نور الحياة شاكر : كتب
شادية.. هذا الاسم الجميل في زمن الفن الجميل
بقلم الأستاذ...محمد سعيد
شادية.. هذا الاسم الجميل في زمن الفن الجميل.. نموذج للمرأة العاشقة التي أحبت فنها وأعطته بصدق وعرفت كيف تبحر في بحاره ومتي تبدأ ومتي تتوقف، هي واحدة من قلة نادرة من أصحاب المواهب ممن يمتلكون موهبة مزدوجة، يكاد يتلامس سقف كل منها.. فهي واحدة من أهم من عرفت الشاشة العربية من ممثلات لهن حضور طاغ وكريزما ملحوظة، وهي أيضا واحدة من أشهر وأجمل أصوات الغناء العربي وأكثرهن تميزا.
أعطت شادية في المجالين وتفوقت، بداية من لحظات الميلاد الفني وحتي لحظات ما قبل الاعتزال، وعاصفة التصفيق تلازم حضورها في المسرح وفي حفلات الغناء وأيضا في نجاحات السينما.
ومثلما أبدعت في النغم تألقت في الدراما، وإذا اعتبرنا سيدة الغناء العربي وزعيمته الراحلة أم كلثوم هي صاحبة أهم مرجعية تعود إلي آرائها وتعقيباتها في مجال سيادتها وريادتها، فإننا نجد وفي أكثر من موضع علي لسان كوكب
الشرق تقديرا معلنا لغناء شادية، حيث تقول أم كلثوم «إن شادية صاحبة صوت جميل، سليم، متسق النسب والأبعاد، مشرق، لطيف الأداء يتميز بشحنة عالية من الأحاسيس، وبصوتها فيض سخي من الحنان، وشادية واحدة من أحب الأصوات إلي نفسي».
ولما كان عملاق الرواية العربية الأديب العالمي نجيب محفوظ صاحب تجربة سينمائية ممتدة سواء في أعماله الأدبية التي تحولت إلي أعمال سينمائية أو في أعماله التي كتبها في الأصل للسينما، وفي المجالين قدمت شادية عددا من شخصياته يقول عنها نجيب محفوظ: «إن شادية ممثلة عالية القدرة وقد استطاعت أن تعطي سطوري في رواياتي لحما ودما وشكلا مميزا لا أجد ما يفوقه في نقل الصورة من البنيان الأدبي إلي الشكل السينمائي، وكانت «حميدة» في «زقاق المدق» صورة لتلك القدرة الفائقة التي لا أتصور غيرها قادرا علي الإتيان بها، وهي كذلك أيضا في غير أعمالي فقد رأيتها في بداياتها في دور الأم المطحونة المضحية في فيلم «المرأة المجهولة» وتصورت أن بمقدورها أن تحصل علي جائزة «الأوسكار» العالمية في التمثيل لو تقدمت إليها.
وما قالته أم كلثوم وما قاله نجيب محفوظ قالته أيضا الجماهير العربية التي ظلت تتابع عطاء شادية في الغناء والتمثيل ومازالت تتجاوب مع تراثها الفني حتي بعد ما يقرب من 15 عاما علي قرارها الاعتزال والتوقف عن تقديم الجديد والتفرغ لحياتها الحالية، حيث الحرص علي العبادات والاشتغال بأعمال الخير.
ظلت شادية نجمة الشباك الأولي في السينما العربية ولحقبة تزيد علي ربع قرن ومنذ أفلام البدايات، وذلك وفق إحصاء دقيق قدمه الكاتب الراحل سعد الدين توفيق في كتابه «تاريخ السينما العربية» الصادر في منتصف السبعينيات الأخيرة، الأمر الذي يعني أن شادية لم تتفوق فقط علي مستوي ما قدمت من أعمال، لكنها تفوقت أيضا في حفاوة استقبال الجماهير لفنها وحتي الآن وسواء في مبيعات اسطوانات وأشرطة أغنياتها أو أفلامها ومسرحيتها الوحيدة، بل إن من يريدون التسلل إلي قلوب الناس من فناني الغناء الحالي يطرقون الأبواب إلي قلوب الجمهور من باب شادية، والدليل كثرة تقديم أعمالها في اجتهادات جديدة، ومنها ما يظهر في الفضائيات تحت عنوان شادية.. مطربة الزمن الجميل أو ما يظهر للناس من ألبومات غنائية مثل تلك المجموعة المسماة «وحشتينا يا شادية ».
ومثل هذا النجاح الذي كان لـ «شادية» في أعوام العطاء وتحقيق الاستجابة، نجد له مردودا اليوم وهي في حال الاعتزال، تهجر الأضواء بإرادتها وتتحرر من قيود ممارسة الفن، بينما جمهورها لم يزل محبا لها، يحرص علي فنها ويتابعه ويتخذ من نفسه محاميا عنها إذا ما امتدت سهام طائشة لهذا العطاء الجميل وبعدما قررت شادية الصوم عن الكلام المباح وغير المباح وتركت الفن رافضة كل الإغراءات بالعودة أو حتي لحديث الذكريات!
قلم الشاعر الكبير...مجدي نجيبأنت تعرف المثل القائل: "الخير يأتي من أهل الخير"، فالكلمة الطيبة خير.. وصدقة كما تردد في مأثوراتنا الدينية، وأهل الخير لا تقتصر عطاءاتهم علي عمل الخير فقط، وإنما تمتد أيضا إلي استمرارية روح الوفاء والتقدير والعرفان لكل من غرس نبتة طيبة.. ولكل من عمل عملا أفاد به غيره.. ولكل من أعطي إبداعا جميلا، تذكرت هذا وأنا أتجول في مواقع الإنترنت، وأدهشني وأسعدني هذا الكم الكبير من المواقع التي يقيمها الهواة احتفاء بالعديد من نجومهم الذين يحبونهم سواء في الشعر والموسيقي والغناء من الرواد الذين تركوا بصماتهم الجميلة محفورة في مشاعرنا، ومؤخرا وبالمصادفة تجولت في تلك الشوارع الإلكترونية، فوجدت أكثر من عشرة مواقع أو أكثر بأسماء رموزنا الغنائية: أم كلثوم وشادية وعبدالحليم وفيروز، وتوقفت أمام أحد المواقع في الشارع الإلكتروني لأحد الهواة للفنانة شادية، الذي قرر أن يحتفي بعيد ميلادها قبل موعده بأيام، فعيد ميلادها (8 فبراير) فهي من مواليد القاهرة ـ حي عابدين ـ عام ،1934 والجميل في المواقع التي أقامها عشاق فن الزمن الجميل أن أصحابها أوضحوا مدي تقديرهم وحبهم لهؤلاء الذين أسعدونا ومازالوا، حيث أثبتت استطلاعات الرأي مدي حفاوة معظم الأجيال بفنونهم، وموقع الفنانة شادية، أراد صاحبه أن يقول لها: كل سنة وأنت بخير، سابقا بذلك تليفزيوناتنا الأرضية والفضائية، وقدم الموقع المعلومة الدقيقة عن الفنانة شادية، وعن مشوار أعمالها الغنائية التي تتميز كل محطة فيه بألوان من الصدق مازلنا نعيشها، وحشد مجموعة رائعة من صورها من جميع مراحل حياتها بين الأصدقاء وفي السينما والمسرح والغناء، بينما تليفزيوناتنا الكثيرة متواضعة في الإعداد، خاطئة وفقيرة في المعلومات، نائمة تحلم، وتحلم داخلها كتائب النحل من العاملين بزيادة مرتبات وحوافز من لم يتمتعوا بالزيادة مثل رؤساء المحطات.. والتي أصابتني بالدوار والإحباط، كما يشغل كبارهم كم.. وهم الديون المتراكمة مثل قش الأرز الذي أعمانا، والتفكير في بيع بعض القنوات، ولا مانع من بيعها كلها.. أو تأجيرها علي طريقة تايم شير، أما الاهتمام بالخدمة الإعلامية للمشاهدين، "فلتذهب إلي الحجيم" كما يردد أبطال أفلام ** هوليوود الأمريكان في أفلامهم هذه الجملة المأثورة!!
الأهم أن السيدة الفنانة والصديقة شادية لا تهتم بمن يحتفي بها أو.. لا، سواء في يوم مولدها ولا عندما كانت نجمة كبيرة قبل الاعتزال.
تحية للصديقة شادية، وكل الحب مني ومن جماهيرها العريضة، نقول لها: كل سنة وأنت بخير.. وفي قلوبنا دائما يا أرق نسمة ترطب قلوبنا ومشاعرنا الموجوعة التي تعاني من زمن فوضي وهلوسة الغناء والعُري الفني والسياسي!!