اضحية العيد وما يستحب فيها او يكره ............؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فالأضحية من الشعائر التي حث عليهاالإسلام وهي سنة مؤكدة في حق القادر المستطيع،
ويجب الوقوف عند السن الذي حدده الشرع كشرط للأضحية، وهو ستة أشهر للشاة، وسنتان للبقر وخمس للإبل، فإن وجدت سلالة موفورة اللحم ، ولا يمكن أن تصل إلى السن الذي حددها الشارع إلا وقد تغير لحمها فيمكن التغاضي عن السن في مثل هذه الحالات إذا لم تتوافر سلالة أخرى، وإن كان الوقوف عند السن أولى نظرا لتغليب جانب العبادة على الأضحية والأصل في العبادات التوقف على ما أمر به الشارع.
وللأضحية أحكام، إليك بيانها، كماأجملها الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف:
الأضحية شعيرة إسلامية:ذبح الأضاحي أو نحرها في يوم عيد الأضحى،شعيرة إسلامية تضافرت الأدلة على شرعيتها يقول الحق سبحانه :"فصل لربك وانحر" وروىعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحي بكبشين سمينين، عظيمين أملحين،أقرنين، موجوءين (مخصيين) وأضجع أحدهما وقال باسم الله والله أكبر اللهم عن محمدوآل محمد ثم أضجع الآخر وقال: باسم الله والله أكبر اللهم عن محمد وأمته ممن شهد لكبالتوحيد وشهد لي بالبلاغ.
وقدرغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحية فروت عنه عائشة أنه قال:" ما عمل آدميمن عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونهاوأشعارها وأظلافها وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فطيبوا بهانفسًا.
حكم الأضحية: وأكثر العلماء يرونأن الأضحية سنة مؤكدة لما روى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ثلاثكتبت على وهن لكم تطوع؛ الوتر، والنحر، وركعتا الفجر". ولأن رسول الله صلى اللهعليه وسلم علق الأضحية على إرادة المضحي في حديثه الذي روته عنه أم سلمة الذي يقولفيه:" إذا دخل العشر أي العشر الأوائل من ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذمن شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي ".والواجب لا يعلق على إرادة المكلفبأدائه.
آداب المضحي: وجمهور العلماء المالكية والشافعية وبعضالحنابلة على أنه يكره لمن أراد أن يضحي أن يقص شعره أو يقلم أظفاره إذا دخل العشرالأوائل من ذي الحجة حتى يضحي لحديث أم سلمة السابق الذي حمل فيه النهي علىالكراهة، وكما روى عن عائشة قالت: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلمثم يقلدها بيده، ثم يبعث بها ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي. وهذايقتضي جواز قص الشعر وتقليم الأظفار؛ لأنها مما أحل الله فعله.
الأضحية تكفي لأهل البيت: ويجزئ المضحي أنيذبح عن نفسه وأهل بيته بشاة واحدة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بشاة عننفسه وآل بيته الأطهار وله كذلك أن يضحي بما فوق الشاة كالبدنة والبقرة.
ويجزئ عند جمهور الفقهاء أن يشترك سبعة في بدنة أو بقرةفيذبحونها عنهم، سواء كانوا من أهل البيت واحد أو لم يكونوا، لما روى عن جابر قال: "نحرنا بالحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة".
شروط الأضحية: وما يجزئ فيالأضحية من الشياه ما اكتمل له ستة أشهر ودخل في السابع، ومن البقر ما كمل لهسنتان، ودخل في الثالثة، ومن الإبل ما كمل له خمس سنين، ودخل في السادسة، ويستحب أنتكون الأضحية سمينة، عظيمة، حسنة، ويجب أن تكون خالية من العيوب التي تؤثر في وفرةلحمها، وجودته، ولهذا فلا يجزئ التضحية بالعوراء أو العرجاء، أو المريضة التي لايرجى برؤها، أو العجفاء المهزولة، أو العضباء التي ذهب أكثر من نصف أذنها أو قرنها،لما روى عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع لا يجوز فيالأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها،والعجفاء التي لا تنقى".
وإذا كان هناك من الأضاحي ما عظملحمه، من البقر المهجن بحيث إذا زادت عن سنتين ، فإن لحمها لا يكون مستساغًا ، ولا يوجدالبقر غير المهجن، فإنه يجزئ ما كان أقل من سنتين، نظرًا لحكمة الشارع من الأضحية،وهيوفرة اللحم ،حتى ينعم الفقراء، وتيسيرًا على الناس، والأمور بمقاصدها.
وقت ذبح الأضحية:ووقت ذبح الأضحيةيكون بعد صلاة العيد لما روى عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "منصلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى"،وفي رواية أخرى: "إن أول نسكنا في يومنا هذا الصلاة ثم الذبح، فمن ذبح قبل الصلاةفتلك شاة لحم قدمها لأهله، ليس من النسك في شيء" فمن ذبح قبل الصلاة لم تجزئهالأضحية، ولزمه بدلها.
حضور المضحيلأضحيته:ويستحب للمضحي إن لم يذبح أضحيتهبنفسه أن يحضر ذبحها، لما روى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيالأضحية : "واحضروها إذا ذبحتم، فإنه يغفر لكم عند أول قطرة من دمها" وروى عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه قال لفاطمة: "احضري أضحيتك، يغفر لك بأول قطر من دمها" ويستحب أن يقول المضحي عند الذبح: "
والله أكبر" ويستحسن أن يزيد على هذافيقول: "اللهم هذا منك ولك، اللهم تقبل مني أو من فلان" لما روى أن النبي صلى اللهعليه وسلم أتى بكبش له ليذبحه، فأضجعه ثم قال: "اللهم تقبل من محمد وآل محمد وأمةمحمد، ثم ضحى" وروى عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم منك ولك عنمحمد وأمته،
والله أكبر، ثم ذبح".
كيفية توزيع الأضحية:ويستحب أن يطعمالمضحي أهل بيته ثلثها، ويهدي ثلثها للفقراء من جيرانه وأقاربه، ويتصدق بالثلث علىمن يسألها، لقول الحق سبحانه: "فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر" والقانع هوالسائل والمعتر هو الذي يعتري الناس، أي يتعرض لهم ليطعموه، ولا يسألهم ذلك، ولماروى عن ابن عباس في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ويطعم أهل بيتهالثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤال بالثلث" وروى عن ابن عمر أنهقال: "الضحايا والهدايا ثلث لك، وثلث لأهلك، وثلث للمساكين".
وليس للمضحي أن يعطي الجزار شيئًا منها أجرة له على عمله،ولكن إذا دفع إليه شيئًا منه لفقره أو على سبيل الهدية فلا بأس ، فقد روى عن عليقال: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنة، وأن أقسم جلودهاوجلالها، وأن لا أعطي الجازر شيئًا منها، وقال: نحن نعطيه من عندنا".
ولا يجوز للمضحي كذلك أن يبيع شيئًا من الأضحية لحمًا كان أوجلدًا أو غيرهما، وله أن ينتفع بجلدها وفضلاتها بلا خلاف .انتهى
هذا مجمل أحكام الأضحية، ويتبين منهأن الحكمة في السن ما يغلب على الظن أن فيه لحمًا كثيرًا؛ تحقيقًا لمصلحة الفقراء،فإن كانت الأضحية لم تبلغ السن، ولكنها كثيرة اللحم، جاز ذبحها، خاصة مع ما يسمىالبقر المهجن، مع عدم توافر البقر غير المهجن.
والله أعلم