حـكاية ثـلاث بنــات

ميساء قرعان



حكايتهن لاتشبه الحكايات التي استمتعنا بقرائتها في الروايات أو شاهدناها في الأفلام، فوجه الشبه بين إحداهن وبين" غادة الكاميليا"أو" آنا كارنينا" بطلة رواية تولستوي يكمن في حجم المعاناة مع المرض أو الاقتراب من النهاية في لحظة من لحظات التنامي الدرامي، وهن لسن من المحظوظات بالحسن والأنوثة والمعاناة المترفة كما تظهرها أفلام السينما والروايات ولذا فبإمكان أيٍ منكم أن يتوقف عن القراءة إن كانت توقعاته غير ذلك .

حكايتهن ليست رومانسية أما المشاهدة الواقعية لما يعانينه مع المرض والفقر فترفع منسوب الاكتئاب إلى أعلى درجاته،أو إلى درجة كافية لتأجيل القيام بأي عمل آخر لعدة ساعات.. إلى حين استعادة القوى للتفكير بطريقة للتخفيف مما يعانينه.

اثنتان منهن تجاوزتا سن الأربعين والثالثة على أبواب الثلاثين ويقمن مع أم عجوز، ثلاث بنات لديهن إعاقة حركية في أبشع صورها، إعاقة وراثية تبدأ بالظهور في سن العشرين وتتفاقم مع تقدم العمر، وهي تمنع من تجاوزن الأربعين من الحركة أو مغادرة السرير وتلوث في الدم يهدد ما تبقى من أجسادهن بالتشوه والشلل معا، ويهدد من شارفت على الثلاثين بالنهاية ذاتها، مثل هؤلاء لا يطرقن الأبواب بحثا عمّن قد يوفر لهن احتياجاتهن التي لا تختلف عن احتياجات الأطفال ما دمن غير قادرات على مغادرة الفراش،ولذا قمت بزيارتهن حيث يقمن بعدما سمعت حكايتهن من إحدى جاراتهن التي تعاني معاناة من نوع آخر

البنت الوسطى كانت قد تعرضت منذ أشهر إلى مضاعفات أصابت الدماغ أدخلتها في غيبوبة لفترة أما آثارها فتمثلت بانفلاتها خارج الزمان والمكان، هي لا تدرك ما يدور حولها، تدرك فقط معاناتها مع المرض حتى في مسمياته العلمية، ما صدمها وأنا أسأل والدتها عن تاريخ وفاة والدهن بأنه توفي قبل عام فأخذت تنتحب وقالت لأمها معاتبة: لماذ لم تخبروني بأنه توفي منذ عام كنت أظن بأنه توفي أمس، بحسب إدراكها وفاته منذ عام تتسبب لها بصدمة أكثر من وفاته يوم أمس! أما البنت الكبرى وهي مطلقة بسبب ظهور المرض فلديها آثار نفسية من نوع مختلف، ليس لديها مطالب ولا احتياجات، هي فقط تنتظر الموت وتتمناه أما ما تحتفظ به من أوراق رسمية أو أشياء شخصية فهو فقط شهادة طلاقها المثبته على باب غرفتها وترى بأنها تكفي للتبليغ عن وفاتها أو إثباتها لاتخاذ إجراءت الدفن.

لكن أي شقاء ذاك الذي ينتظر أصغرهن وهي ترى مستقبلها في مأساة شقيقاتها؟ وهي تعي تماما بأن المرض بدأ يغزو جسدها وأنها تعاني من أمراض أخرى إضافية.

تلك هي حكاية الثلاث بنات، حكاية واقعية ومأساة يومية يصعب التعايش معها لكن ما يجعلها مأساة من نوع مختلف هو الفقر الذي يجعل والدتهن عاجزة عن تلبية احتياجاتهن التي يصعب ذكرها بالتفصيل

ثلاث بنات أو إناث مشاهدتهن والاستماع إليهن تغري بتوريط القراء والمسئولين معا في الآثار التي تتركها وإن كان التورط الشعوري وحده لا يكفي.

الموضوع الأصلى : حـكاية ثـلاث بنــات  المصدر : قيثارة الغناء العربى

انه واقع مؤلم تعيشه هذه الاسرة الفقيرة التي تهفوا للفناء بكل تلقائية حياة من غير امل بل ينتظرون
الموت وكانهم حددوا معهه موعد ..

الموضوع الأصلى : حـكاية ثـلاث بنــات  المصدر : قيثارة الغناء العربى

واقعة مؤلمة جدا شكرا لدلوعة لبنان لايثارة الموضوع

الموضوع الأصلى : حـكاية ثـلاث بنــات  المصدر : قيثارة الغناء العربى