في الذكرى السادسة لرحيل "رجاء النقاش".. "الكاتب والناقد والأديب".. مكتشف المواهب والنجوم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كتب: حسام الضمرانى
جريدة الوادي السبت في 8 فبراير 2014
"أمينة الأخت الصغرى": كان بمثابة والدي بعد وفاة أبي.. وتوسط لـدخول "فيروز" مصر بعد منعها فى عهد عبد الناصر
عبد المعطي حجازي: "رفيق الدرب" و"مكتشف الاجيال".. ومقدمته لديواني الاول قدمتنا سوياً للجمهور
تحل علينا اليوم 8 فبراير 2014، ذكرى رحيل الكاتب والناقد المسرحى والصحفى الكبير رجاء النقاش، 6 أعوام مرت علي رحيله وسط تناسي مؤسسات الدولة الثقافية الرسمية والمستقلة لـ"52" عاماً من الابداع وإثراء الحياة الأدبية.
"الوادي" من جهتها طافت على الدوائر المقربة من الكاتب الراحل، والمتمثلة في الإخوة والاصدقاء، تلتمس ذكريات ومواقف الكاتب.
مكتشف المواهب الجديدة
"أهم ملمح من ملامح تجربته الابداعية أنه استطاع خلال كتاباته بحكم دراسته في كلية الآداب قسم اللغة العربية، وبحكم ثقافته التراثية الواسعة أن يُقرب علم النقد الأدبي للقارئ العادي"، خلى النقد كالماء والهواء" كما قال الاديب الكبير طه حسين عن "التعليم"..
بهذه الكلمات بدأت الاستاذة أمينة النقاش، مدير تحرير جريدة الأهالى، والأخت الصغرى حديثها عن "رجاء النقاش"، وتابعت: " كان يملك أسلوبا سهل وبسيط جعل القارئ يتذوق حلاوة الأدب والشعر والمسرح والرواية.
وأضافت رجاء عن تجربة النقاش: "إنها تجربة ممتدة، "لم يمت بأعماله" فمنذ أن تولى رئاسة تحرير "الهلال" لعدة سنوات استطاع أن يلقي الضوء في كل موقع كان يتقلده على أجيال جديدة يظهرها ويدعم مواهبها وإبداعاتها ويقدمها للجمهور، فعندما كُتبت تقارير سرية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر تمنع دخول الفنانة الكبيرة "فيروز" لمصر استطاع "رجاء" أن يتوسط لها لدى محمد فايق وزير الإعلام انذاك ويقنعه بان ليس من مصلحة الدولة المصرية ان تخاصم موهبة مثل فيروز، وجاءت بعدها فيروز وقدمت حفلات فى الاسكندرية واستقبلها الجمهور المصرى بكل حفاوة وترحيب.
وتابعت، كما ألقى "رجاء" الضوء على تجربة الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم وقدمهم للإذاعة المصرية قبل وبعد نكسة عام 1967، كما قدم في الشعر كل من الشاعر الراحل "حلمى سالم" والشاعر "حسن طلب".. مضيفة أن رحابة صدر "رجاء" ورؤيته للمستقبل كانت هى الدافع فى دعمه وتقديمه لمواهب جديدة للجمهور لانه كان مؤمن جدا بان الاجيال تكمل بعضها البعض وتتواصل، لانه كان أحد جنود معركة فكرية فى جيش رموز الادب والفكر والابداع فى مصر كـ" طه حسين ونجيب محفوظ و حسين فوزى وتوفيق الحكيم ولويس عوض" وهى "عروبة مصر" وهى المعركة التى كانت تؤمن بان مصر وثقافتها هى ثقافة ممتدة لبحر الابيض المتوسطة منفتحه على أوروبا وجزء من الوطن العربى الكبير.
وقال الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي: كان رجاء النقاش في مسيرة حياتى الشعرية والثقافية عامة بمثابة "الأخ التوأم" لاننا ولدنا معاً، وعلى وجه الدقة فبيننا شهور قليلة، لانه ولد فى عام 1934 وانا ولدت فى عام 1935، وبدأنا حياتنا الثقافية ونشاطنا الأدبى فى وقت واحد تقريبا وفى مكان واحد أيضاً وهو "قهوة عبد الله" فى ميدان الجيزة، حيث التقيته لاول مرة فى ندوة الناقد الاستاذ "أنور المعداوي" الذى تعرف عليه رجاء فى مجلة "رسالة الزيات" وانا كنت من اشد المعجبين بهذه المجلة ومن قرائها.
وأضاف، منذ اللقاء الأول الذي حدث بينى وبينه في الندوة لم نفترق لسنوات وكنا نلتقى يوما بعد يوم، وكان هذا اللقاء في أواخر عام 1955، وكان رجاء في ذلك الوقت طالباً بقسم اللغة العربية بكلية الآداب وحصل بعدها بعام على ليسانس الآداب عام 1956، في هذا الوقت استطعت أن أجد مكان في مجلة "صباح الخير" التى أنشات عام 1956، وكان "رجاء" يراسل مجلة "الاداب" وكان يعمل فى مجلة أخرى تسمى "البوليس" حيث كان يعمل سكرتيراً للتحرير بها، وعندما عينت فى "صباح الخير" عملنا انا و"رجاء" سوياً بعدها بعامين فى عام 1959 فى صحيفة "الجماهير" بدمشق التى أنشات بعد قيام الوحدة المصرية السورية، ولكن توقفت هذه الصحيفة بعد الصدور بعدة شهور، فعدنا الى القاهرة، وأنا عدت الى مجلة "روز اليوسف" وطلبت من الاستاذ أحمد بهاء الدين وقتها ان يعمل معنا "رجاء النقاش" ووافق بالفعل على ذلك وأنضم الينا "رجاء".
هكذا صارت بنا الايام.. وكانت علاقتى معه من القوة والحميمية الى الحد الذى الهمنى فيه عدة قصائد كتبتها عنه مثل قصيدة "الى اللقاء" وقصيدة" قصة الاميرة والفتى التى يكلم المساء" ، وفى عام 1958 اتفقت مع الدكتور سهير ادريس رئيس مجلة "الاداب" على أصدار ديوانى الاول "مدينة بلا قلب"، بعد ان لاقت قصائدي الاولى أعجاب الجمهور والنقاد، وايقنت انه لا ينبغى ان يصدر ديوانى دون كتابة مقدمة لى فيه من "رجاء النقاش" وهو التوقيع الذي ارى انه قدمنى وقدمه لجمهور النقاد والقراء.
وأكد حجازي أن "لرجاء النقاش" الفضل فى تقديم عدد من أهم الكتاب والشعراء الى الوطن العربى من هؤلاء الذين قدمهم لاول مرة "الطيب صالح" الاديب السودانى، لانه هو الذى قدم روايته الاولى "موسم الهجرة الى الشمال"، كذلك الشاعر الفلسطينى الكبير "محمود درويش" .
وعن رجاء النقاش الصديق قال الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى: "رجاء النقاش .. أقرب من عرفت فى القاهرة الى نفسي، يربطنى به الكثير، وأكبر من توفي حقه الكلمات.
ويضيف حجازي "من أصعب المواقف التي عايشتها معه عندما رحل أخيه "وحيد" في الوقت الذى فصِلنا انا وهو من عملنا سويا بسبب معارضتنا للرئيس جمال عبد الناصر، حيث فصل من مجلة "الاذاعة والتلفزيون" وأنا فصلت من مجلة "روز اليوسف".
الأخ والوالد ورفيق الدرب:
(كان "والدي الثاني" بعد أبي الفعلي، شأننا كشأن كل أسرة مصرية متوسطة الحال، ساهم رجاء النقاش بعد رحيل الاب دور العائل للاسرة، والناصح للاشقاء.. رجاء أول من أخذنى الى دار الاوبرا لمشاهدة احدى العروض الفنية، كان ينصحنى بقراءة كتب يرشحها لى دائما، وكان يرشح لى أفلام اذهب لمشاهدتها بدور العرض السينمائية، كان أب صديق "نوع من الأخوة الكبار القليلين")، هذا ما قالته أمينة النقاش عن رجاء الاخ .
مدخن شره في منتصف العمر
وتابعت "أمينة النقاش".. لم يكن مدخنا في شبابه، وفى منتصف عمره، بدأ "رجاء" يدخن بشراهه ويشرب القهوه بكثرة، وعن عاداته وطقوسه فى الكتابة والعمل، كان رجاء يسهر كثيرا أثناء عمله، ويستيقظ متاخرا في الاوقات التى كان فيها رجاء غير مسؤل عن أى عمل تنفيذي، كرئاسة تحرير دورية أو مجلة، وكان يغلق على نفسه باب حجرته أثناء العمل لانه كان يفضل ان يعمل بعيدا عن أي ضجيج.
يذكر أن الكاتب والأديب رجاء النقاش حاز على جائزة الدولة التقديرية عام 2000, وكُرم في يناير 2007 في حفل بنقابة الصحفيين بالقاهرة، حيث نال درع النقابة ودرع مؤسسة "دار الهلال" ودرع حزب التجمع.
وكان الراحل النقاش قد كرم في نقابة الصحفيين يوم الاثنين 13 كانون ثاني يناير 2008 حيث تحدث نقيب الصحفيين المصريين مكرم محمد أحمد عن رجاء النقاش ودعا إلى تسليمه جائزة مبارك للآداب، واصفاً إياه بأنه "علم من أعلام الصحافة والنقد والأدب، فهو أستاذ جيله الذي سطع نجمه في عالم الصحافة، والذي لا يزال على مدار أربعة عقود يثري مجال الصحافة والأدب بمقالات وكتب هامة، إضافة إلى اكتشافه عدداً من المبدعين المصريين والعرب بغير حصر قدمهم رجاء النقاش إلي عالم الإبداع"، معتبراً أنه لم يأت أحد في تاريخ النقاد المصريين من بعد محمد مندور قدم هذا الكم الكبير من المقالات والأعمال النقدية مثل النقاش، ثم سلم نقيب الصحفيين درع النقابة للنقاش تقديراً لجهوده ومسيرته العامرة.
كما سلم رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع السابق، درع الحزب إلى النقاش، حيث أشاد بدوره "كناقد مثقف مستنير، ظل طوال مسيرته النقدية مدافعاً عن قيم الجمال والاستنارة ضد القبح والتخلف، وقال السعيد إن النقاش رجل يبدو هادئا رومانسيا لكنه "سياسي قوي وناقد مستنير يدافع عن العقل ، قائلا: "النقاش" رجل والرجال ليسوا بشهادة ميلاد بل بشهادة المواقف.
ينتمي النقاش إلى أسرة ضمت مثقفين بارزين فكان أخوه الراحل وحيد النقاش مترجما وناقدا، وأخوه فكري النقاش مؤلفا مسرحيا، وتولت أخته الناقدة فريدة النقاش رئاسة تحرير مجلة "أدب ونقد" لنحو عشرين عاما، ثم أصبحت منذ نهاية 2006 رئيسة تحرير صحيفة "الأهالي" لسان حال حزب التجمعاليساري.
أهم أعماله
ولرجاء النقاش - بوصفه ناقدًا مسرحيا - كتابين في النقد المسرحي والمتابعات المسرحية التي غطت مواسم المسرح المصري في الستينيات، كما احتوت مقالات في المسرح العالمي فيها آراء قيمة تقدم قاعدة معرفية مهمة لكل عشاق المسرح، وهذان الكتابان هما "في أضواء المسرح"، و"مقعد صغير أمام الستار"، وله كتاب آخر هو "نساء شكسبير" اختار فيه بعض الشخصيات النسوية من مسرح شكسبير، وتعامل معها كنماذج بشرية تستحق التوقف أمامها، وهو يتبع هذا المنهج كثيرًا في كتاباته عندما ينتقي شخصيات تاريخية ليكتب عنها.
ومن كتب النقاش "ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء" و"أبو القاسم الشابي .. شاعر الحب والثورة" و"عباقرة ومجانين" و"نساء شكسبير" و"عباس العقاد بين اليمين واليسار" و"قصة روايتين" وهي دراسة نقدية فكرية مقارنة لروايتي "ذاكرة الجسد" للجزائرية أحلام مستغانمي و"وليمة أعشاب البحر "للسوري حيدر حيدر.
مسيرة كفاح وعطاء
محمد رجاء عبد المؤمن النقاش، ولد في محافظة الدقهلية في 3 سبتمبر 1934 وتوفي في القاهرة في 8 فبراير 2008)، ناقد أدبي وصحفي مصري. تخرج في جامعة القاهرة قسم اللغة العربية عام 1956 وعمل بعدها محرراً في مجلة روز اليوسف المصرية بين عامي 1959 حتى سنة 1961، ثم محرراً أدبيا في جريدة أخبار اليوم وجريدة الأخبار في الفترة من عام 1961 حتى عام 1964، كما كان رئيساً لتحرير عدد من المجلات المعروفة منها مجلة الكواكب ومجلة الهلال كما، تولى منصب رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة مجلة الإذاعة والتلفزيون.
توفي رجاء النقاش يوم الجمعة الثامن من شباط - فبراير 2008 في أحد مستشفيات القاهرة بعد صراع مع مرض السرطان عن عمر يناهز 74 عاما.