لابتسامة تزيد الوجه الجميل اشراقاً وتضفي على الوجه القميء مسحة من الجمال, وهي على بساطتها مفتاح الابواب المغلقة, وتأثيرها اكثر من تيار يشق الطريق الى نيل المارب وبلوغ الطالب.
وفي هذا الشأن يقول رسول الله الكريم "انكم لن تسعوا الناس بأموالكم فالقوهم بطلاقة الوجه وحسر البشر", فما يصعب عليك نيله بالوسائل المادية, قد يسهل عليك تحقيقه بالابتسامة.
فالابتسامة تحقق امرين:
الأول: انشراح صدر صاحب الابتسامة, وان كان حزيناً في اعماقه.
الثاني: بعث السعادة في قلب من يبتسم له.
ثم ان الابتسامة لا تكلف المرء شيئاً فهي تحرك ثلاثة عشر عضلة من عضلات الوجه, بينما العبوس يستخدم خمسة وأربعين عضلة من عضلات العابس فهو يوتر هذا العدد من عضلاته ليصبح وجهه مقطباً قبيحاً, وهذا يعني ان الابتسامة تريح الاعصاب بينما العبوسية ترهقها.
ومع ذلك فهي تضر ولا تنفع, والابتسامة تنفع ولا تضر.
ومن الغريب ان للابتسامة اشعاعاً قوياً يدفع الاخرين الى تقليدها, فالابتسامة لها "عدوى" فاذا تعود احدنا عليها فانه سيفرض على محدثيه ان يبتسموا له بمقدار ما يبتسم لهم.
الا ترى كيف انه حتى الطفل الرضيع يبتسم لك اذا ابتسمت له ويتهلل وجهه اذا قابلته بسرور؟
حقاً ان الابتسامة هي حبالة المودة ومصيدة التاجر الناجح, ولذلك قال اهل الصين: "ان من لا يعرف كيف يبتسم لا ينبغي له ان يفتح متجراً".
وفي ذلك ايضاً قال الامام علي: "حسن البشر, من علائم النجاح".
وقد حدث ان عمال احد المحلات التجارية الكبيرة في باريس طالبوا المالكين برفع اجورهم فرفض اصحاب تلك المحلات زيادة رواتبهم, فعمد العمال الى حيلة ابعدت الزبائن من تلك المحلات, ذلك بأن عمدوا الى تقطيب جباههم للزبائن, كرد فعل استنكاري على امتناع اصحاب العمل عن رفع الاجور, وقد أدى ذلك الى انخفاض دخل تلك المحلات في الاسبوع الاول بحوالي 60% عن متوسط دخلها في الاسابيع السابقة.
ان الناس يرغبون في شراء السلع من المحلات التي يحصلون فيها على الابتسامة, ولربما اعتبر بعضهم ان الابتسامة اهم من السلعة نفسها, فالمتبضع يختار البائع المحبوب قبل ان يختار السلعة المطلوبة, وعن ذلك يقول الامام علي: "وجه مستبشر خير من قطوب متوتر".
ويقول ايضاً: "من بخل عليك ببشره لم يسمح ببره".
فكيف تثق بتاجر يبخل بالابتسامة عليك, وهي لا تكلفه شيئاً. وتطمع في ان ينصفك في معاملته؟
يقول الامام علي: "البشر اسداء الصنيعة بغير مؤونة", أي انه عطاء بلا خسارة, وربح بلا تكلفة.
ومن جواهر كلامه ايضاً قوله: "البشر مبرة, والعبوس معرة".
هذا للابتسامة تأثيرها على قسمات وجه الانسان, فهي تحافظ على نضارة شبابها بينما العبوسية تورث انكماش الجلد وظهور التجاعيد.
وكان اليابانيون يفضلون الفتاة التي على وجهها اشراقة الابتسامة للزواج على اية فتاة اخرى.
والحق: ان لابتسامة المرء منظراً مونقاً, وخلقاً مشرقاً, فهو يؤنس الرفاق, ويدل على خلة الوفاق.
والابتسامة مطلوبة حتى في أكثر الظروف حراجة, لأنه تكون عوناً للمرء في رفع معنوياته واطمئنانه, ولهذا جاء في حديث الامام علي بن ابي طالب قوله: "بشر المؤمن في وجهه وحزنه في صدره...".
لقد صرح مدير أحد المخازن الكبرى بأنه يفضل العامل البشوش الذي لم يحصل على شهادة الابتدائية على خريج الجامعة الذي تعلو وجهه العبوسية والتجهم.
والحق ان الابتسامة هي تنائج التواضع, والشجاعة فكلاهما تعتمد على الثقة بالنفس والتفكير الهادئ وهي ليست هبات تمنحها العناية الالهية لعدد قليل من الموهوبين, وتحرم منها الاخرين, بل هي أشبه ما تكون بركوب الدراجة أة السباحة.. فكل شخص قادر على تنمية قدرته على ذلك مادامت لديه الرغبة فيه, ويتمتع بثقة عالية في نفسه.
لنتعلم من رسول الله (ص) الذي كان ضحوكاً بشوشاً وكان جل ضحكه التبسم, يفتر عن مثل حبه الغمام, وكان يمازح اصحابه ويلاطفهم ولكنه لا يقول الا حقاً.
وقد روي عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله (ص) تبسم حتى بدت نواجذه.
وروي عن أبي الدرداء: قال: كان رسول الله (ص) اذا حدث بحديث تبسم في حديثه.
هكذا كان رسول الله (ص) فمن اراد ان ينجح فليتعلم منه, فقد كان (ص) افضل الناس وأنجحهم.