كانت المرأة وأصبح الرجل
دمعة ندم على ما فات تتدحرج على خد فتاة نفسها مثقلة بالذنوب ... ونظرة أمل ورجاء للمستقبل .. لمن حولها من أفراد مجتمعها , للخالق وللبشريّة جمعاء ...أخطأت نعم إنّها تعترف , في حق دينها ,في حق نفسها ... وفي حقّ من وثق بها .. نعم انّها تعترف .... ولكن,, هيهات ثمّ هيهات أن يفهمها وأن يرحمها مجتمع لا يؤمن بما يخصّ المرأة سوى ب "كان" متناسيا أنّ "كان" لها أخوات ,, هذه الفتاة النادمة تنتظر التفهّم ,, تنتظر الانصاف ,, تنتظر الدّعم لتطوي صفحات الماضي بكلّ مرارته وتحلم بأخت كان "أصبح" بعد أن عذّبتها كان وأقضت مضجعها ليالي خوالي طوالا استهلكت من أعصابها , من صحّتها ومن نفسيّتها ,, ندمت وثابرت وكافحت وما زالت ... انّها تقترب أكثر وأكثر من أصبح .. أخت كان بعد أن قطعت شوطا طويلا وطوت المسافات .. , فلماذا لا نفضّل في هذه الحالة "أصبح" على "كان"؟ أم أنّ "اصبح" لا تملأ أعيننا الاّ اذا كانت على النقيض من "كان" المتمثّلة بسنين ولّت تحمل في طيّاتها القيم والكثير الكثير من الايجابيّات؟ .. ولماذا فجأة أضحى الفعل الماضي يحتمل أكثر من معنى؟! فماضي الشاب يختلف عن ماضي الفتاة!! كيف والاله واحد والحساب واحد؟ ألأنّ الشاب في عيون المجتمع السقيم يمكنه أن يخطئ , وأن يسرق , وأن يزني ... وأن وأن , بشرط أن ينحصر كل ذلك بالفعل "كان" حين يجد اخونا نفسه تحت المجهر أو في موضع النّقد وتقييم الذّات!! , لماذا الاهميّة لدى الشاب هي ل "أصبح" على اعتبار الماضي أمرا عفى عليه الزمن وولّى ... أمّا في حالة الفتاة فتلازمها الاخت المملّة
" كان" مدى الحياة ,, وتبقى تسلّط الضوء عليها ,, لتلصق بها قسرا من النعوت والصّفات ما تلازمها حتّى الممات .. غريبة هي لغتنا الجميلة بما يخصّ النساء ففعل الماضي في عالمهنّ يختلف حكمه عنه لدى الرجال حيث يضمّ الماضي والحاضر والمستقبل.. فهل السبب هو انّ اللّغة تحوي أفعالا شواذّ يأتي تصريفها فقط لصالح الرّجال , صنّاع اللّغة وأبطال التاريخ ذوي العقول الكاملة,, وأنّ الرجل يحق له ما لا يحقّ لغيره؟! ,, والغريب أنّه ينتظر من ناقصة العقل والدّين أن تكون كاملة مكمّلة ... وهو "الخارق" يسمح لنفسه بكل الشذوذ والانحراف والسخافات ؟! فكيف ذلك بالله عليك يا قائد الحياة وصاحب القوامة والمراكز والمسؤوليّات؟!! لكي يصلح المجتمع وجب فهم نصفه وانصافه ,, وجب اعادة النّظر في مفهوم تصريف الافعال لماض وحاضر ومستقبل,, وقبل البتّ في واو الجماعة ونون النسوة وجب مساواة الرّجل بالمرأة أمام الله من منطلق العذاب والحساب, وجعل كان وأخواتها يسري مفعولها على الرجل والمرأة على حدّ سواء .. كيف لنا أن نتحدّث في ذات اللحظة عن "كانت" المرأة "وأصبح" الرّجل؟ كفاكم ظلما لأخواتكم في الله ,, وأنصفوا بين ما تحويه لغتنا الجميلة من الاخوات