حسب إحصائيات جمعية المؤلفين في باريس ـ الساسم ـ وهو ما يدركه كل متعامل معها ويعتبرها الكنز الذي يستطيع من خلاله أن يعيش طول حياته معززا مكرما. لكن هذه القاعدة لها استثناء واحد في حياة سيدة الغناء العربي, وهو الموسيقار الراحل رياض السنباطي صاحب أطول رحلة في مسيرتها الغنائية التي امتدت لحوالي أربعين عاما, فالسنباطي إلي جانب أنه فارس ألحانها الأول فهو أحسن من يلحن القصيدة الشعرية باعتراف جميع النقاد والمثقفين والمستمعين العرب, ولذا فقد كان له دلاله الخاص عند أم كلثوم وهو المستثني من قاعدة الطاعة الكاملة لكل ما تقوله أم كلثوم, وهو الملحن الذي يعتز بنفسه لدرجة الكبرياء والشموخ وعدم الخضوع لفكر أحد اقتناعا بنفسه كموسيقار ومبدع وفي نفس الوقت له قناعته التامة بأن الإنسان لابد أن يعيش حياته دون ضعف أو رجاء أو توسل أو تدن لأحد, لأن الرازق هو الله.. وهذه كانت طبيعة رياض السنباطي الذي يحترم نفسه لأبعد الحدود, هذا بالإضافة إلي أن أم كلثوم نفسها كانت تعتبر الأربعين عاما التي قطعها معها السنباطي شريكا في مسيرة الأغنية كانت تمثل مرحلة كفاح حقيقية من جانبه من أجل أن تبقي أم كلثوم سيدة الغناء العربي, وهو ما جعل أم كلثوم تنظر إليه بعين التقدير والاحترام وتعتبر ألحانه لها شيئا مقدسا لا يحتاج إلي تعليق أو مناقشة وكانت عندما ترغب في أن يلحن لها الجديد تتصل به تليفونيا للحضور إلي فيلتها المطلة علي نيل الزمالك وكانت من كثرة إعجابها به تخصص له عودا يبقي بانتظاره كلما تستدعيه من منزله في مصر الجديدة حتي توفر عليه مشقة حمله في سيارته والدخول به إلي الفيلا, وكان السنباطي يضبط أوتار العود في كل مرة حتي يكون جاهزا للتلحين إذا جاءه الخاطر وهو في فيلتها يتأمل صفحة النيل من الشرفة مع فنجان الشاي بالنعناع أو' قهوته المفضلة' وكان هذا العود معروفا لجميع الملحنين بأنه عود السنباطي الذي لا يستطيع أحد الاقتراب منه حتي ولو كان هذا الأحد من كبار الملحنين أيضا, لأن السنباطي معروف بأنه عنيف وصعب خصوصا عندما يكتشف أن أحدا أمسك بهذا العود والسنباطي يكتشف ذلك بسهولة لأنه عندما يغادر فيلا أم كلثوم يضبط أوتار العود علي نغمة معينة قد تكون الصبا أو البياتي أو النهاوند, ويأتي إليها وفي عقله مقطع جديد للأغنية المتفق عليها أي دخول أحد الكوبليهات مثلا أو خاتمة اللحن التي نسجها مع نغمة معينة كان قد جهز لها العود وضبطه عليها قبل مغادرة الفيلا, وعند العودة يمسك بالعود وقد تكون الكارثة لو اكتشف أن تغييرا قد حدث في ضبط العود, فهنا يصل الأمر به إلي ترك المكان فورا, وكانت قد حدثت واقعة من هذا النوع وثار بعدها السنباطي ومن وقتها ظل العود في مكانه لا يقترب منه أحد. وقد تعودت أم كلثوم أن تستمع في كل مرة إلي السنباطي وفي كل ألحانه ولا تملك سوي أن تقول' الله الله يا رياض إيه الجمال ده' وتتدفق مشاعر السنباطي حبا وإبداعا وعشقا لسيدة الغناء العربي ويستمر في العزف أمامها يغني الأغنية الجديدة بصوته الذي كان من أحلي الأصوات المحببة لأم كلثوم من بين كل الملحنين الذين تعاملت معهم, كما كانت تعشق كلمات شريك مشوارها الثاني وعاشق صوتها شاعر الشباب كما كان يطلقون عليه أحمد رامي وكانت تستقبل كل لحن للسنباطي مع كلمات رامي وكأنها اكتشفت كنزا جديدا من الماس أو الذهب, ولذا فقط فازت كلمات رامي وألحان السنباطي بنصيب الأسد من صوت أم كلثوم التي غنت لهما أكثر من عشرين أغنية ناجحة منها' حيرت قلبي معاك وأنا بداري وخبي, وعودت عيني علي رؤياك, ويا ظالمني, وهجرتك يمكن أنسي هواك وودع قلبك القاسي, ورباعيات الخيام, وجددت حبك ليه, ودليلي احتار وحيرني, وسهران لوحدي وياللي كان يشجيك أنيني وغيرها من الأغنيات التي مازالت ترن في آذان كل عشاق فن أم كلثوم علي امتداد الوطن العربي كله. ولكن يبدو أن الحال علي هذا الرضا التام بين أم كلثوم والسنباطي قد أراد الله أن تصيبه أعين الحاسدين, وكانت المناسبة قصيدة الأطلال للشاعر الكبير إبراهيم ناجي, حيث بدأت أم كلثوم مع رياض في الحديث عن هذه القصيدة عام1962 حين أعجبتها الأطلال, وطلبت منه أن يشاركها في اختيار الأبيات المناسبة للغناء من بين هذه القصيدة المطولة وعقدت أم كلثوم عدة جلسات مع رياض تم خلالها انتقاء أحلي ما يمكن أن تشدو به, وتركت أم كلثوم لرياض السنباطي الذي كان متحمسا للقصيدة أكثر منها أن يبدأ فورا في التلحين, ودخل السنباطي صومعته وبعد غياب استمر شهرين جاءت الفرصة لأم كلثوم لتسأل رياض عن أخبار الأطلال فكانت المفاجأة أن انتهي السنباطي بالفعل من تلحين نصف القصيدة وطلب منها الانتظار شهرا آخر حتي يكتمل اللحن بالصورة التي يتمناها, وانتظرت أم كلثوم شهرا آخر ثم طلبت السنباطي بعد ما نشرت الصحف أنباء القصيدة الجديدة وأبياتها التي لقيت استحسانا كبيرا لدي عشاق ناجي وصوت أم كلثوم وألحان السنباطي, وسارعت الوفود العربية التي كانت تحجز أماكنها مسبقا مع كل أغنية جديدة قبل موعد الحفل بشهرين أو ثلاثة, وبدأت الاتصالات تتدفق لكي تستمع من أم كلثوم موعد غناء القصيدة التي كان من المقرر أن تغنيها أم كلثوم في أكتوبر.1963 وجاء موعد لقائها مع السنباطي لكي تستمع إلي اللحن كعادتها واستدعت السنباطي الذي كان قد انتهي بالفعل من تلحين القصيدة كاملة وجلس إلي جوار أم كلثوم يغنيها بصوته وقد أخذته الحماسة والاقتناع بأن الأطلال ستكون أحسن ما لحن لأم كلثوم والتي ظلت تغني معه دخول المذهب وتطلب منه أن يعيد العزف مرات ومرات وهي تغني وتغني فرحة باللحن ثم طال الوقت وانتقل السنباطي إلي الكوبليهات التي أبهرت أم كلثوم وظلت تشدو معه كل كوبليه علي حده والسعادة تشع من عينيها والسنباطي أكثر وأكثر, وطلبت أم كلثوم الاستراحة بعض الوقت لتناول فنجان الشاي أو قهوة السنباطي ولكن السنباطي لم يستطع التوقف حتي أثناء الشاي والقهوة واستمرت أم كلثوم تردد الكوبليهات مرة ومرتين وثلاث مرات وأصبح الاثنان في ملكوت آخر من الاندماج في اللحن وحلاوة كلمات الأطلال, وكانت المفاجأة عندما اقترب السنباطي من أبيات القصيدة في المقطع قبل الأخير الذي أعجب أم كلثوم إعجابا لا نظير له وهو المقطع الذي يقول: هل رأي الحب سكاري مثلنا كم بنينا من خيال... حولنا ومشينا في طريق مقمــر تثــب الفرحـة فيه قبلنا وضحكنا ضحك طفلين معا وغدونــا فسبقنا... ظلنا ولكن عندما جاءت الشطرات الأخيرة في الكوبليه الأخير تغير الحال وتبدلت الأحوال وأصبحت المخاوف تتسرب إلي قلب أم كلثوم في قفلة الكوبليه الأخير. يا حبيبي كل شيء بقضاء ما بأيدينـا خلقنـا تعساء ربما تجمعنا... أقدارنـا ذات يوم.. بعدما عز اللقاء فإذا ما أنكر خل.. خلـه وتلاقينا.. لقاء الغرباء لا تقل شئنا.. فإن الحظ شاء وهنا انتفضت أم كلثوم قائلة:' لا يا رياض القفلة عالية قوي لا.. لا' وهاج السنباطي قائلا إنت عايزه إيه يا أم كلثوم قالت:' عايزة أغير القفلة.. يعني إيه.. يعني تكون من الطبقة الواطية' فوقف السنباطي والغضب يملأ عينيه ليقول:' أنت المطربة وأنا الملحن.. وترك العود علي الكنبة التي كان يجلس عليها وغادر فيلا أم كلثوم في حالة غضب شديد واستمر الوضع أسبوعا واتصلت أم كلثوم بالسنباطي ولكن دون رد وفات الشهر تلو الشهر والسنباطي في صومعته ممتنعا عن الكلام مع أم كلثوم, وتدخل الموسيقار محمد عبده صالح طالبا زيارة السنباطي في بيته وبعد عدة اتصالات استقبله السنباطي وقال له:' في البداية أهلا بك يا صالح بس إوعي تفتح معي موضوع أم كلثوم' وحاول عبده صالح تهدئة السنباطي موضحا له أن موعد الحفل اقترب والناس بتسأل إمتي يسمعوا الأطلال ورد السنباطي' أنا معتذر عن التلحين خليها تدي القصيدة لملحن ثان' وهز صالح رأسه وقال للسنباطي' اهدأ يا رياض كل شيء يتحل بالهداوه'.. وبعد أخذ ورد قال له السنباطي' أنا الملحن يا صالح لأم كلثوم وإحنا لينا30 سنة يعني جاية النهاردة تقول لي تغير القفلة أنا ما باغيرش جملة واحدة ده إحساسي وأنا أفهم صوت أم كلثوم جيدا وأعرف مساحة صوتها وديه هي القفلة اللي تناسب صوتها وهي قادرة علي أداء أصعب من كدة.. واستأذن صالح السنباطي عائدا لأم كلثوم لينقل إليها ما دار بينهما من حديث, وبعد أسبوع حاول الحفناوي نفس المحاولة مع السنباطي وعلمت أم كلثوم إصرار السنباطي علي القفلة واقتناعه الكامل بها وراهن علي نجاحها. وبعد محاولات استمرت طويلا اتصلت أم كلثوم ببعض أصدقائها من الشعراء العرب الذين يعرفون السنباطي وكذلك بعض كبار الصحفيين والأدباء لكي يتم الصلح بينهما.. وكان رد السنباطي للجميع' أنا أعلم ما ستحققه هذه القفلة من نجاح عند الجمهور وأراهن علي ذلك. واستمر الحال أكثر من عامين ومع منتصف العام الثالث وبعد أن استمعت الجماهير العربية إلي ألحان أخري لغير رياض السنباطي تساءل الناس في الصحف العربية متي يستمعون إلي أطلال السنباطي وأم كلثوم؟ وتدخل الأصدقاء للصلح ووافقت أم كلثوم ووافق السنباطي, بشرط عدم تعديل القفلة وتم الصلح بين أم كلثوم والسنباطي وبشروط السنباطي وجاء موعد الأطلال في الخميس الأول من أكتوبر66 وغنت أم كلثوم الأطلال في سينما قصر النيل, حيث لا مكان لقدم والإذاعات العربية تذيع القصيدة علي الهواء مباشرة وانتشي الحاضرون مع كوبليه هل رأي الحب سكاري ثم انتقلت أم كلثوم إلي المقطع الذي يقول يا حبيبي كل شيء بقضاء ما بأيدينا خلقنا تعساء.. ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم.. بعدما عز اللقاء.. فإذا ما أنكر خل خله.. وتلاقينا لقاء الغرباء لا تقل شئنا فإن الحظ شاء, وهنا تحول المسرح إلي شبه مظاهرة عارمة وتصفيق لا ينقطع مع صياح وتهليل وتصفيق بلا انقطاع وتهليل' أعد' أعد' تاني يا ست' لا تقل شئنا يا ست إن الحظ شاء يا ست' وأعادت الفرقة هذا المقطع مرة ومرتين واندفعت الجماهير بعدها إلي المسرح تحيط بسيدة الغناء في ابتهاج شديد بعظمة ألحان رياض وكلمات ناجي وصوت أم كلثوم ولم تستطع مغادرة المكان إلا بصعوبة بالغة ووسط حماية الشرطة من تدفق الجماهير علي سيارتها من الباب الخلفي بسينما قصر النيل, وما إن صعدت إلي السيارة وسط هذا الزحام الغفير والدموع تنهمر من عينيها لهذا النجاح المظفر نظرت بسرعة إلي السائق الذي اتجه في طريقه العادي للعودة بها إلي فيلتها كالمعتاد في الزمالك ولكن أم كلثوم قالت له' لا يا أسطي اطلع من شارع رمسيس ورد السائق حنروح فين يا ست قالت له:' علي بيت السنباطي' وهي المرة الأولي التي تذهب فيها أم كلثوم إليه في منزله, حيث كان مستغرقا مع أسرته في الاستماع للأغنية التي سجلها علي الريكوردر وأثناء استغراقه الشديد في السماع دق جرس الباب وكانت الساعة قد اقتربت من الفجر, ونادي السنباطي علي زوجته وأولاده' شوفوا مين اللي جاي دلوقتي' وفتحت زوجة السنباطي الباب, فوجدت أم كلثوم التي اندفعت مسرعة من مدخل الباب وارتمت في أحضان السنباطي والدموع تنهمر من عينيها وتقول له:' أنا آسفة يا رياض علي ثلاث سنوات ضاعت من عمري أنت كنت فهمني أكثر من نفسي' ست!! وأحضرت زوجة السنباطي الشاي بالنعناع والمثلجات والفرحة تغمر الجميع لوجود أم كلثوم في بيت السنباطي لتكون هذه الليلة من أجمل ليالي العمر يستمع فيها الكل من جهاز الريكوردر إلي تصفيق الجماهير الملتهب في المقطع الأخير للقفلة التي رفض السنباطي تغييرها وأعادتها أم كلثوم أكثر من مرة بناء علي رغبة الجماهير.. ليودعها في النهاية السنباطي وجميع أسرته عائدة إلي فيلتها في الزمالك مع نسائم صباح يوم جديد*
الدولة : عدد الرسائل : 51922تاريخ التسجيل : 08/12/2007المزاج : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: لماذا نجحت أم كلثوم؟ الأحد 22 مايو 2011 - 23:22
كان بين أم كلثوم وعبد الوهاب صراع على الزعامة!
كان أمامي في الإجتماع الأسبوعي الذي أعقده مع أسرة تحرير “الموعد” إشارة من سكرتيرية التحرير تنبّهني إلى أنّ هذا العدد سوف يصدر قبل ثلاثة أيام من الذكرى الثامنة عشرة لرحيل كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، والتي ما زالت حتى الآن متربّعة على عرش الغناء، حتى أنّ أية مطربة جديدة لا يمكن أن تُقبَل عند ملايين المستمعين العرب إلاّ إذا ما قدّمت الشهادة الوحيدة التي تؤكد كفاءتها وهي غناؤها لأغنيات أم كلثوم.. وقال لي أحد المحرّرين: ـ ما الذي يمكن أن يُقال في ذكرى أم كلثوم، هل بقي هناك موضوع لم يكتب عنها، اننا في “الموعد” و”نورا” استهلكنا كل ما في تاريخ سيدة الغناء من أحداث.. قلت: * ومع ذلك، تبقى في حياة أم كلثوم أشياء كثيرة تُقال وتُكتب، أنّ حياتها منذ ان جاءت إلى القاهرة وهي تضع على رأسها المنديل الريفي قادمة من قرية “طماي الزهايرة” إلى أن أصبحت فنانة الشعب الأولى في مصر والعالم العربي، زاخرة بالأحداث والحكايات والتحديات.. وسئلت: ـ مثلاً، ما الذي يمكن أن يكتب عنها في الذكرى الثامنة عشرة لوفاتها.. وأجبت: * انني كنت قد بدأت فعلاً بإعداد دراسة عن العلاقة بينها وبين الموسيقار الكبير الراحل محمد عبد الوهاب، وما استهواني في هذه الدراسة هو أنني شهدت بعض أحداثها، وأهمها لقاء القمة في عام 1963 عندما لحّن لها أغنية “انت عمري”، وكانت أولى الروائع التي جمعت بين صوتها وموسيقاه، وهو ما كان يعتبر عند البعض من رابع المستحيلات، لأن التنافس بين العملاقين كان على أشده حتى الوقت الذي اقتنع فيه كل منهما بأن احدهما يكمل الآخر!. وقال لي كل مَن كانوا معي في اجتماع أسرة التحرير: ـ إذاً، لماذا لا نجري حواراً معك حول هذا الموضوع؟ قلت: * حاضر، وأنا جاهز حالاً للرد.. وسئلت: ـ هل حدث مرة وتكلمت مع أم كلثوم عن سبب الخلافات التي باعدت بينها وبين عبد الوهاب في السنوات التي سبقت لقاءهما في أغنية: “انت عمري”.. فقلت: * كان الموسيقار محمد عبد الوهاب يؤكد لي دائماً بأن علاقاته الشخصية مع أم كلثوم كانت على ما يرام على مدى السنين والأيام، وكانت تجمع بينهما دائماً سهرات عند أصدقاء لهما مثل الكاتب الصحفي محمد التابعي، الذي كان نجم مجتمع بقدر ما هو صحفي، كما كانا يلتقيان في مناسبات اجتماعية كثيرة عند باشوات أيام زمان، ولم يحدث مرة ـ كما قال لي عبد الوهاب ـ ان حدث بينهما خلاف ما على الصعيد الشخصي!. وقيل لي: ـ إذاً، ما الذي باعد بينهما فنياً، هل كانا يتزاحمان على عرش الغناء مثلاً!. وقلت: * جاءت فترة من الزمن، كما تروي أخبار الأمس، انقسم فيها الناس إلى فريقين، احدهما يناصر أم كلثوم والثاني يبايع عبد الوهاب بزعامة الغناء، وسمعت أنّ حوادث كثيرة كانت تقع بين أفراد من الفريقين مثل التي تحدث الآن أحياناً بين مشجّعي فريق “الزمالك” والذين يتحمّسون لمنافسه فريق “الأهلي”!. وسئلت: ـ وعلى سبيل المثال، ما الذي كان يحدث بين الفريقين.. فأجبت: *روي لي أنّ عبد الوهاب كان ذات يوم يغنّي في الإسكندرية على مسرح “الهمبرا”، وفي عز انسجامه بالغناء فوجئ بشاب من الحضور يقف ويهتف بسقوطه، ويدعو الجمهور إلى عدم سماع أغانيه لأنها تُفسد الذوق، فما كان من شاب آخر إلاّ أن تصدّى له وراح يطلق الهتافات ضد أم كلثوم، ولم يجد صاحب المسرح بداً من دعوة الشرطة على عجل للحيلولة دون تحوّل التحدّي بين الشابين إلى معركة بين الجمهور، وقد سألت الموسيقار الكبير يوماً عن صحة هذه الواقعة فلم يتذكّرها، ولكنه لم ينكر انه كان هناك تنافس حقيقي وجاد بينه وبين أم كلثوم على الإجادة والإبداع، ولكنه لم يكن يصل بهما إلى التنافر أو الخناق.. قيل لي: ـ إذاً، ما الذي كان يحدث نتيجة لهذه المنافسة؟ قلت: * عندما أصبحت العلاقات متينة بين أم كلثوم وعبد الوهاب، وفي سهرة جمعت بينهما وأعدّتها زوجة الموسيقار السيدة نهلة القدسي سألت سيدة الغناء عما إذا كان صحيحاً ما روي عن المشاكل التي كانت تقوم بين أنصارها وأنصار عبد الوهاب، فقالت لي: ان ما قيل وروي كان كذباً كله، بل ومجرّد قصص وإشاعات كان يخترعها متعهّدو حفلاتهما من أجل إثارة حماس الناس ليزداد إقبالهم على هذه الحفلات!. وقيل لي: ـ ما الذي جعل لقاء عبد الوهاب وأم كلثوم في أغنية: “انت عمري”، وما بعدها من أغنيات يتأخّر طويلاً!. فقلت: * ان الموسيقار محمد عبد الوهاب كان فيما مضى يلحّن لنفسه فقط، عندما كان ما زال يحيي الحفلات في الإذاعة والمسارح وفي أفراح عائلات الباشوات الذين كان عدد أصدقائه منهم وفيراً جداً، وحتى عندما لحّن للمطربة الكبيرة ليلى مراد في فيلمي: “عنبر” و”غزل البنات” فإنه لحّن لها لأنه كان شريكاً في الفيلمين، وأيضاً عندما لحّن لغيرها من المطربات مثل صباح ورجاء عبده، فإن ما لحّنه كان أغنيات في أفلام من إنتاج شركته، إلاّ أن الموسيقار الكبير اعتزل الغناء في المسارح تماماً في أوائل الخمسينات، ولم يعد يلحّن لنفسه إلاّ الأغنيات القليلة التي كان يسجّلها على اسطوانات، ومن يومها أخذ في تلحين الأغنيات للآخرين مثل: نجاة الصغيرة، فايزة أحمد، عبد الحليم حافظ وغيرهم، وظلّت مساعي الأصدقاء ناشطة ومستمرة طوال أربعة عشر عاماً من أجل أن يتحقّق لقاء القمة، إلى أن تحقّق في عام 1963!. وسئلت: ـ لمن يعود الفضل في تحقيقه؟!. فأجبت: * كلام كثير قيل حول لقاء القمة والذين نجحوا في صنعه، ولكن ولأنني في تلك الفترة كنت على مقربة من العملاقين وعلى صداقة متينة مع كل منهما، فإنني أؤكد بأن الفضل الأول في التقارب الذي حدث اجتماعياً في بادئ الأمر بين أم كلثوم وعبد الوهاب يعود إلى زوجته السيدة نهلة القدسي، فإن الموسيقار الكبير كان يعيش وحيداً بعد طلاقه من زوجته الأولى السيدة إقبال نصار، ولم تكن له حياة اجتماعية خاصة يلتقي فيها بأم كلثوم في إطار عائلي، بل كانت لقاءاتهما دائماً اما في مناسبات فنية أو مهرجانات وطنية.. وسئلت: ـ وما الذي فعلته السيدة نهلة القدسي؟ فقلت: * انها أوجدت تقارباً اجتماعياً بين عبد الوهاب وأم كلثوم، وصارت تخترع المناسبات التي تهدف منها إلى صنع تآلف بينهما في إطار اجتماعي، بحيث يحدّث كل منهما الآخر عن أشيائه الشخصية، وهكذا فعندما جاء الوقت المناسب للقاء فني بينهما كان تحقيقه على قدر كبير من السهولة، لأن السيدة نهلة القدسي كانت قد مهّدت الطريق له بإزالة أية حواجز شخصية أو نفسية كانت قائمة بين العملاقين.. وسئلت: ـ ما هو الوقت المناسب، وكيف جاء؟!. فأجبت: *كان الوقت المناسب مساء يوم عيد الثورة العاشر في الثالث والعشرين من تموز “يوليو” عام 1962، وكانت تجري في مثل هذا اليوم من كل عام احتفالات كبيرة أهمها سهرة في نادي الضباط في “الزمالك”، تحييها أم كلثوم ونخبة من نجوم الغناء، ويحضرها الرئيس جمال عبد الناصر وكبار رجالات الدولة، وفي سهرة ذلك العام 1962 كان الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب موجوداً في السهرة لأنه قدّم فيها استعراضياً غنائياً من تلحينه بأصوات عدّة مطربين ومطربات، وعلى ما أذكر فإن هذا الاستعراض كان بعنوان: “صوت الجماهير”!. وأكملت الكلام: * وفي فترة الإستراحة بين فاصل غنائي وآخر كان من عادة الرئيس جمال عبد الناصر أن يتناول العشاء في مطعم “نادي الضباط”، وفي تلك الليلة دعا إلى مائدته السيدة أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب، وجلس هو بينهما، وخلال العشاء قال لهما: وبعدين، ايمتى حنسمع حاجة من تلحينك يا أستاذ محمد بصوت الست أم كلثوم؟ فردّ عليه الموسيقار: أنا جاهز يا فندم، وان شاء الله سيادتك تسمع من أم كلثوم أغنية من تلحيني في “عيد الثورة” الجاي! وهكذا أصبح العملاقان أمام الأمر الواقع، وتحركت السيدة نهلة القدسي عندئذٍ لتجري بينهما المزيد من اللقاءات الإجتماعية التي صارا يتحدثان فيها عن لقائهما الفني الذي أصبحت تنتظره الملايين في الوطن العربي بعد أن تسرّبت أخبار عنه إلى الصحف!. وسئلت: ـ وكيف اختيرت أغنية “انت عمري”؟ وقلت لأسرة “الموعد”: * الموسيقار الراحل الكبير محمد عبد الوهاب روى لي مرة، وحديثه مسجّل عندي، قصة أغنية: “انت عمري” فقال ان الشاعر أحمد شفيق كامل كان قد كتبها ليغنّيها الموسيقار، وفعلاً كان قد بدأ بتلحينها استعداداً لتسجيلها، وصودف أن سمعها منه عازف الكمان العبقري المرحوم أحمد الحفناوي، فرأى انها تصلح لأم كلثوم أكثر، وهكذا، وفي نفس الليلة جاءت سيدة الغناء إلى بيت عبد الوهاب، واستمعت إلى “انت عمري” فوافقت على غنائها بعد أن اقترحت بعض تعديلات على كلامها، وأهمها أن الأغنية كانت تبدأ بجملة “شوّقوني عينيك لأيامي اللي راحوا” فأبدلت الكلمة الأولى بـ”رجعوني”، وكانت أجمل بشهادة مؤلّف الأغنية نفسه.. وسئلت: ـ ولكن، وأيام زمان، لماذا كان الناس يتصوّرون أنّ هناك خلافات بين عبد الوهاب وأم كلثوم، مع أنّ اللون الغنائي لكل منهما كان مختلفاً تماماً عن الآخر؟!. فأجبت: * إذا أردنا ـ تاريخياً ـ وضع النقاط على الحروف، فلا بدّ من أن نسجّل بأنه كان هناك صراع على الزعامة الفنية بين العملاقين، وعنوان هذه الزعامة هو نقابة الموسيقيين، فقد تكرّر أكثر من مرة تزاحمهما على منصب النقيب، وفي كل مرة كانت أم كلثوم هي التي تفوز وتصبح نقيبة، ويضطر عبد الوهاب إلى أن يكون معارضاً لها!. وسئلت: ـ هل كانت أم كلثوم أقدر انتخابياً من عبد الوهاب، ولهذا كانت تفوز عليه دائماً؟!. فأجبت: *كان لها هيئة أركان حرب مؤلّفة من كبار الملحّنين الذين تتعامل معهم، وهؤلاء، كانت لكل منهم دالة كبيرة على الموسيقيين، وفي نفس الوقت فقد كان يُقال بأن أم كلثوم كانت تحظى بدعم مباشر من الدولة، لأنه كان معروفاً انها المطربة الأقرب إلى الملك فاروق.. وكادت الأسئلة أن تتوالى أكثر، ولكنني رأيت الإكتفاء بهذا الحد من الأخذ والرد، على أن يخصّص لمثل هذه الأسئلة والأجوبة في المستقبل ندوات أطول وقتاً، والمهم أنني أنهيت الإجتماع بأن قلت للسادة المحرّرين: *لماذا لا أجد في أحاديثكم مع نجوم الفن مثل هذه الأسئلة “الحرّاقة” التي انهالت منكم عليَّ!. وانتهى الإجتماع.. ومرّ عام جديد على رحيل سيدة الغناء، الغائبة الحاضرة!.
الدولة : عدد الرسائل : 51922تاريخ التسجيل : 08/12/2007المزاج : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: لماذا نجحت أم كلثوم؟ الإثنين 30 مايو 2011 - 0:14
تقرير كامل عن صحة.. الست!
كتب الراحل محمد بديع سربيه عام 1973:
.. والست هي كوكب الشرق، وسيدة الطرب، وفنانة الشعب: أم كلثوم.. و”الست” هو اللقب الشعبي البسيط الذي يصفه بها الناس في مصر، فيتحدثون عن “الست” إذا راحت وإذا جاءت، ويطمئنون دائماً عن صحة الست، وعندما يستبد بهم الطرب في حفلاتها لا يتمالكون أنفسهم ويصرخون بإعجاب، ومن أعماق قلوبهم: ألله يا ست.. كمان يا ست!. وصحة الست أم كلثوم كانت الشغل الشاغل للملايين من العرب طوال الأشهر الأخيرة، أي منذ أن توقّفت عن إحياء حفلاتها الشهرية، واكتفت ـ لأول مرة ـ بتسجيل أغنية جديدة لها هي “حكم الهوى” على اسطوانة دون أن تغنّيها على المسرح، ثم عندما طارت إلى لندن حيث أمضت هناك ما يقارب الثلاثة أسابيع!. ورغم أنّ الست عادت أخيراً إلى القاهرة، ومظاهر الصحة والعافية تشرق على وجهها، فإن الجماهير ما زالت تتلهّف على سماع أي خبر يطمئنها على صحة أم كلثوم، أو يبشّرها بأنها سوف لن تعتزل الغناء، ولن تحرم الآذان من الطرب الأصيل، والسحر المتدفّق من الحنجرة الذهبية. وفي بيروت ألتقي بواحد من الذين أعرف أنهم من أقرب المقرّبين إلى سيدة الغناء، وأجدها فرصة سانحة لأحصل منه على تقرير كامل عن صحتها الغالية على قلوب الملايين، وأستمع منه إلى نشرة تتضمّن آخر أخبارها!. وأسأل القادم من القاهرة: * الست رجعت من لندن.. هل حالتها الصحية تدعو إلى الإطمئنان؟ أجاب: ـ الحمد لله، هي الآن في أحسن حال، وقد كنت مطمئناً إلى أنها بخير وعافية حتى قبل أن تسافر إلى لندن، لأن الأطباء المصريين الذين قاموا بفحصها قبل السفر أكّدوا في تقاريرهم أنّ ما تشعر به ليس إلاّ أعراض “انيميا” أصابتها نتيجة للريجيم القاسي الذي سارت عليه منذ مدة طويلة، وجعلها تمتنع عن تناول العديد من الأطعمة.. وليس سراً أنه جاء وقت كانت فيه الست أم كلثوم تعيش على السوائل فقط!. وسألته: * وهل كانت تمارس عملية “الريجيم” بناء على أوامر الأطباء؟ قال القادم من القاهرة: ـ بالعكس، كان الأطباء يقولون لها انها ليست في حاجة إلى “الريجيم” على الإطلاق، لأن وزنها لم يكن يزيد عن الحد الطبيعي، ولكنها هي التي كانت تصرّ على أن لا تدع وزنها يزيد عن السبعين كيلو.. قلت: * ولماذا؟ ـ عندما ذهبت إلى الولايات المتحدة الأميركية في عام 1953 لتجري عملية جراحية لعينيها في مستشفى “ماي كلينيك” قام كبير أطباء مستشفى البحرية الأميركية بفحصها وطمأنها على صحتها، ولكنه نصحها بأن لا تترك وزنها يزيد عن السبعين كيلو!. وسألت القادم من القاهرة والمقرّب جداً من الست: * وماذا كانت تفعل لتحافظ على وزنها؟ أجاب: ـ اتبعت نظاماً خاصاً في حياتها، سواء في الأكل أو في ممارسة الرياضة، وكانت رياضتها المفضّلة هي المشي يومياً، وعند الساعة السادسة صباحاً، وحدث في عام 1968 أن أصيبت بـ”أنفلونزا” حادّة اضطرتها إلى تغيير نظام أكلها والإمتناع عن المشي، كما شغلت بأعمالها الفنية مما جعل وزنها يضطرب بين الزيادة والنقصان، إلى أن جاء عام 1971 وقررت أم كلثوم أن تتخلّص من الزيادة في وزنها وتعود إلى وزنها الذي حدّده لها كبير أطباء مستشفى البحرية في أميركا، وهكذا عادت إلى الريجيم القاسي، وكانت تعيش طوال أشهر الشتاء على عصير البرتقال فقط.. وقلت: * ولكن، هل كانت أم كلثوم تستشير أي طبيب بشأن هذا الريجيم؟ أجاب: ـ أبداً، لقد ظلّت تمارس هذا الريجيم القاسي بدون اشراف طبي، إلى أن شعرت بأعراض ضعف كانت لا تستطيع معها مزاولة رياضة المشي على القدمين أكثر من ساعة واحدة يومياً، وكانت قبل ذلك تمشي عدّة ساعات، كما أنّ معدتها لم تعد تتحمّل أي نوع من الطعام!. سألته: * ألم يكن زوجها الدكتور حسن الحفناوي يعرف بالأمر؟ قال: ـ هي نفسها، عندما أحسّت بتزايد أعراض الضعف، شكت لزوجها الطبيب الذي قرّر على الفور أن يستشير اثنين من أكبر وأمهر أطباء الأمراض الباطنية في مصر، هما: الدكتور عبد المنعم حسب الله والدكتور فايز عبد الرحمن منصور، وأجرى الطبيبان فحوصات طبية دقيقة للسيدة أم كلثوم على امتداد شهرين كاملين وفرضا عليها الراحة التامة والإمتناع عن إحياء حفلاتها الغنائية الشهرية، وقد دلّت هذه الفحوص على أنّ صحة “الست” هي على ما يرام، وان ما تشعر به من ضعف هو نتيجة الحساسية الحادّة، وقالا إنّ العلاج الوحيد لها هو تنظيم الأكل، وزيادة كمياته بالتدريج، إلى جانب تناول بعض الأدوية التي تساعد على استرداد الصحة.. وسألت القادم من القاهرة: * ومع ذلك فقد سافرت أم كلثوم إلى لندن؟ فضحك وقال: ـ أنّ الحفاظ على صحة أم كلثوم هو مسؤولية ضخمة، ولهذا فقد اقترح الطبيبان الكبيران على سيدة الطرب أن تسافر إلى لندن لاستشارة طبيب بريطاني شهير في الأمراض الباطنية كان قد سبق لها أن زارته منذ عشر سنوات، وكان هذا الاقتراح من الطبيبين صادراً عن رغبتهما في منحها المزيد من الإطمئنان، بالرغم من تأكدهما التام من صحة تشخيصهما لمرضها وسلامة علاجهما لها.. وسألته: * وسافرت الست؟ أجاب: ـ فعلاً، وكان معها في رحلتها زوجها الدكتور حسن الحفناوي، وأحد الطبيبين اللذين اقترحا عليها السفر، وهو الدكتور عبد المنعم حسب الله.. قلت: * وماذا حدث في لندن؟ أجاب: ـ كان الطبيب البريطاني المشهور بانتظار “الست”، وبادر على الفور إلى إجراء فحوصات طبية عامّة لها بإشراف عدد من الأخصائيين، وبلغ عدد صوَر الأشعة التي التقطت لكافة أعضاء جسمها ما يُقارب المائة صورة، وبعد أسبوع اشترك الأطباء في كتابة تقرير يؤكد أنّ صحة سيدة الغناء على خير ما يرام، وأن ما تشكو منه ليس إلاّ “أنيميا” حادّة نتيجة للريجيم القاسي الذي كانت تمارسه!. قلت: * يعني.. نفس ما قاله الطبيبان المصريان؟ أجاب: ـ وأكثر من هذا، فإن الأطباء الإنكليز قد وصفوا للسيدة أم كلثوم نفس العلاج الذي وصفه لها الطبيبان المصريان وهو تناول الأدوية المقوّية، لأن جسمها بحاجة إلى الفيتامينات!. قلت له: * لاحظت من صوَر أم كلثوم عند عودتها إلى القاهرة أنها كثيرة التفاؤل! أجاب: ـ الحقيقة أن “الست” لم يفارقها التفاؤل ولا ساعة واحدة، وطوال الأيام التي أمضتها في مستشفى “لندن كلينيك” كانت دائمة المرح، ولا تكفّ لحظة عن مداعبة معارفها وزوّارها.. وسألته: * الآن، ما هو برنامج “الست”؟ قال: ـ انها الآن في فترة راحة، وفي برنامجها أن تقضي جانباً من فصل الصيف على الشواطئ المصرية، ثم تسافر إلى سويسرا في شهر اغسطس “آب” المقبل، وبعدها تكمل الصيف في شواطئ رأس البر، الذي هو من أحَب المصايف إلى نفسها!. وينتهي حديثي مع القادم من القاهرة، والمقرّب من سيدة الغناء أم كلثوم، وطبعاً أحسّ بالإطمئنان الشديد إلى التقرير المفصّل الذي سمعته منه عنها، ويبقى أن أشير إلى أنّ ما يدور الحديث عنه فوق كل لسان في هذه الأيام هو: هل أنّ سيدة الطرب ستظل في إجازة من المسرح.. أي هل أنها ستبقى في حالة انقطاع عن تقديم حفلاتها في الخميس الأول من كل شهر!. وأذكر هنا أنني سألت أم كلثوم يوماً، عمّا إذا كانت قد حدّدت الوقت الذي سوف تعتزل فيه الغناء، فكان جوابها: ـ عندما يعتزلني الغناء.. أعتزله!. وما أعرفه هو أنّ سيدة الطرب قد اضطرّت تحت الضغط الذي مارسه الأطباء عليها إلى إلغاء حفلاتها الشهرية في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وقد عزّ عليها أن تبتعد كثيراً عن جمهورها وأن تحرمه من رائعتها الغنائية الجديدة “حكم الهوى” التي لحّنها الموسيقار بليغ حمدي، فسجّلت هذه الرائعة على اسطوانة دون وقبل أن تغنّيها على المسرح. وأم كلثوم تؤكد أنها لن تعتزل المسرح.. والذين التقوا بها بعد عودتها من لندن سمعوا منها كلاماً يشير إلى أنها سوف تخلد إلى الراحة في شهور الصيف استعداداً للعودة إلى لياليها الرائعة في الخريف المقبل.. ولكن.. ان الذين يحرصون على الكنز الفني العظيم الذي هو أم كلثوم، يقولون بأنها أعطت دنيا الغناء فيضاً من الروائع على مدى السنين والأيام، ومن حقها الآن أن تستريح ولا ترهق نفسها بحفلات شهرية، خصوصاً وان كل حفلة تحتاج منها إلى جهد مستمر طوال أسبوعين أو ثلاثة!. ما يُقال الآن لسيدة الغناء: ليكن لك حفلة مسرحية كل ثلاثة أشهر.. وليكن لك اسطوانة تحمل أغنية جديدة في كل شهر.. لا ترهقي نفسك ولا يكون بينك وبين الجماهير أي تباعد.. هل تقتنع سيدة الغناء بهذا الرأي؟ ربما تقتنع.. وربما لا! والمهم أنها الآن في صحة جيّدة.. وان القلوب اطمأنت عليها.. وربنا معاكي.. يا ست!
الدولة : عدد الرسائل : 51922تاريخ التسجيل : 08/12/2007المزاج : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: لماذا نجحت أم كلثوم؟ الأربعاء 15 يونيو 2011 - 21:50
أراك عصي الدمع...اغنية لحنت 3 مرات
أراك عصي الدمع هي قصيدة من قصائد الشاعر العربي أبو فراس الحمداني (من القرن العاشر الميلادي) وغنتها أم كلثوم بألحان مختلفة لملحنين مختلفين على فترات متباعدة. الأغنية
تمتاز هذه القصيدة، مقارنة بالقصائد العاطفية الأخرى في الشعر العربي التقليدي، بالسهولة النسبية والوضوح في المعاني، ولعل هذا ما جعل أهل الغناء يتهافتون على غناءها. يقول مطلع القصيدة (التي يخاطب فيها الشاعر نفسه على الأرجح):
أراك عصي الدمع شيمتك الصبرُ أما لهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ نعم أنا مشتاق وعندي لوعة ولكن مثلي لا يذاع له سرُ
غنت أم كلثوم أول مرة هذه القصيدة عام 1926 باللحن الذي وضعه في وقت سابق عبده الحامولي (وهو من قام بغناءها على الأرجح). في منتصف الأربيعنيات غنت أم كلثوم هذه القصيدة بلحن مختلف جديد وضعه الشيخ زكريا أحمد. في عام 1965 غنت أم كلثوم هذه القصيدة بلحن ثالث وضعه رياض السنباطي،وهذا اللحن هو الأكثر شهرة بين جمهور أم كلثوم خصوصاً أنه مصورٌ تليفيزيونياً. في المقدمة الموسقية لهذه القصيدة تستخدم آلة ال بيانو ويعتبر هذا شيئاً غربياً بالنسبة للسنباطي الذي غلب على ألحانه الطابع الشرقي، خصوصاً القصائد، وربما هذا هي المرة الوحيدة التي تظهر فيها هذه الآلة خلف أم كلثوم. اللحن جميل بالطبع، وهو يدل على احترافية من أم كلثوم ليس لأنها فقط تغني القصيدة لثالث مرة بلحن مختلف، بل لأن السنباطي لحن بعض أبيات القصيدة بأكثر من لحن مختلف مثل البيت الذي يقول:
إذا الليل أضواني، مددت يدا الهوى وأذللت دمعاً من خلائقه الكبرُ
السبت 13 يناير 2024 - 6:30 من طرف 
موضوع: رد: لماذا نجحت أم كلثوم؟ 
