عشر ايات من اقامهن دخل الجنه
الراحمن الرحيم
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)
وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)
فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8)
وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)
أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: كان إذا
أنـزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع عند وجهه دويّ كدوي النحل،
فمكثنا ساعة، فاستقبل القبلة ورفـع يديه
فقال:
( اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا،
وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارضنا وارض عنا )
ثم قال:
( لقد أنـزلت علي عشر آيات من اقامهن دخل الجنه
ثم قرأ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ إلى عشر آيات ،)
رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي بكر القطيعي،
عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن عبد الرزاق.
2) عن ابي هريرة أن رسول الله كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزل
(الذين هم في صلاتهم خاشعون).
قال الله تعالى :
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2} }
2 روى ابن عون ، عن محمد بن سيرين قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى رفع رأسه إلى السماء ,
فلما نزلت :
{ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ }
سورة المؤمنون آية 2 نكس رأسه.
وقال النسائي في تفسيره عن يزيد بن بابنوس قال :
قلنا لعائشة أم المؤمنين : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قالت : كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فقرأت
( قد أفلح المؤمنون - حتى انتهت إلى
والذين هم على صلواتهم يحافظون )
قالت هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقوله تعالى " قد أفلح المؤمنون "
أي قد فازوا وسعدوا وحصلوا الفلاح وهم المؤمنون المتصفون بهذه الأوصاف
" الذين هم في صلاتهم خاشعون " قال ابن عباس : أي خائفون ساكنون
وقال الحسن البصري : كان خشوعهم في قلوبهم فغضوا بذلك ابصارهم وخفضوا الجناح
وقال محمد بن سيرين : كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يرفعون ابصارهم إلى السماء في الصلاة فلما نزلت هذه الآية
" قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون "
خفضوا ابصارهم الى موضع سجودهم ، والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها
واشتغل بها عما عداها وآثرها على غيرها ، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة )
اخرجه احمد والنسائي عن أنس بن مالك مرفوعا
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( يابلال ، أرحنا بالصلاة )
اخرجه أحمد
وقوله تعالى : " والذين هم عن اللغو معرضون "
أي عن الباطل وهويشمل الشرك كما قال بعضهم ،
والمعاصي كما قال آخرون ، وما لا فائدة فيه من الأقوال
والأفعال كما قال تعالى " وإذا مروا باللغو مروا كراما "
وقوله " والذين هم للزكاة فاعلون "
الأكثرون قالوا أن المراد بالزكاة زكاة الأموال ،
قال تعالى في سورة الأنعام: " وآتوا حقه يوم حصاده "
وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هنا زكاة النفس من الشرك والدنس كقوله
" قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها "
وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادا ،
وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال ،فإنه من جملة زكاة النفوس ،
والمؤمن الكامل الذي يفعل هذا وهذا والله أعلم .
وقوله تعالى : " والذين هم لفروجهم حافظون *
إلا على أزواجهم أوما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين *
فمن ابتغى ورآء ذلك فأولئك هم العادون "
أي الذين قد حفظوا فروجهم من الحرام فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا ولواط ،
لايقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم .أو ما ملكت أيمانهم من السراري .
وقد استدل الشافعي رحمه الله ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة
" والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم "
فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين ، وقد قال الله تعالى :
" فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " أي المعتدون
وقوله تعالى : "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون "
أي إذا اؤتمنوا لم يخونوا بل يؤدونها إلى اهلها وإذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك ،
لا كصفات المنافقين
الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان )
وقوله تعالى : " والذين هم على صلواتهم يحافظون "
أي يواظبون عليها في مواقيتها كما قال ابن مسعود :
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت :
( يارسول الله أي العمل أحب إلى الله تعالى ؟
قال :
الصلاة على وقتها ، قلت ثم أي ؟
قال : بر الوالدين ، قلت ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله )
اخرجاه في الصحيحين .
وقد افتتح الله ذكر هذه الصفات الحميدة بالصلاة واختتمها بالصلاة ، فدل على افضليتها
ولما وصفهم الله تعالى بالقيام بهذه الحميدة والأفعال الرشيدة قال :
" أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون "
ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس
فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ،
ومنه تفجر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن )
وهذه الآية كقوله تعالى : " تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا "
وكقوله تعالى : " وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ."
فاعمل بتلك الآيات حتى تكون من أهل الفردوس رزقنيها الله وإياكم
وجمعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وسقانا بيده الشريفة شربة لانظمأ بعدها أبدا\\