الدولة : عدد الرسائل : 39299تاريخ التسجيل : 24/04/2010المزاج : احترام القوانين : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: رجال خالدون ,, الإثنين 30 ديسمبر 2013 - 18:47
قصة الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن حرام
هو عبد الله بن عمرو بن حرام بن الخزرج، الأنصاري السلمي، أبو جابر أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدرًا واستشهد يوم أحد.
حال عبد الله بن حرام في الجاهلية :
كان عبد الله بن عمرو بن حرام سيدًا من سادات الخزرج وشريف من أشرافها.
قصة إسلام عبد الله بن حرام :
يروي كعب بن مالك قصة إسلام عبد الله بن عمرو بن حرام فيقول: ثم خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله العقبة من أوسط أيام التشريق فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله فيها، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من سادتنا أخذناه وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر إنك سيد من سادتنا وشريف من أشرافنا وإنا لنرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبًا للنار غدًا، ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله إيانا العقبة، قال: فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبًا.
أهم ملامح شخصية عبد الله بن حرام :
حرص عبد الله بن حرام على مصلحة المسلمين :
- وقال ابن المديني: حدثنا موسى بن إبراهيم، حدثنا طلحة بن خراش، سمع جابرًا يقول: قال لي رسول الله : "ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحًا، فقال: يا عبدي! سلني أعطك، قال: أسألك أن تردني إلى الدنيا، فأقتل فيك ثانيًا، فقال: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال: يا رب! فأبلغ من ورائي". فأنزل الله: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]. وروي نحوه من حديث عائشة.
بذل عبد الله بن حرام للنصيحة :
لما خرج رسول الله -يعني حين خرج إلى أحد- في ألف رجل من أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط بين أحد والمدينة انخزل عنهم عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس وقال: أطاعهم فخرج وعصاني! والله ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس! فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه من أهل النفاق وأهل الريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول: يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عند من حضر من عدو! فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم, ولكنا لا نرى أن يكون قتال! فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم, قال: أبعدكم الله أعداء الله! فسيغني الله عنكم! ومضى رسول الله .
- يروي أبي نضرة، عن جابر قال أبي: أرجو أن أكون في أول من يصاب غدًا، فأوصيك ببناتي خيرًا، فأصيب، فدفنته مع آخر، فلم تدعني نفسي حتى استخرجته ودفنته وحده بعد ستة أشهر، فإذا الأرض لم تأكل منه شيئًا، إلا بعض شحمة أذنه.
أثر عبد الله بن حرام في الآخرين :
- نص عليه أحمد فيمن ترك وفاء؛ لأن عبد الله بن حرام أبا جابر بن عبد الله خرج إلى أحد، وعليه دين كثير، فاستشهد، وقضاه عنه ابنه بعلم النبي، ولم يذمه النبي على ذلك، ولم ينكر فعله، بل مدحه، وقال: "ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها، حتى رفعتموه". وقال لابنه جابر: "أشعرت أن الله أحيا أباك، وكلمه كفاحًا".
فمن عليه دين حال أو مؤجل، لم يجز له الخروج إلى الغزو إلا بإذن غريمه، إلا أن يترك وفاء، أو يقيم به كفيلاً، أو يوثقه برهن. وبهذا قال الشافعي، ورخص مالك في الغزو لمن لا يقدر على قضاء دينه; لأنه لا تتوجه المطالبة به ولا حبسه من أجله، فلم يمنع من الغزو، كما لو لم يكن عليه دين.
ولنا أن الجهاد تقصد منه الشهادة التي تفوت بها النفس فيفوت الحق، بفواتها، وقد جاء أن رجلاً جاء إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، إن قتلت في سبيل الله صابرًا محتسبًا، تكفر عني خطاياي؟ قال: "نعم، إلا الدين، فإن جبريل قال لي ذلك". رواه مسلم.
وأما إذا تعين عليه الجهاد، فلا إذن لغريمه; لأنه تعلق بعينه، فكان مقدمًا على ما في ذمته، كسائر فروض الأعيان، ولكن يستحب له أن لا يتعرض لمظان القتل; من المبارزة، والوقوف في أول المقاتلة؛ لأن فيه تغريرًا بتفويت الحق, وإن ترك وفاء، أو أقام كفيلاً، فله الغزو بغير إذن.
استشهاد عبد الله بن حرام :
- فعن ابن المنكدر، عن جابر لما قتل أبي يوم أحد، جعلت أكشف عن وجهه، وأبكي، وجعل أصحاب رسول الله ينهوني وهو لا ينهاني، وجعلت عمتي تبكيه، فقال النبي : "تبكيه أو لا تبكيه، ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفعتموه".
- وقال الأوزاعي: عن الزهري، عن جابر أن رسول الله لما خرج لدفن شهداء أحد، قال: "زملوهم بجراحهم، فأنا شهيد عليهم", وكفن أبي في نمرة.
وتوفي في العام الثالث الهجري في غزوة أحد.
ودفن كما يروي الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر قال: أصيب أبي وخالي يوم أحد، فجاءت أمي بهما قد عرضتهما على ناقة، فأقبلت بهما إلى المدينة، فنادى منادٍ: ادفنوا القتلى في مصارعهم، فردَّا حتى دفنا في مصارعهم. قال مالك: كفن هو وعمرو بن الجموح في كفن واحد.
الدولة : عدد الرسائل : 39299تاريخ التسجيل : 24/04/2010المزاج : احترام القوانين : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: رجال خالدون ,, الثلاثاء 31 ديسمبر 2013 - 17:44
قصة الصحابي الجليل عبدالله بن قيس
- هو عبد الله بن قيس، القرشي العامري. وقيل: اسمه عمرو.
- من السابقين المهاجرين، هاجر بعد مصعب بن عمير، قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان يقرئ الناس القرآن.
- وقيل: هاجر بعد وقعة بدر بيسير.
- كان ضريراً، مؤذناً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع بلال، وسعد القرظ، وأبي محذورة مؤذن مكة.
- قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحترمه، ويستخلفه على المدينة، فيصلي ببقايا الناس، قيل: استخلفه ثلاث عشرة مرة.
- قال عروة: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مع رجال من قريش منهم عتبة بن ربيعة، فجاء ابن أم مكتوم يسأل عن شيء، فأعرض عنه، فأنزلت: (عبس وتولى* أن جاءه الأعمى).
- عن عبد الله بن معقل –رضي الله عنه- قال: "نزل ابن أم مكتوم على يهودية بالمدينة كانت ترفقه، وتؤذيه في النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتناولها فضربها فقتلها، فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أما والله إن كانت لترفقني ولكن آذتني في الله ورسوله"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أبعدها الله، قد أبطلت دمها)).
- عن البراء –رضي الله عنه- قال: "لما نزلت (لا يستوي القاعدون)، دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - زيداً وأمره، فجاء بكتف وكتبها، فجاء ابن أم مكتوم، فشكا ضرارته، فنزلت: (غير أولي الضرر)".
- عن ابن أبي ليلى: أن ابن أم مكتوم –رضي الله عنه- قال: "أي ربي أنزل عذري. فأنزلت (غير أولي الضرر)، فكان بعد يغزو ويقول: ادفعـوا إليّ اللواء فإني أعمى لا أستطيع أن أفر، وأقيموني بين الصفين".
- شهد القادسية مع سعد بن أبي وقاص زمن عمر بن الخطاب –رضي الله عنهم- فيقال: إنه قتل بها شهيداً، ويقال: إنه رجع إلى المدينة وتوفي بها، والله أعلم.
الدولة : عدد الرسائل : 39299تاريخ التسجيل : 24/04/2010المزاج : احترام القوانين : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: رجال خالدون ,, الخميس 2 يناير 2014 - 8:24
قصة الصحابي عثمان بن مظعون
هو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن كعب الجمحي، أبو السائب.
وكان من سادة المهاجرين.
حاله في الجاهلية:
وكان عثمان بن مظعون أحد من حرم الخمر في الجاهلية وقال: لا أشرب شرابًا يذهب عقلي ويضحك بي من هو أدنى مني ويحملني على أن أنكح كريمتي, فلما حرمت الخمر أتي وهو بالعوالي. فقيل له: يا عثمان. قد حرمت الخمر. فقال: تبًّا لها قد كان بصري فيها ثاقب. وفي هذا نظر لأن تحريم الخمر عند أكثرهم بعد أُحد.
إسلامه:
انطلق عثمان بن مظعون، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الرحمن بن عوف, وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح، حتى أتوا رسول الله فعَرَض عليهم الإسلام، وأنبأهم بشرائعه، فأسلموا جميعًا في ساعةٍ واحدةٍ، وذلك قبل دخول رسول الله دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها, وهاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة.
أثر الرسول r في تربيته:
لقد ربى النبي أصحابه على الاهتمام بالمسلمين ومعايشة آلامهم وكان عثمان بن مظعون ممن تأثرت نفسه بذلك فرد جوار الوليد بن المغيرة, وفضل أن يعيش كإخوانه المسلمين المستضعفين في جوار الله ومستعينًا به.
ويروي ابن إسحاق هذا الحدث الذي يدل على عمق التربية لدى أصحاب رسول الله : فعندما أشيع إسلام أهل مكة رجع من هاجروا إلى الحبشة ولما قربوا من دخول مكة علموا أن أهل مكة لم يدخلوا في الإسلام, فرجع منهم من رجع إلى الحبشة ودخل البعض الآخر مستخفيًا, والبعض دخل في جوار أناس من المشركين ودخل عثمان بن مظعون في جوار الوليد بن المغيرة, ولما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله من البلاء، وهو يروح ويغدو في أمان من الوليد بن المغيرة قال: والله إن غدوي ورواحي آمنًا في جوار رجل من أهل الشرك, وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني، لنقص كثير في نفسي.
فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له: يا أبا عبد شمس، وفت ذمتك، قد رددت إليك جوارك، قال: لم يا ابن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي؟ قال: لا، ولكني أرضى بجوار الله ولا أريد أن أستجير بغيره, قال: فانطلق إلى المسجد، فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية, قال: فانطلق، فخرجا حتى أتيا المسجد فقال الوليد بن المغيرة: هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري. قال: صدق قد وجدته وفيًّا كريم الجوار، ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره. ثم انصرف عثمان ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر في مجلس من قريش ينشدهم فجلس معهم عثمان فقال لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
فقال عثمان: صدقت، فقال لبيد:
وكل نعيم لا محالة زائل
فقال عثمان: كذبت, نعيم الجنة لا يزول, فقال لبيد: يا معشر قريش, والله ما كان يؤذى جليسكم فمتى حدث هذا فيكم, فقال رجل من القوم: إن هذا سفيه في سفهاء معه قد فارقوا ديننا فلا تجدن في نفسك من قوله, فرد عليه عثمان حتى شرى أمرهما, فقام إليه ذلك الرجل ولطم عينه فخضرها, والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ عثمان, فقال: والله يا ابن أخي، إن كانت عينك عما أصابها لغنية, ولقد كنت في ذمة منيعة, قال: يقول عثمان: بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس, فقال له الوليد: هلم يا ابن أخي إلى جوارك فعد، قال: لا.
أهم ملامح شخصيته:
1- صدق إسلامه وطاعته لرسول الله وأدائه للعبادات ليلاً ونهارًا:
قال سعد بن أبي وقاص: رد رسول الله التبتل على عثمان بن مظعون ولو أذن له لاختصينا. وكان عابدًا مجتهدًا من فضلاء الصحابة وقد كان هو وعلي بن أبي طالب وأبو ذر همّوا أن يختصوا ويتبتلوا, فنهاهم رسول الله عن ذلك. ونزلت فيهم: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93].
2- شدة حياء عثمان بن مظعون:
أتى عثمان بن مظعون النبي فقال: يا رسول الله إنّي لا أحبّ أن ترى امرأتي عورتي, قال رسول الله : "ولِمَ؟", قال: أستحيي من ذلك وأكرهه, قال : "إنّ الله جعلها لك لباسًا، وجعلك لها لباسًا، وأهلي يرون عورتي، وأنا أرى ذلك منهم", قال: أنت تفعل ذلك يا رسول الله؟ قال: "نعم", قال: فمن بعدك, فلمّا أدبر قال رسول الله : "إنّ ابن مظعون لَحَييٌّ سِتّيرٌ".
بعض المواقف من حياته مع الرسول :
يقول أبو بردة: دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي فرأينها سيئة الهيئة، فقلن لها: ما لك؟ فما في قريش أغنى من بعلك! قالت: أما ليله فقائم، وأما نهاره فصائم، فلقيه النبي فقال: "أما لك بي أسوة". الحديث.
قال: فأتتهن بعد ذلك عطرة كأنها عروس.
وعن حماد بن زيد قال: حدثنا معاوية بن عياش، عن أبي قلابة أن عثمان بن مظعون قعد يتعبد، فأتاه النبي فقال: "يا عثمان! إن الله لم يبعثني بالرهبانية وإن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة".
بعض كلماته:
قال عثمان بن مظعون يعاتب أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، وهو ابن عمه وكان يؤذيه في إسلامه وكان أمية شريفًا في قومه في زمانه ذلك:
أتيم بن عمرو للذي جاء بغضة *** ومن دونه الشرمان والبرك أكـتع
أأخرجتني من بطن مكة آمنا *** وأسكنتني في صرح بـيضاء تقـذع
وحـاربت أقواما كراما أعزة *** وأهلكت أقواما بهم كنـت تفزع
ستعلم إن نابتـك يوما ملمة *** وأسلمك الأوباش ما كـنت تصنع
وتيم بن عمرو، الذي يدعو عثمان جمح كان اسمه تيم.
موقف الوفاة:
يروي خارجة بن زيد، أن أم العلاء -امرأة من الأنصار- بايعتِ النبي ، أخبرته : أنه اقتُسِمَ المهاجرون قُرعة، فطار لنا عثمان بن مَظْعون، فأنزلناه في أبياتنا. فَوَجِعَ وجَعَهُ الذي تُوُفِّي منه. فلما توفي وغُسِّل وكفِّن في أثوابه، دخل رسولُ الله ، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك: لقد أكرمك الله. فقال النبي : "وما يدريك أن الله أكرمَهُ؟", فقلت: بأبي أنت وأُمِّي يا رسول الله، فمن يكرمه الله؟ فقال: "أمّا هو فقد جاءه اليقين. والله إِني لأرجو له الخير. والله ما أدري -وأنا رسول الله- ما يُفعَلُ بي؟", قالت: فوالله لا أُزَكِّي أحدًا بعده أبدًا يا رسول الله.
زاد في رواية قالت: "وأُرِيتُ لعثمان في النوم عَينًا تجري، فجئتُ رسول الله ، فذكرت ذلك له. فقال : "ذلك عمله".
وعن عائشة أن رسول الله قبل عثمان بن مظعون وهو ميت، ودموعه تسيل على خد عثمان بن مظعون.
وعن أبي النضر قال: لما مر بجنازة عثمان بن مظعون قال رسول الله: "ذهبت ولم تلبس منها بشيء".
وروى محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن سالم أبي النضر قال: دخل رسول الله على عثمان بن مظعون وهو يموت فأمر رسول الله بثوب فسجي عليه, وكان عثمان نازلاً على امرأة من الأنصار يقال لها: أم معاذ, فمكث رسول الله متكئًا عليه طويلاً ثم تنحى فبكى, فبكى أهل البيت, فقال: "إلى رحمة الله أبا السائب". وكان السائب ابنه قد شهد معه بدرًا, فقالت أم معاذ: هنيئًا لك أبا السائب الجنة. فقال رسول الله : "وما يدريك يا أم معاذ ما هو فقد جاءه اليقين ولا نعلم إلا خيرًا". قالت: لا والله لا أقولها لأحد بعده أبدًا.
وتوفي في شعبان سنة ثلاث
وكان أول من دفن ببقيع الغرقد يقول عبيد الله بن أبي رافع قال: أول من دفن ببقيع الغرقد عثمان بن مظعون، فوضع رسول الله عند رأسه حجرًا، وقال: هذا قبر فرطنا.
الدولة : عدد الرسائل : 39299تاريخ التسجيل : 24/04/2010المزاج : احترام القوانين : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: رجال خالدون ,, السبت 4 يناير 2014 - 9:42
قصة الصحابي عكرمه بن أبي جهل
حال عكرمة بن أبي جهل في الجاهلية :
عكرمة بن ابي جهلهو عكرمة بن أبي جهل بن هشام بن المغيرة، واسم أبي جهل عمرو، وكنيته أبو الحكم، وإنما رسول الله والمسلمون كنَّوْهُ أبا جهل، فبقي عليه ونُسي اسمه وكنيته. وقد كان عكرمة مثل أبيه شديد العداوة للإسلام، ومن ثَمَّ نجده مع أبيه يوم بدر، وخرج يوم أُحد ليثأر لقتل أبيه، وغيرها من المشاهد مع المشركين.
موكب النور يقترب من عكرمة بن أبي جهل :
في السنة الثامنة من الهجرة اتجه المسلمون إلى مكة فاتحين، ويُقرِّر الرسول الرحيم العفو عن جميع أهل مكة من المشركين إلا أربعة أنفس منها عكرمة بن أبي جهل، ويأمر بقتلهم وإنْ وجدوا متعلقين بأستار الكعبة, فهرب عكرمة ولحق باليمن، فركب البحر فأصابتهم عاصف، فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة: أخلصوا؛ فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئًا هاهنا. فقال عكرمة: "لئن أنجاني الله من هذا لأرجعَنَّ إلى محمد ولأضعنَّ يدي في يده". فسكنت الريح، فرجع عكرمة إلى مكة فأسلم وحسن إسلامه.
وتُسلِم زوجته أم حكيم، وهي بنت عمِّه الحارث بن هشام، وتستأمن له من رسول الله فيؤمِّنه، وتسير إليه الزوجة الحريصة على نجاته من النار وهو باليمن بأمان رسول الله فيقدم معها، ويُعلِن أمام رسول الله شهادة الإسلام، فسُرَّ بذلك .
ومنذ إسلامه حاول أن يعوض ما فاته من الخير، فقد أتى النبيَّ وقال: "يا رسول الله، والله لا أترك مقامًا قمتُهُ لأصدَّ به عن سبيل الله إلا قمتُ مثله في سبيله، ولا أترك نفقةً أنفقتها لأصد بها عن سبيل الله إلا أنفقت مثلها في سبيل الله".
من أحاديث عكرمة بن أبي جهل عن النبي :
روى الإمام أحمد بسنده قال: حدثنا حجاج، حدثني شعبة، عن قتادة، عن عكرمة أنه قال: "لما نزلت هذه الآية: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 1، 2]. قال أصحاب رسول الله: هنيئًا مريئًا لك يا رسول الله، فما لنا؟ فنزلت هذه الآية: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} [الفتح: 5]".
جهاد عكرمة بن أبي جهل في سبيل الله :
ظهرت ملامح بطولته وسماته القيادية في حروب الردة، فقد استعمله أبو بكر على جيش وسيَّره إلى أهل عُمان وكانوا ارتدُّوا فظهر عليهم. ثم وجّهه أبو بكر أيضًا إلى اليمن، فلما فرغ من قتال أهل الرِّدَّة سار إلى الشام مجاهدًا أيام أبي بكر مع جيوش المسلمين، فلما عسكروا بالجرف على ميلين من المدينة، خرج أبو بكر يطوف في معسكرهم، فبصر بخباء عظيم حوله ثمانية أفراس ورماح وعدة ظاهرة، فانتهى إليه فإذا بخباء عكرمة، فسلم عليه أبو بكر وجزاه خيرًا، وعرض عليه المعونة، فقال: "لا حاجة لي فيها، معي ألفا دينار". فدعا له بخير، فسار إلى الشام واستشهد .
أهم ملامح شخصية عكرمة بن أبي جهل :
الحب العميق للقرآن :
كان عكرمة بن أبي جهل يأخذ المصحف، فيضعه على وجهه ويقول: "كلام ربي، كلام ربي".
الإيثار في أشد المواقف :
:روى حبيب بن أبي ثابت أن الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وعياش بن أبي ربيعة جرحوا يوم اليرموك، فدعا الحارث بن هشام بماء ليشربه، فنظر إليه عكرمة ، فقال الحارث : ادفعوه إلى عكرمة. فلما أخذه عكرمة نظر إليه عياش ، فقال عكرمة: ادفعوه إلى عياش. فما وصل إلى عياش ولا إلى أحد منهم حتى ماتوا جميعًا وما ذاقوه.
الجانب القيادي:
لقد كان قائدًا في جاهليته، وعندما أسلم ظل محتفظًا بهذه السمة.
الأثر النبوي في شخصية عكرمة بن أبي جهل :
حينما قدم عكرمة ليعلن إسلامه وثب النبي إليه دون رداء مستقبلاً له؛ فرحًا بقدومه، وقال له: "مرحبًا بالراكب المهاجر". ولعل الحبيب عانقه، فأزال ما على قلبه من ركام الجاهلية. ولا شك أن لهذه المواقف العظيمة وغيرها من رسول الله أعظمَ الأثر في نفس هذا الصحابي العظيم.
استشهاد عكرمة بن أبي جهل :
تُوُفِّي في معركة اليرموك، فوُجد به بضع وسبعون ما بين طعنة وضربة ورمية.
الدولة : عدد الرسائل : 39299تاريخ التسجيل : 24/04/2010المزاج : احترام القوانين : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: رجال خالدون ,, الأحد 5 يناير 2014 - 9:06
قصة الصحابي الجليل عمّار بن ياسر رضى الله عنه
عمار بن ياسر هو بن عامر بن مالك المذحجي ثم العنسي أبو اليقظان. وكان عمار رضي الله عنه آدم طويلا مضطربا أشهل العينين، بعيد ما بين المنكبين. وكان لا يغير شيبه وقيل: كان أصلع في مقدم رأسه شعرات.
ويعد عمار بن ياسر من السابقين الأولين إلى الإسلام وهو حليف بني مخزوم. وأمه سمية وهي أول من استشهد في سبيل الله عز وجل وهو وأبوه وأمه من السابقين. وكان إسلام عمار بعد بضعة وثلاثين. وهو ممن عذب في الله.
وهاجر إلى المدينة وشهد بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان مع رسول الله .
عمار بن ياسر في الجاهلية:
قال الواقدي وغيره من أهل العلم بالنسب والخبر: إن ياسرا والد عمار عرني قحطاني مذحجي من عنس إلا أن ابنه عمارا مولى لبني مخزوم لأن أباه ياسرا تزوج أمة لبعض بني مخزوم فولدت له عمارا..
وكان سبب قدوم ياسر مكة أنه قدم هو وأخوان له يقال لهما الحارث ومالك في طلب أخ لهما رابع فرجع الحارث ومالك إلى اليمن وأقام ياسر بمكة فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وتزوج أمة له يقال لها: "سمية" فولدت له عمارا فأعتقه أبو حذيفة؛ ومن هنا صار عمار مولى لبني مخزوم وأبوه عرني كما ذكرنا.
قصة إسلام عمار بن ياسر:
أسلم عمار ورسول الله في دار الأرقم هو وصهيب بن سنان في وقت واحد: قال عمار: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم ورسول الله فيها فقلت: أردت أن أدخل على محمد وأسمع كلامه. فقال: وأنا أريد ذلك. فدخلنا عليه فعرض علينا الإسلام فأسلمنا. وكان إسلامهم بعد بضعة وثلاثين رجلا.
وروى يحيى بن معين عن إسماعيل بن مجالد عن مجالد عن بيان عن وبرة عن همام قال: سمعت عمارا يقول: رأيت رسول الله وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر.
وقال مجاهد: أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله وأبو بكر وبلال وخباب وصهيب وعمار وأمه سمية
واختلف في هجرته إلى الحبشة. وعذب في الله عذابا شديدا.
أثر تربية الرسول لعمار بن ياسر:
أخبر أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال:أخذ المشركون عمارا، فلم يتركوه حتى نال من رسول الله وذكر آلهتهم بخير، فلما أتى النبي قال: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله. والله ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، فقال : "فكيف تجد قلبك"؟ قال: مطمئن بالإيمان. قال: "فإن عادوا فعد".
مواقف من حياة عمار بن ياسر مع الرسول :
روى أبو بلج عن عمرو بن ميمون قال عذب المشركون عماراً بالنار فكان النبي يمر به فيمر يده على رأسه ويقول: "يا نار كوني برداً وسلاماً"، على عمار كما كنت على إبراهيم. تقتلك الفئة الباغية".
ويحدث أبو إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي قال استأذن عمار على النبي فقال: "من هذا؟" قال عمار، قال: "مرحباً بالطيب المطيب"
بعض المواقف من حياة عمار بن ياسر مع الصحابة:
عمار بن ياسر وعمر بن الخطاب
روي أن عمر بن الخطاب عزل عمار بن ياسر عن الكوفة واستعمل أبا موسى. وسبب ذلك أن أهل الكوفة شكوه وقالوا له: إنه لا يحتمل ما هو فيه وإنه ليس بأمين، ونزا به أهل الكوفة. فدعاه عمر، فخرج معه وفدٌ يريد أنهم معه، فكانوا أشد عليه ممن تخلف عنه، وقالوا: إنه غير كافٍ وعالم بالسياسة ولا يدري على ما استعملته. وكان منهم سعد بن مسعود الثقفي، عم المختار، وجرير بن عبد الله، فسعيا به، فعزله عمر. وقال عمر لعمار: أساءك العزل؟ قال: ما سرني حين استعملت ولقد ساءني حين عزلت. فقال له: قد علمت ما أنت بصاحب عمل ولكني تأولت: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين] [القصص:5].
عمار بن ياسر وعلي بن أبي طالب:
يقول أبو عبد الرحمن السلمي: شهدنا صفين مع علي فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين غلا رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبعونه كأنه علم لهم قال: وسمعته يومئذ يقول لهاشم بن عتبة بن أبي وقاص: يا هاشم تفر من الجنة!
الجنة تحت البارقة اليوم ألقى الأحبة محمدا وحزبه والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على حق وأنهم على الباطل.
وقال أبو البختري: قال عمار بن ياسر يوم صفين: ائتوني بشربة. فأتي بشربة لبن فقال: إن رسول الله قال: "آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن" وشربها ثم قاتل حتى قتل.
وكان عمره يومئذ أربعا وتسعين سنة وقيل: ثلاث وتسعون وقيل: إحدى وتسعون.
عمار بن ياسر وخالد بن الوليد:
يروي سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: وقع بين خالد بن الوليد وعمار بن ياسر كلام فقال: عمار لقد هممت ألا أكلمك أبدا فبلغ ذلك النبي فقال: "يا خالد مالك ولعمار رجل من أهل الجنة قد شهد بدرا وقال لعمار: إن خالدا -يا عمار- سيف من سيوف الله على الكفار". قال: خالد فما زلت أحب عمارا من يومئذ.
عمار بن ياسر وأثره في الآخرين:
عبد الله بن عمر قال: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة وقد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين أمن الجنة تفرون أنا عمار بن ياسر هلموا إلي وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت فهي تدبدب وهو يقاتل أشد القتال.
بعض الأحاديث التي نقلها عمار بن ياسر عن المصطفى:
وروي عن الحسن بن أبي الحسن عن عمار بن ياسر أن رسول الله قال ثلاثة لا تقربهم الملائكة جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوق والجنب إلا أن يتوضأ.
وعن يحيى بن يعمر عن عمار أن النبي رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة
وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح..
مناقب عمار بن ياسر:
عمار بن ياسر هو أول من بنى مسجدًا في الإسلام.
فعن عبد الرحمن بن عبد الله عن الحكم بن عتيبة قال: قدم رسول الله المدينة أول ما قدمها ضحى فقال عمار: ما لرسول الله بد أن نجعل له مكانا إذا استظل من قائلته ليستظل فيه ويصلي فيه: فجمع حجارة فبنى مسجد قباء فهو أول مسجد بني وعمار بناه..
وعن عمرو بن شرحبيل قال رسول الله : "عمار ملئ إيماناً إلى مشاشه".
روي أن حذيفة أتى وهو ثقيل بالموت، فقيل له: قتل عثمان فما تأمرن؟ فقال: سمعت رسول الله --، يقول: " أبو اليقظان على الفطرة " ثلاث مرات " لن يدعها حتى يموت أو يلبسه الهرم ". أبو نعيم: حدثنا سعد بن أوس عن بلال بن يحيي، أن حذيفة أتي وهو ثقيل بالموت، فقيل له: قتل عثمان فما تأمرن؟ فقال: سمعت رسول الله ، يقول: " أبو اليقظان على الفطرة " ثلاث مرات " لن يدعها حتى يموت أو يلبسه الهرم ".
وفاة عمار بن ياسر:
روى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيف. وشهد صفين ولم يقاتل وقال: لا أقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله فإني سمعت رسول الله يقول: "تقتله الفئة الباغية". فلما قتل عمار قال خزيمة: ظهرت لي الضلالة. ثم تقدم فقاتل حتى قُتل.
ولما قُتل عمار قال: "ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم"
وقد اختلف في قاتله فقيل: قتله أبو الغادية المزني وقيل: الجهني طعنه طعنة فقط فلما وقع أكب عليه آخر فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان كل منهما يقول: "أنا قتلته". فقال عمرو بن العاص: والله إن يختصمان إلا في النار والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة وقيل: حمل عليه عقبة بن عامر الجهني وعمرو بن حارث الخولاني وشريك بن سلمة المرادي فقتلوه.
وكان قتله في ربيع الأول أو: الآخر - من سنة سبع وثلاثين ودفنه علي في ثيابه ولم يغسله. وروى أهل الكوفة أنه صلى عليه وهو مذهبهم في الشهيد أنه يصلي عليه ولا يغسل.
الدولة : عدد الرسائل : 39299تاريخ التسجيل : 24/04/2010المزاج : احترام القوانين : بطاقة عضوية :
موضوع: رد: رجال خالدون ,, الإثنين 6 يناير 2014 - 9:33
قصة الصحابي الجليل عياش بن أبي ربيعه
هو عياش بن أبي ربيعة، واسم أبي ربيعة عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم يكنى أبا عبد الرحمن. وقيل: يكنى أبا عبد الله. هو أخو أبي جهل بن هشام لأمه أمهما أم الجلاس واسمها أسماء بنت مخربة بن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم. هو أخو عبد الله بن أبي ربيعة لأبيه وأمه. وهو ابن عم خالد -خالد بن الوليد- وامرأته أسماء بنت سلامة بن مخربة التميمية.
قصة إسلام عياش بن أبي ربيعة:
وقد أسلم عياش بن أبي ربيعة قبل دخول رسول الله دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها..
وروي أنه لما أسلم عياش بن أبي ربيعة المخزومي وهاجر مع عمر بن الخطاب إلى المدينة قبل هجرة رسول الله خرج أبو جهل وأخوه الحارث وكانا أخوي عياش لأمه فنزلا بعياش وقالا له: إن محمدًا يأمر ببر الوالدين وقد تركت أمك وأقسمت أن لا تطعم ولا تشرب ولا تأوي بيتًا حتى تراك وهي أشد حبًّا لك منها لنا فاخرج معنا.
فاستشار عمر فقال عمر: هما يخدعانك فلم يزالا به حتى عصى نصيحة عمر وخرج معهم. فلما انتهوا إلى البيداء قال أبو جهل: إن ناقتي كلت فاحملني معك. قال عياش: نعم ونزل ليوطئ لنفسه ولأبي جهل. فأخذاه وشداه وثاقًا وذهبا به إلى أمه فقالت له: لا تزال بعذاب حتى ترجع عن دين محمد وأوثقته عندها.
قال ابن إسحاق: عياش بن أبي ربيعة بن المغيرة هاجر إلى المدينة ولحق به أخواه لأمه أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام فرجعا به إلى مكة فحبساه فيها حتى مضى بدر وأحد والخندق..
وقال ابن هشام: خرج أبو جهل ابن هشام والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما حتى قدما علينا المدينة ورسول الله صلى عليه وسلم بمكة فكلماه وقال: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك ولا تستظل من شمس حتى تراك فرق لها فقلت له: يا عياش إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت قال: فقال: أبر قسم أمي ولي هنالك مال فآخذه. قال: فقلت: والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالا فلك نصف مالي ولا تذهب معهم. قال: فأبى علي إلا أن يخرج معهما فلما أبى إلا ذلك قال: قلت له: أما إذ قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها فإن رابك من القوم ريب فانج عليها..
فخرج عليه معهما حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: يا ابن أخي والله لقد استغلظت بعيري هذا أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى. قال: فأناخ وأناخا ليتحول عليها فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه وربطاه ثم دخلا به مكة وفتناه فافتتن..
قال ابن إسحاق: فحدثني به بعض آل عياش بن أبي ربيعة: أنهما حين دخلا به مكة دخلا به نهارا موثقا ثم قالا: يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا.
قرآن نزل بشأن عياش بن أبي ربيعة :
قال ابن كثير: واختلف في سبب نزول هذه الآية{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً} [النساء: 92], فقال مجاهد وغير واحد: نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه وهي أسماء بنت مخرمة وذلك أنه قتل رجلا يعذبه مع أخيه على الإسلام وهو الحارث بن يزيد الغامدي فأضمر له عياش السوء فأسلم ذلك الرجل وهاجر وعياش لا يشعر فلما كان يوم الفتح رآه فظن أنه على دينه فحمل عليه فقتله فأنزل الله هذه الآية..
وجاء في تفسير القرطبي: قال ابن عياش: كنت أنا وأمي ممن عنى الله بهذه الآية وذلك أنه كان من الوالدان إذ ذاك وأمة هي أم الفضل بنت الحارث واسمها لبابة وهي أخت ميمونة وأختها الأخرى لبابة الصغرى وهن تسع أخوات قال النبي فيهن:"الأخوات مؤمنات".
وجاء في تفسير القرطبي أيضًا: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 1، 2], أحسبوا {أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2], قال ابن عباس وغيره: يريد بالناس قومًا من المؤمنين كانوا بمكة وكان الكفار من قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الإسلام كسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد وعمار بن ياسر وياسر أبوه وسمية أمه وعدة من بني مخزوم وغيره فكانت صدورهم تضيق لذلك وربما استنكر أن يمكن الله لكفار من المؤمنين قال مجاهد وغيره: فنزلت هذه الآية مسلية معلمة أن هذه هي سيرة الله في عباده اختبارًا للمؤمنين وفتنة..
ونزلت: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 8], وقال ابن عباس: نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه وقد فعلت أمه مثل ذلك..
وجاء في فتح القدير عن عكرمة قال: كان الحارث بن يزيد من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ثم خرج مهاجرا إلى النبي يعني الحارث فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر ثم جاء إلى النبي فأخبره فنزلت: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً} [النساء: 92] الآية, فقرأها النبي عليه ثم قال له: قم فحرر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال: نزلت هذه الآية {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106], في عياش بن أبي ربيعة..
أهم ملامح شخصية عياش بن أبي ربيعة :
تغليب الجانب العاطفي: حيث تأثَّر بأمه ورجع ليطمأن عليه..
البذل في سبيل الله، حيث هاجر الهجرتين، وتحمل الكثير من الآلام في سبيل الله..
السبق إلى الحق متى ظهر فهو من السابقين الأولين إلى الإسلام.
بعض المواقف من حياة عياش بن أبي ربيعة مع الرسول :
سرايا النبي إلى قبائل كنانة:
فلما كان يومُ فتح مكة بعث رسول الله بالجيوش إلى قبائل بني كنانة حوله فبعث إلى بني ضمرة نميلة بن عبد الله الليثي وإلى بني الدئل عمرو ابن أمية الضمري وبعث إلى بني مدلج عياش بن أبي ربيعة المخزومي.
قال ابن هشام: فحدثني من أثق به: أن رسول الله قال وهو بالمدينة: من لي بعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي؟ فقال الوليد بن الوليد بن المغيرة: أنا لك يا رسول الله بهما فخرج إلى مكة فقدمها مستخفيًا فلقي امرأة تحمل طعامًا فقال لها: أين تريدين يا أمة الله؟ قالت: أريد هذين المحبوسين -تعنيهما- فتبعها حتى عرف موضعهما وكانا محبوسين في بيت لا سقف له فلما أمسى تسور عليهما ثم أخذ مروة فوضعها تحت قيديهما ثم ضربهما بسيفه فقطعهما فكان يقال لسيفه: (ذو المروة) لذلك ثم حملهما على بعيره وساق بهما فعثر فدميت أصبعه فقال: "هل أنت إلا أصبع دميت, وفي سبيل الله ما لقيت".
ثم قدم بهما على رسول الله المدينة بالناس فمر بين أيديهم حمار فقال عياش بن أبي ربيعة: سبحان الله سبحان الله سبحان الله, فلما سلم رسول الله قال: من المسبح آنفا سبحان الله قال: أنا يا رسول الله, إني سمعت أن الحمار يقطع الصلاة, قال: لا يقطع الصلاة شيء.
وعن الزهري قال كتب رسول الله إلى الحارث ومسروح ونعيم بن عبد كلال من حمير سلم أنتم ما آمنتم بالله ورسوله وأن الله وحده لا شريك له بعث موسى بآياته وخلق عيسى بكلماته قالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى الله ثالث ثلاثة عيسى بن الله قال وبعث بالكتاب مع عياش بن أبي ربيعة المخزومي وقال إذا جئت أرضهم فلا تدخلن ليلا حتى تصبح ثم تطهر فأحسن طهورك وصل ركعتين وسل الله النجاح والقبول واستعذ بالله وخذ كتابي بيمينك وأدفعه بيمينك في أيمانهم فإنهم قابلون واقرأ عليهم لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين فإذا فرغت منها فقل آمن محمد وأنا أول المؤمنين فلن تأتيك حجة إلا دحضت ولا كتاب زخرف إلا ذهب نوره وهم قارئون عليك فإذا رطنوا فقل ترجموا وقل حسبي الله آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير فإذا أسلموا فسلهم قضبهم الثلاثة التي إذا حضروا بها سجدوا وهي من الأثل قضيب.
النبي يدعو لعياش بن أبي ربيعة :
عن أبي هريرة أن النبي كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة يقول: "اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة اللهم أنج سلمة بن هشام اللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها سنين كسني يوسف", وأن النبي قال: "غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله", قال ابن أبي الزناد عن أبيه هذا كله في الصبح..
النبي يقر رأي عياش بن أبي ربيعة :
عن أبي بكر بن أبي الجهم قال سمعت فاطمة بنت قيس تقول أرسل إلي زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عياش بن أبي ربيعة بطلاقي وأرسل معه بخمسة آصع تمر وخمسة آصع شعير فقلت أما لي نفقة إلا هذا ولا أعتد في منزلكم قال لا قالت فشددت علي ثيابي وأتيت رسول الله فقال كم طلقك قلت ثلاثا قال "صدق -يعني عياشًا- ليس لك نفقة اعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم فإنه ضرير البصر تلقي ثوبك عنده فإذا انقضت عدتك فآذنيني" قالت فخطبني خطاب منهم معاوية وأبو الجهم فقال النبي إن معاوية ترب خفيف الحال وأبو الجهم منه شدة على النساء أو يضرب النساء أو نحو هذا ولكن عليك بأسامة بن زيد..
وحدثني إسحق بن منصور أخبرنا أبو عاصم حدثنا سفيان الثوري حدثني أبو بكر بن أبي الجهم قال دخلت أنا وأبو سلمة بن عبد الرحمن على فاطمة بنت قيس فسألناها فقالت كنت عند أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فخرج في غزوة نجران وساق الحديث بنحو حديث ابن مهدي وزاد قالت فتزوجته فشرفني الله بأبي زيد وكرمني الله بأبي زيد وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة حدثني أبو بكر قال دخلت أنا وأبو سلمة على فاطمة بنت قيس زمن ابن الزبير فحدثتنا أن زوجها طلقها طلاقا باتا بنحو حديث سفيان.
أثر عياش بن أبي ربيعة في الآخرين (دعوته - تعليمه):
من تلاميذه الذين رووا عنه أحاديث عن النبي :
1 - عبد الرحمن بن سابط وهو من الطبقة الوسطى من التابعين.
2 - نافع مولى ابن عمر وكنيته أبو عبد الله وهو مدني ومن الطبقة الوسطى من التابعين.
بعض ما روى عياش بن أبي ربيعة عن النبي :
عن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: قال رسول الله : "لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها فإذا ضيعوا ذلك هلكوا".
وعنه قال: سمعت النبي يقول: "تخرج ريح بين يدي الساعة تقبض فيها أرواح كل مؤمن".
وفاة عياش بن أبي ربيعة :
عن حبيب بن أبي ثابت أن الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وعياش بن أبي ربيعة أثبتوا يوم اليرموك فدعا الحارث بشراب فنظر إليه عكرمة فقال: ادفعوه إلى عكرمة فدفع إليه فنظر إليه عياش بن أبي ربيعة فقال عكرمة: ادفعوه إلى عياش فما وصل إلى أحد منهم حتى ماتوا جميعا وما ذاقوه.
وقيل إنه توفي بمكة.. مات سنة خمس عشرة بالشام في خلافة عمر وقيل استشهد باليمامة وقيل باليرموك. مات في أيام عمر رضي الله عنه من الأعلام: عتبة بن غزوان والعلاء بن الحضرمي.. وعياش بن أبي ربيعة.. دفن باليرموك؛ حيث استشهد .