مازالت الأفلام الكلاسيكية القديمة للسينما المصرية تسيطر علي عقل وعين وذهن المشاهد عندما عرض أفلام الأبيض والأسود علي الشاشة الصغيرة.. وينجذب لها كل الأجيال.. سواء جيل الكبار من الذين تعايشوا عصر انتاج تلك الأفلام أو اقتربوا من سنوات عرضها.. أو من جيل الشباب الصاعد والذين تتراوح أعمارهم في العشرينات.. مما يؤكد أن أفلام "الأبيض والأسود" هي الأبقي والأفضل والأكثر انتشاراً.. ولكن ما سر "الجاذبية" التي تتحلي بها تلك الأفلام وتجعلنا جميعاً ننسي أنفسنا ونحن نشاهد تلك الأعمال الخالدة!!
ومن خلال السطور القادمة تحاول "كل الفنون" أن نكشف عن سر هذه "الجاذبية" من خلال لقاءات مع عدد من فناني السينما المصرية..
نجمة الزمن الجميل
الفنانة الكبيرة سميرة أحمد.. احدي نجمات "الزمن الجميل" وبطلة عدد من أهم أفلام الأبيض والأسود في السينما المصرية منها الخرساء وأم العروسة وليل وقضبان وتحدثت فقالت: الأفلام السينمائية حديثة الانتاج "الملونة" أفلام ذات مستوي فني مرتفع وقوية وجميلة... ولكن أفلام زمان تترك أثراً عند الكبار والصغار. وعندما نشاهد العمل نجد اتقانا وأداء مرتفعا للممثلين.. وأيضاً مواضيع وقضايا الفيلم لا تتكرر.
وأضافت: عندما انتقل بين محطات التليفزيون الفضائية وأجد فيلماً قديما أجلس أمامه لمشاهدته. فأفلام زمان مثل الحرام وغزل البنات ودعاء الكروان والأفلام الكوميدية لإسماعيل يس وفؤاد المهندس.. شيء جذاب. وأفلام العظماء رشدي اباظة وأحمد رمزي وفريد شوقي وزكي رستم ومحمود مرسي وتوفيق الدقن.. "ايه ده" أفلام شاركت في بطولتها وافتخر انني عملتها. وما أسعدني في حياتي.. اني مثلت مع هؤلاء الناس وأيضاً مخرجون كبار أمثال فطين عبدالوهاب وكمال الشيخ.
وتقول الفنانة سميرة أحمد: الجيل الجديد تعلم من تلك الأفلام برغم الامكانيات الأقل... ولكن كان هناك قصص رائعة.. وهل ننسي سعاد حسني في أفلامها وأيضاً شادية ونجلاء فتحي... ولو فكرت في انتاج فيلم سينمائي سأقوم بتصويره أبيض وأسود.
وأضافت: أثناء الاحتفال بليلة السنة الهجرية عرض فيلم "الشيماء".. وهو من أحسن وأجمل الأفلام الدينية ولا يقل عن فيلم "الرسالة". والحقيقة كلما شاهدت الفيلم أبكي.. وبرغم مرور السنوات وعرض الفيلم لأكثر من مرة إلا أنك لا تتخيل كمية التليفونات والاتصالات لتهنئني علي الفيلم كأنه فيلم جديد..
حنين عجيب
الفنانة الشابة مني هلا من الجيل الجديد للسينما المصرية.. وبالرغم من ذلك إلا أنها لا تكل ولا تمل من مشاهدة أفلام زمان بشغف وعن ذلك تقول: لا أعلم سر هذا الانجذاب والمتعة لمشاهدة أفلام الأبيض والأسود.. ولكن الحقيقة أن أفلام زمان بهما مضمون فكري مختلف عن الأفلام الحديثة... ومنتجو زمان كان يهمهم تقديم فيلم سينمائي علي مستوي عال. والعملية ليست انتاجا فقط ولكن هناك المؤلف والمخرج والممثلون كلهم يشاركون في نجاح الفيلم القديم وتخليده وأضافت مني هلا: دائماً ما أشعر بحنين عجيب للزمن القديم.. وكان نفسي أتولد في فترة الخمسينات.. حتي أنني أحاول الانتماء لتلك الفترة بتصفيف شعري لهذا الزمن.. تلك الفترة كانت بها فخامة وشكل خاص لم يتكرر.
حدوتة رائعة
وتحدث الفنان الكبير خالد زكي عن أفضلية مشاهدة أفلام الأبيض والأسود وقال: رغم أن الامكانيات الفنية أقل بكثير من امكانيات انتاج وتصوير الأفلام الحديثة للانتاج إلا أنها شديدة الجاذبية فقد كانت هناك عناية شديدة في الكتابة.. فالقصص وحدوتة الأفلام رائعة ورومانسية. فالكبار عندما يشاهدوا أفلام زمان يأتي بسبب الحنين للماضي. ومشاهدة عدد كبير من النجوم الكبار.
وأضاف: أما الجيل الجديد فهو يشاهد تلك الأفلام من باب حب الاستطلاع والتعرف علي فترة زمنية مختلفة.. فالشوارع نظيفة وغير مزدحمة ومختلفة كل الاختلاف. ولكن هذا لا يمنع أن الأفلام الجديدة الحديثة علي مستوي عال من الأداء التمثيلي والفني والتقني.
ويحضر الناقد السينمائي علي أبو شادي أسرار الاتجاه لأفلام "الأبيض والأسود" قائلاً: الحنين للماضي.. هو مايدفعنا جميعاً لمشاهدة الأفلام الكلاسيكية.. بدليل لو أعيد انتاج وتصوير الأفلام القديمة الناجحة بنجوم جدد.. فلن يحقق نفس نجاح الفيلم القديم. فالجمهور لن يشعر باشتياق لمشاهدته.
وأضاف: عندما نشاهد الأفلام القديمة نشاهدها في اطار التاريخ.. والعلاقات الاجتماعية بين نجوم العمل.. والزمن الآن مختلف عن الزمن الماضي. فعند مشاهدتنا للفيلم القديم نشاهد الناس القديمة التي مازال رحيق أيامها عالقا معنا.
حبكة بسيطة
وانضم المخرج السينمائي الشاب سعد هنداوي لنفس الآراء المؤيدة لمشاهدة الأفلام الكلاسيكية القديمة وقال: أنا من أشد المعجبين بالأفلام القديمة المصورة بالأبيض والأسود.. حتي أنني لا أستطيع الخروج من البيت حتي أكمل مشاهدته.. وقد يعود ذلك لأسباب كثيرة ولكن أهمها الحنين للقديم والماضي وللأجيال القديمة الرائدة في السينما المصرية.
وأضاف: وبالنسبة لي "فضول" أيضاً لمشاهدة التصوير الخارجي وشوارع القاهرة الهادئة.. وأشهد مدي التزام الناس بالمرور واحترامه.. فمن يريد معرفة مصر زمان يشاهد تلك الأفلام.
ويقول سعد هنداوي: النقطة الثالثة والأهم مستوي الفيلم نفسه ولا أقصد التقني.. ولكن أقصد الحدوتة والسيناريو. فأفلام زمان كان الخير دائماً ينتصر.. وهي حبكة بسيطة في الدراما تدفع المتفرج يشاهد الفيلم حتي آخر لقطة إلي جانب التمثيل ومشاهدة الفنانين الكبار.
وتذكر سعد هنداوي قائلاً: عندما كنت طفلاً صغيراً أخشي مشاهدة الفنان زكي رستم في الأفلام. وعندما كبرت عشقت مشاهدته كممثل حتي ولو كان في دور صغير. وأيضاً الفنان محمود المليجي استمتع في مشاهدته. وكوميديانات هذا الزمن اسماعيل يس وزينات صدقي وعبدالفتاح القصري فقد كان عندهم حضور طاغ.