باتفاق كل النقاد والمتابعين هو آخر عنقود جيل المبدعين في مجال الموسيقي التصويرية والاوركسترالية وهو أيضا صاحب شخصية خاصة جدا ومميزة ليس بين أقرانه من أبناء جيله أو الجيل التالي له فحسب بينما أيضا بين من سبقوه من العمالقة والموهوبين.
ورغم ارتباطنا الوثيق بموسيقاه وإبداعاته عبر عشرات المسلسلات والأفلام السينمائية الهامة التي نعرفها ونحن مغمضي العينين من خلال موسيقاها التصويرية التي قام هو بوضعها لهذه الأعمال إلا أن المتابعين أكدوا أن قمة إبداعاته في قصائده السيمفونية وقدرته على التلون بموسيقاه الاوركستراليه.
انه المؤلف الموسيقى وعاشق البيانو الموسيقار الكبير عمر خيرت صاحب الإحساس المرهف والأنامل الحريرية الساحرة والألحان العذبة التي جعلت اسمه محفورا في أذهاننا جميعا بالرقى الموسيقى في عصر نعانى فيه من سيطرت أشباه الموسيقيين ممن يقحمون آذاننا وحواسنا بأشياء يطلقون عليها هذا المسمى الخطير (موسيقى) وهى للأسف لا تستحق أن يطلق عليها هذا المسمى الخطير .
من يكون هذا الرجل ومن أين جاء وكيف نشأ وما سر عشقه للموسيقى بهذا الشكل وكيف نجح وتمكن من التطور بأدواته حتى وصل للقمة ؟!! أسئلة كثيرة نرجو عزيزي القارئ أن تجد الإجابة الكاملة عليها في السطور القادمة :
ـ النشأة وعشق الموسيقى:
الشئ المؤكد أن المناخ الذي ينشأ فيه الإنسان اى إنسان يحدد بدرجة كبيرة اتجاهاته وميوله ومن هنا فأن المناخ الذي نشأ فيه هذا الموسيقار الكبير كان داعما له من كافة النواحي فقد نشأ بداخل أسرة مثقفة عاشقة للفن والجمال فعمه هو المهندس المعماري والموسيقار العالمي الشهير أبو بكر خيرت الذي يعد احد الرواد الأوائل في التأليف الموسيقى ومؤسس معهد الكونسرفتوار وأول عميد له .
وارتبط عمر بشدة منذ طفولته بعمه وكان يلازمه في حضور الحفلات الموسيقية وأثناء إعداده لموسيقاه ومن هنا بدأت مسيرة عشقه للموسيقى.
واكتشف عمه موهبته في فترة مبكرة وقام باحتضانها وتنميتها وتوجيهه حتى التحق ضمن الدفعة الأولى لمعهد الكونسرفتوار عام 1959 ودرس النظريات الموسيقية وكذلك العزف على آلة البيانو على يد الأستاذ الايطالي كارلو وعزف ببراعة موسيقى مجموعة من الموسيقيين العالميين مثل تشيكوفسكي و بيتهوفن و موتسارت وباخ وغيرهم.
ولكنه ورغم كل هذا ولظروف خاصة ترك المعهد ثم أكمل دراسته بعد هذا بأسلوب المراسلة في إحدى جامعات لندن وأصبح على قناعة كاملة أن الفن الكلاسيكي الأصيل يستمر ويظل خالداً مع الزمن بل يزداد بريقاً لأنه ببساطة يعبر عن وجدان الشخص والمجتمع الذي يعيش فيه .
باليهات جميلة
ونستطيع أن نكتشف صدق ما وصل له الموسيقار الكبير إذا ما تبحرنا في مجموعة الباليهات الجميلة التي قدمها خلال مشواره الجميل ولعل من أبرزها موسيقى باليه النيل الذي قام بتأليف وكتابته وهو في سن صغير جدا تحديدا عام 1955 لباليه القاهرة .
وكذلك باليه العرافة والعطور الساحرة للفرقة الكندية عام 1989 و موسيقى عرض بانوراما العبور التي ارتبطنا بها بشدة و( انطباعات موسيقية) عام 1991 وغيرها من الأعمال الموسيقية الهامة والجميلة .
إحساس المكان
ورغم الشهرة الواسعة التي حققها خيرت في الأوبرا وبين كبار الموسيقيين والجمهور المتخصص إلا أن اسمه لم يلمع بين الجمهور العربي كمؤلف موسيقى بارع إلا في حقبة الثمانينات حيث أن نشاطه في التأليف الموسيقي ظهر على الساحة الفنية بعد قيامه بكتابة الموسيقى التصويرية لعشرات الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الناجحة .
والتي بحث فيها عن تقديم موسيقى تعبر عن شخصيته المتفردة بعيدا عن تأثره وإعجابه الشديد بالموسيقار العالمي زيمير الذي قام بوضع الموسيقى التصويرية للفيلم الشهير المصارع .
وكذلك إعجابه الشديد بجون واليامز ومن العوامل التي ساعدت على نجاحه في هذا المجال مراعاته الشديدة لضرورة أن تكون الموسيقى التصويرية لأي فيلم أو مسلسل مستمدة من روح العمل وان تعبر عن إحساس الأماكن والأحداث.
موسيقى المسلسلات
والطريف أن دخوله هذا المجال جاء بالصدفة وعن طريق سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة بعد استماعها بإحدى الحفلات لبعض مقطوعاته فقامت بترشيحه لعمل خلفية موسيقية لبعض الأشعار التي قدمتها للإذاعة.
وبعد النجاح الذي حققوه سويا رشحته لعمل الموسيقى التصويرية لفيلمها الشهير ليلة القبض على فاطمة وبعد هذا استعانت به لعمل الموسيقى التصويرية لمسلسلها الهام ( ضمير ابلة حكمت) ثم مسلسلها الأخير (وجه القمر) بالإضافة للعديد من المسلسلات الأخرى مع فنانين آخرين مثل ( يا رجال العالم اتحدوا) و( البخيل وأنا) وغيرها
موسيقى الأفلام
كما قام بوضع الموسيقى التصويرية لعدد كبير من الأفلام الهامة والتي وصل عددها لنحو 70 فيلما يأتي في مقدمتها ( الخادمة و الإرهابي و قضية عم احمد والنعامة والطاووس والبحث عن توت عنخ أمون.
بالإضافة لمجموعة أفلامه مع المخرج الكبير يوسف شاهين مثل اليوم السادس وسكوت حنصور ومؤكد أننا جميعا لازلنا نستمتع حتى اليوم بموسيقى أغنية (المصري) التي قدمها للطيفة في هذا الفيلم الجميل وقام بتوزيعها أيضا إلى جانب كل الحان الفيلم وموسيقاه التصويرية بالطبع .
جوائز وتكريمات
وكنتيجة طبيعية للجهد والتميز حصل عمر خيرت على عدد كبير من الجوائز الكبيرة نذكر منها حصوله على جائزة أحسن موسيقى تصويرية عن فيلم النعامة والطاووس من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي في دورته السابعة .
وأحسن موسيقى تصويرية من الجمعية المصرية لفن السينما عام 1989عن فيلم الهروب من الخانكة ومن اتحاد الإذاعة والتليفزيون حصل على جائزة أفضل موسيقى تصويرية لفيلم البحث عن توت عنخ أمون كما نال جائزة أحسن موسيقى تصويرية من مهرجان تبسه الدولي بالجزائر في عام 2001 وغيرها من الجوائز العديدة الأخرى
منقول