[quote="رحاب أحمد"]
صباح يوم الأربعاء 8 أبريل عام 1970 دكَّت طائرات حربية تابعة لجيش العدو الصهيونى مدرسة
«بحر البقر» الابتدائية المشتركة، القابعة على تخوم قرية وادعة فقيرة تحمل الاسم نفسه تتبع مركز
الحسينية محافظة الشرقية.. الجريمة الهمجية لم تستغرق سوى أقل من ثلاث دقائق بيد أنها كانت كافية
لتسوية مبانى المدرسة بالأرض وإلقاء تلاميذها الصغار فى جحيم رهيب ابتلع أرواح 30 طفلًا
اختلطت دماؤهم الطاهرة وأشلاؤهم بالكراريس والطوب والحجارة، وخشب «المقاعد»
و«السبورة».
كى أنه فى ساعة متأخرة من مساء يوم الجريمة القديمة، فوجئ موظفو الاستقبال فى مبنى الإذاعة
والتليفزيون بالشاعر والفنان العبقرى الراحل صلاح جاهين يدخل المبنى ويسألهم بنبرة مليئة
بالحزن، إن كان الأستاذ محمد عروق (رئيس إذاعة صوت العرب آنذاك) ما زال موجودًا فى
مكتبه، فرد أحدهم: لا والله يا أستاذ صلاح، الأستاذ محمد غادر قبل قليل.
ـ طيب معلش، أنا ح انتظره هنا لغاية لما ييجى بالسلامة.
هكذا قال جاهين وهو يشير بيده إلى عتبة سلم المبنى خارج البوابة، ولم ينتظر وإنما أدار فورًا
ظهره لمحدثه وذهب إلى حيث أشار وجلس فعلًا على العتبة الموازية لرصيف الشارع.. وما أن
استوى قاعدًا حتى أخرج من جيبه بضع وريقات أخذ يقلّبها فى يديه (كأنه يرتّبها) ثم راح يقرأ فيها
بصوت خفيض، لكنه معجون بدموعه التى كانت فى هذه الحظة بدأت تنهمر بغزارة وتغمر ملامح
وجهه
هرول موظفو الاستقبال جميعًا إلى حيث يقعد الفنان العظيم، وظلوا يناشدونه ويلحّون عليه هاتفين:
تعالَ، تفضّل فى الداخل يا أستاذ صلاح، ليس معقولًا أن تجلس هكذا.. غير أن صلاح جاهين ظل
على عناده لا يتحرك، فقط بقى يردد: لا معلش شكرًا، هنا كويس قوى.. أنا قاعد مرتاح أهو لغاية
لما ييجى الأستاذ محمد عروق براحته!!
كان يقول هذه الكلمات ثم يعود إلى أوراقه وبكائه، عندئذ لم يجد كبير الموظفين مفرًا من الاتصال
بالمرحوم محمد عروق فى بيته وإبلاغه بالحكاية التى اكتملت على النحو التالى:
وصل عروق إلى المبنى بعد أقل من ربع ساعة، فإذا به يرى جاهين على الرصيف يتلو على جمع
غفير من الموظفين أنشودته الرائعة «الدرس انتهى لِموُا الكراريس».. كان يهتف منهكًا بأبيات
الأنشودة والكل يسمع ويبكى مثله، فلما لمح صديقه رئيس الإذاعة هبّ واقفًا واحتضنه، وظلا يبكيان
(مع باقى الرهط الحزين) لحظات طالت قبل أن يدخلا المبنى ويصعدا معًا إلى مكتب عروق، ولم
يضيع هذا الأخير وقتًا كثيرًا قبل أن يجرى اتصالًا هاتفيًّا بالموسيقار الخالد الشيخ سيد مكاوى ثم
بالفنانة الرائعة شادية، عارضًا عليهما تلحين وغناء أنشودة «الدرس انتهى» تحية لأرواح الزهرات
الشهيدة فى بحر البقر.. وافق كلاهما من دون تردد، وبعد دقائق وصلا مبنى الإذاعة والتليفزيون
وانضما إلى جاهين، وظل الثلاثة يعملون كل ساعات الليل (من دون أجر ولا أى مقابل) وسمع
الناس فى الصباح صوت شادية، وهى تشدو:
الدرس انتهى لِموُا الكراريس / بالدم اللى على ورقهم سال
فى قصر الأمم المتحدة / مسابقة لرسوم الأطفال
أيه رأيك فى البقع الحمرا / يا ضمير العالم يا عزيزى
دى لطفلة مصرية سمرا / كانت من أشطر تلاميذى
دَمّها راسم زهرة / راسم وجه مؤامرة / راسم خلق جبارة
راسم نار.. راسم عار / ع الصهيونية والاستعمار
والدنيا اللى عليهم صابرة / وساكتة على فعل الأباليس
الدرس انتهى.. لِموُا الكراريس
إيه رأى رجال الفكر الحر / فى الفكرة دى المنقوشة بالدم
من طفل فقير مولود فى المُر / كان ضحوك الفم
راسم شمس الصباح / راسم شجرة تفاح / فى جناين الإصلاح
راسم تمساح / بألف جناح
فى دنيا مليانة بالأشباح / لكن قلبها مرتاح
وساكتة على فعل الأباليس.. الدرس انتهى لِموُا الكراريس
وفي هذه الصورة تظهر شادية وسيد مكاوي وصلاح جاهين اثناء بروفات الاغنية
التي بكت فيها شادية اكثر من مرة وهي تقوم بتسجيلها [/quote
قصه حزينه و مئثره رحاب تسلم ايدك على النوادر و المعلومات القيمه الي بتقدميها لنا انا عن نفسي اول مره اسمع القصه دي وهاذا بفضلك حبيبتي الغاليه
شكرا لكي مره تانيه و بانتضار المزيد من مواضيعك المميزه ومعلوماتك النادره حبيبتي