مياه عذبة في بحر مدينة صور في لبنان

هو البحر .. غريب بأسراره .. عميق بخلجات ما يحمل .. ثائر دوماً .. يعشق صلب السكون .. متمرد .. كأجنحة باشق ساقه الزمن نحو ارتحال الخلود .. يدنيك منه لتعشق فيه لون الزبد .. رذاذه يغني أبداً للمبحرين في لجى عمره .. يمخر عباب الأحلام ويرمي أمنيات البحّارة في قلبه .. ليولد إشراق يوم فوق كتفه .. ويموت المساء على يديه .. تحتار كلما أدهشك بلون أوطيف .. ولكنه .. بحرٌ ..

ومن قصصه ورواياته .. أنه تفجّر حلاوة .. فامتزج فيه طعم مرارة الأيام .. بحلاوة ناسها .. فانبثقت ينابيع حلوة في جوفه تعطّر فمه المشدوه دوماً نحو السر البعيد .. وليس غريباً عليه أن تمتزج داخله الحلاوة والمرارة .. وهو الذي كان طوع بنان المبحرين نحو المجد .. ينشرون عبق الرسالات الإنسانية ..

ومن رأس البياضة على بعد لا يتجاوز نصف كيلومتر واحد وعمق ليس بكبير .. وببطء يذكرنا برحلات الأولين .. راحت تنساب المياه الحلوة .. تلتف حول عنق الأسماك لتعطيها جمالاً ساحراً .. وهناك عند منطقة القاسمية تفجرت ثلاث ينابيع أخرى .. غارت في همق تجاوز الأربعة كيلومترات ونصف .. وراحت تصطف حول بعضها كإخوة يتناغشون أحاديث العذوبة .. فكان أولهم يمعن ما يقارب 32 متراً والآخر 30 متراً وآخرهم 28 متراً .. فعُرف فيها ما هو ساخن وحلو ومالح ..

وتسألني أنّى لي بهذا .. فيطالعك الحاج مصطفى أبو العينين – وهو صاحب جميع المعلومات – بكل كبيرة وصغيرة .. وهو ابن البحر .. له باع طويل مع الموج وحكايات المرجان وقصص السفن المبحرة .. يخبرك أنه كلما هبت الريح بانت معالم الينابيع حيث يميزها عن مياه البحر من بعد يتجاوز الكيلومترين .. بلونها وقالبها .. طعمها أقرب للملوحة كثرة مياه البحر .. ولو قُدِّر لها أن تكون على يابسة ما .. لكنا شربنا منها .. يعشقها السمك خاصة ” الزرزور ” .. تراه حولها أو حتى في قلبها يمعن في الشرب .. لا هواء فيها .. ويطالعك أيضاً في منطقة ” الأورع ” مقابل المخيم الجديد .. يقال بأنه هناك سفينة فينيقية تحت المياه بستة أمتار ولغاية تسعة أمتار .. حيث تحيط بها تماثيل تخالها تحرس ما تبقى من ذكريات أو أنها في انتظار مسافر مبحر نحو الشوق الأعمق ليتلو عليها سلامه ويرحل .. فقط قصة مياه .. ما زالت تبحث عن درب تسلكه نحو البر .. فهي وحيدة هناك تحدث الصمت الذي لا ينتهي ..
منقول

الموضوع الأصلى : مياه عذبة في بحر مدينة صور في لبنان المصدر : قيثارة الغناء العربى

توقيع العضو:

marmarz