غيّب الموت اليوم وجهاً إعلامياً كبيراً هو رئيس مجلس الادارة المدير العام لإذاعة "صوت لبنان" الشيخ سيمون الخازن بعد صراع مع المرض.
وقد نعته "صوت لبنان" بالآتي:
بألم وغصّة، يؤسف "صوت لبنان" ان تعلن لأسرة الاعلام ولمستمعيها وللبنان بكل مكوناته، وفاة رئيس مجلس ادارتها مديرها العام الشيخ سيمون الخازن الذي قضى بعد صراع مع المرض.
غاب سيمون الخازن اليوم ولن يغيب صداه على أثير الاذاعة التي أحبّ، هو الذي أمضى حياته دفاعاً عن الاعلام وقضاياه، هو الذي ارسى شبكة أمان للمستمع جمع فيها بين قوة الكلمة واستقواء الحقيقة على ما عداها، هو الذي وحّد الكلمة في زمن الانقسامات وعقلن الاعلام في زمن الانفلات، وأنسن الخبر في وقت كثُرت فيه الادعاءات.
سيمون الخازن جعل من الاعلام رسالة في خدمة المجتمع وقد أودع اليوم الرسالة أمانة في "صوت لبنان" التي سترتقي على مساره خطوة خطوة احياءً لذكراه ووفاءً لرجل أحبّ لبنان وأحبّ "صوت لبنان".
هذا وأمّت "صوت لبنان" قيادات سياسية واعلاميون بينهم وزير الاعلام طارق متري والوزير ميشال فرعون والنائب نديم الجميل، والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون والوزير السابق جهاد ازعور، اضافة الى سيل من الاتصالات من قبل المقامات السياسية والعسكرية والدينية اعلنت تضامنها مع "صوت لبنان" لتجاوز الوجع الذي اصابها.
"المركزية" وقد المها غياب الصديق العزيز الشيخ سيمون تتقدم من أفراد عائلته ومن اذاعة "صوت لبنان" بأحر التعازي سائلة المولى أن يتغمده بواسع رحمته.
تُقام الصلاة لراحة نفسه نهار الخميس 18 الجاري الساعة الثالثة بعد الظهر في كاتدرائية مار جرجس للموارنة في وسط بيروت ثم يوارى الثرى في مدافن العائلة في كنيسة سيدة الوردية الرعائية غادير – جونيه.
تقبل التعازي في صالون كاتدرائية مار جرجس للموارنة في وسط بيروت نهار الأربعاء 17 الجاري من العاشرة والنصف قبل الظهر لغاية السابقة مساءً، ويوم الخميس 18 منه من العاشرة والنصف قبل الظهر لغاية مراسم الدفن.
وفي صالون كنيسة سيدة الوردية – غادير – جونية نهار الجمعة 19 الجاري من العاشرة والنصف قبل الظهر حتى السابعة مساءً.
الشيخ سيمون كأنه يشبه لبنان
غيب الموت أمس رئيس مجلس الإدارة، المدير العام لاذاعة "صوت لبنان" الشيخ سيمون وهيبه الخازن عن عمر ناهز 68 عاماً إثر مرض عضال.
غاب الشيخ ليذكرنا بحضوره. ربما يكون رحيله الصفاء عينه الآخر، الى الظلال التي وحدها تصنع الرجال، بعد عقود اربعة، كان فيها الصوت المضاد للموت والرافض للعنف والالغاء والجنون والقصف والتقسيم وامراض الحروب والطوائف والمذهبيات.
لا يستطيع الموت ان يفعلها مصادفة مع رجل بذلك التنوع والفن والكبرياء والشغف والقوة والالتزام، ومن الذين آمنوا بلبنان عبر تلك المساحة الصوتية المتوهجة والاستثنائية التي تكيفت وبرئت وشفيت كأنها تشبه لبنان الذي عانى كل الحروب.
ذلك الحر النبيل، الجميل الذي أوصله شغفه، الصوت الى التوحد مع صوت لبنان. كأنه يشبه لبنان الذي عانى كل الحروب.
المهني الكبير، الموضوعي، الشغوف بالشغل، المنظم، واضع الهوامش الواسعة لحرية العمل الاذاعي، التحديثي للغة الاعلامية بعدما كانت لغة خشبية وصاحب المجالس الرحبة والواسعة.
كان سيمون الخازن صاحب قدرة هائلة على التكيف مع المتغيرات ومع الحداثات، ومع اللغة، والنبرة والشباب والتحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وكان جزءاً أساسياً من تلك التحولات ومتماهياً بشفافية ورهافة مع الحساسيات الجديدة.
نقل الشيخ سيمون الخازن "صوت لبنان" مملكته الاذاعية من صوت فئوي الى صوت جماعي. ومن صوت جمهور الى صوت جماهير، ومن صوت حزب بعينه الى صوت انتفاضة استقلال، ومن صوت خاص الى صوت عمومي وجعل اذاعته "صوت لبنان" أحد المنابر الاعلامية الكبيرة لقوى 14 اذار بكل تحولاتها.
اكثر من ذلك، حول الاذاعة من الحزبية التي كانت جزءاً منها أو الاحزاب، الى ذلك الافق تلو الافق في الابداعية الاعلامية والتجريب الخلاّق نحو اكتشاف جماليات الدولة والشرعية والحرية والديموقراطية.
كان الشيخ سيمون الخازن سبقنا جميعاً، وكان منبره المفتوح منارة لـ 14 اذار.
ليس مصادفة ان كل الاذاعات الحزبية انتهت ما خلا "صوت لبنان" التي قويت بعد الحرب، ملتزمة برؤية حقيقية للبنان وبفضل سيمون الخازن، الذي بدل أن يتوجه الى جمهوره كاذاعة حزبية، صارت اذاعته تحت سمع كل الناس وتخطت لبنان الى العالم العربي والى المغتربات. صوت التناقضات اللبنانية في المغتربات.
"صوت لبنان" صارت كل يوم مع سيمون الخازن، صوت لبنان الجامع، حافظت على غنى التعليقات وعلى حضور الكتّاب المتمكنين وكل اللغة والأفكار، اذاعة سياسية اولى، بمهنية متماسكة ورائعة وبمتابعة شمولية من ناحية برامجها التي لم تضع فيتو على أحد، واعطت الجميع مجالات الحوار وحرية الرأي والتعبير مع كل تقنيات الحوار الحديثة.
سيمون الخازن، كنت ذلك الوجه اللماع، الودود الشغوف، الدؤوب، المهني، المحترف، المتفجر من الذات، الذي أوصله شغفه، الى التوحد مع صوت لبنان وكل اللبنانيين ليس الموت نهاية الشغف، أيها الصديق الرائع.
نفتقد أيها الصديق الرائع، نفتقد جبلاً من كبار أجيال المهنة. كنت نعم الزميل، ونعم الصديق. ترحل ويبقى صوت لبنان ملو السماء الصافية وبلا حدود.