شادية وعمار الشريعى
مصطفى الضمرانى

من الجوانب التى يجب الإشادة بها فى حياة الفنانة القديرة شادية - رحمها الله - مساندتها بكل حماس للمبدعين الحقيقيين المبشرين وتقديمهم لينالوا مكانتهم التى يستحقونها فى مجال الشهرة والفن ،

حدث هذا مع الفنان عمار الشريعى عضو فرقة صلاح عرام الموسيقية الذى قدمته ملحناً كبيراً فى حفل عام بعد اكتشافها قدراته فى التأليف الموسيقى والتلحين ، أرويها كما حدثت بالفعل والله على ما أقول شهيد .. كنت فى معهد الموسيقى الذى يجمعنا كل ليلة مع كبار الشعراء والملحنين والمطربين وعند دخولى المعهد شاهدت زحاما شديداً من طلبة المعهد والمواطنين وعلمت أن الفنانة شادية تجرى إحدى بروفات أغانيها فى إحدى غرف المعهد وقال لى الأستاذ صلاح عرام قائد الفرقة الذهبية إن الفنانة شادية عايزاك ضرورى إوعى تمشى أنا راح أخلص البروفة بعد نصف ساعة ونتقابل معها بعد انصراف الموسيقين، فألقيت عليها السلام وجلست إلى جوارها لتفاجئنى بالخبر الجميل لى أنا حا أقدم عمار ملحنا لأغنية وطنية عن مصر وإنت اللى حا تكتبها وأنا عجبتنى «ما نقولش إيه ادتنا مصر» لحلمى بكر وعليا التونسية والمركبة عدت لحن عبد الوهاب وغناء عبد الحليم وعايزه الأغنية بسرعة وانشرح صدر عمار وشكرها على هذا التقدير، وانصرفت شادية إلى منزلها وكذلك صلاح عرام وبقيت أنا وعمار على باب المعهد ليقول لى إحنا داخلين امتحان صعب وشادية جورنال بيوزع مائة ألف نسخة قلت ومليون مستمع، وانصرف كل منا إلى حاله وعشت أنا مع تكليف الفنانة شادية لى فى كتابة الأغنية المطلوبة ولم يهدأ لى بال إلا بعد أن كتبت المذهب وكانت الساعة قد اقتربت من منتصف الليل واتصلت بعمار ليستمع إلى ما كتبت «لما كنا صغيرين .. كان لينا مكان صغير دايما تقابلنى فيه .. لما كنا صغيرين كان لينا حلم أخضر فى قلوبنا عشنا بيه .. فاكرة لمست إيديك وحنان نظرة عنيك أيام ما كنا نسهر نتونس بالقمر . يضحك لنا القمر ونغنى مع القمر . واتغير الزمان واتبدل المكان لكن يا مصر إنتى عظيمة زى ما أنتى وان خدعتنى الأمانى أو ضاع حبى فى ثوان أرجعلك إنتى تانى يا صاحبة المكان يا أقوى من الزمان»، وأبدى عمار إعجابه بالكلمات وفى اليوم التالى طلب منى الحضور وقرأ لشادية الكلام وارتاحت له وقالت لعمار احجز استوديو وأنا هادفع كل التكاليف دى أغنية وطنية وقال لها عمار: بس أخلص اللحن قالت له : كمل التلحين فى الاستوديو يا عمار، فابتسم ، وبعد انتهائه بيومين دخلت شادية لإجراء البروفات مع الفرقة وكتابة النوتة الموسيقية، بعد أن كان عمار قد فرغ من تسجيل النوتة الموسيقية لأعضائها وغنت شادية اللحن فى ثمانى بروفات كاملة استغرقت أسبوعاً دفعت خلالها أجر الموسيقيين وتكاليف حجز الاستوديو ومهندس الصوت زكريا عامر من مالها الخاص، ليقول لى عمار إحنا مش معقول حنطلب فلوس بعد أن دفعت شادية هذه التكاليف الباهظة من أجل الغناء لمصر، وقدمت شادية عمار ملحناً واعدا فى حفل عام نقله التليفزيون على الهواء وشكرها على هذا الجميل ونجحت أغنية «أقوى من الزمان» وأشاد بها الكاتب الكبير صلاح منتصر كما خصص صديقى عزت السعدنى مقاله الأسبوعى (تحقيق السبت) عن الأغنية تحت عنوان «يا صاحبة المكان .. يا أقوى من الزمان» وهى ثالث أغنية أكتبها للفنانة القديرة شادية كانت الأولى بعد حرب الاستنزاف «أكتب جوابى من السويس علشان حبيبى فى العريش » تلحين محمد على سليمان والثانية « لو القلوب يا حبيبى ارتاحوا كان يجرى إيه» تلحين خالد الأمير لتكون الثالثة هى «أقوى من الزمان» تلحين عمار الشريعى وتركت لنا شادية تراثاً غنائياً وطنياً هائلاً تردده الأجيال على مدى السنين .

الموضوع الأصلى : قصة اقوى من الزمان  المصدر : قيثارة الغناء العربى