يظهر الهجين لمجموعة من الخلايا تشبه جنين
في اليوم الثالث من تكونه
تعود جامعة نيوكاسل من جديد لأبحاثها المثيرة للجدل، فقد أعلنت قيامها فعليا بتخليق جنين مهجن، من خلال حقن حمض نووي (DNA) بشري في بويضة بقرة مستأصل منها الصفات الوراثية... والجديد هو نجاح التجربة وبقاء الجنين حيا لمدة ثلاثة أيام، ويأتي هذا الإعلان في 1 من أبريل 2008 قبل شهر من موعد اجتماع مجلس العموم البريطاني لدراسة تشريع خاص بمثل تلك التجارب. [/center]
وكانت الحكومة البريطانية سبق أن منحت ترخيصا لمثل هذه الأبحاث الجينية المثيرة للجدل منذ أغسطس 2006، والتي ستنتج جنينا بشريا بنسبة 99.9%، والعنصر الحيواني الوحيد فيه هو الحمض النووي خارج نواة الخلية.
ولم تتوقف تداعيات الموقف عند هذا الحد.. ففي 5 من سبتمبر 2007 وافقت هيئة علم الأجنة والإخصاب البشرية البريطانية على إجراء التجارب مبدئيا، مع تحفظ الهيئة على أنها ستنظر في كل قضية على حدة، مما يلزم كل باحث استصدار إذن منفرد قبل تخليق الأجنة الهجينة.
وسيتم استخدامها في أبحاث خلايا المنشأ (الجذعية)، وهي الخلايا غير الناضجة القادرة على التحوّل إلى أي نوع من الأنسجة في الجسم، ويأمل العلماء في استخدامها لتصنيع أعضاء بشرية وعلاج بعض الأمراض، منها السكري، وداء الشلل الرعاش والزهايمر (خرف الشيخوخة).
الكنيسة تجدد تحفظها
واصفة أيها بالـ"همجية"، جددت الكنيسة الكاثوليكية البريطانية إدانتها لأجراء مثل هذه التجارب، وسبق أن أعلنت الكنيسة عن رأيها في كون هذه التجارب "مهين لكرامة البشرية"، فيما رأى العلماء فيها نقلة بشرية، ستفتح آفاقا جديدة لعلاج أمراض متعددة، وذهبوا إلى حد اعتبار حظرها إضراراً بالغاً للتقدم العلمي.
على العلماء حماية واحترام الأجناس المختلفة" بهذه العبارة وضح بيشوب إليو، رئيس الأكاديمية البابوية لعلوم الحياة، حيثيات رفض الكنيسة الكاثوليكية لمثل هذه الأبحاث، وتابع الكاهن (76 عاما) قائلا: "هناك انتهاك لحرمة الآدمي، يتضح في العبث الحادث بالأجنة وتدميرها" ويضيف بعبارة أشد حزما: "لطالما كان الخط الفاصل ما بين الأجناس مقدسا ومحترما، أما الآن فيتم اختراق الحدود بلا حساب للعواقب".
وانتقل بيشوب بخطابه إلى العلماء قائلا: "إذا صب العالم اهتمامه على ترقية بحثه؛ فلن ينظر إلى فلسفة دراسته والجوانب الإنسانية ذات الصلة بها، كاحترام كل من الفطرة وأحكام الطبيعة".
وجاء جوهر الرأي الإسلامي مؤكدا على نظرة الكنيسة، فلم ير مجمع الفقه الإسلامي بمكة في الأبحاث الجينية عموما حرجا، طالما اقتصرت الاستفادة من علم الهندسة الوراثية على الوقاية من المرض وعلاجه، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر أكبر، وشدد على عدم جواز استخدام هذا العلم في العبث بفطرة الله التي فطر الناس عليها، بدعوى تحسين سلالة النوع البشري، أو استخدامه فيما يضر الناس ولا ينفعهم، ولا حرج في الاستفادة من هذا العلم في مجال الزراعة أو الإنتاج الحيواني، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر بالإنسان أو الحيوان أو البيئة.
الدكتور عبد الحي الفرماوي وكيل كلية أصول الدين بالأزهر الشريف عقب لأسلام أون لاين على الأمر بالقول "لا بد من اجتماع علماء الدين والعلم لمناقشة مثل هذه الأمور دائمًا، وميلي الشخصي إلى تحريم العمل بالأجنة التي سيتم التخلص منها في كل الأحوال لا يعني غلق الباب أمام مثل هذه الاجتماعات".
فيما كان لنقابة أطباء مصر رأي واضح منذ البداية، ومفاده "لا يمكن بأي حال من الأحوال تدمير أجنة للأبحاث" وجاء على لسان د. حمدي السيد نقيب الأطباء لمجلة كرستيان سينس مونيتور.
الفصل بين الدين والعلم
تعود بداية التجارب على الأجنة إلى تقدم علماء بجامعتي "نيوكاسل" و"كنجز كوليج" ببريطانيا بطلب تصريح مدته ثلاث سنوات لتخليق أجنة حيوانية - إنسانية، ، ولن يسمح بنموها لأكثر من 14 يوما، أي لن يتجاوز حجمها رأس القلم، بهدف استخراج خلايا جذعية من الجنين المخلق البالغ من العمر ستة أيام ثم تدميرها.
أما وزارة الصحة البريطانية، فقد رفضت إعطاء الباحثين الرخصة في أواخر2006، نظرا لما أسمته "شعورا عاما بعدم الارتياح"، إلا أنها تركت الباب مفتوحا أمام تشريعات أخرى لاحقة قد تسمح بتلك البحوث بعد الحصول على ترخيص، ثم قررت في منتصف مايو 2007 حسم القضية والمضي في منح البحث الترخيص، الأمر الذي أعقبه موافقة هيئة علم الأجنة والإخصاب البشرية البريطانية على التجارب أيضاً.
حفظا لماء الوجه
يبدو أن بريطانيا الدولة الرائدة في بحوث الخلايا الجذعية ، وصاحبة البيئة العلمية المتسامحة والجاذبة للعلماء رأت في الحظر مخاطرة بسمعتها، خاصة مع التحركات الموسعة للعلماء والسياسيين، بعد أن وجهوا تحذيرا من أن فرض الحظر سيؤدي إلى ازدهار البحوث في دول أخرى مثل الصين وكندا، وسيأتي ذلك على حساب بريطانيا أول دولة تبدأ عمليات الاستنساخ العلاجي في2001.
وبرر المدافعون عن فكرة تهجين الخلية البشرية ببويضة حيوانية؛ بأنها قد تساعد في التغلب على نقص البويضات الأنثوية المستخدمة لأغراض البحث، الأمر الذي ساهم في إحداث تغير في موقف الحكومة.
والأبحاث البريطانية على الأجنة ليست الأولى من نوعها، فقد قام علماء في الصين والولايات المتحدة وكندا بتجارب مشابهة، والتقنية المتبعة في الجنين "الإنسان - الحيوان" هي ذات التقنية التي أنتجت النعجة دوللي أول حيوان ثديي مستنسخ. في الوقت نفسه رفضت الولايات المتحدة توسيع تمويل مثل هذه البحوث، نظرا لمعارضة دافعي الضرائب إجراءها.
موقف العالمالدولة
| موقف دول العالم من الاستنساخ
|
أستراليا
| تم السماح بتخليق الأجنة لأغراض بحثية، فيما حظرت الدولة التهجين البشري الحيواني. والاستثناء الوحيد في حال الرغبة في اختبار جودة الحيوانات المنوية.
|
كندا
| حرمت التشريعات تخليق الأجنة الحيوانية البشرية.
|
الولايات المتحدة
| يقتصر التمويل الفيدرالي على الأبحاث على أجنة لم تنفخ فيها الروح، كبعض الأجنة المتبقية من عمليات التخصيب الصناعي، فيما حظرت الدولة أبحاث تخليق الأجنة الحيوانية البشرية.
|
باقي الدول
| لم تضع باقي الدول تشريعات فيما يتعلق بتخليق أجنة بشرية حيوانية، فيما سمحت بعض الدول بإجراء الأبحاث على أجنة لم تنفخ فيها الروح، منها ألمانيا وإيطاليا والنمسا وغيرها، فيما حظرت النرويج وتونس إجراء أي أبحاث على الأجنة.
|
الاستنساخ في بريطانيا تمتع استنساخ الأجنة البشرية لأغراض علاجية بصفة قانونية عن طريق تعديل أجري بشأن قانون الأجنة البشرية البريطاني في يناير 2001، أعلن بعدها علماء في كوريا الجنوبية استنساخ أول جنين بشري في العالم في فبراير2002 كما أجريت تجربة مشابهة في الولايات المتحدة، الأمر الذي خلق حالة من الرفض الشديد في أوساط معارضي الإجهاض والمحافظين وعدد من العلماء، لما تتمتع به من الانتهاكات الأخلاقية.
ويظل استنساخ البشر مقتصرا قانونا على الأغراض العلاجية، فيما يفتقر الاستنساخ لأغراض تجارية للشرعية، حيث يعاقب عليه القانون بالسجن لمدة عشر سنوات مع دفع غرامة غير محدودة.
ولا يزال مشروع القانون البريطاني بصياغته الحالية يحظر تخليق أجنة مهجنة بين الأنواع، إلا أن الحكومة سمحت للجنة من أعضاء البرلمان بدراسة المشروع من جديد للعثور على أفضل الطرق للسماح بتلك البحوث.